حالة من الخوف والرعب تسيطر على المرضى المترددين على وحدة الغسيل البريتوني للكلى المتبع في حالات الفشل الكلوي بمستشفى المعهد الطبي القومي بدمنهور، والبالغ عددهم 18 مريض، بعد توقف الشركة الموردة لمحاليل الغسيل البريتوني عن توريد الكميات المتقق عليها للمستشفى، والتي أكدت بدورها توقف خط الإنتاج، وأنها تسعى لحل الأزمة في أقرب وقت ممكن خاصة أن انتاج الشركة كله متوقف وليس “محاليل البريتوني” فقط.

حالة من الخوف والرعب تسيطر على المرضى المترددين على وحدة الغسيل البريتوني للكلى المتبع في حالات الفشل الكلوي بمستشفى المعهد الطبي القومي بدمنهور، والبالغ عددهم 18 مريض، بعد توقف الشركة الموردة لمحاليل الغسيل البريتوني عن توريد الكميات المتقق عليها للمستشفى، والتي أكدت بدورها توقف خط الإنتاج، وأنها تسعى لحل الأزمة في أقرب وقت ممكن خاصة أن انتاج الشركة كله متوقف وليس “محاليل البريتوني” فقط.

مستشفى المعهد الطبي بدمنهور التابعة لمحافظة البحيرة، هو الوحيد على مستوى الجمهورية الذي يقبل علاج مرضى الكلى غير القادرين والخاضعين لمظلة التأمين الصحي، ما يجعل تكلفة العلاج به مخفضة، والتي تصل إلى 2000 جنيه شهريًا (333 دولار أمريكي)، في حين تصل تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة إلى 25 ألف جنيه(4200 دولار أمريكي) شهريًا.

أزمـــة

مصطفى حسن نعيم، البالغ من العمر 72 سنة، أحد الحالات التي تتردد على قسم العلاج البريتوني، قال إن حالته تتطلب الغسيل البريتوني أربع مرات يوميا، وأن الغسيل الدموي العادي لم يعد يجدي معه نفعًا، نظرًا لكبر سنه، وسوء حالته، مضيفًا أن ايقاف جلسات الغسيل اليومية بالنسبة له سيؤدي الى فقدان حياته.

“نعيم” الذي دأب على الحضور للمستشفى بشكل يومي أكد أن العلاج بالمستشفى كان منتظمًا، ويسير بشكل طبيعي، حتى فوجئ هو وزملائه، قبل أسبوعين بقيام المستشفى بخفض كميات المحلول المنصرفة لهم، فبدلاً من الحصول على أربعة جرعات من “المحلول البريتوني” تكفي لأربعة جلسات يوميًا، تم تقليص الكمية للنصف، ما جعل المستشفى تقوم بتعويض ذلك بجلستي غسيل دموي، لسحب كميات البول المحتبسة داخل الجسم، والتي قد تسبب التسمم والوفاة إذا لم يتم التخلص منها بالغسيل، وذلك بسبب قصور الكلى عن التخلص من كميات البول، بالطريقة الطبيعية، فتحتجزها في الجسم، وقد تختلط بدم المريض وتسبب الوفاة.

مخالفات من الشركة الموردة

الدكتورة ولاء عشيبة، الطبيبة المعالجة للحالات بمستشفى المعهد الطبي القومي، أكدت أن 18 مريض بالفشل الكلوي، من جميع أنحاء الجمهورية يترددون على قسم العلاج البريتوني بالمستشفى لتلقى العلاج، بإعتباره المكان الوحيد على مستوى الجمهورية الذى يقوم بعلاج حالات الغسيل الكلوى البريتونى على نفقة الدولة، ومن يشملهم التأمين الصحي، مضيفة أن المستشفى كانت قد تعاقدت مع شركة “أوتسوكا للأدوية” على توريد كميات المحاليل التي تحتاجها المستشفى والبالغ كميتها 10 آلاف عبوة محلول شهريًا، بينها 5000 عبوة محلول عادي، و5000 عبوة مركزة، غير أن الشركة توقفت عن توريد الكمية المتفق عليها قبل شهرين، وعندما طالبناهم بتوريد الكميات طبقًا لشروط التعاقد، كانت الإجابة من مسؤولي الشركة أنه لا توجد خامات للتصنيع، ولا يستطيعوا الوفاء بالتزاماتهم تجاهنا، الأمر الذي دفع المستشفى لتقليص الكميات المنصرفة لبعض الحالات، حتى يكفي المخزون الذي لدينا لأطول فترة ممكنة.

حل مؤقت

“عشيبة” أكدت أن “أوتوسوكا” كانت هي الشركة الوحيدة في مصر التي تنتج عبوات المحاليل البريتوني في الوقت الحالي، والتي كانت تكلف المستشفى 2000 جنيه لكل مريض شهريًا، وأن المستشفى فكرت في استيراد المحاليل من الخارج، عند توقف الشركة المصرية عن الإنتاج، ولكن تكلفة العلاج وصلت إلى 25 ألف جنيه للمريض الواحد شهريًا، وهو مبلغ لا يستطيع المستشفى تحمله.

وتضيف “عشيبة” إن المستشفى أرسلت فاكس للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية التابعة له، وأخطرته بالأزمة التي يعاني منها المستشفى، وكان الرد واضح بضرورة إتباع الإجراءات القانونية الواردة في شروط التعاقد، والتي تتيح للمستشفى التعاقد على شراء المحاليل من أي مكان على نفقة الشركة الممتنعة عن التوريد (أوتسوكا) إذا مر على توقف التوريد أكثر من ثلاثة أيام.  

