عشق وفاء غواز للقراءة وهوسها باقتناء الكتب منذ صغرها، جعلها تشعر بالحسرة لعدم وجود مكتبات ونواد مخصصة للقراءة في مدينتها زوارة، أما طموح إنشاء أول نادٍ من هذا النوع تشاركته مع مجموعة من شباب المدينة الذين تعاونوا لتأسيس “نادي زوارة للكتاب”.
عشق وفاء غواز للقراءة وهوسها باقتناء الكتب منذ صغرها، جعلها تشعر بالحسرة لعدم وجود مكتبات ونواد مخصصة للقراءة في مدينتها زوارة، أما طموح إنشاء أول نادٍ من هذا النوع تشاركته مع مجموعة من شباب المدينة الذين تعاونوا لتأسيس “نادي زوارة للكتاب”.
تقول غواز “أشعر بأن الكتب نافذة أستطيع أن أطل من خلالها على العالم، وهذا جعلني اُنمي هوابتي في البداية من خلال الإنترنت فقط لعدم وجود اماكن مُخصصة للقراءة والحوار، حلمت بإقامة هذا النادي منذ مشاهدتي للفيلم الأمريكي (نادي جين أوستن) الذي كان يدور حول نوادي القراءة، وتشجعت عندما سمعت بإنشائها في مدن أخرى”.
حلم مشترك
حين أعلنت وفاء عن رغبتها في تأسيس النادي وجدت الفكرة واردة عند عدد من الأصدقاء في محيطها، ولكن كما يقول هانيبال نانيس (30 عاماً) وهو أحد الأعضاء المؤسسين “كل منا كان لديه منظور مختلف للنادي، ولهذا اتفقنا على عقد اجتماع للاتفاق حول كيفية التنفيذ”.
عقد أول اجتماع لأعضاء نادي الكتاب يوم 13 مارس 2014، حيث ناقش الجميع تصور وفاء غواز وخرجوا متفقين على كل التفاصيل، بل وحتى قاموا باختيار كتابهم الأول الذي سيقرؤه الجميع ثم يعودون للاجتماع بعد أسبوع لمناقشته، “ولم يقف النادي عن الاجتماع من يومها إلا أيام تعرضت المدينة للقصف الجوي من قبل طيران عملية الكرامة”.
شرائح مختلفة
بالرغم من أن طبول الحرب تدق في طول البلاد وعرضها، إلا أن جرس الساعة الخامسة من مساء كل خميس في زوارة يدق لفتح جلسة نادي زوارة للكتاب، هذا الاسم الذي بدأ ينتشر في المدينة وأصبح قبلة لكل من يُحب القراءة.
حسب نائب رئيس النادي محمد عبزة (19 عاماً) فالنادي مفتوح لجميع الأعمار، وإن كان الأكثر تفاعلاً هم فئة الشباب، “ولكن المُميز في النادي أنه شهد إقبال فئات عمرية كبيرة تصل إلى عمر الستينات والخمسينات ودائماً ما نتشارك معهم الحوار والنقاش، وهذه من أهم أهدافنا، بالإضافة إلى نشر ثقافة القراءة وتشجيعها”.
آلية العمل في النادي واضحة وتسير بنظام ثابت تم الاتفاق عليه في الجلسة التأسيسية حسب غواز، حيث يتم طرح مجموعة عناوين لاختيار أحدها بالتصويت ويكون كتاب الأسبوع، ثم تعقد جلسة ليوم واحد من كل أسبوع يلتقي فيه الأعضاء لمناقشة الكتاب الذي قرأه المشاركون جميعاً، ويترأس الجلسة ويُديرها صاحب فكرة الكتاب ويسمى “ضابط الجلسة”، ونظراً لافتقار المدينة للمكتبات والكُتب فمن شروط الكتاب المُقترح أن يكون موجوداً إلكترونيا وبالإمكان تحميله من الإنترنت.
إقبال كبير
عضوية النادي مجانية ومفتوحة للجميع ولكنها لا تُمنح إلا بعد حضور ما لا يقل عن ثلاث جلسات في النادي وملء استمارة العضوية والالتزام بالنظام الداخلي حسب عبزة.
وبالرغم من اتفاق المؤسسين على أن تكون الشهور الأولى فترة تجريبية للنادي للتأكد من مدى الإقبال، إلا أنهم حسب نائب الرئيس تفاجؤوا بالإقبال الذي شهده مقارنة بما كانوا يتوقعونه، “فهناك بعض الجلسات عدد الحضور فيها تجاوز 45 شخصاً، وفي المتوسط يصل العدد إلى 15 شخص تقريباً” يقول عبزة.
وقد تجاوز عدد الكُتب التي طُرحت في النادي منذ تأسيسه 70 كتاباً بين قصص وروايات وكتب منوعة حسب نانيس، بالإضافة إلى المواضيع أو القضايا التي تُطرح للدراسة وذلك من خلال الأفلام الوثائقية أو المقالات الهامة، “فمثلاً تمت دراسة ومناقشة موضوع الحرب العالمية ليس ككتاب ولكن كموضوع” وفق كلام هانيبال نانيس.
نادي الأطفال
“بعد نجاح فكرة النادي للكبار والإقبال الذي يشهده اقترحت إحدى زميلاتنا تأسيس نادٍ للأطفال يعمل بنفس الكيفية ويستهدف الأطفال لأجل زراعة ثقافة المطالعة في شخصياتهم منذ الصغر” هذا ما قالته فدوى دهان إحدى عضوات النادي.
وحسب ما روت دهان لـ”مراسلون” فقد تم إنشاء نادي الأطفال كتجربة مبدئية وهو يستهدف فئات عمرية مختلفة لا يجب أن تقل عن 5 سنوات، وتم تقسيم المجموعة إلى قسمين حسب الأعمار، ولكن المشكلة التي واجهت نادي الأطفال هي عدم توفر كتب وقصص الأطفال في المدينة، وبالطبع عدم قدرة الأطفال على الوصول إلى الكتب الإلكترونية على الإنترنت، ما أدى لتوقف عمل نادي الأطفال مؤقتاً.
مؤسسة ثقافية
اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على تأسيس النادي أصبح مؤسسة ثقافية، وأعضاؤه تجاوزت طموحاتهم القراءة والمطالعة وانطلقوا للاستفادة والإفادة، فبحسب هانيبال نانيس “تمت إقامة دورات لغات لأعضاء النادي تنوعت بين اللغة الفرنسية والإنجليزية والأمازيغية، وهذه الدورات فُتح المجال فيها حتى لغير أعضاء النادي ولاقت اقبالاً ونجاحاً كبيراً، بالإضافة إلى عقد بعض جلسات النقاش باللغة الإنجليزية”.
وبالرغم من قلة الإمكانيات المادية التي تواجه النادي إلا أن “نشاط وحماس أعضائه جعل اسمه حاضراً مشاركاً في مختلف نشاطات ومحافل المدينة، مثل حملة تأهيل أطفال الحرب ومهرجان التنوع الثقافي بالإضافة إلى أنشطة أخرى” تقول غواز.
أما عبزة فيؤكد “نحن قررنا أن نبدأ حلمنا الكبير بخطوات ثابتة وعلى مهل، ومن خططنا المستقبلية أن نقوم بحملات توعوية لنشر ثقافة القراءة نستهدف فيها طلبة المدارس، ونأمل أن يكون للنادي مكتبة خاصة وكبيرة وتزيد جلساته وعدد أعضائه وغيرها الكثير من الاحلام التي سنعمل على تحقيقها مستقبلاً”.