في الذكرى الأولى لتولي أول رئيس مصري مدني منتخب بعد ثورة شعبية أطاحت بسلفه الذي حكم لمدة ثلاث عقود متتالية، اندلعت تظاهرات مليونية طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كاحتجاج على فشل الرئيس في تطبيق وعوده الانتخابية. وكانت التظاهرات قد دعت إليها قبل ذلك التاريخ بشهرين مبادرة شابة حملت اسم “حركة تمرد” التي دعت لجمع 15 مليون توقيع على عريضة تمثل المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة أبرز بنودها، وهي المبادرة التي سرعان ما تبنتها كافة الأطراف المعارضة للرئيس، وحزبه الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة “الإخوان المسلمين”.
في الذكرى الأولى لتولي أول رئيس مصري مدني منتخب بعد ثورة شعبية أطاحت بسلفه الذي حكم لمدة ثلاث عقود متتالية، اندلعت تظاهرات مليونية طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كاحتجاج على فشل الرئيس في تطبيق وعوده الانتخابية. وكانت التظاهرات قد دعت إليها قبل ذلك التاريخ بشهرين مبادرة شابة حملت اسم “حركة تمرد” التي دعت لجمع 15 مليون توقيع على عريضة تمثل المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة أبرز بنودها، وهي المبادرة التي سرعان ما تبنتها كافة الأطراف المعارضة للرئيس، وحزبه الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة “الإخوان المسلمين”. وأسفرت التظاهرات عن تدخل الجيش، بالتحالف مع بقية تكتلات المعارضة وأبرزها “جبهة الإنقاذ”. ليعلن وزير الدفاع الذي عينه مرسي – رابع أيام الاجتجاجات – في بيان “خارطة طريق” لمرحلة انتقالية جديدة ألقاه في حضور رئيس جبهة الإنقاذ، وممثلين عن حركة تمرد، وحزب النور السلفي، ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، وممثلين عن المؤسسات الدينية الرسمية الإسلامية والمسيحية، وعددٍ من قيادات الجيش.
خارطة الطريق:
هي خارطة المرحلة الانتقالية، التي أعلنها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، يوم 3 يوليو 2013 في البيان الذي لم يعلن في محتواه عن عزل الرئيس السابق “محمد مرسي” صراحة، ولكنه تضمن النص على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا “عدلي منصور” مهام الرئيس المؤقت للجمهورية، ومنحه سلطة إصدار إعلانات دستورية. وذلك بالإضافة إلى تعطيل دستور 2012 بصورة مؤقتة لحين تعديله بواسطة “لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات” على حد تعبير البيان. وتشكيل حكومة كفاءات وطنية لإدارة المرحلة الانتقالية، واتخاذ إجراءات تنفيذية لتعيين عدد من الشباب كمساعدين للوزراء والمحافظين. وإصدار ميثاق شرف إعلامي – دون تحديد الجهة المسئولة عن ذلك -. وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، دون النص على أعضائها.
وفقاً لخارطة الطريق والإعلان الدستوري يتولى رئيس الحكومة الانتقالية، الإدارة اليومية للبلاد. فيما يمارس الرئيس المؤقت مهاماً أغلبها شرفية وإجرائية، يعدما فوض رئيس الحكومة في غالبية صلاحيته. وفعلياً تتولى وزارة الدفاع، تعاونها وزارة الداخلية الملف الأمني بالكامل، ووفقاً لعديد من المحللين يتولى الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع – الذي توجد دعوات ومبادرات مختلفة تطالب بترشيحه لرئاسة الجمهورية- القرارات الاستراتيجية فيما يخص المرحلة الانتقالية بصورة عامة، ويملك حق “الفيتو” تجاه أية قرارات.
الإعلان الدستوري:
وفقاً لخارطة الطريق، أصدر الرئيس المؤقت إعلاناً دستورياً في الثامن من يوليو حدد الخطوات التنفيذية لخارطة الطريق، كان أبرز ما ورد به تحديد آليات تعديل الدستور المعطل وملامح اللجان المسئولة عن تعديله، والإطار الزمني لخطوات المرحلة الانتقالية، واستحقاقتها التصويتية على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتقييد قدرة السلطة التنفيذية على فرض حالة الطوارىء لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر؛ دون استفتاء شعبي لمدها مدة مماثلة كحد أقصى.
لجنة العشرة:
وتضمن الإعلان تشكيل لجنة من عشرة خبراء قانونيين لاقتراح تعديلات على الدستور المعطل، وتُشكل من أربعة أساتذة قانون دستوري بالجامعات المصرية، يختارهم المجلس الأعلى للجامعات. وستة قضاة، يقوم باختيارهم أعضاء المجالس العليا للهيئات والجهات القضائية. على أن يكون اثنان منهم من أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وآخران أعضاء بالقضاء العادي، واثنان من قضاة مجلس الدولة. ومهمتها اقتراح تعديلات على دستور 2012،
وتتقدم اللجنة – المعروفة إعلامياً بلجنة العشرة – بتعديلاتها المقترحة إلى لجنة للتعديلات الدستورية مكونة من 50 عضوا ً.
