يمر قطار أبو قير بعرض الإسكندرية قاطعًا ٢١ كيلومتر من محطة أبو قير شرقًا إلى محطة مصر غربًا، يحمل على متنه قطاعًا كبيرًا من الطبقة المتوسطة وما تحتها، قطار ضواحي متهالك درجة ثالثة بلا أبواب ومن دون زجاج لنوافذه، يبلغ ثمن تذكرته ٢ جنيه للراكب، ولكثرة حوادثه، حيث وصل عدد الإصابات في عام ٢٠١١، ١٢٠٠حالة و ١٥٠٠ حالة وفاة، يُطلق عليه أحيانًا ”قطار الموت “
في الحقيقة القطار ليس مجرد وسيلة مواصلات رخيصة تربط وسط الإسكندرية بأقصى ضواحيها الشرقية، بل هو حائط فاصل يقطع المدينة بعرضها إلى نصفين بحري السكة الحديد وقبلي السكة الحديد.
بحري السكة شمالًا حيث البحر والكورنيش وشارع أبو قير والطبقات المتوسطة العليا وما فوقها والشوارع السكنية الهادئة والمناطق التجارية الرائجة، والكافيهات الفاخرة، ومقصد المصطافين في الصيف.
وقبلي السكة جنوبًا حيث الطبقات الوسطى المتدنية وما تحتها، والمناطق المكتظة والعشوائيات، والكرتات بأحصنتها تزاحمها التكاتك عند أسواق الخضار الشعبية، حيث دهاليز أسواق الخضار وشوارع تربى فيها الكلاب وتباع فيها المخدرات، وحيث الحلم يراود الكثير من سكان قبلي بالصعود الطبقي وعبور خط السكة الحديد والانتقال للسكنة بحري السكة.
التوسع العمراني الرأسي
تمتد منطقة قبلي السكة بطول ٢١ كيلو متر على خط السكة الحديد، وبعمق ٤ إلى ٧ كيلومتر في بعض المناطق بحسب خرائط الإسكندرية على جوجل، تحدها من الشرق حتى وسط الإسكندرية، تخوم محافظة البحيرة، شريط أخضر يضفي على الحدود الجنوبية لقبلي طابعًا ريفيًا، وهي المنطقة التي تستهدفها الآن شركات البناء والمقاولات لبناء المولات والكومبوندات السكنية الفاخرة.
تخطيطيًا يعتبر قطاع كبير من قبلي السكة مناطق عشوائية، ولا يعني الأمر بالضرورة مساكن صفيح وعشش، وإن كانت المنطقة لا تعدم ذلك في الواقع، بل هي عشوائية التصميم والتنظيم والتخطيط بحسب المهندسة المعمارية رانيا فؤاد، مدير مكتب المجموعة الاستشارية للعمارة والمنشات تقول رانيا لـ”مراسلون“: ”أنت تقدر تقول على فيلات وعمارات فاخرة إنها عشوائيات“.
”غالبية اللي بيبني هناك في قبلي، بيدور على التكلفة الأقل على حساب الجودة“ تقول رانيا وتضيف ”في ناس بتطلب تقليل تكلفة الأساسات في البناء، وفي ناس بتاخد الرسومات الهندسية وتطبقها مع نفسها دون مراعاة للمعايير الفنية، وفي ناس بتبني من غير رسومات“
منذ التسعينيات، وثمة تحول معماري يحدث في كثير من المناطق بالإسكندرية، سواء بحري أو قبلي السكة الحديد، وهو التوسع الرأسي، حيث تُهدم الفيلات أو العمارات ذات الثلاث أو الأربع أدوار ليقوم مكانها عمارات تصل لـ ١٨ دور أو أكثر. يحدث ذلك في شوارع لا يتجاوز عرضها العشرة متر، مع العلم أن أقصى ارتفاع مسموح به هو ٣٦ متر، أي ١١ دور، في شارع عرضه ٢١ متر، بحسب قرار محافظ الإسكندرية رقم ١١٩ لسنة ٢٠١٦.
