منذ الإعلان عن تأسيسها، تثير “الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح” ( “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” سابقا) جدلا في تونس، فرئيسها عادل العلمي لا يتوانى في إعلان الحرب على كل ما يرى فيه مخالفة للشريعة والدين الإسلامي.
موقع “مراسلون” التقى العلمي وكان هذا الحوار:
س: كيف تعرفون الجمعية الوسطية للإصلاح والتوعية؟
منذ الإعلان عن تأسيسها، تثير “الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح” ( “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” سابقا) جدلا في تونس، فرئيسها عادل العلمي لا يتوانى في إعلان الحرب على كل ما يرى فيه مخالفة للشريعة والدين الإسلامي.
موقع “مراسلون” التقى العلمي وكان هذا الحوار:
س: كيف تعرفون الجمعية الوسطية للإصلاح والتوعية؟
ج: هي جمعية وسطية أهدافها تتمثل في إصلاح ذات البين. يعني نحاول أن نتدخل بطريقة سلسة وسلميَة بين كل المتنازعين سواء كان على مستوى العلاقات الاجتماعية أو الشغليَة. وعلى المستوى الجماعي نحن نصحح المسارات ونضع الإصبع على مواطن الداء والتي ترى أنها أمراض اجتماعية عبر الحوار وبتداخل جميع الأطراف خاصة علماء الدين. عموما نحن نسعى للحدَ ثم القضاء على الظواهر التي لا تمت للإسلام أو للهويَة العربيَة بصلة.
س: ماهي هذه الظواهر التي تعتبرونها أمراضا دخيلة على البلاد وهويتها؟
ج: الإشهار الإباحي وطريقة الكلام والإنحطاط الأخلاقي التي يتبجح به البعض ويعتبره انفتاحا، حيث أن هناك من يتبنون أفكارا من الغرب لا أصل ولا مستقبل لها في تونس. مثلا نحن تحركنا للحد من الإشهار الفاضح وقمنا بنزع المعلقات الإشهارية لمارلين مونرو بصفة قانونيَة.
س: ألا ترون أن نشاطكم فيه انتهاك صارخ للحريات الفردية؟
ج: الحريات الفرديَة ليست مطلقة، صحيح أن كل إنسان حر ولكن إذا ما اجتمع أفراد في مكان عام يجب أن يخضعوا أو يحترموا الضوابط الاجتماعية المستمدة من القرآن والسنة.
س: يعني أن الأرضية الفكرية الوحيدة لجمعيتكم هي الشريعة الإسلامية؟
ج: بكل تأكيد.
س: ما هي طريقة عملكم؟
ج: أولا نقوم بحملة إعلامية بخصوص الموضوع الذي نتناوله ثم نتوجه للقضاء بالإضافة إلى تنفيذ وقفات احتجاجية مثلما هو الحال لمعرض العبدلَية ونادي الشواذ بالمرسى الذي تم إغلاقه وترحيل أعضائه.
س: ما هو مصدر تمويلكم؟
ج: نحن لا نحتاج إلى تمويلات ضخمة، فمجال نشاطنا دعوي بالأساس وليس خيري ونحن نعتمد على تبرعات المنخرطين وأبناء شعبنا الذين يحاولون عبرنا إيصال صوتهم ومعالجة القضايا التي تشغلهم.
س: هل تعتبرون أن دعوتكم للسياح لاحترام الدين الإسلامي وعدم ارتداء ملابس تعودوا على ارتدائها قضيَة تشغل بال التونسيين؟
ج: بالنسبة للسيَاح كنا توجَهنا إليهم على افتراض إمكانيَة قبولهم أو رفضهم لمحاورتنا ولكنهم رحَبوا بنا في النَزل التي يقيمون بها ونحن كمسلمين نعتبر السياح مجال للدعوة وأنا لا أرى أي ضير في هذا ما دام تعاملنا معهم على أسس حضاريَة.
س: لماذا تخليتم عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كاسم للجمعية؟
ج: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحيل على أذهان الناس الهيئة الموجودة في المملكة العربيَة السَعوديَة ويخلق بعض اللبس ولذا ارتأينا تغيير اسم الجمعية وعموما المهم هو الأهداف والتحركات وليس الاسم.
س: كنتم طالبتم وتحركتم لغلق الحانات الغير المرخص لها، فهل ننتظر أن تمرَوا للمطالبة بغلق كل الحانات في تونس؟
ج: نحن نتبع المرحليَة في عملنا وتحركاتنا حيث نضيَق الخناق على المظاهر التي تنم عن انحطاط أخلاقيَ ومن ثم نحاول منعها تماما كما هو الحال بالنسبة للحانات واحتساء الخمور.
