“دخلي يفي بالالتزامات الدراسية لأبنائي وغيرها، ولكن هناك كثير من الأسر الليبية تتسول أمام المساجد ليتمكنوا من دفع نفقات حياتهم وتعليم أبنائهم.. وقد رأيت ذلك بأم عيني”، تقول إحدى المهجرات الليبيات في تونس.
الأم – التي فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية – والمسجلة لدى المفوضية العليا للاجئين بتونس، قالت لـ”مراسلون” إن لديها ثلاثة أبناء يدرسون على نفقتها الخاصة، اثنان منهم في المدارس وفتاة ملتحقة بجامعة خاصة، يكلفها تعليمهم مبلغاً كبيراً من المال.
“دخلي يفي بالالتزامات الدراسية لأبنائي وغيرها، ولكن هناك كثير من الأسر الليبية تتسول أمام المساجد ليتمكنوا من دفع نفقات حياتهم وتعليم أبنائهم.. وقد رأيت ذلك بأم عيني”، تقول إحدى المهجرات الليبيات في تونس.
الأم – التي فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية – والمسجلة لدى المفوضية العليا للاجئين بتونس، قالت لـ”مراسلون” إن لديها ثلاثة أبناء يدرسون على نفقتها الخاصة، اثنان منهم في المدارس وفتاة ملتحقة بجامعة خاصة، يكلفها تعليمهم مبلغاً كبيراً من المال.
أكثر من نصف مليون ليبي يعيشون في تونس بين نازح ومقيم، وذلك حسب تصريحات إعلامية للسفير الليبي في تونس جمال جرناز، من بينهم 3500 طالب وطالبة يدرسون في الجامعات الحكومية والخاصة والمدارس بمختلف مراحلها الدراسية في تونس.
فيما تقول تقديرات المفوضية العليا للاجئين أن من هاجروا قسراً من ليبيا إلى تونس هم 461 عائلة مهتمة بتعليم أبنائها في مدارس تونسية، بعدد يناهز 1200 تلميذاً وتلميذة موزعين بين تونس العاصمة وباقي المدن التونسية.
وهؤلاء المهجّرون قسراً والمسجلين لدى المفوضية هم غير مسجلين لدى السفارة الليبية بتونس وفق ما أكده مصدر بالمفوضية لـ “مراسلون”، لأنهم يخشون تسليمهم إلى السلطات الليبية، وهم يطلبون من المفوضية حمايتهم وتأمين حق اللجوء لهم.
أثرياء وفقراء
“غالبية الليبيين المقيمين في تونس من متواضعي الإمكانات، بينما كثير من الأثرياء فضلوا الإقامة في دول أخرى مثل المغرب وبعض دول الخليج وأوروبا وأميركا اللاتينية، ورفضوا البقاء في تونس خوفا من تسليمهم إلى السلطات الليبية” يقول بشير النايلي المسجل بدرجة الماجستير في إحدى الجامعات التونسية في حديثه لـ “مراسلون”.
مستويات معيشة الليبيين في تونس تتفاوت حسب الإمكانات المادية لكل عائلة، بحسب النايلي، ففي حين يقيم الأثرياء – وهم قلة – بالمناطق الراقية في العاصمة مثل حي النصر والمنار والبحيرة وقرطاج وسيدي بوسعيد والحمامات، لجأ العدد الأكبر من الليبيين المهجرين إلى الأحياء الشعبية والمدن الداخلية والقرى والأرياف المنتشرة في مدن الشمال الشرقي ومدينة صفاقس خاصة، ومدن وقرى نابل وقرمبالية وسوسة وغيرها لانخفاض إيجارات السكن وأسعار الخدمات المعيشية.
وبناءً على هذا الاختلاف في المستوى المعيشي تختلف قدرة العائلات على إلحاق أبنائها بمدارس خاصة، قد تتوفر فيها خيارات الدراسة بلغات أخرى غير الفرنسية كالعربية أو الإنجليزية مع ارتفاع تكاليف الدراسة فيها، وينطبق ذات الوضع على طلبة الجامعات والدراسات العليا، وفقاً للنايلي.
