“قمنا بصد هجومين وأوقعنا قتلى وجرحى منهم، ومستعدون لأي هجوم جديد” هذا ما قاله علي الحاسي المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى، الذي بدا منتشياً بما وصفه بـ”الانتصار العظيم” على تنظيم الدولة “داعش” الذي تقدمت قواته نحو منطقة السدرة (370 كيلومتر غرب بنغازي) يوم 4 كانون الثاني/يناير الجاري.

15 قتيلا من داعش

“قمنا بصد هجومين وأوقعنا قتلى وجرحى منهم، ومستعدون لأي هجوم جديد” هذا ما قاله علي الحاسي المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى، الذي بدا منتشياً بما وصفه بـ”الانتصار العظيم” على تنظيم الدولة “داعش” الذي تقدمت قواته نحو منطقة السدرة (370 كيلومتر غرب بنغازي) يوم 4 كانون الثاني/يناير الجاري.

15 قتيلا من داعش

يصف الحاسي لـ”مراسلون” بداية الحدث بالقول إن سيارة مفخخة استهدفت إحدى نقاط التفتيش التابعة لحرس المنشآت صباح اليوم الأول من الاشتباكات، فأوقعت ثلاثة قتلى من منتسبي الحرس، ومن بعدها مباشرة تمركز الجميع في أماكنهم فأوقفوا بقوة السلاح سيارة أخرى كانت مسرعة تجاه تمركز آخر، فقتلوا أربعة من “داعش” ثبت أن واحدا فقط منهم ليبي الجنسية.

سبقت هذه الاشتباكات إرهاصات وعلامات كلها تدل على أن حرباً وشيكة ستندلع بهذه المنطقة النفطية، ولكن وحسب كلام الحاسي لم يتوقع أحد أن تكون بهذه السرعة، فأكبر تجمع لداعش يبعد عن السدرة قرابة 200 كيلومتر غرباً، وتحديداً في مدينة سرت، ولكن وعلى ما يبدو فإن هناك ما جعل التنظيم الإرهابي يعجل بهجومه لاحتلال هذه المنطقة.

الحاسي أكد أنهم أوقعوا 15 قتيلاً وعشرات الجرحي في صفوف داعش، مبيناً أن جثثهم ما تزال موجودة في ثلاجة الموتى في مستشفى لم يذكر اسمه.

اتحاد الخصوم

كان مفاجئاً أيضاً أن هجوم “داعش” وحد الخصمين الذين تقاتلا على نفس البقعة قبل عام من الآن. فبعد مضيّ عام على الحرب التي دارت رحاها بين حرس المنشآت النفطية وقوات “الشروق” المكلفة من المؤتمر الوطني العام “بتحرير الهلال النفطي من حرس المنشآت” الذي يرأسه إبراهيم الجضران وأوقف تصدير النفط بعد سيطرته على كافة الموانئ بالمنطقة الوسطى، بعد كل ذلك اتحد الطرفان صراحة ضد داعش.

يؤكد العقيد بشير بوظفيرة آمر القاطع الحدودي أجدابيا، وهو يشرف على العمليات العسكرية في السدرة، لـ”مراسلون” أن الطيران الحربي الذي قصف أهدافاً تابعة لداعش أول يوم في الاشتباكات قد خرج من قاعدة جوية في مصراتة، ويضيف بوظفيرة أنه على اتصال باللواء عبد السلام جاد الله رئيس الأركان العامة التابعة للمؤتمر الوطني العام، متوقعاً أن يتم في الأيام القادمة تكثيف الضربات الجوية ضد هذا التنظيم الذي وصفه بـ”الأجنبي”.

بوادر اتحاد الخصمين التقليديين أخذت أبعاداً أكثر إنسانية حين تم نقل جرحى حرس المنشآت النفطية لعلاجهم في مدينة مصراتة – التي قادت الحرب في عملية الشروق.

وقال مسؤول في جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى (رفض ذكر اسمه) إن جرحى الحرس تم نقلهم بالإسعاف الطائر من رأس لانوف إلى مدينة مصراتة وطرابلس حيث يتلقون العلاج هناك.

يضيف الحاسي على ما أفاد به بوظفيرة أن الطيران لم يكن سبباً كافياً لانسحاب داعش في اليوم الأول، مرجعا ذلك إلى ما وصفها بـ”المقاومة الباسلة التي خاضها منتسبو الحرس، بالإضافة إلى أهالي المنطقة المحيطة، فسقوط 6 قتلى من شبابنا هو دليل كاف على أن المعركة لم تكن سهلة”.