لجنة الخمسين:
هي لجنة غير منتخبة، نص الإعلان الدستوري على أن تضم “ممثلون لكافة فئات المجتمع وطوائفه وتنوعاته السكانية”. وضم تشكيل اللجنة ستة أعضاء ممثلين عن الهيئات الدينية، ثلاث منهم ممثلون عن الأزهر، وثلاث ممثلين عن الطوائف المسيحية الرئيسية الإرثوذكسية، والكاثوليكية، والإنجيلية. فيما الممثلون صراحة عن تيارات وكيانات سياسية، تسعة أعضاء، خمس منهم ممثلون لأحزاب سياسية وفقاً لنص القرار الجمهوري بتشكيل اللجنة، عضوان ممثلين للتيار الليبرالي من أحزاب الوفد، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وعضو من حزب النور السلفي ممثلاً عن التيار الإسلامي، وعضو من حزب التجمع ممثلاً عن اليسار، وعضو من حزب الكرامة ممثلاً عن التيار القومي. وأربعة ممثلين عن الشباب، منتمين لمبادرات سياسية، إثنان منهم أعضاء بحركة تمرد -التي دعت لسحب الثقة من “مرسي”-، والآخران أعضاء في ائتلاف شباب الثورة – جبهة 30 يونيو.
فيما توزع بقية أعضاء اللجنة الخمس والثلاثين على ممثلين عن نقابات عمالية (عضوان) ونقابات مهنية (أربع أعضاء)، واتحاد النقابات الفنية، والمجلس الأعلى للجامعات، والقوات المسلحة، وجهاز الشرطة، والمجالس القومية للمرأة وحقوق الإنسان. واتحادات الغرف التجارية، والصناعية، والتجارية، والجمعيات الأهلية، وطلاب مصر، واتحاد الكتاب. وممثل عن ذوي الاحتياجات الخاصة. بالإضافة لممثل عن كل من المجلس الأعلى للثقافة، وقطاع الفنون التشكيلية.
الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية:
وفقاً للإعلان الدستوري، انتهت لجنة العشرة من أعمالها خلال ثلاثين يوماً – أيام عمل – من تاريخ تشكيلها، وسلمت مقترحاتها إلى لجنة الخمسين المسئولة عن عملية الإعداد النهائي لمشروع التعديلات على الدستور المعطل، المقرر أن تنتهي من عملها خلال 60 يوم عمل على الأكثر من بداية عملها، تنتهي في الأسبوع الأول من ديسمبر 2013، وتسلم مقترحاتها إلى الرئيس المؤقت، الذي ينص الإعلان الدستوري على أن يدعو لاستفتاء شعبي على هذه التعديلات خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً من تاريخ تسليمها إليه، ويدعو الرئيس المؤقت إلى انتخابات برلمانية في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء على تعديلات الدستور، والتي يتوقع، وفقاً للجدول الزمني الوارد في الإعلان، أن تكون في خلال الأسبوع الأخير من يناير 2014، على أن تجرى هذه الانتخابات في مدى زمني لا يقل عن شهر ولا يتجاوز شهرين، والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية خلال مدة لا تتجاوز الأسبوع من تاريخ أول انعقاد للبرلمان. ووفقاً لهذا البرنامج الزمني يُفترض أن تجرى الانتخابات الرئاسية في ربيع 2014.
اللاعبون السياسيون على الساحة:
أسس الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق محمد مرسي، في نوفمبر 2012، لمرحلة جديدة من توزيع التحالفات في المشهد السياسي المصري. مؤدياً لاستقطاب بين قطبين رئيسيين أحدهما مؤيد لموقف جماعة الإخوان المسلمين، والثاني معارض مثلته جبهة الإنقاذ الوطني، واستمر الاستقطاب بعد عزله.
الجماعة وأذرعها – الحزب والجمعية وتحالف دعم الشرعية:
بخلاف تشكيل مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، لا توجد أية معلومات دقيقة عن أرقام عضوية الجماعة، التي لا يمكن لأي شخص الإنخراط بها، بل يتوجب أن يقوم أحد الأعضاء القدامي بترشيح الأعضاء الجدد. كما لا توجد أية أرقام معلومة عن الموارد المالية للجماعة، التي تملك مشروعات اقتصادية عديدة، يتولى إدارتها بصورة أساسية نائب المرشد خيرت الشاطر، وعائلة حداد. ولا يوجد أي إحصاء رسمي أو غير رسمي بقائمة الممتلكات والمشروعات التي تمثل أموال الجماعة. لذا فإن قرار حظر الجماعة والذي صدر للمرة الأولى عام 1954 وظل سارياً بعدها لقرابة ستة عقود، يبدو قليل التأثير على أرض الواقع.
