كيف تقيمين الانتخابات التي أفرزت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب؟
الانتخابات شهدت في البداية تعطيلا لأنه عندما فتح باب الترشحات لم يتقدم أحد للترشح إلى عضوية الهيئة باعتبار أن مسألة التفرغ للعمل الهيئة والمستحقات المالية لأغلبية أعضائها لم تكن واضحة وبقي الأمر على حاله لأكثر من أربع سنوات إلى حدود التوصل إلى إقرار أن العمل في الهيئة سيكون خالص الأجر وسيضمن تفرغ أعضاءه وقتها قدم العديد ترشحاتهم للهيئة.
كيف تقيمين الانتخابات التي أفرزت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب؟
الانتخابات شهدت في البداية تعطيلا لأنه عندما فتح باب الترشحات لم يتقدم أحد للترشح إلى عضوية الهيئة باعتبار أن مسألة التفرغ للعمل الهيئة والمستحقات المالية لأغلبية أعضائها لم تكن واضحة وبقي الأمر على حاله لأكثر من أربع سنوات إلى حدود التوصل إلى إقرار أن العمل في الهيئة سيكون خالص الأجر وسيضمن تفرغ أعضاءه وقتها قدم العديد ترشحاتهم للهيئة.
ولكن وجب القول إن في ذلك الوقت برزت تخوفات من أن عددا من المترشحين تم قبول ترشحاتهم ليس على أساس معايير النزاهة والشفافية والماضي النضالي والدفاع عن ثقافة حقوق الإنسان، وإنما على أساس الولاءات الحزبية أو السياسية أو حتى المالية.
هل يمكن القول إن هيئتكم بعيدة عن التجاذبات السياسية؟
الهيئة أفرزتها انتخابات مجلس نواب الشعب وهذا الأخير متكون من أحزاب وحساسيات سياسية، وأعضاء الهيئة تم اختيارهم وانتخابهم أساسا على قاعدة التوجهات السياسية الموجودة في المجلس، وبالتالي فهي في رحم السياسة.
ولكن بعد تكونها وانتهاء انتخابها خرجت الهيئة عن أي تجاذب حزبي وهذا منصوص عليه في قانونها الداخلي إلى جانب أن ميثاقها الأخلاقي يؤكد أن الولاءات السياسية لن يكون لها مكان في عمل الهيئة، ونحن سنعمل على ألا تؤثر فينا السياسة والتجاذبات الحزبية الموجودة في المشهد السياسي اليوم لننكب على هدفنا الرئيسي ألا وهو الوقاية من التعذيب وتحسين ظروف أماكن الاحتجاز.
هل تعتبرين أن التعذيب مازال متواصلا في تونس؟
بالتأكيد، التعذيب مازال متواصلا في تونس منذ اندلاع الثورة إلى جانب أن حالة السجون كارثية، والتعذيب بمفهومه المنصوص في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب مازالت ممارسته موجودة في السجون حسب الشكاوى التي رفعها المواطنون من ذلك ظروف الاقامة السجنية المزرية وغياب التأطير الطبي السليم فضلا عن الضرب والاعتداء على المساجين، دون أن ننسى التعذيب بالمفهوم التقليدي في مراكز الايقاف والاستنطاق والتي سجلنا حولها شكاوى عديدة رفعها المواطنون.
ما هو دوركم كهيئة للوقاية من التعذيب؟
لقد تكونت الهيئة في إطار تجسيد البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها تونس في 2011، والتابع لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها في 1988، وبذلك فالهيئة تقوم بزيارات دورية وأخرى فجئية دون سابق إعلام وفي أي وقت تختاره لأماكن الاحتجاز التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم كما يتأكدون من توفر الحماية الخصوصية للأشخاص ذوي الاعاقة الموجودين بمراكز الايواء والتأكد من خلوّ أماكن الاحتجاز من ممارسة التعذيب وغيره من المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ومراقبة مدى تلاؤم ظروف الاحتجاز وتنفيذ العقوبة مع المعايير الدولية لحقوق الانسان والقوانين الوطنية .
وستصدر الهيئة البلاغات والاشعارات حول الحالات المحتملة للتعذيب أو المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية في أماكن الاحتجاز والتقصي وستحيلها إلى السلط الادارية أو القضائية. سكما تساهم الهيئة في نشر الوعي الاجتماعي بمخاطر التعذيب والمعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عن طريق الحملات التحسيسية وإقامة الندوات واللقاءات وإصدار النشريات والأدلة وتنظيم الدورات التدريبية والإشراف على برامج التكوين في مجال اختصاصها وتقوم بانجاز ونشر البحوث والدراسات والتقارير ذات العلاقة بالوقاية من التعذيب والممارسات المهينة ومساعدة غيرها من الهيئات على إنجازها ثن ترفع تقريرها السنوي إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ونشره بموقعها الالكتروني وبالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وفي مختلف مهماتنا سنقوم بالتنسيق مع مكونات المجتمع المدني والشخصيات الحقوقية ونعتمد على الاستقصاء والبحث في الشكاوى التي تردنا عبر القضاة والمحامين في الهيئة .
