يتألف سكان مدينة بني وليد الواقعة شمال غرب ليبيا من قبيلة واحدة هي “ورفلة”، وقد اتخذت القبيلة موقفاً موحداً تقريباً إبان الثورة الليبية عام 2011 بدعم النظام السابق في ليبيا، ولذلك حارب معظم شبابها ضمن كتائب القذافي وألقي القبض على عدد كبير منهم بعد هزيمة النظام وتم سجنهم في مدن ليبية مختلفة.
ولأن العرف القبلي هو السائد في المدينة التي تبعد عن طرابلس حوالي 180 كيلومتر باتجاه الجنوب الشرقي، تطوع ثلاثة من أعيانها بتكوين لجنة برئاسة الشيخ محمد الضبع سميت “لجنة متابعة السجناء والمفقودين بمدينة بني وليد”، مهمتها السعي للإفراج عن هؤلاء الشباب أو تسريع تقديمهم للمحاكمة وإنهاء معاناتهم.
“مراسلون” التقى الضبع للوقوف على أوضاع مساجين بني وليد وكان الحوار التالي:
س – كم عدد السجناء من بني وليد الذين لم يتم الإفراج عنهم بعد؟
ج- كان عدد سجناء بني وليد حين تم تشكيل اللجنة أكثر من 200 سجين وكلهم خارج المدينة، ومنذ ذلك الوقت نجحنا في الإفراج عن قرابة 150 سجين في أوقات متفرقة وحالياً هناك حوالي 50 سجين يقبعون داخل السجون، في مصراتة وطرابلس وبعضهم في سجون لا تتبع الدولة ولا يُعرضون على النائب العام.
س- ماهي أسباب سجن هؤلاء الشباب وكيف تم القبض عليهم؟
ج- الحقيقة أن الأسباب والتهم متعددة، من قبض عليهم قبل 2014 كانت توجه لهم تهم “حيازة السلاح” و”إطالة عمر النظام” وكانوا مسجونين في أماكن منفصلة عن المتهمين بارتكاب جرائم أخرى، ولكن منذ عام 2014 اختلط الحابل بالنابل حيث أصبحت توجه للمقبوض عليهم تهم أخرى مثل الاتجار بالبشر أو المخدرات وغيرها ويسجنون مع باقي المتهمين، التهم متعددة وليست كل التهم باطلة للأسف فنحن لا نختلف على وجود تقصير وبعض المخالفات.
كما أنهم جميعهم تم القبض عليهم بطرق غير قانونية، باعتبار أن عملية القبض يجب أن يتم من خلال مأمور الضبط القضائي وهو مالم يحدث، وأي عملية قبض وتوجيه تهم ومثول أمام القضاء ينبغي أن لا تستغرق أكثر من 53 يوماً بينما هؤلاء السجناء تجاوزت فترة انتظارهم المحاكمة سنوات.
كما أن بين من قبض عليهم في الجبهات عام 2011 عدد من القصر الذين وجهت لهم تهم حيازة سلاح، ولا أدري كيف توجه تهم حيازة سلاح بدون ترخيص لمن حصل عليه بترخيص من نظامٍ كان قائماً ويحكم الدولة.
س- هل لديكم معلومات دقيقة عن أماكن وجود السجناء؟
ج – لدينا سجناء نتابع أحوالهم في جل المدن والقرى الليبية، وقد نجحنا في الإفراج عن عدد منهم، على سبيل المثال كان لدينا ثلاثة سجناء في مدينة الزاوية وآخرون في مدن غريان وتاجوراء تم الإفراج عنهم، وحالياً لدينا سجناء في سجون خاضعة لسيطرة الدولة في طرابلس ومصراتة مثلاً، وأيضاً لدينا عدد من المفقودين في مناطق ليبية مختلفة لا نستطيع بعد أن نحدد مصيرهم.
س-هل لاحظتم أية خروقات أو انتهاكات إنسانية يتعرض لها السجناء داخل السجون المختلفة؟
ج- إطلاقاً.. بل وحتى المفرج عنهم لم يتقدموا بأي شكاوى بهذا الشأن، والحقيقة أن أوضاع السجون التابعة للدولة أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق، ولكن ينبغي الإشارة إلى غياب منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني عن زيارة السجون والوقوف على أحوال من يعيش بداخلها، وحتى وزارة الصحة لا تؤدي واجبها كما ينبغي في هذا الإطار.
س- ماذا تعني بغياب وزارة الصحة؟ أين التقصير بالضبط؟
ج- السجناء داخل السجون كافة يعالجون على نفقة ذويهم، ولا يتلقون أي عناية طبية سواءً من وزارة الصحة أو من الهلال الأحمر الليبي، ففي السجن هناك مرضى بحاجة لأنواع من العلاج باهض الثمن، ومنهم من بحاجة للعلاج خارج البلاد، كما أن أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكري غير متوفرة، والزيارة ليست متاحة لذويهم في كل الأوقات كي يسعفوا من يحتاج منهم لدواء عاجل.
س- على الصعيد الرسمي للدولة، هل قمتم برفع مطالب معينة للجهات المسؤولة وكيف كانت الردود؟
ج- في الحقيقة السجون تحتاج إلى متابعة واتخاذ قرارات حاسمة سريعة وهنا لا أتحدث فقط عن سجناء بني وليد بل كافة السجناء في ليبيا، نحن نطالب السيد رئيس المجلس الرئاسي بتشكيل لجنة مركزية لمتابعة السجناء والمفقوددين، وأستغرب فعلاً تجاهل هذا الملف.
الحقيقة أن السجناء في ليبيا يتم استغلالهم سواءً في مساومات المصالحة أو من قبل “تجار الشنطة” الذين يقضون مقابل الإفراج عنهم مصالحهم الخاصة، وقد تقدمنا للمجلس الرئاسي بمذكرة مفصلة بالخصوص وقابلنا نائب رئيس المجلس الرئاسي السيد أحمد معيتيق ووزير الدفاع محمد البرغثي، وطالبنا ببعض الحقوق الأساسية للسجناء مثل شكل التحقيق والاختصاص المكاني وشكل القبض وحق السجناء في الاستفادة من تخفيض ربع المدة ونقل السجناء لأقرب مقر من إقامة ذويهم والإفراجات المدنية الإنسانية ومرتبات العسكريين المتوقفة وتطبيق القانون وتمكينهم من المثول أمام المحكمة العليا، ولكن للأسف لا جدوى.
س- مسألة حق السجناء في الاستفادة من تخفيض ربع مدة العقوبة تم تطبيقها فعلاً مع السجناء العسكريين، هل هذا صحيح؟
ج- نعم صحيح، تم ذلك بالتعاون مع المدعي العام العسكري حيث تم الإفراج على عدد كبير من السجناء العسكريين باستخدام هذا الحق، ولكن المدنيين حتى الآن لم يتم النظر في حقهم من الاستفادة بهذا التشريع.