يستقبلك حي “الأردنية” في منطقة السادس من أكتوبر برائحة شواء السمك المسكوف، وخبز “الصمون”، فيما تتراص محلات المأكولات العراقية بجوار بعضها حتى يبدو الحي الواقع في جنوب القاهرة وكأنه بغداد مصغرة.
لجأ آلاف العراقيين إلى مصر بعد الاحتلال الأمريكي لبلادهم، لكنهم نجحوا خلال سنوات قليلة في تغير الصورة الذهنية المرتبطة باللاجئين. استقر معظمهم في منطقة السادس من أكتوبر الهادئة والبعيدة نسبيا عن القاهرة المزدحمة، وأسسوا مطاعم ومقاهي اجتذبت المصريين بصورة ملفتة.
يستقبلك حي “الأردنية” في منطقة السادس من أكتوبر برائحة شواء السمك المسكوف، وخبز “الصمون”، فيما تتراص محلات المأكولات العراقية بجوار بعضها حتى يبدو الحي الواقع في جنوب القاهرة وكأنه بغداد مصغرة.
لجأ آلاف العراقيين إلى مصر بعد الاحتلال الأمريكي لبلادهم، لكنهم نجحوا خلال سنوات قليلة في تغير الصورة الذهنية المرتبطة باللاجئين. استقر معظمهم في منطقة السادس من أكتوبر الهادئة والبعيدة نسبيا عن القاهرة المزدحمة، وأسسوا مطاعم ومقاهي اجتذبت المصريين بصورة ملفتة.
استمر هذا النجاح العراقي في مصر لعدة سنوات، لكن الأوضاع تغيرت تماما خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحديدا مع نشوب ثورات الربيع العربي. تدهورت الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر، ووصل إلى القاهرة لاجئون جدد ومنافسون لا يقلون مهارة عن العراقيين. لقد وصل السوريون.
يقول أبو سيف، صاحب مخبز عراقي مقيم في مصر منذ 2005: “الأوضاع الاقتصادية كل يوم تزداد سوءاً خاصة بعد توافد السوريين على مصر بأعداد كبيرة وافتتاحهم لمشاريع تجارية. أصبحنا نتقاسم الزبائن معهم، وارتفعت الإيجارات بصورة ملحوظة”.
ويضيف: “كنت استأجر هذا المخبز في 2005 بثلاثة آلاف جنيه لكن اليوم أدفع 10 آلاف جنيه شهريا”.
أما أحمد القيسي، مهندس عراقي مقيم في مصر ويبلغ 30 عاما يقول: “خرجت من العراق في 2005 مع أسرتي وأخوتي هرباً من الدمار والتصفيات الطائفية التي كدنا أن نقتل بسببها مرات عدة”.
أسس القيسي مع والده، الذى كان يعمل طيارا في الجيش العراقي، محلا كبيرا في منطقة المهندسين بالقاهرة للمأكولات العراقية. يقول القيسي: “كان لدينا زبائن من المصريين والعرب لكننا اضطررنا لإغلاقه والانتقال إلى محل صغير جداً في مدينة السادس من أكتوبر”.
يرجع القيسي الخسائر التى طالت مشروعه إلى “وصول الأشقاء السوريين وافتتاحهم مطاعم المأكولات التى يتميزون بها”. ويقول: “أصبحنا نعتمد فقط على الزبائن العراقيين” بعد أن اتجه المصريون والعرب إلى المطاعم السورية.
اقتصرت مشروعات العراقيين في مصر على المطاعم والمقاهي لكنها لم تذهب أبعد من ذلك على عكس السوريين الذين اقتحموا بعض المجالات الصناعية إلى جانب افتتاح العديد من المطاعم.
يرجح عمر الحبّال، رجل الأعمال السوري الذي جمدت أمواله في سوريا، أن “استثمارات السوريين في مصر خلال 2013 كانت في مجالات الصناعات الغذائية والنسيجية ومصانع الكيماويات بالإضافة لمحلات المأكولات”.
في منطقة السادس من أكتوبر أصبح مول “زمزم” قبلة عدد كبير من السوريين وعشاق المأكولات السورية. هنا يسيطر التجار السوريون على حوالي ثلثي محلات المول، ويأتي إليهم الزبائن من مدينة السادس من أكتوبر، ومن خارجها.
يشتكي التجار السوريون والعراقيون من بعض القوانين المحلية التى اعتبروها مكبلة لنشاطهم الاقتصادي. يقول أبو سيف العراقي إن القوانين المصرية تشترط توافر حساب بنكي تتجاوز قيمته الـ70 ألف جنيه قبل بدء أي مشروع تجاري، وهو ما يمثل “عائقا كبيرا أمام الكثير من العراقيين الذي اضطر بعضهم لمشاركة مصريين” على حد تعبير التاجر العراقي.
من جانبه، يرى الحبال رجل الأعمال السوري أن قانون العمل المصري يمثل قيودا على مشروعات السوريين في مصر حيث يشترط ألا تتجاوز نسبة العمالة الأجنبية في أي مشروع 10% من إجمالي العمالة. ويطالب الحبال باستثناء السوريين من هذا الشرط لأن أعدادهم كبيرة، وهم في حاجة ماسة للعمل بسبب أوضاعهم المتردية.
يقول الحبال إن الصراع في سوريا “أجبر 95% من مصانع سوريا على التوقف”. وأضاف أن أصحاب تلك المصانع توجهوا إلى تركيا لأنها تمنحهم الكثير من التسهيلات على عكس ما يواجهونه من تعنت في مصر.
في مول “زمزم” تحدثنا إلى إبراهيم أحمد، الذى كان صاحب سلسلة مطاعم في سوريا لكنه خسر كل شيء وبات مضطرا للعمل كمسؤول ورديّات في أحد المطاعم السورية في مصر.
يقول إبراهيم: “أتيت الى القاهرة منذ 4 سنوات، ولم أستطع أن احضر عائلتي بسبب القيود على دخول السوريين إلى مصر، ليذهبوا الى تركيا”. ويضيف أن “الوضع هنا معقد فالمطعم الذي أعمل فيه يحاول الحصول على ترخيص منذ أكثر من عامين دون جدوى، علماً بأنه يوفر فرص عمل لأكثر من 30 عاملا سوريا وأكثر من 20 عاملا مصريا”.
تختلف أوضاع السودانيين عن السوريين والعراقيين، فهم وصلوا إلى مصر منذ سنوات طوال، ومازلوا يتوافدون مع تزايد حدة الأزمات في السودان. وتنحصر تجارة السودانيين في مصر ببيع المنتجات السودانية وتجارة الشنطة، واستيراد المنتجات السودانية إلى مصر، وتصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق السودانية. وتتركز أغلب تجارة السودانيين في قلب القاهرة، وتحديدا في منطقة العتبة.
يقول عم سلطان، تاجر شنطة في شارع الصوفي بالعتبة، إن المنتجات التي تباع في السودان أغلبها جاء من مصر عن طريق تجار الشنطة، وتشكل البضائع الاتية من مصر أكثر من 80% من المنتجات المباعة في السودان، كمان أننا نعود الى القاهرة ببضائع سودانية كالحنة والاعشاب العلاجية وبعضها من المنتجات التي لها زبائن من السودانيين وبعض المصريين.