لم يكن الحكم بالسجن المؤبد على الشاب التونسي أنيس نصر نهاية الحياة بالنسبة له فرغم انعزاله عن العالم بين أربعة جدران مغلقة استطاع بفضل ارادته القوية أن ينجح في امتحان الباكالوريا كأول سجين.

كان يوم 19 جوان/يونيو 2015 يوما استثنائيا في حياة أنيس نصر سيبقى محفورا في ذاكرته، فقد أعلمته إدارة السجن بخبر نجاحه في امتحان الباكالوريا (الثانوية العامة) وذلك في شعبة العلوم التجريبية بمعدل 11.14 من عشرين.

ونجاحه لم يكن من فراغ في هذه المناظرة الوطنية الصعبة فقد كان أنيس نصر قبل دخوله سجن قبلي بالجنوب التونسي حيث يقيم، واحدا من بين ألمع التلاميذ في صفه.

لم يكن الحكم بالسجن المؤبد على الشاب التونسي أنيس نصر نهاية الحياة بالنسبة له فرغم انعزاله عن العالم بين أربعة جدران مغلقة استطاع بفضل ارادته القوية أن ينجح في امتحان الباكالوريا كأول سجين.

كان يوم 19 جوان/يونيو 2015 يوما استثنائيا في حياة أنيس نصر سيبقى محفورا في ذاكرته، فقد أعلمته إدارة السجن بخبر نجاحه في امتحان الباكالوريا (الثانوية العامة) وذلك في شعبة العلوم التجريبية بمعدل 11.14 من عشرين.

ونجاحه لم يكن من فراغ في هذه المناظرة الوطنية الصعبة فقد كان أنيس نصر قبل دخوله سجن قبلي بالجنوب التونسي حيث يقيم، واحدا من بين ألمع التلاميذ في صفه.

حول هذا يقول “كنت أحصل دوما على معدلات مشرفة لكن في لحظة غضب وطيش حصل ما قلب حياتي رأسا على عقب لأجد نفسي مجبرا على قضاء بقية سنوات حياتي خلف القضبان الحديدية”.

وقبل أربع سنوات اعتقلت الشرطة أنيس نصر بعدما سدد لكمة في وجه أحد جيرانه فأرداه قتيلا “دون قصد” بسبب شجار بينهما، لتحكم عليه المحكمة فيما بعد بالسجن مدى الحياة وتتحول حياته إلى كابوس.

في بداية مرحلة سجنه وانتزاعه من حريته شعر أنيس بضيق شديد من حوله بسبب انقطاعه التام عن العالم الخارجي لكنه استطاع مع مرور الوقت أن يتجاوز تلك الأزمة وأن يتأقلم مع حياته الجديدة خلف القضبان، مقررا أن يكون السجن منطلقا جديدا لحياته.

يلتقط أنيس أنفاسه مستعجلا في سرد قصته لأن الوقت الذي خصصته إدارة السجن للمكالمة الهاتفية مع “مراسلون” ضيقة، فيقول “بعد انقضاء العام الأول خبرت خلاله عالم السجن قررت أن أعود إلى حياتي العادية وأن أواصل دراستي فطلبت من إدارة السجن تسجيلي لاجتياز امتحان البكالوريا وطلبت من عائلتي وأصدقائي مساعدتي بمدي بكافة الدروس والمراجع حتى أتمكن من متابعة الدروس بشكل عادي”.

وفعلا حصل ما كان يخطط له فقد كانت تأتيه أمه لزيارته داخل السجن وبيديها سلتين واحدة محملة بالأكل والأخرى بالكتب والمراجع في كل المواد الأساسية بشعبة العلوم التجريبية التي اختار التوجه إليها قبل دخوله السجن لحبه لهذه المادة ورغبته في الالتحاق بأحد كليات الطب أو المهن الطبية.

وقد انطلقت تجربة أنيس في اجتياز امتحان الباكالوريا لأول مرة داخل السجن قبل ثلاث سنوات لكن رغم إصراره في النجاح إلا أنه أخفق في مناسبتين سابقتين، لكن ذلك لم يزده إلا إصرار لمواصلة مشواره وتحقيق ما يتمناه بحثا عن مخرج لمحنته.

يقول أنيس “لم يحبط إخفاقي في الامتحان لسنتين عزائمي بل بقيت أؤمن بأن مواصلة العمل على النجاح هو السبيل الوحيد لخلاصي”، مشيرا إلى أن إدارة السجن وعائلته وصديقته وحتى المساجين أنفسهم أوقدوا فيه شحنة كبيرة من العزيمة.

ويضيف متحدثا عن ظروف مراجعته للامتحان وسط اكتظاظ السجن قائلا “لقد كنت أجبر بلطف بعض السجناء على الحديث بصوت خافت حتى أدرس، وأحيانا كنت أطلب الدعم من سجناء لديهم مستوى تعليمي عال”، مؤكدا بأن ظروف مراجعته كانت طيبة بفضل ما لقيه من عون ومساعدة من كل الأطراف.

وحول ما يخطط لفعله داخل السجن بعد نجاحه يقول أنيس إنه سيسعى للالتحاق بأحد كليات الطب أو المهن الصحية، موضحا بأن لديه رغبة في مواصلة التعليم خصوصا وأن صديقته وعدته بالتكفل بنقل الدروس الجامعية له داخل السجن.

لكن أنيس لا زال يحلم بالعودة لحياته الطبيعية خارج السجن لمواصلة تعليمه، مشيرا إلى أنه سيطلب تخفيف حكمه من المحكمة بفضل حسن سلوكه داخل السجن.

وقال إنه تقدم بالطعن في الحكم عليه بالمؤبد أمام محكمة التعقيب (آخر درجات التقاضي)، مشيرا إلى أن طلبه لا زال معطلا وأنه يبحث عن حل حتى يمارس حقه في الطعن.

يختصر أنيس كلامه قبل أن تنقطع المكالمة الهاتفية مع “مراسلون” قائلا: “سأنتظر دليل التوجيه الجامعي لاختيار شعبة تتماشى وإمكانياتي ووضعي الاجتماعي وسأعوّل على عائلتي وصديقتي وإدارة السجن لمساعدتي في مواصلة مشواري”.