في حالة تطبيق المعايير المسموح بها للارتفاع فقد يتطلب ذلك أخذ بعض الأمتار من أراضي أصحاب العقارات، فلو أخذت سبع أمتار مثلًا من كل الجانبين على طول شارع ١٠٠ متر فستكون المساحة ما يقرب ١٤٠٠ إلى ١٦٠٠ متر يصل ثمنها على أقل سعر مليون ونصف جنيها، بحسب تقدير المهندسة رانيا، فمن يعوض أصحاب هذه الأراضي، والمحافظة لا تدفع تعويضات؟
”تخيل مساحة مخططة لاستيعاب أربع أسر، تشيل ١٠٠٠ نسمة“ تقول رانيا وتضيف ”طبعًا البنية التحتية، من صرف صحي، مش حتستحمل، الشارع مش حيستوعب حركة المشاه ولا العربيات المملوكة لأصحاب الشقق، ولا مقالب القمامة حتستوعب القدر ده من المخلفات“
أسواق الخضار
قبلي السكة أيضًا مقصد لأهل بحري السكة لشراء حاجاتهم من السوق، فأغلب أسواق الخضار والدواجن والاسماك بالإسكندرية توجد قبلي السكة حيث يقل سعر السلع بنسبة ٢٥٪، عما هي عليه بحري السكة، بحسب ما ذكره ميمي، بائع خضار من منطقة باكوس، تبعد ٤ كيلومتر شرقًا عن وسط الإسكندرية.
ينشأ السوق من تكتل لباعة يستقرون على جنابات طريق مخصص للمارة والسيارات، وقد فرشوا بسطاتهم عليها بضاعتهم، أمام المحلات، مكونين سوقًا محازيًا، ومع الوقت يصير المكان مقصدًا للناس لشراء حوائجهم من هناك. ”البايعين دول هما اللي بيعملوا حركة رواج للمحلات“ يقول ميمي لــ ”مراسلون “ ويضيف ”لما بتيجي البلدية وتمشي البايعين، حركة البيع بتقل في المحلات“. وقد يؤجر أصحاب هذه المحلات المساحات الموجودة أمام محلاتهم لهؤلاء الباعة.
حركة السوق تخنق حركة السير، جرب أن تمر في أحد هذه الأسواق بسيارتك، فستجد أن الأمر يستغرق ساعات أحيانًا في شارع لا يتعدى طوله خمسمائة متر، يحدث ذلك في سوق المندرة، وسوق شارع المعهد الديني بالعصافرة، سوق شارع القاهرة، وسوق دربالة والساعة وباكوس وغيرها من أسواق قبلي السكة. لذا فإن وسيلة المواصلات المناسبة لهذا الزخم هي التوكتوك، وفي السابق كانت الكرتات التي تجرها الأحصنة، وفي بعض الأماكن المتاخمة للريف سيارات البوكس.
ووسط هذا الزحام الكبير يلعب باعة السوق مع البلدية لعبة القط والفأر، حيث لا تستطيع البلدية فرض رقابة طويلة للحد من خروقات الباعة للمساحات المخصصة للمارة والسيارات، حين تأتي البلدية ومعها قوات الأماكن يحمل الباعة فرشاتهم ويفرون إلى الأزقة، وعندما ترحل يعودون، ومهما طالت رقابة البلدية ففي النهاية يعود باعة السوق. حالات قليلة التي تم فيها تقنين هذه الأوضاع، كسوق المعهد الديني الذي قسم إلى مساحات مخصصة، ”بكيّات “، وصار سوقًا مرخصًا.
يقف الباعة في السوق أمام طاولات عليها نوع واحد من الخضار في الغالب مقسم إلى قسمين أو ثلاثة، خضار فرز أول، ”وش القفص“ بحسب لغة السوق، وفرز ثاني وهو الخضار درجة تانية جيد لكنه ليس الأفضل، وخضار فرز ثالث، وهو الخضار المهروس من عملية النقل، والذي أوشك على العطب، ينادون بأصوات جهيرة على بضاعتهم ولكل فرز سعر. تنوع يجعل من السوق مقصدًا للطبقات الأقل من المتوسطة.
فهناك تباع الطيور، بكافة أنواعها، حية ومذبوحة، صحيحة، ومجزأة: أجنحة، عظام متبقية من فصل صدور الدجاج البانيه، كبد وقوانص، وأسماك بلطي صغير، وجبن قريش، وعسل أسود وطحينة، وفواكه من الدرجة الثانية فأقل. ” في السوق في قبلي الشُرُك [الفرز الثالث] بيخلص قبل السليم“ يقول ميمي ويضيف ”أما بحري السكة فمتلقيش الكلام ده“.
