“يا رب احمي تونس من كل أذى”. هكذا كتبت ميشال شيا، يهودية تونسية تعيش في فرنسا، على بيضة رمتها بالمغارة الصغيرة المحفورة في حائط الصلاة الحجري، في كنيس الغريبة.
ميشال هي واحدة من بين 1500 يهودي ويهودية حجوا في هذا الصيف إلى جزيرة جربة أو “جزيرة الأحلام” كما يسمونها، بحثا عن السكينة الروحية.
كورين مازوز حاجة يهودية تونسية الأصل، أتت أيضا من فرنسا بصحبة ابنها وابنتها اللذين يزوران المكان لأول مرة. تقول هذه السيدة “أريد أن يتعلّم أولادي من خلال هذه الزيارة أن التعايش بين جميع الأديان ممكن، وتونس تعطي المثال في تعايش اليهود والمسلمين في سلم وأمان”.
“يا رب احمي تونس من كل أذى”. هكذا كتبت ميشال شيا، يهودية تونسية تعيش في فرنسا، على بيضة رمتها بالمغارة الصغيرة المحفورة في حائط الصلاة الحجري، في كنيس الغريبة.
ميشال هي واحدة من بين 1500 يهودي ويهودية حجوا في هذا الصيف إلى جزيرة جربة أو “جزيرة الأحلام” كما يسمونها، بحثا عن السكينة الروحية.
كورين مازوز حاجة يهودية تونسية الأصل، أتت أيضا من فرنسا بصحبة ابنها وابنتها اللذين يزوران المكان لأول مرة. تقول هذه السيدة “أريد أن يتعلّم أولادي من خلال هذه الزيارة أن التعايش بين جميع الأديان ممكن، وتونس تعطي المثال في تعايش اليهود والمسلمين في سلم وأمان”.
غياب الاسرائيليين
وتختتم مناسك حج اليهود إلى كنيس الغربية في العاشر من أيار/مايو من كل عام ويتوافد إلى المكان مئات اليهود وسط إجراءات أمنية مشددة.
تشديد الإجراءات الأمنية على المعابد اليهودية التونسية بدأ إثر الاعتداء على كنيس الغريبة في زمن الرئيس المخلوع بن علي، وتحديدا في 11 أبريل/نيسان 2002. إذ أسفر عن مقتل 21 شخصا من بينهم 14 سائحا ألمانيا.
وفي هذا العام قدم قرابة 500 يهودي من أوروبا وخاصة فرنسا لمشاركة نحو 1000 يهودي تونسي مراسم الحج الذي يستمر يومين، طبقا لقول بيريز الطرابلسي، رئيس هيئة كنيس الغريبة.
وتميز حج هذه السنة بتغيب اليهود الاسرائيليين. وقال بيريز في هذا الصدد “إن العديد من الاسرائيليين كانوا يستعدون لزيارة الغريبة إلا أنهم تراجعوا بعد صدور تحذيرات هيئة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية”.
ويعتبر الطرابلسي أن نجاح موسم حج الغريبة كان بمثابة امتحان لنجاح الموسم السياحي بتونس عموما.
وقال في ذات الصدد “نحن يهود تونس ندعو كل سياح العالم لحضور احتفالات حج الغريبة الذي نعتبره محطة تاريخية هامة في تاريخ تونس يجب الوقوف عليها والتعرف على خصوصياتها”، متمنيا استرجاع هذا المعبد لبريقه السابق.
الحج في خدمة السياحة
موسم الحج اليهودي يشكل بالنسبة لأهالي جربة بمن فيهم المسلمين، فرصة لزيادة مورد دخلهم.
وفي الطريق الى المعبد قال سائق سيارة الأجرة فوزي خنشوش، وهو مسلم الديانة، بينما كان يقلنا إلى منطقة الرياض التي تعرف بالحارة حيث يسكن اليهود “موسم حج الغريبة هو بمثابة احتفالات يصل صداها إلى كل بيت”.
