تعددت الأطراف المتنازعة سياسيا وعسكريا في ليبيا في الآونة الأخيرة، وكل طرف يدّعي وصله بأهداف ثورة فبراير وسعيه لتحقيق العدالة والأمن والأمان.

أحد أبرز تلك الأطراف هو ما يعرف بـ”المجلس السياسي لإقليم برقة” والذي تم الإعلان عنه في 16 آب/أغسطس من العام الماضي، يبسط نفوذه العسكري على أهم الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي وسط ليبيا.

تعددت الأطراف المتنازعة سياسيا وعسكريا في ليبيا في الآونة الأخيرة، وكل طرف يدّعي وصله بأهداف ثورة فبراير وسعيه لتحقيق العدالة والأمن والأمان.

أحد أبرز تلك الأطراف هو ما يعرف بـ”المجلس السياسي لإقليم برقة” والذي تم الإعلان عنه في 16 آب/أغسطس من العام الماضي، يبسط نفوذه العسكري على أهم الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي وسط ليبيا.

إبراهيم جظران رئيس المجلس كان في وقت سابق قد أبرم اتفاقية مع حكومة عبد الله الثني تقضي بعودة النفط إلى مجاريه، ولكن الأحداث الأخيرة التي تركزت في قطبي الدولة الليبية “بنغازي وطرابلس” وضعت جظران أمام خيارات صعبة وجعلته موضع تساؤلات حيال الصراع الدائر بين “مجلس شورى ثوار بنغازي” المشكل من تيارات إسلامية متشددة بينها تنظيم “أنصار الشريعة”، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد ما يعرف بـ “عملية الكرامة”.

فبعضهم استنتج أن جظران يدعم تنظيم “أنصار الشريعة” بينما يؤكد من حوله أنه من داعمي الجيش والشرطة ولكنه يتحفظ على قيادات جيش “عملية الكرامة” المتمثلة في اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

حول كل تلك المسائل التقى “مراسلون” ابراهيم جظران وكان معه الحوار التالي:

مراسلون: ما هو تعليق المجلس السياسي لإقليم برقة حول ما يحدث في بنغازي من قتال بين قوات “عملية الكرامة” ومجلس شورى ثوار بنغازي؟

جظران: نحن ضدّ ما يحدث في بنغازي جملة وتفصيلاً. بنغازي هي استقلال ليبيا وأم الثورة وعاصمة برقة، وإن ما حدث ويحدث في هذه المدينة هو بفعل وتدبير وتخطيط جماعة الإخوان المسلمين بدعم من قطر وتركيا، لأن إخضاع بنغازي يعني إخضاع ليبيا كلها لإرادتهم. فالعدو معروف والمخطط والممول معروف هو الآخر، والهدف معلوم  للجميع.

نحن مع تفعيل جيش وطني عقيدته الولاء لله سبحانه وتعالى وللوطن، ومع تفعيل جهاز الأمن والشرطة، وغياب هاتين المؤسستين عمداً بتدبير الإخوان المسلمين الذين هيمنوا واستولوا على السلطة هو السبب الحقيقي لأحداث بنغازي المؤسفة التي امتدت لثلاث سنوات.

وكما هو معروف عن الإخوان فإنهم يعتبرون الجيش والشرطة “تتار” يجب قتلهم، ولهذا أنشأوا التنظيمات المسلحة السرية وكذا العلنية بمسميات فضفاضة، لتحقق لهم مآربهم في الهيمنة على مقدرات الشعب، والآن يحرقون بنغازي وطرابلس كما أحرقوا القاهرة قبل ثورة تموز/يوليو 1952.

ما ردكم على الأقاويل التي انتشرت مؤخراً حول تواصلكم مع تنظيم “أنصار الشريعة”؟

لم يوجد في السابق ولا في الوقت الحاضر أي تواصل بين المجلس السياسي لإقليم برقة وبين أية تنظيمات أخرى بمختلف تسمياتها، نحن حراك سلمي مطالبنا هي المشاركة السياسية لجميع أقاليم ليبيا، والعودة إلى دولة الاتحاد التي أسسها الآباء والأجداد وفقاً لما سطروه في وثيقة الدستور الصادر في 24 كانون الأول/ديسمبر 1951، وبالتالي نضالنا هو نضال سياسي وليس عسكري، وهذا لا يمنع من العمل على الحفاظ على مقدرات الشعب والدفاع عنها .

مـاذا لو بسط تنظيم أنصار الشريعة نفـوذه على بنغازي، كيف ستتعاملون معهم؟

هذا سؤال افتراضي.. ومــع ذلك نحن مع شرعية الدولة ومع خيارات الشعب الليبي. ليبيا لن يحكمها تيار واحـد. ليبيا لا تحكم إلاّ بالتوافق بين جميع مكوناتها. ناهيك عن أن الشعب الليبي هو شعب مسلم ولا توجد لدينا بفضل الله ديانات أو مذاهب مختلفة كما هو الحال في بعض الدول، وهذه ميزة تتميز بها ليبيا وبالتالي لا يستطيع فصيل بعينه أن يحكمها.