ففي بحري السكة، لا توجد أسواق للخضار، كالتي في قبلي، بل توجد محلات خضار وفاكهة يرص فيها أصحابها أفخر الأنواع، بسعر أعلى، ”البياع في بحري السكة بيجيب الأنواع النضيفة [الجيدة]“ يقول ميمي ويبرر ذلك ”عشان الناس هناك إمكانياتها تسمح بالشراء، الأنواع النضيفة دي لو نزلت قبلي ملهاش زباين كتير“
وكالة الحضرة، تقع في المنطقة القبلية وسط الإسكندرية، وهي المصدر الرئيسي للخضار المباع في أسواق قبلي السكة، ”ما بين ٩٧ و٩٥٪ من خضار اسكندرية بيجي من وكالة الحضرة، والباقي بيجي من المزارعين مباشرة“ يقول ميمي، ويوضح أن الخضار الوارد للوكالة يأتي من محافظات كفر الشيخ والبحيرة، أما الخضراوات ذات العمر القصير كالجرجير الذي يستمر طازجًا لمدة يوم واحد بعد جمعه من الأرض، فتأتي من مناطق قريبة مثل أبيس، الظهير الريفي لمدينة الإسكندرية، أما الفواكة فتأتي من وادي النطرون ومناطق أخرى على الطريق الصحراوي إلى القاهرة.
يدخل باعة السوق إلى وكالة الحضرة ويلتفون حول ”مغازات“ التجار الكبار، حيث يقام المزاد حول البضاعة المعروضة من الخضراوات والفواكه، ويتحكم حجم العرض والطلب في مستوى السعر، يبيع هؤلاء التجار لحساب الغير، من أصحاب المزارع، نظير ٥٪ عمولة، ورسوم ” دَلاَّلة“ قدرها ٢٫٥ جنيهًا على القفص الواحد من المشتري من باعة السوق.
أما في حالة الشراء مباشرة من المزارعين فإن البائع يذهب لشراء المحصول قبل جمعه، وهنا تكون المجازفة حيث يشترى البائع بسعر، وعند الحصاد قد يصبح السعر الذي اشترى به أغلى من سعر السوق في حالة زيادة نسبة المعروض أمام الطلب، وبذلك يخسر البائع.
مراعي الكلاب
ومن الأمور الرائجة في قبلي السكة تربية الكلاب بغرض بيعها فيما بعد. تجارة مربحة حيث يصل سعر الكلب الجرمان عالي الصفات في السوق المصري إلى ١٧ آلالاف جنيه مصري، بحسب يوسف الجندي، أحد مربي الكلاب من منطقة المندرة، شرق الإسكندرية.
من الأمور المألوفة أن ترى في الشوارع كلابًا من الأنواع الجيدة مربوطة عند مداخل البيوت في الشوارع الضيقة، حيث يسكن المربي الذي غالبًا ما تكون له الغلبة في فرض أمر التربية على سكان المنطقة رغم تأذي بعضهم من ذلك، وربما يضع الكلاب على أسطح البنايات. وقد يناوشها الأولاد الصغار وكلاب الشوارع الأخرى فتظل تنبح طيلة اليوم وهي مربوطة، أمامها الطعام والماء، في انتظار أن يأتي الزبون الموعود.
”الكلب الشرس هو اللي عليه الطلب في قبلي،“ يقول يوسف لــ ”مراسلون“، فقلما تجد كلابًا لطيفة مثل جولدن ريتريفر أو البيجل أو الدانماركي في قبلي السكة، ولا حتى الأنواع الشرسة غالية السعر مثل الروتفايلر والبوكسر والدوبيرمان. ”عشان كده تلاقي هناك الطلب أكتر على الكلب الجرمان، وبالذات النوعية البلجيكي، اللي تقليبها [صفاتها] ضعيف، يعني شعر الكلب قصير، ضهره مفرود مش مايل، كده يعني وده تمنه في قبلي حوالي ١٠٠٠ جنيه“ بحسب يوسف فإن هذا الثمن هو السعر السائد في قبلي حيث لا يتعدى متوسط دخل الغالبية من سكان المنطقة ٢٥٠٠ جنيهًا، وحيث تتم التربية بأقل التكاليف.
