امتهن محمد مخلوف في بداية حياته الصحافة، لكنه ظل يبحث عن لغة أكثر قرباً من الناس ليجد ضالته في الإخراج السينمائي الذي بدأ مشواره فيه عام 1993، وأسس مهرجان الشاشة العربية المستقلة بلندن عام 1999.

بعد ثورة 17 شباط/فبراير عاد إلى بنغازي، و من هناك أدار عجلة الدورة الثالثة لمهرجان الشاشة العربية المستقلة في الفترة ما بين 19 – 23 فبراير الحالي، مراسلون التقاه على هامش المهرجان وأجرى معه الحوار التالي: 

مراسلون: كيف بدأت مسيرتك الفنية؟

امتهن محمد مخلوف في بداية حياته الصحافة، لكنه ظل يبحث عن لغة أكثر قرباً من الناس ليجد ضالته في الإخراج السينمائي الذي بدأ مشواره فيه عام 1993، وأسس مهرجان الشاشة العربية المستقلة بلندن عام 1999.

بعد ثورة 17 شباط/فبراير عاد إلى بنغازي، و من هناك أدار عجلة الدورة الثالثة لمهرجان الشاشة العربية المستقلة في الفترة ما بين 19 – 23 فبراير الحالي، مراسلون التقاه على هامش المهرجان وأجرى معه الحوار التالي: 

مراسلون: كيف بدأت مسيرتك الفنية؟

مخلوف: كنت أصغر صحفي في ليبيا وعمري 16 سنة، ثم أرسلت إلى دورة في دار الصياد في بيروت لمدة عام كتبت خلالها في جريدة الحقيقة التي رأسها حينذاك المرحوم رشاد الهوني، وكان من بين الكتاب فيها الصادق النيهوم وخليفة الفاخري، كانت أشهر جريدة في ليبيا في السبعينيات.

بعد عودتي من لبنان بدأ القلق، بدأنا نشعر بخطر النظام على من لا يوافقونه، فكان من رأي أهلي أن أخرج، فسافرت عام 1975 إلى بريطانيا بدعوى الدراسة، وبدأنا المعارضة، بعد مدة انضممت للتجمع الوطني الديمقراطي، وبعدها في عام 1985 انضممت إلى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا وتركتها في العام 2001 وأصبحت معارضاً مستقلاً.

كيف كانت حياتك في المنفى كفنان يحمل بداخله الوطن؟

كانت رحلة قاسية جداً، لكن الإنسان الذي يحمل المبادئ ليس لديه حل وسط، إما أن يستمر أو يسقط. واخترت أن أستمر لأني كنت أعرف أن الحق مع وطني ومع شعبي، وأن للظالم نهاية، التاريخ درس لا يفهمه الطغاة، وكنت مؤمناً أن القذافي سينتهي، وكثير من الناس سقطوا ولم يستحملوا المنفى.

كيف نقلت إحساسك هذا في أفلامك، كيف طوعت النص لتوصل رؤيتك إلى الناس؟

أنا لست فناناً ولا مخرجاً، لم أدرس الإخراج يوماً، أنا إعلامي، وقررت أن أوظف الإعلام كوسيلة نضالية للدفاع عن شعبي، كان هذا منطلقي الأول، ومن هنا بدأت أصنع أفلاماً عن ليبيا، أخرجت أفلاماً لقناة الجزيرة الإنجليزية، منها فيلم “وطن في المنفى”، الفيلم يحكي عن ليبيين منفيين يعيشون في الخارج، كان هذا الفيلم عام 2007، كان من الممكن أن يتوفوا خارج الوطن وألا يروه مرة أخرى.

أخرجت فيلما عن المعارض منصور الكيخيا (الذي عثر على جثته مؤخراً بعد اختفاءه سنة 1993) بعنوان “اسمي بشر” حدثنا عنه؟

في عام 1993 كنت أحضر مؤتمراً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة، كنت مدعواً بصفتي عضواً للجنة التنظيمية للمنظمة في لندن، وكان من الحضور صديقي المناضل منصور الكيخيا –رحمة الله عليه–، وعندما عدت إلى لندن بقي بعدي هناك ليومين، ثم اختفى.

حزنت كثيراً، لأنه كان من المفترض أن يعود معي إلى لندن ثم نسافر سوية إلى أمريكا، لأؤلف عنه كتاباً وفيلماً، كانت لدي الرغبة أن أصنع فيلماً، فأنا لم أدرس الإخراج كما ذكرت، وعندما اختطف منصور الكيخيا قررت أن أمضي في الفيلم وبدأت أتعلم المونتاج وصناعة الأفلام.

الذين قاموا بإنتاج هذا الفيلم ليبيون بمال ليبي، البعض ممن هو متواجد في بريطانيا، وآخرون أتوا من ليبيا خصيصاً ودفعوا لنا أموالاً كفاعلي خير لنكمل إنتاج الفيلم، أصدقاء من عائلة منصور الكيخيا، هذه كانت بدايتي مع صناعة الأفلام، ثم انتقلت لصناعة أفلام ذات طابع إنساني شامل، و أغلبها كان عن ليبيا.