بيانات متوافقة

ما أن بدأت الاشتباكات في السدرة حتى تسارعت الجهات الرسمية المعترف بها وغير المعترف بها إلى إصدار بيانات تستنكر وتدين هجوم المتطرفين على السدرة.

“مراسلون” تواصل مع معظم هذه الجهات لحصد التصريحات منها، حيث البداية كانت مع الناجي المغربي رئيس المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة المؤقتة بالبيضاء الذي طالب حكومته بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يحدث في السدرة، مؤكدا على ضرورة دعم جهاز الحرس بالعدة والعتاد.

أما المستشار الإعلامي لرئيس حكومة التوافق الوطني فتحي بن عيسى فقد أوضح لـ”مراسلون” أن حكومة الوفاق تعتبر ما يحدث في السدرة أكبر من أن يعالج ببيان مكتوب، وحسب كلامه فإن موقف الحكومة واضح وهو محاربة التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها داعش، لكن هذه الحرب تحتاج لإقرار الحكومة تمهيداً لرفع حظر التسليح.

لم يزد ما قاله فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب على ما قاله مستشار حكومة الوفاق سوى دعوة الرئيس عقيلة صالح كافة القوى الليبية إلى الاتحاد ضد ما وصفه بالخطر المحدق بليبيا، محذراً من استمرار تحرك داعش نحو دول الجوار في حال لم يتم رفع الحظر عن السلاح.

رأي المؤتمر الوطني العام جاءنا عبر تصريح رئيس اللجنة السياسية به موسى فرج الذي قال إن تمدد هذا التنظيم واستهدافه لمنشآت تعتبر عصب الاقتصاد الليبي لا يترك خيارات كثيرة أمام الليبيين إلا الإسراع باستكمال توافق متين يمكّن من تشكيل حكومة قادرة على محاربته.

وأخيراً كان تصريح الحكومة الليبية المؤقتة عبر ناطقها الإعلامي حاتم العريبي الذي اختصر تصريحه في مهاجمة المجتمع الدولي الذي اتهمه أنه سبب انتشار داعش في ليبيا مؤكداً في ذات الوقت أن جهاز حرس المنشآت يعاني من قلة الإمكانيات والعدة والعتاد ويحتاج للدعم.

كل هذه التصريحات الحاسي يراها غير كافية، فعندما عرض عليه “مراسلون” مراسلون ما قاله الجميع كان رده “نحن نريد فعلاً لا قولاً”، متمتماً بكلمات فهمنا منها ألا نضطره إلى قول ما لا يريد قوله حول بعض الجهات.

احتلال أو دمار

كان واضحاً بعد انتهاء المواجهات أن داعش لن يعود خالي الوفاض في حال لم ينجح في احتلال الهلال النفطي، وهذا ما تبين من قصفه لخزانات النفط عند انسحابه من أرض المعركة.

يصف لنا مفتاح اشويقي مراقب عمليات الإطفاء بشركة سرت للنفط والغاز وضع الخزانات المشتعلة بـ”المأساوي”، فلا يمكن لفرق الإطفاء أن تتقدم صوب الخزانات من شدة الاشتعال وانعدام الرؤية بسبب سحب الدخان الأسود، “فاحتراق 7 خزانات نفطية هو أمر كارثي أكثر مما تتخيلون” يضيف اشويقي.

اشويقي أوضح أن داعش قصفت في اليوم الأول أحد خزانات شركة الهروج (25 كيلومتر شرق السدرة) ما أدى إلى اشتعاله مع خزان آخر مجاور، وفي اليوم الثاني قصفت خزاناً تابعاً لشركة الواحة النفطية (5 كيلومتر جنوب السدرة) أدى هو الآخر إلى اشتعال أربعة خزانات سعة كل واحد منها نصف مليون برميل من النفط الخام، “فتخيلوا ما الذي قد يحدث من احتراق 3,5 مليون برميل من الخام في الهواء، وما الذي قد يسببه ذلك من أضرار بيئية على كل كائن حي في محيط المنطقة” يقول اشويقي الذي لم يكن أمامه وأمام رفاقه أية وسيلة لإطفاء هذا الحريق.

منذ أكثر من عام ونصف أعلن تنظيم داعش عن وجوده بشكل رسمي في ليبيا وتحديداً في مدينة سرت، ولكنها المرة الأولى التي يقوم بها بهجوم من هذا النوع ضد منطقة الهلال النفطي، وحتى هذه اللحظة ما تزال المعلومات ترد تباعاً عن تحشيد مستمر لهم في سرت، “ولكننا مستعدون لإرسال المزيد منهم إلى الموت” هذا ما كرر قوله علي الحاسي طيلة حديثه لمراسلون.