يطلقون عليها قلعة الأثاث المصرية، أهلها يحترفون هذه المهنة ويتوارثونها أبا عن جد. في كافة مراحل تصنيع الأثاث ستجد من السكان من يعمل “نجار” أو “أستورجي” أو “قشرجي” أو “أويمجي”. إنها محافظة دمياط المصرية (191 كم شمال عن القاهرة) التي تعد أكبر قلاع صناعة الأثاث في المنطقة، حيث اعتادت تصدير الأثاث حتى إلى أسواق إيطاليا وألمانيا ورومانيا وفرنسا، فضلا عن دول عربية وإفريقية.
يطلقون عليها قلعة الأثاث المصرية، أهلها يحترفون هذه المهنة ويتوارثونها أبا عن جد. في كافة مراحل تصنيع الأثاث ستجد من السكان من يعمل “نجار” أو “أستورجي” أو “قشرجي” أو “أويمجي”. إنها محافظة دمياط المصرية (191 كم شمال عن القاهرة) التي تعد أكبر قلاع صناعة الأثاث في المنطقة، حيث اعتادت تصدير الأثاث حتى إلى أسواق إيطاليا وألمانيا ورومانيا وفرنسا، فضلا عن دول عربية وإفريقية.
بيد أن المدينة التي يعمل بها أكثر من نصف مليون عامل وحرفي في صناعة الأثاث، فيما يزيد عن 50 ألف ورشة، تعيش اليوم حالة من الركود التام في حركة التجارة أدت إلى غلق الاف ورش الأثاث وتسريح العاملين فيها.
أسباب للانهيار
أزمة صناعة الأثاث بدمياط لم تبدأ اليوم، إنما منذ نحو خمس سنوات، على حد قول حمود البربير منسق اللجنة الشعبية للدفاع عن صناع الأثاث بدمياط، ”وذلك بسبب سياسات إقتصادية إتبعتها الحكومات والسابقة والحالية، أهملت صناعة الأثاث ودعمها كمنتج مصري تعتمد عليه محافظة كاملة”.
لكن أوضاع العاملين في هذه المهنة تردّت بشكل خاص منذ كانون الثاني/يناير 2011، بعد تدني سعر الجنيه المصري وارتفاع أسعار المواد الخام، حيث زاد سعر متر الخشب 750 جنيه مرة واحدة (أكثر من مئة دولار أمريكي)، “بالإضافة لجشع العديد من التجار الذين قاموا برفع أسعار الدهانات والمواد الخام الأخرى بصورة مبالغة مستغلين الأزمة الحالية”، يقول، “فأغلقت مئات الورش أبوابها”.
ويوضح البربير أن أصحاب المعارض وكبار التجار يمتنعون عن سحب كميات من المصنوع وعن منح الورش مستحقاتها كاملة بسبب ركود السوق، مما يجعل صاحب الورشة عاجزا عن الوفاء بمتطلبات العاملين.
من جهتهم، قام صغار الصناع في الفترة الماضية بسلسلة تحركات احتجاجاً على تدهور أوضاعهم الاقتصادية، ونظموا العديد من المظاهرات وسط تهديدات خلال الايام الماضية بتصعيد احتجاجاتهم لدرجة إعلان العصيان المدني ورفع الأعلام السوداء علي الورش فيما أسموه “أسبوع الحداد”، في إشارة إلى ما يعتبرونه موت مهنتهم.
ويقول محمد الحطاب سكرتير عام نقابة صناع الأثاث بالمحافظة وأحد أعضاء الوفد الذى شكله اللواء محمد علي فليفل محافظ دمياط الأسبق لمقابلة مستشار رئيس الجمهورية قبل أسابيع قليلة، أن مشاكل عمال وصناع الأثاث بالمحافظة يمكن الدلالة عليها من إرتفاع كل الخامات الموجودة في السوق خلال الشهرين الماضيين بما يزيد عن 20%.
ويطالب العمال بسياسات تدخلية للدولة لضبط الأسعار بزيادة الدعم على الصادرات، وفتح أسواق جديدة خارج مصر بمساعدة الملاحق التجارية فى السفارات المصرية فى الخارج.
