ماهي الملفات التي ورثتيها عن الوزيرة السابقة عندما تقلدت حقيبة وزارة المرأة، خصوصا أن الوزيرة السابقة كانت متهمة بدعم جمعيات مشبوهة؟
في الحقيقة وجدت انفلاتا في تنظيم العمل. وجدت اتفاقيات مبرمة مع جمعيات غير معروفة وغير واضحة الأهداف والمعالم حتى أني أرسلت بقائمة لرئاسة الحكومة من أجل التثبت في هويتها ولم نتلقّ الإجابة إلى الآن.
ماهي الملفات التي ورثتيها عن الوزيرة السابقة عندما تقلدت حقيبة وزارة المرأة، خصوصا أن الوزيرة السابقة كانت متهمة بدعم جمعيات مشبوهة؟
في الحقيقة وجدت انفلاتا في تنظيم العمل. وجدت اتفاقيات مبرمة مع جمعيات غير معروفة وغير واضحة الأهداف والمعالم حتى أني أرسلت بقائمة لرئاسة الحكومة من أجل التثبت في هويتها ولم نتلقّ الإجابة إلى الآن.
حاليا نحن نقوم بتنظيم العمل مع الجمعيات الأهلية عبر تنظيم إعلانات طلب ترشحات حسب أهداف الوزارة بشكل واضح وشفاف.
أثار حول تصريحك المتعلق بعزمك غلق المدارس القرآنية جدلا كبيرا على الساحة، ما حقيقة موقفك من ذلك؟
تصريحي الأخير كان واضحا حيث أكدت فيه على ضرورة غلق الفضاءات القرآنية العشوائية ولم أقل أبدا غلق فضاءات تدريس القرآن القانونية.
نحن ضد غلق الكتاتيب التي تدرّس القرآن الكريم والتي هي تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية، لكننا نشدد على غلق فضاءات غير قانونية اكتشفنا أنها تدرّس الأطفال أشياء لا علاقة لا بالدين وتحرّض على العنف والقتل والتطرّف الديني.
وبالنسبة لي فالفضاء العشوائي أو الفوضوي هو الذي لا يحترم كراس الشروط ويعمل أصحابه خارج القانون، ونحن في الوزارة بالتعاون مع محافظي الجهات ووزارة الشؤون الدينية والمجتمع المدني تقوم برصد الاخلالات وأصحاب الفضاءات العشوائية وتقوم بالإعلام عنها من أجل غلقها.
هناك من يعيب عليكم أنكم نادرا ما تقومون بأنشطة مشتركة مع منظمات نسائية تونسية حول القضايا النسوية؟
هذا الكلام مجانب للواقع. عندما تقلدت مهامي بالوزارة وجدت أن هناك تمويلات مخصصة للجمعيات واتفاقيات شراكة معها بطريقة غير منظمة، ومباشرة قمت بعدة تغييرات على أساس برنامج ومقاربة تشاركية معينة مع الجمعيات بهدف تنظيم العمل مع الوزارة التي تبقى الراسمة للسياسة العامة للدولة في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمرأة والأسرة.
تظهر إحصاءات بأن جزء من الفتيات التونسيات التحقن بمناطق النزاع تحت ما يسمى الجهاد. ألا تعتقدين بأن هناك تقصير في محاربة الفكر المتطرف وتأطير الفتيات ببرامج تحسيسية؟
لدي قناعة بأن الأسر التي تعيش حياة اجتماعية صعبة جدا وفُقدت لديها المرجعية القيمية والأخلاقية قد تكون معرضة أكثر لخطر الاستقطاب من قبل الإرهابيين.
لذلك أكدت مرارا على ضرورة أن تتبنى الحكومة سياسة اجتماعية لمقاومة الإرهاب. وقد خصصت الحكومة لوزارة المرأة 20 مليون دينار تونسي (10 مليون دولار) لسنة 2016 لتجسيم هذه السياسة في مقاومة الإرهاب وبعث برامج للإحاطة بالمرأة في الأوسط المهمشة.
هذه السياسية تتركز على المرافقة التربوية وعلى دعم المرأة في بعث مشاريع اقتصادية صغرى بالنظر للمعاناة الكبيرة التي تعيشها المرأة في الريف والمناطق الحدودية والجبلية والتي تتطلب إحاطة ودعم ليس من قبل الدولة فقط وإنما أيضا بالاشتراك مع المجتمع المدني ورجال الأعمال.
هذا البرنامج سيضمن هذا العام بعث 100 مشروع اقتصادي صغير في كل محافظات البلاد وبعث 50 مشروع اقتصادي متوسط للمتحصلات على شهائد جامعية عليا.
