يجلس نزار بن حلو، تاجر جلود تقليدية، في زاوية بمحله كمن لا ينتظر أحدا، وتظهر بجانبه المبخرة التي كانت في أيام الرفاه  تفوح بعبق الند والبخور متروكة جانبا. يحدق هذا التاجر بعينين يائستين إلى خارج محله حيث بدت السوق التقليدية خالية من السياح بعد العمليات الارهابية التي ضربت البلاد.

يجلس نزار بن حلو، تاجر جلود تقليدية، في زاوية بمحله كمن لا ينتظر أحدا، وتظهر بجانبه المبخرة التي كانت في أيام الرفاه  تفوح بعبق الند والبخور متروكة جانبا. يحدق هذا التاجر بعينين يائستين إلى خارج محله حيث بدت السوق التقليدية خالية من السياح بعد العمليات الارهابية التي ضربت البلاد.

يقول نزار لمراسلون إن “حالة الكساد التي تشهدها السوق نتيجة الارهاب وعزوف السياح عن القدوم للوجهة التونسية تسببت في خسائر كبيرة للتجار والحرفيين”. ويضيف أن النشاط السياحي للمدينة العتيقة في قلب مدينة القيروان أحد المعالم الاسلامية الهامة في العالم العربي أصبح مشلولا وينذر بتقهقر أوضاع التجار وإفلاسهم.

يتذكر التجار بالأمس القريب كيف كانت المدينة تحفل بالسياح الذين ينفقون بسخاء خاصة في المناسبات الدينية. وقد كان ذلك محركا للسوق ومروجا لمنتجاتهم الحرفية. غير أن تتالي العمليات الارهابية وآخرها عملية سوسة التي راح ضحيتها 39 سائحا أجنبيا في شهر جوان/يونيو الماضي أفقد المدينة بريقها التي تعاني أصلا من غياب الصيانة بعد أن تضررت بنيتها التحتية.

يقول الصحبي الرايس تاجر نحاس تقليدي لمراسلون إنه منذ حادثة سوسة انقطعت زيارات الوفود السياحية للمدينة العتيقة حتى أصبحت شبه منعدمة. ويطالب هذ التاجر كغيره من التجار الجهات الرسمية بتأمين مدينتهم ولكن أيضا بإدخال تحسينات على شكل المدينة العتيقة الخارجي من أجل الحفاظ على طابعها الخاص.

وتخوض السلطات التونسية سباقا مع الزمن للحفاظ على الطابع الفريد لمدينة القيروان التي شيدت في العهد الأغلبي وتضم 86 مسجدا و84 ضريحا و55 سباطا و62 قوسا. ورغم أنها رصدت اعتمادات بقيمة 5 مليون دينار (2.5 مليون دولار) لتزيين واجهات المعالم فإن تدهور البنية التحتية للمدينة التي تضررت من الارهاب تنبؤ بتقلص اشعاعها القديم.

ويقول متفقد التراث بمحافظة القيروان جهاد صويد لمراسلون إن الأحداث الارهابية التي شهدتها البلاد تسببت في تراجع المداخيل لصيانة ابرز المعالم التاريخية في المدينة.

من جهته قال إمام مسجد جامع عقبة ابن نافع الشهير الطيب الغزي ان زيارات الوفود السياحية للمعالم التاريخية بالقيروان كانت توفر اعتمادات كبيرة يخصص جزء منها لصيانة المدينة العتيقة، لكنه كشف بان تلك المداخيل شهدت تراجعا حادا بسبب الاعتداءات الارهابية.

وأشار إلى أن المدينة تشهد حاليا انتكاسة جراء تراجع أعداد السياح، مذكرا بأن القيروان كانت في العقود الماضية مزارا سياحيا هاما بالنظر إلى مكانتها في التاريخ الاسلامي.

ويقول جهاد صويد إن مدينة القيروان كانت المدينة العربية الوحيدة التي استجابت لخمس شروط من بين ستة شروط فرضتها منظمة “اليونسكو” لإدراجها كمعلم تاريخي عالمي.

وتضم القيروان التي أسس فيها القائد العسكري الأموي عقبة بن نافع أقدم مسجد في المغرب الإسلامي نحو 375 مسجد وجامع إلى اليوم منها حوالي مائة مسجد بالمدينة العتيقة معظمها مسجل لدى منظمة اليونسكو العالمية.

ومن بين المساجد المعروفة في القيروان جامع اللولب، ومسجد الشيخ النوري، وجامع العلاني، ومسجد سيدي عبد الجبار، وجامع الحنفية، وجامع المعلق، ومسجد الحصري ومسجد العواني وغيرها.