أسست العديد من المهرجانات كمهرجان دبي السينمائي ومهرجان الشاشة العربية المستقلة الذي أقيمت الدورة الثالثة منه في بنغازي وغيرها، كيف نقلت تجربتك إلى مهرجان بنغازي؟

كان حلمي دائماً أن يقام المهرجان في ليبيا، ولكن بما أني كنت ممنوعا من دخول ليبيا بدأت المهرجان في لندن، كان أول مهرجان عربي سينمائي في لندن، و بدعم ورعاية قناة الجزيرة انتقل إلى الدوحة، وكان أول مهرجان أفلام في الخليج العربي عام 2001، لكن القذافي كان السبب في إخراجي من الدوحة.

كان ذلك في آخر يوم من المهرجان في مارس 2001، حين تسرب إلى الصحافة خبر مفاده أن القذافي خاطب الحكومة القطرية بشأني، وأنه قال حرفياً “كيف تسمحون لهذا الكلب الضال بأن يقيم مهرجاناً”، وكان هناك تقريباً 500 ضيف من الشباب العربي أصدروا بياناً ضده.

ثم بعد انتهاء المهرجان أخرجت بشكل أو بآخر، فقلت لهم أنا أعلم أنكم لن تقطعوا علاقاتكم مع ليبيا بسببي ولذلك سأخرج، وخرجت فعلاً متوجهاً إلى بيروت.

الربيع العربي أبهر العالم وكانت بداية وعي جديدة، كيف أثر في نظرتك للشباب العربي، ورؤيتك الفنية؟

أولا أنا أؤمن دوماً بالشباب، وبأنهم هم من سيقومون بالتغيير، كنت أقول دوما بأن “الشباب يملكون القدرة”، سواء تغيير ثقافي أو سياسي، وليبيا أنموذج كبير، وهذه الثورة زادت أملي، الآن المرحلة الثانية البناء الثقافي، يجب أن نبني الثقافة عن طريق الشباب، أفكار جديدة، عيون جديدة، عقول جديدة، ولهذا السبب انتقلتُ إلى ليبيا للعمل مع الشباب الليبي، لترسيخ ثقافة الصورة، فنحن الآن في عصر الصورة، وهي الآن ملكة الفنون والإعلام.

كمثال عندما عرضت قناة الجزيرة فيلمي “وطن في المنفى” ، شاهد هذا الفيلم ما بين 3 إلى 4 ملايين شخص في أنحاء العالم، كان هدفي أن يرى الغرب ما يحدث في ليبيا، وقد وضعت في هذا الفيلم الكثير من مشاهد شنق وقتل الليبيين، وهذا رجوع إلى ما قلت، “استخدام الإعلام كوسيلة نضالية”، وكنت أرى أن توجه الأسلحة الإعلامية للدفاع عن الشعوب العربية.

السينما الليبية كانت مغيبة، وبعد الثورة لازالت غائبة، فكيف ترى مستقبل صناعتها؟

الثقافة البصرية أكثر شيء يخشاه الطغاة عبر التاريخ، منذ أن أتى “هتلر” بـ”غوبلز” وجعله يسيطر على الإعلام، فما بالك بالطغاة العرب؟ في ليبيا كانت توجد مؤسسة للسينما، أنتجت بعض الأفلام، ثم سيطر عليها القذافي وأتباعه، ولذلك لم تكن هناك سينما في ليبيا.

لكن المدهش في هذا المهرجان شباب ليبي من كل ليبيا بعثوا لي أفلاماً، يحتاج بعضها إلى القليل من التدريب والصقل ويصبح لدينا مخرجون ليبيون شباب، سيستطيعون بإذن الله السنة القادمة المشاركة في هذا المهرجان أو في مهرجانات دولية، بصدق أنا مشدوه.

هذا المهرجان هو بروفة لفكرة قدمتها هي تأسيس مؤسسة إعلامية للتدريب (فيديو – صحافة – راديو)، وهذه مقدمة، خاصة وإن تحصلنا على الدعم من المجلس المحلي بنغازي، سوف نبدأ في هذا المشروع، وستكون هنا في بنغازي.

هل تفكرون باستمرار المهرجان سنوياً في بنغازي؟

طبعاً، كمهرجانات دبي وقرطاج والقاهرة، أن يكون هنا كذلك مهرجان في بنغازي، وكل هذا يعتمد على الدعم، وهنالك فكرة بعد المهرجان أن نختار أفضل عشرة أفلام وندور بها على المدن الليبية لتعرض في كل مدينة.

كيف كانت مشاركة المرأة الليبية في المهرجان؟

عرض في المهرجان فيلمان لشابتين ليبيتين، إحداهما من طرابلس والأخرى من بنغازي، وفيلم آخر لزهرات من الكشافة، فتيات صغيرات أحببت أن أعطيهن فرصة، فيلم قصير حوالي 5 دقائق، وافتتاح المهرجان كان بفيلم لمخرجة جزائرية بريطانية، عنوانه “صوت المرأة في الثورة الليبية”، فالمرأة تواجدت وبقوة في هذا المهرجان.