ماذا عن الأطفال الذين يعيشون بالمناطق الحدودية والذين أصبحوا بدورهم عرضة لمخاطر استقطاب الإرهابيين؟
أطفال الجهات الداخلية يعيشون يوميا عديد الأنواع من المخاطر خلال تنقلهم للدراسة في المناطق الجبلية والوعرة، ومن بين هذه المخاطر هو الإرهاب لذلك فقد توجهنا لهؤلاء الاطفال ونشرنا طلب عروض مع الجمعيات على برنامج المرافقة التربوية والتنمية البشرية أعدّه أخصائيون في علم النفس وعلم الاجتماع ومربّون وهو برنامج يهدف لإكساب الاطفال الثقة في النفس وزرع روح الانتماء للوطن وثقافة الحياة لديهم وتجعل الطفل يفصح عما يختلج صدره واهتماماته ومشاغله.
بدأنا في هذا البرنامج في 11 جهة مهمشة ومناطق حدودية بالجمهورية وقد شهد إقبالا منقطع النظير من الأطفال المتمدرسين وأيضا من غير المتمدرسين كما نجحنا أيضا من خلال هذا البرنامج في إعادة أطفال انقطعوا سابقا عن الدراسة إلى مدارسهم أو ادماجهم في مدارس التكوين المهني وهو الأمر الذي تهتم به الوزارة ومستعدة لتوفير كل الاعتمادات والظروف اللازمة من أجل حماية الأطفال وإدماجهم في الحياة الاقتصادية وبالتالي وقايتهم من الفكر المتطرف والتيارات الإرهابية ومن الشوارع هذا فضلا عن نيتنا لبعث صندوق “طفولتي” للمساهمة في النهوض بالطفولة في تونس.
هناك تفاوت اقتصادي واجتماعي كبير بين المرأة الحضرية والمرأة الريفية. كيف تنوون الحد بين هذه الفوارق؟
منذ توليت الوزارة كانت لدينا سياسة موجهة للمرأة في الأوساط الريفية بهدف الوصول إلى المساواة بين النساء والرجال مثلما أتى به الدستور وافتكاك حقوقهن.
صحيح أن التشريعات التونسية تعتبر مفخرة لبلادنا وللمرأة التونسية لكن مازالت هناك أشواط كبيرة في المساواة في التشريع، وهذا ما بدأت أشتغل عليه ذلك أن المساواة المرجوة ليست بين النساء مع الرجال فقط وإنما المساواة بين النساء في الوسط الريفي والنساء في الوسط الحضري، فأوضاع المرأة في الجهات الداخلية صعبة للغاية، لذلك أنا مقتنعة بالاستثمار في المرأة التونسية بأن تكون مدعمة وايجاد الآليات للدولة لتطبيق القوانين والتشريعات المرتبطة بحقوق المرأة.
هناك من يتحدث عن تنامي ظاهرة “تأنيث” الفقر والبطالة لدى النساء وخاصة بالمناطق المهمشة، ماهي خطتكم للتصدي لهذه الظاهرة؟
هذه حقيقة مرة للأسف، وأريد أن أشير إلى أن هناك تقييمات ودراسات صنّفت تونس في مراتب متأخرة في المساواة بين الرجل والمرأة في التشغيل.
فنسبة البطالة لدى النساء بلغت الضعف بالمقارنة مع الرجال وأكثر من الضعف في بعض الجهات فضلا عن معاناتها من الأمية، ففي محافظة القيروان وصلت نسبة الأمية إلى 40 بالمائة وهذا رقم مفزع بالمقارنة مع نسبة التعلّم في تونس هذا دون أن نذكر الانقطاع المبكر عن الدراسة بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية ليبقى مؤشر الأمية لدى الإناث أكثر من الذكور.
لهذا أولينا في الوزارة الجانب الاقتصادي للمرأة مكانة مهمة، ومثلما أشرت سلفا فقد قررنا بعث 50 مؤسسة متوسطة للنساء الحاملات للشهادات عليا في كل ولاية وأكثر من 100 مشروع صغير في كل جهة للنساء والفتيات المنقطعات عن الدراسة فضلا عن مساهمتنا كوزارة في التمويل الذاتي للمشاريع دون فوائض بين 5 و10 الاف دينار وذلك بالشراكة مع بنك التضامن ومع عدد من الجمعيات.
