يهجر السواح الألمان جزيرة جربة التونسية التي طالما كانوا يستمتعون بدفئها وجمال ربوعها ليحل مكانهم السواح الروس، والسبب في ذلك يعود ليس فقط إلى التهديدات الأمنية وإنما إلى تكاثر النفايات وتراجع مستوى الخدمات السياحية.
ورغم ما تسوق له وزارة السياحة من نجاح للموسم السياحي للعام الجاري، فإن الأرقام الرسمية لم تخف حقيقة تدهور أوضاع قطاع السياحة خصوصا مع تراجع قدوم السواح الأوروبيين التقليديين رغم تحسن الوضع الأمني بشكل أفضل.
يهجر السواح الألمان جزيرة جربة التونسية التي طالما كانوا يستمتعون بدفئها وجمال ربوعها ليحل مكانهم السواح الروس، والسبب في ذلك يعود ليس فقط إلى التهديدات الأمنية وإنما إلى تكاثر النفايات وتراجع مستوى الخدمات السياحية.
ورغم ما تسوق له وزارة السياحة من نجاح للموسم السياحي للعام الجاري، فإن الأرقام الرسمية لم تخف حقيقة تدهور أوضاع قطاع السياحة خصوصا مع تراجع قدوم السواح الأوروبيين التقليديين رغم تحسن الوضع الأمني بشكل أفضل.
ويأتي السائح الروسي هذه السنة في المرتبة الأولى يليه السائح التونسي ثم الفرنسي فالسائح الألماني. واحتلت السوق الروسية المرتبة الأولى في جزيرة جربة على غير المعتاد، وزارت شخصيات روسية عديدة وفنانون وملكات جمال الجزيرة.
لكن سر قدوم الروس بهذه الكثافة إلى تونس وتحديدا جزيرة جربة لا يتعلق فقط بمخاوف بقية السياح الأوروبيين وخاصة الالمان من التهديدات الأمنية وإنما يرتبط بالأساس بتذمر هؤلاء السياح على وجه التحديد من تردي الخدمات السياحية.
ويلاحظ المتابع لنشاطات وزارة السياحة التونسية ترويجها لما تعتبره موسما ناجحا حيث تعج صفحاتها على مواقع التواصل بصور السياح الروس على شواطئ جربة أو غيرها من الناطق الساحلية. لكن إنفاق السياح الروس يبقى ضئيلا.
وتثبت إحصاءات وزارة السياحة التونسية أن الموسم الأخير عرف تراجعا كبيرا مقارنة بالموسمين السابقين. وتوضح الإحصائيات أن المداخيل السياحية في النصف الأول من العام الجاري تقدر بنحو 113 مليون دينار (55 مليون دولار).
تراجع المداخيل
بينما كانت المداخيل السياحية التونسية تسجل في نفس الفترة من سنتي 2015 و2014 حوالي 226 مليون دينار (113 مليون دولار) و212 مليون دينار (111 مليون دولار) على التوالي، أي ضعف القيمة المالية للعام الجاري تقريبا.
وتقول نفس الإحصاءات إن عدد السياح الوافدين على تونس من السوق الأوروبية التقليدية تراجع خلال موسم 2016، ويمكن تفسير ذلك بارتفاع نسبة إلغاء حجوزات السياح الفرنسيين والالمان نتيجة المخاوف الأمنية من إمكانية وقوع هجمات.
وشهدت تونس خلال العام الماضي هجمات إرهابية مدوية على المتحف العريق باردو ثم على منتجع سياحي في مدينة سوسة الساحلية وعلى حافلة للأمن الرئاسي وفي مناطق حدودية محاذية للجزائر ما أدى إلى موجة من إلغاء الحجوزات.
لكن على الرغم من أهمية استقرار الوضع الأمني في تونس لجذب السياح الأوروبيين الذين لديهم قدوة إنفاق عالية مقارنة بغيرهم فإن السفير الألماني بتونس أندرياس رينيكيه يرى أن معالجة الأزمة السياحية لا تقتصر فقط على الجانب الأمني.
ففي تصريح أدلى به مؤخرا لوسائل إعلام محلية أكد أندرياس رينيكيه أن الوضع الأمني سبب هام في عزوف السياح عن زيارة تونس لكن “هنالك أسباب أخرى لا تقل أهمية عن ذلك” في إشارة إلى تدهور الخدمات السياحية وتكاثر النفايات.
صورة مشوهة
يتابع السفير قوله موضحا أن السائح الألماني يبحث عن خدمات جيدة وهي لا تتوفر فقط داخل النزل بل تشمل أيضا محيط الفنادق والأماكن السياحية على غرار جزيرة جربة الوجهة السياحية المشرقة التي شوهتها بشاعة تكدس الفضلات.
وفي معرض حديثه لوسائل الإعلام استشهد السفير الألماني أندرياس رينيكيه بتصريح بأحد سياح بلده قائلا على لسانه وهو يدق ناقوس الخطر “لقد قال لي سياح ألمانيون لن نعود إلى جزيرة جربة إذا وجدنا الفضلات في الشوارع”.
وتعيش جزيرة جربة بعد خمس أعوام على الثورة في وضع بيئي متردي بسبب انتشار الأوساخ والفضلات حيث تعجز البلدية على إيجاد مصب للنفايات بشروط بيئية قادرة على حماية السكان من مخاطر انبعاث الروائح الكريهة والجراثيم.
وتفاقم تدهور الوضع البيئي في جزيرة جربة مع حلول عام 2012 بعدما تظاهر أهالي الجزيرة لإغلاق مصب الفضلات بمنطقة قلاقة إحدى المناطق الخلابة بالجزيرة وهو ما جعل السلطات تلجأ لإحداث مصبات عشوائية لكنها زادت الوضع سوءا.
وحول الحلول المناسبة لإنقاذ جزيرة جربة من انتكاسة سياحية محتملة صرح مدير عام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات عبد المجيد بن حمودة إن الدولة تخطط لإحداث أول وحدة لتثمين النفايات في الجزيرة بحلول 2018 على الأرجح.
وبالتالي سيتعين على أهالي جزيرة جربة الانتظار لنحو سنتين إضافيتين لاستكمال الدراسات الخاصة بإحداث مركز لتثمين النفايات ومعالجتها من أجل تطهير الجزيرة السياحية التي أصبحت تعاني من وضع بيئي وسياحي متدهور بشكل ملفت.