الأزمة كانت كبيرة، هكذا قالت “عشيبة” حيث أن “أوتسوكا” هي الوحيدة التي تقوم بإنتاج هذه المحاليل، وهو ما جعلنا نتواصل مع أكثر من شركة كانت قد أوقفت إنتاج هذه المحاليل، وبالفعل تم التوصل لاتفاق مع “شركة النصر للأدوية” لإعادة إنتاج وتوريد الكميات التي تحتاجها المستشفى، وتضيف “عشيبة”إن الطريق القانوني لتوريد محاليل من مورد آخر سيستغرق وقتًا طويلاً خاصة أنه لا توجد غير المحاليل المستوردة وهو أمر صعب تنفيذه نظرًا لتكلفتها المرتفعة.

اختراع يوفر ملايين الجنيهات

الدكتور عماد عبد الفتاح، استشاري الكلى بالمعهد، أكد أن توقف الشركة الموردة عن توريد المحاليل الخاصة بالعلاج البريتوني أوقع المشفى بأزمة، ولكن تم التوصل لحل بشكل مؤقت مع شركة النصر للأدوية، والتي أوقفت انتاجها قبل سنتين، وأن الإنتاج الجديد هو أول إنتاج للشركة بعد فترة التوقف، موضحًا أن المستشفى بالفعل عانت من أزمة خلال الفترة الماضية، وتعرضت حياة المرضى للخطر، ما جعل مخزون المستشفى ينخفض، بشكل ملحوظ.

“عبد الفتاح” أكد أنه تمكن من اختراع جهاز تصل تكلفته إلى جنيهين، يوفر ملايين الجنيهات على الدولة، يسمح للمريض بعلاج حالته بنفسه، ويوفر تكلفة الأجهزة، والأطباء والأسرة ووحدة المياة والصيانة والتحاليل والأدوية، ويمكن استخدامه في أي مكان، في العمل أو أثناء السفر، وتمت تجربته على أكثر من مريض وأثبت فاعليته، ولكنه في النهاية يحتاج هو أيضًا إلى محاليل العلاج البريتوني.

وأوضح “عبد الفتاح” أن مشكلة توقف الشركة عن انتاج محاليل الغسيل البريتوني، لا يتوقف أثرها على 18 مريض فقط، ولكن يمتد أثرها إلى عدة فئات أخرى، فعلاج الأطفال الرضع ومن هم دون سن الثالثة، وكذلك كبار السن، ومرضى الأوعية الدموية، لا يصلح معهم إلا طريقة الغسيل البريتوني، مضيفًا أن علاج مرضى الفشل الكلوى ينقسم إلى ثلاثة طرق هي زرع الكلى أو الغسيل الدموى أو الغسيل البروتونى المستمر، ويعتبر العلاج بالغسيل البريتوني المستمر أفضلها، وتعتمد فكرته على تنقية دم المريض من المواد السمية الضارة، أربع مرات يوميًا.

ظروف قهرية

من جانبه قال الدكتور حازم زقزوق، مسؤول التوزيع بشركة “أوتسوكا للأدوية” إن خط إنتاج الشركة متوقف بالفعل خلال هذه الفترة، بسبب ظروف قاهرة خارجة عن إرادة الشركة، موضحًا وجود شركات أخرى في مناقصة توريد المحاليل، والتي بدأت قبل ثلاثة أعوام، ولم تورد أي عبوة محلول حتى الآن، ورغم ذلك تحملت “أوتسوكا” مسؤولية توريد كامل إحتياجات المستشفى خلال الفترة الماضية، إلا أن ظروفًا قهرية- لم يسمها- تسببت في توقف إنتاج الشركة، وليس محاليل البريتوني فقط.

وأكد زقزوق إن الشركة من منطلق حرصها على أرواح المرضى تقوم حاليًا بجمع جميع كميات محاليل العلاج البريتوني من السوق، لتوريدها للمستشفى، ونجحت بالفعل في جمع 240 عبوة محلول تركيز 1.7 ملليلتر، و170 عبوة تركيز 4.25 ملليلتر.

وأوضح أن أسعار العبوات التي تنتجها الشركة لا تقارن بأسعار العبوات المستوردة، حيث يبلغ سعر العبوة 2 لتر ذات التركيز العادي 9.25 جنيه، والعبوة المركزة 9.50 جنيه، في حين يصل سعر العبوة العادية المستوردة 40 جنيه، والعبوة المركزة 90 جنيه، ويحتاج المريض عادة إلى أربع عبوات يوميا.

ووعد”زقزوق” بإعادة توريد الكميات المتفق عليها خلال الأسابيع المقبلة، عقب عودة تشغيل خط إنتاج الشركة المتوقف.

مخاوف وترقب

رغم محاولات المستشفى لإحتواء الأزمة، ووعود الشركة لإنهاء الأزمة المترتبة على توقف خط إنتاجها، إلا أن حالة من الخوف والترقب سيطرت على “نعيم” خاصة أنه ظل يحصل على كمية أقل مما إعتاد الحصول عليها لمدة إسبوعين، عانى خلالها كثيرًا، وهو ما جعله يقول للطبيبة المعالجة له وهو يغادر وحدة الغسيل البريتوني “خلاص يا دكتورة المحاليل جات والأزمة إنتهت مش هتتكرر تاني”، لترد عليه “إن شاء الله”، غير أن هذا الرد لم يكن كافيًا ليرد هو “ربنا يستر”.