عندما زار المعلم عبد الستار المانسي مدرسته بقرية المناسة بمحافظة القيروان قبل أيام من العودة المدرسية لم يجد شيئا قد تغير. فمازالت الطاولات والكراسي مبعثرة والشقوق تملأ الأسقف والجدران وزجاج النوافذ المهشم يتهاوى والحواسيب المعطوبة مركونة بلا صيانة.

حتى السور الخارجي للمدرسة الذي تهدم قبل خمس سنوات وخزانات المياه الصدئة ومياه الحنفيات الملوثة بقيت على حالها تشكل خطرا على التلاميذ.

عندما زار المعلم عبد الستار المانسي مدرسته بقرية المناسة بمحافظة القيروان قبل أيام من العودة المدرسية لم يجد شيئا قد تغير. فمازالت الطاولات والكراسي مبعثرة والشقوق تملأ الأسقف والجدران وزجاج النوافذ المهشم يتهاوى والحواسيب المعطوبة مركونة بلا صيانة.

حتى السور الخارجي للمدرسة الذي تهدم قبل خمس سنوات وخزانات المياه الصدئة ومياه الحنفيات الملوثة بقيت على حالها تشكل خطرا على التلاميذ.

زيارة المعلم إلى مدرسته تزامنت مع قرار وزارة التربية التمديد في تظاهرة “شهر المدرسة” التي انطلقت في الصيف بهدف الحصول على تبرعات من منظمات المجتمع المدني ومواطنين لإصلاح المدارس.

ورغم شروع الوزارة في صيانة نحو ثلاثة ألاف مدرسة بمختلف المناطق فإن البنية التحتية للكثير من المدارس تظل في حالة مزرية للغاية. وكان وزير التربية قال في تصريحات إن المدارس التونسية ستتحول العام المقبل “لأحسن المدارس في العالم” لكن عبد الستار له رأي مخالف.

يقول هذا المعلم الذي لاحظ عن قرب حال مدرسته مع بداية العودة المدرسية إنه لم يتم ضخ أي أموال ولم يتم برمجة أي مشاريع لترميمها.

وتقع مدرسة قرية المناسة بمنطقة حاجب العيون بمحافظة القيروان (جنوب). وقد بقيت حسب قول عبد الستار معزولة ومنسية في عمق الريف.

ومع بداية العودة المدرسية يواجه المئات من التلاميذ مصاعب ومخاطر عديدة في تلك المدرسة التي تنعدم بها التجهيزات اللازمة.

ويرى عبد الستار أن وزارة التربية تخلت عن دورها في صيانة المدارس وألقت الكرة في ملعب الأولياء والمجتمع المدني للقيام بمسؤوليتها.

وليست مدرسته فقط تعاني من تردي البنية وانعدام التجهيزات فالمعلم يؤكد بأن هناك ثلاث مدارس تعاني من الإهمال بنفس المنطقة.

وفي ظل تجاهل وزارة التربية لمطالبهم يقول عبد الستار إن المربين والأهالي شرعوا في جمع التبرعات لترميم بعض الأوضاع بالمدارس. وقد بدأ بالفعل أهالي ومعلمو مدرسة قرية المناسة في ترميم السور الخارجي.

وكشفت زيارات ميدانية لمسؤولي مندوبية التربية بمحافظة القيروان حاجة حوالي 400مدرسة ومعهد إلى الصيانة والترميم. وهناك تقارير تحدثت عن وجوب غلق مدارس بالكامل وإعادة بنائها بسبب خطورتها على حياة التلاميذ والخوف من سقوط أجزاء من أسقفها.

ورغم الاستجابة لقرار غلقها والشروع في ترميمها فإن عددا من تلك المدارس لم تجهز بعد لإعادة فتح أبوابها أمام التلاميذ.

ويقول محافظ القيروان شكري بلحسن لـ”مراسلون” إنه تم إنفاق نحو 7 مليون دينار تونسي (أكثر من 3 مليون دولار أمريكي) لتهيئة مدارس بالقيروان لكن تلك المبالغ “لم تكن كافية”. ورغم إضافة اعتمادات بنحو 3 مليون دينار لاستكمال ترميم مدراس بالقيروان فإن الأشغال لا تزال مستمرة ما تسبب في اكتظاظ مدارس أخرى.

وتسابق السلطات التونسية الزمن لضمان عودة مدرسية مريحة ومع ذلك تعجز عن كسب الرهان في ظل المشاكل المتعلقة بتدهور البنية. وهذا الأمر يضعها في إحراج بسبب عدم القدرة على الايفاء بوعدها.

وفيما ما عدا هذا الإشكال تواجه وزارة التربية تحديات صعبة أخرى فهي ما تزال في معركة لي ذراع مع نقابة التعليم الابتدائي.

وهددت هذه النقابة بالدخول في إضراب بيومين مع انطلاق العودة المدرسية الحالية. وتطالب نقابة التعليم الابتدائي بخفض ساعات العمل وتسليمهم بعض المنح المادية وتفعيل الترقيات وهي مطالب تسعى الوزارة لتحقيقها اجتنابا للدخول في صدامات قوية مع المعلمين.

واتهم كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الابتدائي بالقيروان السيد السبوعي وزارة التربية بتهميش المرين والتعليم الحكومي. وقال إن “المعلمين أرادوا مشاركة لتلاميذ في فرحتهم بالعودة المدرسية لكن قرار الإضراب كان مكرها في ظل تخلي وزارة التربية عن التزاماتها”.

وعبر هذا المصدر عن استيائه من عدم قدرة الكثير من المؤسسات التربوية على استقبال التلاميذ بسبب تدهور بنيتها التحتية.

وتعليقا على ترسيم آلاف التلاميذ في مدارس غير حكومية يقول السيد السبوعي إن ذلك يعكس توجه الحكومة لضرب التعليم العمومي وتعبيد الطريق أمام رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع التعليم.

لكن وزير التربية ناجي جلول قال في تصريح إعلامي على هامش زيارته لعدد من المؤسسات التربوية بأنه لن يسمح لأي كان بأن يتلاعب بمصير التلاميذ.

وبين أن المدرسة شأن مشترك بين الوزارة والنقابات والأولياء والأحزاب السياسية والبرلمان. وبشأن الإضراب المرتقب قال إن الوزارة تسعى لحل كل الإشكالات لضمان عودة مدرسية عادية.