يتم تشريس الكلاب بعد مرور ست أو سبع أشهر على ميلادها، من خلال سؤال أحد أبناء المنطقة في استفزاز الكلب وهو في يد صاحبه الذي يطالبه بالهجوم إلى أن يبدأ في المهاجمة، وما إن يبدأ الكلب في الهجوم حتى يثني صاحبه عليه ويشعرّه أنه يبلي بلاءًا حسنًا. كثيرًا ما يتكرر مشهد استفزاز الكلاب في شوارع قبلي لكي تصبح شرسة.
”صاحبه يبدأ يقوله ”إمسك “ أو يقوله ”عليه“، فيعرف الكلب إن ده أمر ومعناه اِهجم“ يقول يوسف ويكمل ”وكمان معاشرة الكلب الشرس، الكلب الشرس يعلم الكلب اللي مش شرس الشراسة“.
ومن باب التدريب وزيادة شراسة الكلب، الصفة المطلوبة في قبلي السكة، يأخذ بعض المربين كلبًا أو كلبين من كلابهم القوية الشرسة ويخرج بها في جولات استفزازية ضد كلاب الشوارع البلدي الهزيلة بغرض مهاجمة الذكور منهم وزعزعة سطوتهم في منطقتهم والتحرش بإناثهم. في تلك الطلعات يكون النباح عاليًا مسموعًا على كلا الجانبين لتأكيد الزعامة.
الكلاب الوافدة تُضرب من قِبلِ مربييها لتعلم الطاعة، وذلك لــ ”كسر نفسها“ بحسب وصف يوسف، حتى تتعلم الأوامر الجديدة، وعندها يمكن مكافأتها. تلك الكلاب لا تُعامل بحنان لأنها لن تمكث طويلًا عند المربي، عليها فقط أن تكون مطيعة حتى تنال حسن المعاملة.
الغش في عمر الكلب من أكثر الطرق شيوعًا في تجارة الكلاب، حيث تسنين الكلب من خلال رؤية أسنانه يحتاج إلى خبرة ودراية ليست متوفرة لدى الجميع وهو ما يسهل معه خداع المبتدئين في هذا المجال، ويذكر يوسف من الطرق الغش الأخرى، الغش في نوعية الجِرَاءٌ الصغيرة حيث يولد الجرو من كلب وكلبة من ذوات الصفات الضعيفة، وعند البيع يتم إحضار كلبين من ذوي الصفات العالية باعتبارهما الأب والأم للجرو المباع، ولأن الصغار تتشابه، يسهل خداع المشتري.
مأوي الكيف في قبلي
تمر التكاتك الصغيرة وسط شوارع قبلي مطلقة موسيقى المهرجانات الصاخبة، إحداها يقول: ”قـعـدت أنـا وسـط مجـال أقـل واحـد فـى سـنـدال [أقل مرتبة] وكـل واحـد طـلـع كيـفـه وقـلـنـا هـنـلعـب لعـب تـقـال، اللـي معـاه حـشيـش يـرمـيه والـحـجـر عـلـى عيـنته عبـيـه، لـازم الـغرقـانه [أحد طرق تدخين الحشيش] تـرن والـلعـب عـلـى اللي هيـقـول آميّيــه [كفاية] “ هكذا يتردد في مهرجان الدخلاوية، إحدى فرق المهرجانات السكندرية، في وصف طقس تدخين الحشيش في الأفراح.
تشعبات الشوارع الضيقة قبلي السكة، الواصلة بين الأحياء وبعضها، تجعل من قبلي مكانًا مهيئًا لتجارة المخدرات تغطي متطلبات متعاطي المنطقة وخارجها، خاصة وأن أسعارها في متناول الكثيرين.
”مفيش في قبلي صباع [١٠ جرام من مخدر الحشيش] ولا نص صباع [٥ جرام]، فيه قرش [٤ جرام] ونص قرش وربع قرش “ يقول ياسر [اسم مستعار]، أحد قاطني منطقة الجزيرة الخضراء، قبلي المنطقة الواقعة بين سيدي بشر وفيكتوريا، قرب شرق الإسكندرية، و كانت تسمى في السابق أرض زيزي الحاجة، نسبة لسيدة أجنبية كانت تملك مساحات كبيرة في المنطقة.