س: بالحديث عن الظواهر الغريبة عن البلاد، ما رأيكم في ظاهرة الزواج العرفي في تونس؟
ج: لا يوجد في الإسلام زواج عرفي أو زواج متعة، صحيح أنه حدث انفلات على جميع المستويات بعد الثورة والزواج العرفي أحد مظاهر هذا الانفلات ونحن نعتبر أنه غير شرعي حيث ان الإشهار احد شروط الزواج وهذا ما لا يتوفر في الزواج العرفي وبالتالي هو زنا شأنه شأن زواج المتعة ونحن سنحارب كل ما هو دخيل على الإسلام في تونس.
س: لماذا قلت بأنك تخجل من انتمائك لتونس لأنها تحتضن العاهرات؟
ج: قلت أنني أستحي من قول أنني تونسي لأن بلادنا أصبحت بمثابة بلاد إباحيَة خاصة بالنسبة لليبييَن والمشرقيين وسنحاول القضاء على هذه الصورة النمطيَة بالتضييق على بيوت الدعارة.
س: هل تقرَون بمدنيَة الدولة؟
ج: ليس هناك أي مجال للشَك، فنحن ليس لنا كنيسة أو رجال دين بل لدينا علماء ولكن نحن نؤمن بفوقيَة الدين على الدولة حيث أن القرارات والقوانين يجب أن تراعي الدين الإسلامي ولا تخالفه.
س: تراعي الدين الإسلامي أو تكون مستمدة منه أساسا؟
ج: بطبيعة الحال تكون مستنبطة من الشريعة الإسلاميَة وسيأتي يوم في تونس تخرج فيه مسيرات شعبيَة للمطالبة باعتماد الشريعة كمصدر وحيد للتشريع وحاليَا نحن لا نعترف بأي قانون يخالف القرآن والسنَة ولن نعترف بغير المدرسة الإسلاميَة في استنباط القوانين.
س: هل تقرَون بأنكم تؤمنون بأنه لا مجال لفصل الدين عن الدَولة إذن؟
ج: بطبيعة الحال، فنحن إذا ما اختلفنا يجب ان نتوجَه لعلماء الدَين وليس الى مدارس غريبة عن ديننا، فدستورنا هو القرآن والسنَة المحمَديَة ويجب الرجوع إليهما في كل خلاف.
س: مشروع قانون تجريم المس بالمقدَسات اعتبره البعض حدَا لحرية التعبير، ما رأيكم ؟
ج: إذا كان المس بالأشخاص جريمة فما بالك بالمس بالمقدَسات الدينيَة لشعب بأكمله، فإذا لم تجرَمه الدولة أعتقد أننا سنكون دائما على أبواب حروب أهليَة وما حصل من أحداث في معرض العبدلَيَة خير دليل.
س: كيف تنظرون إلى مجلَة الأحوال الشخصية وما ورد فيها؟
ج: أولا هناك تضارب في ما يخص مصدر مجلَة الأحوال الشَخصيَة فهناك من يقول بأنَه وقعت صياغتها في فرنسا وهناك من يؤكَد أن مشايخ الزيتونة من أعدَوها وفي الحالتين أقول لا يهمَ مصدرها بقدر ما يهمَنا مدى تلاؤمها مع الشريعة الإسلاميَة وبالتالي نرى أن كل ما يتعارض مع ديننا في مجلَة الأحول الشخصية لا مكان له في تونس أرض الزيتونة.
س: هل ترفضون التبنَي مثلا ؟
ج:التبنَي حرام شرعا وبإجماع كل العلماء والإسلام يقرَ بالكفالة وليس التبنَي.
س: لكن التبنَي يضمن حق المُتبنَى قانونيا خاصة في الإرث ؟
ج: في الإسلام لدينا الهبة حيث يمكن أن يمنح أي شخص للطفل الذي يكفله ما يريد قبل وفاته، ولكن أن يصبح المُتبنَى ابنا قانونيا فهذا حرام.