وعقب ثورة 25 يناير 2011 أسست الجماعة حزب ” الحرية والعدالة” كذراع سياسي يمثلها في الإنتخابات، وكان مرسي أول رئيس له، ولم يتم اتخاذ أية إجراءات قانونية تجاه الحزب بعد عزل مرسي، مثلما حدث مع “الحزب الوطني” في أعقاب ثورة يناير، والذي قضت محكمة مصرية بحله، ومصادرة جميع ممتلكاته. كما حصلت الجماعة على ترخيص لجمعية أهلية حملت اسم “جمعية الإخوان المسلمين” خلال حكم مرسي، وهي الجمعية التي صدر حكم بحلها بدعوى تجاوزها للأنشطة التي يحددها قانون الجمعيات المصري، وفقاً لنص الحكم بمصادرة جميع ممتلكاتها.
ويواجه أعضاء عدة في الحزب، والجماعة اتهامات جنائية، أبرزهم الرئيس السابق نفسه، والذي أحيل إلى المحاكمة بتهمة التحريض على قتل وتعذيب متظاهرين معارضين، في احتجاجات حاصرت قصر الرئاسة مطلع ديسمبر 2012 للاحتجاج على إعلان دستوري حصن به مرسي قراراته من الطعن. وهو القرار الذي تشكلت جبهة الإنقاذ في أعقابه لتوحيد الأطراف المختلفة للمعارضة.
حلفاء الجماعة – تحالف دعم الشرعية:
تتصدر الجماعة “التحالف الوطني لدعم الشرعية” الذي تأسس قبل أيام قليلة من عزل مرسي، ويضم بالإضافة للجماعة وحزبها، عدداً من الأحزاب الإسلامية الصغيرة التي تمثل أذرعاً سياسية لعدد من الجماعات الإسلامية التي خاضت صراع مسلح ضد نظام مبارك استمر منذ إغتيال إحداها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات في 1981، وحتى الثلث الأخير من تسعينيات القرن العشرين. بالإضافة لحزب الوسط الإسلامي الذي أسسه عدد من الأعضاء السابقين في الجماعة.
جبهة الإنقاذ:
تشكلت في 22 نوفمبر 2012، كرد فعل على إصدار الرئيس السابق قراراً بتحصين قراراته من الطعن، وإقالته للنائب العام. وتضم 35 حزباً وحركة سياسية، بالإضافة لعدد من الشخصيات العامة. ويمثل أعضاء الجبهة طيفاً متبايناً من الطيف السياسي المصري من أقصى اليسار لأقصى اليمين. ومن فرقاء سياسيين مختلفين بعضهم كان محسوباً على نظام مبارك، والبعض الآخر يمثل أبرز معارضيه. وقادت تظاهرات حاشدة ضد مرسي في نوفمبر وديسمبر، ومثلت القطب الأكبر للمعارضة خلال الأشهر الثمانية الأخيرة من حكمه. وقد تبنت الجبهة الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، التي أطلقتها حركة تمرد، عقب أسبوعين من إطلاق الدعوة، وجعلت من مقار أحزاب الجبهة مركز لجمع التوقيعات المطالبة بتبكير إجراء الانتخابات.
وقد تولى عدد من أعضاء الجبهة حقائب وزارية في الحكومة المؤقتة، التي يرأسها الاقتصادي حازم الببلاوي، والتي احتفظت بوزراء من عهد سلفه هشام قنديل، رئيس وزراء مرسي، أبرزهم وزير الداخلية، الموجه إليه إتهامات من عديد من نشطاء سياسيين باستخدام العنف المفرط والقتل تجاه معارضين لمرسي خلال الذكرى الثانية لثورة 25 يناير. ولم تقرر أحزاب الجبهة بعد خوض الاستحقاقات الانتخابية المنصوص عليها في خارطة الطريق بقوائم موحدة، خاصة وأن اختلاف التوجهات السياسية بين أعضائها قد يمثل عقبة أمام تحالف من هذا النوع.
حركة تمرد:
هي مبادرة طرحها بداية عدد من الأعضاء الشباب بحركة “كفاية”، غالبيتهم ذوي خلفيات ناصرية، وخلال أيام تحولت لمبادرة مستقلة، سرعان ما تطوع في أنشطتها عدد غير معروف من الأفراد، وساهمت حركات اجتماعية، وأحزاب سياسية في عمليات جمع التوقيعات التي دعت لها الحركة. ليس للحركة كيان محدد بخلاف الهيكل الإجرائي الذي أطَر عملية جمع التوقيعات. وبعد 30 يونيو تستخدم مجموعات مختلفة اسم الحركة التي لم تتحول بعد إلى كيان له هيكل تنظيمي. وقد أعلن متحدثين باسم الحركة خوضها الانتخابات البرلمانية المقررة. لكن حتى الآن لا توجد أية وجوه بارزة بالحركة سوى متحدثيها الإعلاميين.