هل تعتبرين أن السلطة القائمة حاليا لها إرادة سياسية في التصدي للتعذيب؟
السلطة التي صعدت إثر الثورة كانت لها إرادة لمناهضة التعذيب فهي التي وقعت على البروتوكول الاختياري للوقاية من التعذيب وهو بروتوكول إضافي للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. وهذا البروتوكول الاختياري الهدف منه التقليص من التعذيب عبر الزيارات الدورية والفجائية لأماكن الاحتجاز، وتونس كانت سباقة عربيا في الإمضاء في هذا البروتوكول وتكوين هيئة الوقاية من التعذيب مستقلة ماليا واداريا.
ومهما يكن من أمر فنحن في هيئة دستورية مستقلة وسنعمل على مقاومة أي محاولات من طرف السلطة القائمة حاليا للتضييق على عمل الهيئة ويمكن أن أشير في هذا الصدد إلى أن بعض الجهات عبرت بشكل غير مباشر وغير ظاهر إلى حد الآن عن قلقها من الاستقلالية المالية والإدارية للهيئة.
والمؤكد أن الفريق الذي أفرزته انتخابات الهيئة من قبل مجلس نواب الشعب والذي تنتمي إليه أغلبية حاكمة هو دليل على أن التصويت كان على أساس الكفاءة وعلى أساس أن أعضائها لهم سيرة ذاتية من قبل الثورة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وبالتالي أعتقد أن الأغلبية الحاكمة الماسكة بزمام مجلس نواب الشعب اليوم إذا لم يكن لها إرادة في مقاومة التعذيب فإنها ستدفع في الانتخابات إلى أن يفوز فريق غير كفؤ وليس له التكوين والإرادة وغير مؤمن في التصدي والوقاية من التعذيب.
يشتكي العديد من نشطاء حقوق الانسان من تنامي ظاهرة افلات المتورطين في التعذيب من العقاب. كيف ستواجه الهيئة هذه الظاهرة؟
حسب قانون الهيئة ستتم المحاسبة، ومن لا يحاسب يجب أن يحال على القضاء والعدالة، فالهيئة لها صلاحية الاستقصاء التام مثله مثل القاضي، وبما أنها مستقلة فلها كل الإمكانيات لتقوم بعملها.
ونعتبر من عذب أو تستر عن التعذيب أو الطبيب المتورط في ذلك ستتم متابعته قضائيا أما بالنسبة للإفلات من العقاب فصحيح أنها ظاهرة موجودة بكثرة وبنسق مريع وفي هذا المستوى يجب على الضحايا أن يقدموا الشكاوى مرة أخرى كما أننا سنضع على ذمة العموم رقما أخضر للإبلاغ عن الافلات من العقاب سواء قبل الثورة وبعدها وفي هذا المستوى سننسّق مع هيئة الحقيقة والكرامة.
هناك جدل كبير يدور حول كيفية التعامل مع مشتبه بهم في قضايا الإرهاب أثناء التحقيق معهم. ماذا سيكون موقف الهيئة من تعذيب هؤلاء المشتبه بهم لاقتلاع اعترافات منهم؟
يجب الإشارة إلى أن هناك عددا من الحقوقيين مع تعذيب الإرهابيين أثناء التحقيق معهم اعتقادا منهم أن ذلك سيسرع من معرفة المعطيات والمعلومات في وقتها وهذا طرح مغلوط، فحقوق الإنسان هي شاملة، إما أن نؤمن بحقوق الإنسان أو لا، فمن يمارس التعذيب يسعى بذلك إلى تجريد الانسان من انسانيته وخاصة التعذيب النفسي الذي لا يمكن نسيانه إلا بالتأهيل.
وحتى على مستوى النجاعة في اقتلاع الاعترافات من الإرهابيين فإن ذلك أمر نسبي وأدى إلى الفشل في أمثلة عدة لتطرح الوسائل التكنولوجية الحديثة إلى جانب التحليل النفسي نفسها مكان التعذيب وهذا مطروح على السلطة التونسية بأن تستجلب وسائل العمل والتجهيزات العلمية والتقنية اللازمة في التحقيق مع الإرهابيين للتحصل على المعلومة في أقرب وقت والتخلي بذلك نهائيا عن التعذيب الذي لم تثبُت جدواه.
أنا اعتبر أن الدولة الذي تمارس التعذيب هي دولة متخلفة ورجعية، فالدولة لا يجب أن تمارس نفس ممارسات التيارات الدينية التكفيرية والإرهابية، وقد أكدت الأرقام أن الدول التي لا تستعمل التعذيب تقل فيها نسب الإجرام والتطرف.
إلى ذلك فالظروف السيئة التي تشهدها السجون التونسية ومراكز الايقاف والاحتجاز الأمني من شأنها خلق شروط التطرّف للسجين من خلال الاعتداءات والضرب وسوء المعاملة والكلام البذيء وسب الجلالة والوالدين والنظرة الدونية للسجين والاكتظاظ والاستفزاز وغياب التأهيل والتكوين والاحاطة النفسية وعدم احترام الذات البشرية، كل ذلك سيساهم في خلق إرهابيين ومتطرفين وأنا أعتقد أن الحكومة عندما تدفع إلى إصلاح السجون فإن ذلك سيساهم في إصلاح البلاد والتصدي للفكر الإرهابي المتطرف.