ويرجع صغر الأحجام المباعة من الحشيش إلى محدودية القدرة الشرائية لسكان المنطقة، حيث يصل ربع القرش [١ جرام] ٥٠ جنيهًا، والتامنية (نصف جرام) ٢٥ جنيهًا، بينما يصل سعر حبة التامول [مسكن قوي] ١٢ جنيهًا، والنصف جرام من بودرة البيسه [خليط من الكوكايين وأبو صليبة ومواد كيميائية شديدة السمّية] إلى ٣٥ إلى ٥٠ جنيهًا.
يقصد متعاطو المخدرات قبلي السكة لشراء مخدر الحشيش أو البرشام [الحبوب المخدرة] أو بودرة البيسه، حيث يوجد ما يعرف بـ ”الموقف “ وهي ناصية شارع في الغالب، يقف عليها مجموعة من الباعة، يسألون المارة من الشباب ”عايز أبيض [يقصد برشام] “ أو يقول ”عايز بُني [يقصد الحشيش] “ وهكذا، وبحسب ياسر كان هؤلاء يستهدفون الشباب سواء الماشي منهم بمفرده، أو في جماعة، الآن قد يسألون الرجل الماشي في الشارع مع زوجته وأولاده.
ثمة احتقار لمتعاطي البودرة وتجارها في قبلي السكة، وقد يتشاجر تاجر البرشام مع تاجر البودرة، وقد يتكتل كل من تاجر الحشيش مع تاجر البرشام ضد بائع البودرة، ولكي يوضح أفضليته في ”الموقف “ يقول تاجر البرشام، بحسب ما ذكر ياسر ”انا تاجر تامول مش بودرة “.
وفي الوقت الذي ينتشر فيه تعاطي البرشام في قبلي، تجد أن متعاطي البودرة لا يفصح عن هويته هناك حيث أن أضرار البودرة جعلت منها مخدرًا سيئ السمعة، يجعل من صاحبها ”ميكسبش“ [ أي يصبح عاطلًا عن العمل]، بحد تعبير ياسر، كما يصبح مصدرًا خطرًا على من حوله لأن متعاطي البودرة يغوي غيره لأنه يفضل التعاطي في مجموعات.
باعة ”المواقف “، عادة ما يكونون صبيانًا لتجار أكبر داخل الشارع الذي يوجد الموقف على ناصيته أو على مقربة منه. ”لسه من أسبوعين الحكومة [يقصد الشرطة] دخلت على تاجر وظبطوا عنده كرتونة حشيش وعشرين ألف جنيه“ يقول ياسر ويضيف ”والظباط لما بتيجي تكبس [تهاجم] بينزلوا يمشوا على رجليهم أو يركبوا تكاتك. والحكومة شغالة كبسات [حملات شرطة] مرة وساعات تلات مرات في اليوم. بس شوية وتلاقي التجار رجعوا تاني.“
وأحيانًا يكون سائق توكتوك “ديلر“ للمخدرات أو صبي توصيل، يقوم بنقل صناديق المخدرات من الدولاب [المنبع] إلى التجار الفرعين أو الزبائن المهمين. تجاور منطقة الجزيرة الخضراء، منطقة الأوصعي، التي تعد بحسب وصف ياسر ”المأوى“ أو ”الباطنية“ [اسم أشهر مناطق تجارة المخدرات في تاريخ مصر] وتغطي طلب متعاطي المخدرات في مناطق المندرة العصافرة سيدي بشر الساعة باكوس غبريال وغيرها من المناطق حيث يقف الزبائن في طوابير طويلة لشراء حاجاتهم من المخدرات من خلال شبابيك صغيرة لشقق في الدور الأرضي.
توجد أيضًا في الجزيرة الخضراء منطقة الطنطاوي، وفيها تباع الأصناف الجيدة من الحشيش بأسعار أعلى، غير أن زبائن هذه المنطقة غالبيتهم يأتون من خارجها، وكذلك المخدرات المخلقة كالفودو والاستروكس لا تجد لها سوق في قبلي لارتفاع سعرها.