وأضاف “نحن ننتظره بفارغ الصبر فهذا الموسم بمثابة موسم للربح والعمل بالنسبة إلينا”.
وبحسب السائق الشاب، فإن السنوات الاخيرة شهدت تراجعا في أعداد اليهود الوافدين على تونس داعيا اليهود والسياح عموما إلى القدوم إلى هذا المكان الأمن والفريد من نوعه كما يصفه، حيث تتعايش الديانتان الابراهيميتان جنبا إلى جنب.
ويتفق خودير حنية أحد المسؤولين على كنيس الغريبة مع حنكوش بخصوص تراجع أعداد الزوار. لكنه يستدرك أن السنة الحالية “ناجحة ومميزة” مقارنة بالسنة المنقضية التي الغيت فيها مراسم الحج بسبب الاوضاع الامنية .
وأضاف خودير بحماس “لقد تحدينا كل الظروف وقمنا بإنجاح احتفالات الغريبة لنقول للجميع ان تونس بخير وفي أمن وسلام”.
وفي حديثه عن تاريخ حج اليهود الى معبد الغريبة بجربة أوضح خودير إنهم يحجون منذ يمارسون هذا الطقس منذ نحو 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات “الهيلولة”.
وتتمثل الاحتفالات في إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على “بركة” حاخاماته وذبح قرابين كالخرفان والغناء في أجواء من البهجة وتناول نبيذ “البوخة” المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس.
ووسط بهو كنيس الغريبة تشير لافتة مكتوب عليها بأربع لغات (العربية والانكليزية والفرنسية والألمانية) أن تاريخ هذا المقام “العتيق والمقدس المعروف بالغريبة يرجع إلى عام 586 قبل الحساب الافرنجي أي منذ خراب الهيكل الاول لسليمان تحت سلطة نبوخذ نصر ملك بابل وقد وقع ترميمه عبر العصور وهو اليوم معلم ديني وسياحي يزوره آلاف السياح”.
إجراءات أمنية ودعم حكومي
واعتبرت اندريه فيليبي مسؤولة إعلامية بديوان السياحة التونسية بألمانيا ان عدد الزوار في الموسم الحالي قليل جدا مقارنة بآخر زيارة لها للمعبد سنة 2005.
ودعت يهود المانيا والسياح الى زيارة تونس عموما وهذا المكان خصوصا، “نظرا للتواجد الامني المطمئن والأجواء الرائعة”، حسب قولها.
وقبيل أيام من انطلاق مراسم زيارة الغريبة في أيار (مايو) الماضي أكدت وزارة الداخلية أنها اتخذت كافة التدابير اللازمة لتامين الاحتفالات السنوية بالمعبد اليهودي في جزيرة جربة.
وتلقى المواطنون اليهود تطمينات من السلطات التونسية خاصّة بعد الزيارة التي أدّاها رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي يوم 14 نيسان (أبريل) الماضي إلى كنيس الغريبة وتأكيده على “حرص الدولة على إنجاح زيارة الغريبة والموسم السياحي عموما”.
من جهته اعتبر وزير السياحة التونسي الياس فخفاخ الذي حضر مراسم اختتام مناسك الحج لهذا الصيف إن الزيارات الدينية “جاءت في وقت تبني فيه تونس مسارها الديمقراطي “. وأكد ان “يهود تونس مرتبطون ببلدهم ويساهمون في تنميتها وازدهارها في الداخل والخارج”.
وتأكيدا لرسالة التعايش ذاتها، وجهت الحكومة التونسية رسالة قوية من خلال حضور وفد من وزارة الشؤون الدينية مراسم حج اليهود.
وقالت السيدة نجاة الهمامي المكلفة بالإعلام في الوزارة لموقع “مراسلون” إن الوفد “حضر لتهنئة الاخوة اليهود الوافدين على بلادنا والتونسيين بعيدهم”. وكشفت أن “الوزارة رصدت دعما ماليا لتعهد وصيانة معبد الغريبة لاستقبال زواره في احسن الظروف في السنوات المقبلة”.