كما يطالبون بتعديل قانون التأمين حتى يسمح للعامل أن يقوم بنفسه بالتأمين على نفسه، بعيدا عن أصحاب العمل، خاصة أن نظام العمل فى دمياط يقع في خانة “العمالة غير المنتظمة”.
إغلاق وتسريح
وكشف محمد مسلم رئيس النقابة المستقلة لصناع الأثاث أن الكثير من المصانع والورش قامت بالإستغناء عن أكثر من نصف عدد عمالها، مؤكدا أن النقابة قد رصدت إغلاق 2000 ورشة خلال الشهر الأخير فقط نتيجه تدني الحالة الاقتصادية، لافتا إلى أن تراجع صناعة الأثاث بدمياط بنسبة تزيد على 60%، محذرًا من إغلاق باقي الورش بالمحافظة “وحدوث أزمة خطيرة يصعب حلها”.
من جانبه، اعترف اللواء محمد الزيني رئيس الغرفة التجارية بدمياط بوجود أزمة فى صناعة الأثاث، ويرى أن سببها هو الأحداث الأخيرة التى تشهدها البلاد، والتي أثرت بشكل كبير على عملية التسويق، سواء في الأسواق الداخلية أو الخارجية، حيث تراجعت معدلات التسويق بنسبة 50% وبنفس النسبة تقريبا تراجع حجم التصدير.
ويعزو الزيني الأزمة الحالية للأزمات التي شهدتها بعض الدول العربية، مثب سوريا وليبيا، وهي دول كانت تستقطب كميات كبيرة من الإنتاج الدمياطي، بالإضافة إلى الأزمات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية من عدم استقرار سياسي وأمني، علاوة على الارتفاع المتصاعد في أسعار الدولار، وأسعار السولار التي تستخدمه سفن النقل وسيارات نقل الخشب وباقي الخامات المستخدمة في صناعة الأثاث.
وبالرغم من ذلك يقول الزيني إن الغرفة التجارية بدمياط “تبذل مجهودات كبيرة لوضع المحافظة وصناعتها علي خارطة السوق الداخلية بقوة والحفاظ علي مركزها الاقتصادي في صناعة الأثاث”، مؤكدا أن الغرفة وقعت عقدا لبناء معرض دائم في القاهرة الجديدة، “والأثاث الدمياطي سيتم عرضه بشكل أساسي في المعرض، ليكون في مكان أقرب إلى المستهلك”.
محاولات للخروج
وفى إطار الخروج من الأزمة، أكد رأفت سرحان، رئيس المنطقة الحرة بدمياط التابعة لهيئة الإستثمار في ميناء دمياط، أنه أعد مقترحا “متكاملا” إلى مجلس الوزراء بإقامة منطقة حرة متخصصة في صناعة الأثاث التقليدي والأنشطة اللوجيستية والمكملة بمحافظة دمياط.
وهو ما يعني أن الخامات المستوردة ستكون وفق المقترح معفاة من الجمارك والضرائب، “وهذا سيوفر كثيرا على الصنّاع، بالإضافة إلى أن هذه المنطقة المقترحة سيكون كل إنتاجها مخصص للتصدير، والأهم من ذلك أنها ستخصص لصغار العمال والحرفيين، وليس لكبار التجار، وهذا شرط أساسى لإقامتها”.
فيما شدد ناصر طه، رئيس نقابة العاملين بقطاع الأثاث، على ضرورة حل مشكلة زيادة الاسعار التي تؤثر بشكل كبير على صغار الصناع الذين لا يملكون رأس مال كبير، مطالباً الغرفة التجارية والمسؤولين بايجاد فرص تسويقية لهم لترويج منتجاتهم، وكذلك توفير الخامات بأسعار مخفضة حتي يتمكن الصانع من الاستمرار بالانتاج.
وأضاف طه أن الصناع يعانون من تشدد التجار في بيع المواد الخام بالأجل بسبب تخوف الأخيرين من ارتفاع الأسعار خلال مدة الدفع، كما يعاني معظم الصناع من مشاكل كبيرة تخص تسويق منتجاتهم.