اللغة الفرنسية
مشكلة المناهج واللغة أيضاً قد تضطر سماح الطالبة الجامعية إلى التوقف عن الدراسة بسبب اختلاف المناهج بين الجامعات الليبية والتونسية، واعتماد اللغة الفرنسية لغةَ تدريس أساسية في تونس، بينما اعتمد التعليم في ليبيا طوال أربعة عقود على اللغة العربية.
سماح واحدة من آلاف الطلبة الليبيين الذين يعيشون معاناة حقيقية مع الدراسة في المدارس والجامعات التونسية، وذلك بعد أن وجدت نفسها مضطرة لترك وطنها والهجرة إلى تونس بعد ثورة 17 فبراير لأسباب تتعلق بأسرتها ولا يد لها فيها.
إجراءات الإقامة
وفي حين تقدم الجامعات الخاصة تسهيلات كبيرة في إجراءات التسجيل والالتحاق بالدراسة تبقى الجامعات الحكومية “معقدة نوعاً ما” تقول سماح.
حيث تطلب إيفاداً من جامعة ليبية، إضافة إلى بعض الإجراءات التي لها علاقة بتحويل الملف إلى وزارة التعليم العالي بتونس، وضرورة الحصول على موافقة من أستاذ مشرف من تونس، بحسب سماح.
حق الإقامة لليبيين في تونس هو لمدة 90 يوماً، بعد انقضائها يكون عليهم إما تسوية أوضاعهم واستخراج بطاقة إقامة، أو الخروج والعودة مجدداً لمدة 90 يوماً أخرى، أما الطلبة فوضعياتهم مختلفة، فبمجرد تسجيلهم في إحدى المؤسسات الجامعية يتمتعون بحق الإقامة طيلة فترة التسجيل، يتم تجديدها عند كل تسجيل جديد.
مدارس مجانية
القصص المأساوية عن عائلات ليبية في تونس مستعدة لفعل أي شيء في سبيل إلحاق أبنائهم بالمدارس باتت تسمع بشكل كبير مؤخراً، وهو ما دفع “مراسلون” للتوجه إلى السفارة الليبية في تونس والاطلاع على ما لديهم من حلول لهذه المعاناة.
“قامت السفارة الليبية في تونس منذ خمسة أشهر بافتتاح خمس مدارس تضم المراحل التعليمية المختلفة” بحسب هشام أبو شعالة الملحق الثقافي بالسفارة الليبية بتونس.
يقول أبوشعالة في حديثه لـ “مراسلون” إن هذه المدارس “مجانية” وتم تدشينها في المناطق التي “بها أعداد أكبر من الطلبة، حيث افتتحت مدرستان في العاصمة وواحدة في ولاية صفاقس وواحدة في المهدية والأخيرة في منطقة الحمامات شمال شرق العاصمة”.
إقبال جيد
هذه المدارس بحسب الملحق الثقافي تضم حوالي 700 طالب، 650 منهم في المرحلة الابتدائية والإعدادية، والبقية في الثانوية، فيما “إقبال الجالية الليبية على هذه المدارس يتزايد بشكل جيد” يقول أبو شعالة.
إلا أن التوزيع الجغرافي لهذه المدارس قد يتم إعادة النظر فيه على ضوء حجم الإقبال عليها، “فربما يتم إقفال التي لم تشهد إقبالاً مثل مدرسة المهدية أو الحمامات، ونفتتح مدرسة أخرى تكون في ولاية أو مدينة يكثر بها تواجد الليبيين” يقول أبو شعالة، مشيراً إلى أن تكلفة إنشاء المدارس في تونس باهظة الثمن.
ليست الدراسة فقط التي تمثل المعاناة لهؤلاء الطلبة، فهناك صعوبات أخرى تمثل هواجس كبيرة لهم ولعائلاتهم، فقوانين الإقامة في تونس وقيود قبول الطلبة في المدارس العامة وتكاليف ومصروفات الدراسة، كلها أمور تحاصر النازحين في زاوية ضيقة وترهق تفكيرهم.
وقد تكون هناك حلول كثيرة تنتشل العائلات الليبية في تونس من وحل المعاناة والصعوبات التي تواجه أبناءهم الطلبة، إلا أن جميع هذه الحلول تبدأ من ليبيا حيث الوضع السياسي والأمني غير مستقر، ولا ينبئ بقرب التفكير في حل هذا النوع من المشاكل.
شارك في إعداد التقرير: هدى الطرابلسي من تونس