تتهم أحزاب معارضة الحكومة بأنها لا تمتلك برنامجا اقتصاديا واجتماعيا ورؤية واضحة في تسيير شؤون الدولة وتحقيق مطالب التشغيل والتنمية. ما تعليقك على ذلك؟
هذه الاتهامات لا ركائز لها لأن الحكومة أعلنت فعلا عن برنامجها في الوثيقة التوجيهية للتنمية (2016/2020) والتي لم يقرأها أحد ممن يطلق هذه الاتهامات. والوثيقة التوجيهية عندما طرحت في المجلس الأوروبي أكد أعضاؤه أن مضامين الوثيقة من شأنها أن تقدم بالبلاد في جميع المستويات لكن المشكل الرئيسي في التنمية يبقى في التعطيلات والوضع العام في البلاد المتسم بتصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية ومغادرة عديد المؤسسات البلاد للبحث عن وجهة أخرى للاستثمار الذي جعل مطالب التونسيين في التشغيل والتنمية تتأخر.
ألست تعيدين نفس تبريرات أطلقتها حكومات سابقة ترجع تعطل مشاريع التنمية والتشغيل إلى الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات والإضرابات؟
بالعكس فأنا منذ كنت نائباً في المجلس الوطني التأسيسي نددت مع حزبي “آفاق تونس” بالاعتصامات المعطلة للعمل وللاستثمار وهذا موقفنا بشكل مبدئي وقاطع. المشكل العميق اليوم يتمثل في اختلال التوازنات المالية للدولة بسبب تراجع المداخيل مقابل ارتفاع النفقات ويتمثل أيضا في الانتدابات العشوائية في الوظيفة العمومية والقطاع العام التي حدثت في السنوات الأخيرة كل هذه الإشكالات تعيق تقدم إنجاز برنامج الحكومة.
بما أنك تحدثت عن اختلال التوازنات المالية لماذا لم تفكر الحكومة مثلا بإعادة جدولة ديونها لاستثمار تلك الأموال وحلحلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي مثلما طالبت أحزاب معارضة؟
أنا أستغرب من هكذا اقتراحات وأعتبرها غير واقعية. كيف لنا أن نتجاهل التزامات الدولة التونسية تجاه البلدان الأخرى؟ أليس من واجبنا كدولة أن نقدم صورة جيدة عن مدى التزاماتنا؟ هل من مصلحة تونس أن نخل بتعهداتنا؟ ومن جانب آخر نحن لسنا من يتحكم بإمكانية تعليق الديون من عدمه بل الدول المانحة والمؤسسات البنكية العالمية وبالتالي فالقرار ملك لها وليس ملكا لنا.
هل أنت راضية على أداء الحكومة؟
بالتأكيد أنا راضية على عمل الحكومة لأنها منكبة على العمل بكل تفان ووطنية ولكن مثلما قلت فإن ذلك يبقى غير كاف بسبب المطلبية المشطة وتعطل المؤسسات بسبب الاعتصامات والاحتجاجات ولك أيضا بسبب النقص في الكفاءات وتواصل كسل عديد الموظفين في الإدارات وسط بيروقراطية خانقة وهذه أمور غير طبيعية خاصة في عهد تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
هذه الحكومة لها إنجازاتها لكنها غير ظاهرة للمواطنين لأن الإشكال يبقى دائما متعلقا بغياب استراتيجية اتصال ناجعة للحكومة لإبراز عملها الذي لا يمكن بكل حال من الأحوال الحكم عليه بالمطلق في وقت قصير جدا.
في حزبكم آفاق تونس كنتم تنتقدون أداء حكومة الترويكا السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة واليوم أنتم تتحالفون معها. ما تقييمكم لهذه التجربة؟
في قناعاتي لم يكن هنالك مفر من تشكيل هذا الائتلاف الحكومي وحزبنا أفاق تونس كان داعيا ومساندا للائتلاف الحالي كما أننا لسنا دعاة إقصاء أي طرف سياسي معين وكنا قد بنينا حملتنا الانتخابية وفق برامج اقتصادية واجتماعية بحتة وليس على أساس أيديولوجي ضيق.
الرضا أو عدم الرضا ليس مرتبطا بالضرورة بطبيعة الائتلاف في حد ذاته بقدر ما هو متعلق بتطبيق برامج الأحزاب المكونة للائتلاف الذي يجب أن يكون إطارا لرسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة وليس لقاء لتوزيع المناصب والوزارات في إطار محاصصة حزبية. كما أن دور الائتلاف الحزبي هو إسناد الحكومة سياسيا لبرامجها وتوجهاتها ولكن للأسف هذا لم يحدث ولم يكن الائتلاف في مستوى انتظارات دعم الحكومة.