س: لماذا تعيدون وتكرَرون أن تعدد الزوجات مطلب شعبي ؟
ج: مسألة تعدَد الزوجات تناولناها من زاوية صحَية وإنسانيَة ونحن عندما نذهب للساحات ونقابل الجماهير يحمَلوننا أمانات ورسائل من جملتها مطلب تعدَد الزَوجات حيث أن هناك عائلات تعاني في صمت أو يتَجه الرجل للحرام…وقد قلنا أن هذه حالات خاصَة ويجب إيجاد حلول لها عبر تقديم ملف للقضاء والسماح لهم بالجمع بين زوجتين، بالإضافة الى أن تعدَد الزوجات موجود في تونس ولكن في الحرام حيث أن هناك من لديهم أكثر من 4 عشيقات وقد توجَهنا الى دار الأيتام ووجدنا أن هناك أكثر من 1500 طفل غير شرعي في السنة.
س:عودة التعليم الديني تثير جدلا باعتباره منهج تعليم موازي للتعليم الرَسمي في البلاد، ما رأيكم ؟
ج: هذا الجدل والفهم الخاطئ تسبَب فيه الشيخ حسين العبيدي المعروف بعدم إنظباطه ولكن بالنسبة للتعليم الزيتوني (نسبة إلى جامع الزيتونة) فلابد من إعادته للحياة على أعلى مستوى ولكن بإتباع المرحليَة، ونحن كجمعية انطلقنا في إنشاء رياض الزيتونة والتي ستهتم بالطفل المتراوح عمره بين سنتين وست سنوات ثم سننشأ معاهد زيتونيَة خاصَة ومن ثم الجامعات.
س: ماهي نوعية المواد التي سيتم تدريسها في رياض الزيتونة مثلا ؟
ج: سنحاول تنشئة الطفل المسلم على الطرح الزيتوني المستنير عبر حفظ القرآن ومقاصد الإسلام العامَة وسنحاول من خلال التعليم الزيتوني عموما مواكبة العصر مع مراعاة الأصل وحاليَا نحن ننظم ندوات للتعريف بمشروعنا ومناقشته والباب مفتوح للجميع سواء لأبناء شعبنا أو غيرهم.
س:ما رأيكم في ظاهرة عزل الأئمَة في تونس ؟
ج: قلت سابقا أن تونس شهدت إنفلاتا بعد الثورة وإلى حد ما كانت الدولة ضعيفة وصحيح أن هناك بعض الأئمة كانوا منبطحين للنظام السابق ولكن طردهم بتلك الطريقة المهينة غير مقبول ونعتبر انه تصحيح خطأ بخطأ فمثلا نحن توجهنا إلى بعض الأئمَة المثيرين للشبهات وحاورناهم وأقنعناهم بالتخلَي عن الإمامة وقد طلبنا من سلطة الإشراف أن يستأنسوا برأي الأهالي لتعيين الأئمَة حيث يكون الإمام مُزكَى من طرف الدولة ونوعيَا منتخبا من قبل السكان وهذا كفيل بالقضاء على ظاهرة عزل الأيمَة وطردهم والسَيطرة على المساجد من قبل بعض المجموعات.
س: وبالنسبة لإستغلال المساجد للترويج لفكر أو حزب معيَن ؟
ج: المساجد للصلاة والعلم فحسب وبالنسبة للإخوة السلفيَين فليس لهم أي مكان في تونس.
س: ماذا تقصدون بليس لهم مكان في تونس ؟
ج: الفكر المغالي لا يمكن أن ينتشر في تونس ونحن نعتقد انه لا مكان لهم في تونس ولا وزن لهم للأسف الشديد وإذا ما جمعناهم فلن يملئوا حافلة، فمناخ بلادنا الإجتماعي لا ينبت فيه أي فكر متطرف ولن تكون تونس إلَا وفيَة لأصلها الزيتوني.
س: يصفكم البعض بأحد الجمعيَات الدينيَة التي تشكَل الحديقة الخلفية لحركة النهضة الإسلامية وتطالبون بما لا تستطيع الحركة المجاهرة به، ما هو تعليقكم ؟
ج: أؤكَد أن جمعيتنا مستقلَة عن كل الأطراف السياسيَة، ونحن ننتقد حركة النَهضة وقد قمنا ببعض التحرَكات للضغط عليها مثلما هو الحال بالنَسبة لتجريم المجاهرة بالإفطار فليس هم من طلبوا منَا تنفيذ وقفات احتجاجيَة بالإضافة إلى أن حركة النَهضة ترى أنه من الأنسب تأجيل بعض القضايا الساخنة كتعدَد الزوجات ولكنَنا رفضنا وتمسكنا بالإسراع في معالجتها، إذا فعلاقتنا مع النهضة تصل إلى الخلاف في بعض الأحيان ونتعامل معها كما سنتعامل مع أي حزب سيصل مستقبلا للسلطة.