لا شيء يستطيع فعله علي السويحلي سوى مطالبة الجهات المسؤولة في مصراتة (210كلم شرق طرابلس) بإيجاد حل عاجل لمشكلة انقطاع المياه التي تزيد من معاناته أثناء إجراء عملية غسيل الكلى بمركز علاج وغسيل الكلى بمصراتة.
انقطاعات متكررة
بمجرد سماعنا لمشكلة انقطاع المياه أثناء جلسات غسيل الكلى؛ توجهنا مباشرة للمركز الذي تم تأسيسه في العام 2015، وهناك التقى “مراسلون“ الدكتور زياد محمد الدنفرية مسؤول الشؤون الطبية بالمركز.
يبدأ الدنفرية حديثه بأن الانقطاعات المتكررة للمياه عن مصراتة تفاقم من معاناتهم بالمركز، كونهم يعتمدون عليها في جلسات الغسيل التي يجرونها يوميا، حيث أن مركزهم يستهلك 45 ألف لتر من المياه في اليوم.
ليست هناك حلول بديلة قد تفي بالغرض أثناء انقطاعات المياه المتكررة والمفاجئة إلا شراء المياه كحل لا ينفع حتى أن يكون مؤقتاً حسب كلام الطبيب، كما أن زمن توفيرها يستغرق وقتاً ويؤخر جلسات الغسيل التي من المفترض أن تجري بانتظام للمرضى المترددين على المركز، تلافيا لحدوث أية أعراض قد تنتج بسبب تأخر الجلسة.
تقول كلثوم بشر وهي ممرضة بالمركز إن انقطاع المياه يقلص ساعات الغسيل لبعض المرضى، ما يضطرهم للعمل بمضخة واحدة لكل مريض، وذلك يزيد من معاناة مرضى الكلى حسب كلامها، “وقد سجلنا نتائج سلبية لعدد من المرضى بالمركز“.
ارتباك واضطراب
بحسب الدنفرية فإن المركز يجري 200 جلسة غسيل يومياً عدا يوم الجمعة، حيث أن المسجلين رسمياً وصل إلى 310 مريضاً من مصراتة و سرت وبنغازي وأبوقرين.
ويتكون جهاز الغسيل الكلوي من شبكة أنابيب بمثابة دورة دموية خارجية وفلتر وسوائل غسيل، وتكمن أهمية المياه في سريانها في الدورة الخارجية لغسل الدم ومن ثم تنقيته من جديد عن طريق الفلاتر.
“لا غسيل بدون مياه“ يؤكد الدنفرية، فعند انقطاعها تتوقف الجلسات تماماً، وينتج عن ذلك ارتباك واضطراب في مواعيد الغسل، ما يضطر المركز لتأجيلها حتى وصول المياه، “ما ذنب القادمين من مدن بعيدة“ يقول الدنفرية.
علي السويحلي (60 عاماً) هو ضمن المسجلين بقائمة المترددين على المركز، يقول إن مجرد سماعه بانقطاع المياه بالمركز يؤثر على حالته النفسية ويجعله يفقد الأمل، مطالباً بإيجاد حلول دائمة ومستعجلة.
بجانب السويحلي في الغرفة التي تحوي 10 أسرّة يتمدد أيضا عبد الله عبد الخالق (58 عاماً) والذي بدأ جلسات الغسيل في عام 2009، يقول “عبد الخالق” إن ساعات جلسته تقلصت إلى 4 ساعات بدلاً من 6 ساعات، بسبب انقطاع المياه، “أتمنى أن لايؤثر ذلك على نتائج جلستي“.
جميع المرضى الذي قابلناهم اتفقوا على المطالبة بإيجاد حل سريع لمشكلة انقطاع المياه، “ولكن السؤال المطروح لماذا تنقطع المياه عن المركز في مدينة يغذيها جهاز النهر الصناعي؟“ تلك كانت أسئلة المرضى وإدارة المركز.
مشاكل فنية وتشغيلية
“مراسلون” توجه بتساؤلات من قابلهم في المركز إلى مكتب خدمات مصراتة بالشركة العامة للمياه والصرف الصحي، وهناك رئيس قسم المياه المهندس محمد مصطفى أبو حجر كان في الاستقبال.
يقول أبو حجر إن أسباب انقطاع المياه عن مصراتة بشكل عام والمركز بشكل خاص؛ إما فنيةٌ من جهاز النهر الصناعي الذي يُجري أعمال صيانة تستغرق وقتاً، أو تشغيليةٌ في منظومة الكهرباء نفسها بسبب انقطاعها المستمر، ما يُسبب خروج الآبار المغذية للمنظومة عن الخدمة.
وأوضح أبو حجر أن دورهم خدمي، وأن وظيفتهم تشغيل الشبكة القائمة وصيانتها ومتابعتها، وتوصيل المياه بالآليات المتوفرة إلى بعض المراكز الحيوية ومركز غسيل الكلى من ضمنها، “هذا جزء من الحل“ ولكن ليس كافياً بحسب أبوحجر.
ويضيف أن مكتبهم يملك 20 سيارة نقل مياه فقط، عدد بسيط جداً لحل مشكلة مدينة يزيد عدد سكانها عن 400 ألف نسمة، “ولكن نحن نبذل كل ما نملك من جهد“ لحل أزمة المياه في الأماكن الحساسة يعيد أبوحجر ويكرر.
خزان مستقل
يعتقد الدنفرية أن هناك حلا قد يفي بالغرض في ظل الأزمة المائية التي يعيشها المركز، حيث يقترح أن يتم حفر خزان مستقل للمركز منفصل تماماً عن الخزان الذي يتشارك فيه مستشفى مصراتة المركزي مع المركز بحكم وجود المقريّن في محيط واحد.
وبالرغم من أن حفر خزان ليس بالأمر الصعب ولا المستحيل إلا أن انعدام الميزانية المالية تحول دون ذلك يقول الدنفرية، “مؤخراً هناك مساع“ بطرق أخرى لحفر الخزان يختتم الدنفرية حديثه لـ“مراسلون“.
عدد من المرضى وطاقم التمريض ممن قابلهم “مراسلون“ في المركز يطالبون بخزان مستقل، لأنهم يعتقدون أن ذلك قد يكون حلا، بينما يشدد آخرون أن يكون الحل في معالجة مشاكل منظومة جهاز النهر لانتهاء الأزمة من الأساس، وإلى أن تأتي تلك الحلول المستقبلية تستمر هواجس السويحلي ورفاقه المرضى كلما اقترب موعد جلساتهم في المركز متفقين جميعهم في ترديد “يلطف الله بالحال“.