الآن ليبيا تمر بمرحلة حرجة، ومع ذلك نستبشر خيراً كثيراً في أن تخرج البلاد من جميع أزماتها، خاصة بعد بدء عمل مجلس النواب الذي سيستفيد ويأخذ العبر من أخطاء المؤتمر الوطني العام المنتهي الصلاحية.

معنى ذلك أنكم تعترفون بمجلس النواب ممثلا شرعيا وحيدا للشعب ليبي؟

نعم.

ولكن مجلس النواب أصدر قانون مكافحة الإرهاب يوم التاسع من أيلول/سبتمبر الجاري، والذي يتضمن مواداً يقول عنها بعض الساسة إنها تعني مباشرة مجلسكم؟

بما أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية في ليبيا، وأن تفشي ظاهرة الإرهاب أصبحت معروفة ووصلت إلى حد الذبح، ناهيك عن القتل الممنهج من خلال الاغتيالات التي طالت حتى النساء، وحرق مؤسسات الدولة ونهبها، والاعتداء على البعثات الدبلوماسية بالخطف وغيره، فإنه لزام على المشرع مواجهة ظاهرة الإرهاب وسن تشريع يجرمها ويضع عقوبات لمن يقترفها. هذا من حيث المبدأ، ولكن لدينا ملاحظات تقتضي إدخال تعديل على القانون بما لا يتعارض مع المبدأ العام في تجريم الأعمال الإرهابية .

هل  لديكم أي تأثير في مجلس النواب خاصة أن هناك نوابا كُثُرا من التيار الفيدرالي؟

نحن لا ندعي النفوذ أو التأثير على أحد، نحن نطرح رؤية سياسية متكاملة تضمن التعايش السلمي بين مكونات الشعب الليبي .

هل تأثرت الاتفاقية التي تمت بين المجلس السياسي لإقليم برقة والحكومة بأحداث طرابلس؟ وهل لك أن تذكر لنا بعضا من نقاط الاتفاقية؟

الاتفاق الذي تم بين المجلس السياسي لإقليم برقة والحكومة الليبية، والذي رعاه الحكماء والوجهاء والشيوخ يتعلق بحقوق سكان إقليم برقة المتمثلة في حق المشاركة في صنع القرار الوطني، وكذلك منحهم عدداً من الوزارات، وإرجاع المؤسسات التي نقلت من برقة إلى طرابلس مثل الخطوط الجوية والمؤسسة الوطنية للنفط، والمطالبة بعودة مركز إدارة شركة الزويتنة للنفط إلى الزويتينة (غربي بنغازي)، وإتاحة الفرصة لشباب برقة في التعليم العالي والمنح الدراسية والبعثات، فضلاً عن المطالبة بمرتبات وحقوق جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى.

وحرس المنشآت يتبع لهيئة الأركان العامة بالجيش الليبي وظيفياً، يعني أن أفراده موظفون عموميون، ويتبع الحرس مالياً  للمؤسسة الوطنية للنفط، وبالتالي فالدولة كدولة مُلزمة بتنفيذ تعهداتها تجاه مواطنيها. وقـد تم البدء في تنفيذ تلك التعهدات، وهذا يعني شروع الحكومة بتنفيذ جزء مما التزمت به وهي سائرة في ذلك، ونعتقد أن الاتفاق ملزم لطرفيه.

أما أحداث طرابلس فقد أثرت على تعطيل جميع مرافق الدولة الليبية ونحن جزء أصيل من ليبيا، وأثرها بالطبع ينعكس على البلاد كلها. ولكن  بإرادة الله وإرادة هذا الشعب سوف تعود البلاد إلى الطريق الصحيح خاصة بعد مباشرة مجلس النواب لمهامه، ونأمل أن يضع الأمور في نصابها وتنفيذ إرادة الشعب.

ما هـو تعليقك على قرار المؤتمر الوطني (المنتهية ولايته) تكليف السيد عمر الحاسي بتشكيل حكومة؟

بما أن الشعب الليبي انتخب مجلس النواب في انتخابات شفافة ونزيهة شهد لها العالم كله بذلك، فإن مجلس النواب المنتخب هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي، وهو المخوّل بتكليف رئيس الحكومة، وقد كلف بالفعل السيد عبدالله الثني بتشكيل الحكومة.

والبديهي أن ما يقرره مجلس النواب وهو الجسم التشريعي للبلاد ويمارس أعمال السيادة يمثل عملاً مشروعاً، ونحن بالتأكيد مع الشرعية التي يمثلها مجلس النواب، بما يعني أننا ضد الانقلابيين ولا نعترف بما يصدر عن تلك الفئة الباغية المتمثلة في المؤتمر المنتهية صلاحيته والتي التي تعمل ضدّ إرادة الشعب الليبي صاحب السيادة.