تستعد الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي لطرح المسودة النهائية للدستور بغرض الاستفتاء عليها نهاية هذا الشهر، المسودة التي استغرق إعدادها حوالي عامين كاملين وسبقتها عدة مسودات لاتزال بعض موادها محل خلاف أو “عدم توافق” كما يسميه أعضاء الهيئة.

مراسلون التقى عضو الهيئة التأسيسية والأستاذ في القانون الدستوري عمر النعاس للسؤال عن المواد غير التوافقية والتي تعرقل طرح الدستور للاستفتاء.

تستعد الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي لطرح المسودة النهائية للدستور بغرض الاستفتاء عليها نهاية هذا الشهر، المسودة التي استغرق إعدادها حوالي عامين كاملين وسبقتها عدة مسودات لاتزال بعض موادها محل خلاف أو “عدم توافق” كما يسميه أعضاء الهيئة.

مراسلون التقى عضو الهيئة التأسيسية والأستاذ في القانون الدستوري عمر النعاس للسؤال عن المواد غير التوافقية والتي تعرقل طرح الدستور للاستفتاء.

س- لماذا تأخر الدستور كل هذا الوقت؟

ج- في صناعة الدساتير الحديثة هنالك أسلوب الهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب كما حصل في تونس، أي أن هذه الهيئة تصيغ الدستور وتقره ويطرح على السلطة التشريعية لاعتماده دون استفتاء شعبي، أما الأسلوب الثاني هو قيام السلطة الحاكمة باختيار مجموعة من المتخصصين لصياغة مشروع الدستور ثم يعرض للاستفتاء الشعبي.

نحن في ليبيا دمج الإعلان الدستوري بين هذين الأسلوبين، أي أن الهيئة منتخبة من الشعب ولكنها ملزمة أيضاً أن تصيغ مشروع دستور يتم طرحه للاستفتاء العام، والميزة في هذا الطرح هو أنه يعبر عن مشاركة الشعب في صياغة دستوره وهو مبدأ أساسي، ولهذا قامت الهيئة بالتواصل مع عدة جهات من المجتمع المدني التي تمثل الليبيين ولدينا آلاف المقترحات وهي موثقة وتم الأخذ بها، وهذا كله أخذ منا وقتاً لا بأس به.

س- لماذا قاطعتم الإعلام منذ بدء عمل الهيئة حتى فترة قريبة جداً؟

ج- الهيئة ألزمت نفسها بعدم التواصل مع الإعلام وفق اللائحة الداخلية وتخصيص كل وقتها لمشروع صياغة الدستور وفقاً للجان نوعية، أخرجنا المسودة الأولى في 24 ديسمبر 2014، ثم المسودة الثانية في 26 فبراير 2015، ثم تم تشكيل لجنة عمل لتجميع هذه المخرجات في مسودة واحدة أخرجناها في نوفمبر 2015، وأخيراً النسخة الثانية لمسودة لجنة العمل خرجت في فبراير 2016.

الآن سيصبح خروجنا للإعلام مكثفاً لأن هناك رؤى مشتركة وتوافقات كبيرة جداً، والمشروع شبه جاهز وسيخرج قريباً للشعب الليبي.

س- ذكرت أن “المشروع شبه جاهز” أي أن هناك بعض المواد لم يتم التوافق عليها داخل الهيئة، كم نسبة تلك المواد من المشروع ككل؟

ج- مشروع الدستور تم التوافق على جل ما جاء فيه بما نسبته 85% من مواده، وهناك بعض المواد لم تحظ بالتوافق لكننا في النهاية سنصل إلى نتيجة وتوافق حولها.

س- ما هي المواد المختلف عليها؟

ج- ليست عديدة، مثلاً مادة العاصمة هي إحدى هذه المواد التي يحاول البعض إظهارها كمادة خلافية، أيضاً توزيع المقار السيادية، هناك من يريدها في مكان واحد وهناك من يريد توزيعها، لكنني لا أراها إشكالية كبيرة وأعتقد أن الهيئة ستحل جميع الخلافات أو عدم التوافقات.

س- وفق المسودة المطروحة مؤخراً، جعل في ليبيا غرفتان تمثلان السلطة التشريعية وثلاث عواصم (طرابلس العاصمة السياسية وبنغازي العاصمة الاقتصادية، وسبها العاصمة السياحية والثقافية)، لماذا كل هذا التعقيد؟

ج- المسودة المنشورة هي مسودة لجنة عمل، لم يتم إقرارها من الهيئة التأسيسية أو اعتمادها أو حتى مناقشتها، فكل شيء قابل للنقاش والحوار.

وإذا أردنا الحديث عن مبدأ الغرفتين فهو مبدأ توازن بالدرجة الأولى، بتقسيم السلطة التشريعية إلى غرفتين، الغرفة الأولى (البرلمان) وهو الأصل في السلطة التشريعية، وتعتمد آلية انتخابه على الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي، أما الغرفة الثانية (مجلس الشيوخ) فهي لحفظ التوازن ومكونة من سبعين عضواً موزعة إلى ثلاث مناطق جغرافية، لأن هناك فرضيات مطروحة من أطراف متناقضة أحدها يريد تركيز السلطة في مكان واحد.

س-  هل تقصد أنها ترضية أو تطمين لبعض الأطراف؟

ج- لا بالعكس، أرى أن هذا هو الحل الأنسب فنحن نتكلم عن مشروع دستور لكل الليبيين، والأهم أن آلية تشكيل الغرفة الثانية كآلية تشكيل الهيئة التأسيسية، أي أن هناك كوتا للمرأة والمكونات الثقافية من أمازيغ وطوارق وتبو.

س- أقرت المسودة نظام (الكوتا) حصة انتخابية للمرأة بنسبة 25% لثلاثة مراحل انتخابية، فهل تكفي هذه المدة؟

ج- عملياً ثلاث مراحل انتخابية تمثل اثني عشرة عاماً، في اعتقادي هي مدة كافية سوف تصبح بعدها المسألة حقاً مكتسباً.

س – ما هي المرجعيات التي استعنتم بها على صعيد الحقوق والحريات؟

ج- أقرت الهيئة مجموعة من المراجع من بينها الشريعة الإسلامية، ودستور عام 1951 وتعديلاته، والمواثيق الدستورية المقارنة، والخصوصية الليبية والمشاركة العامة، والمبادئ التوجيهية التي التزمت بها الهيئة لإعداد هذا المشروع، في محاولة منا لإخراج مشروع يرضي جميع الليبيين قدر الإمكان.

لن يكون دستوراً كاملاً ولن يكون مقدساً، هو قابل للتعديل مستقبلاً، لكن المهم حالياً أن يخرجنا من هذه المرحلة الصعبة والصراع على السلطة إلى دولة حقوق وحريات ومواطنة وقانون وعدالة ودولة مؤسسات وتداول سلمي على السلطة.

س- متى سيكون التعديل الأول على الدستور متاحاً؟

ج- بعد خمس سنوات، فيما نأمل أن تكون هذه الفترة مرحلة استقرار، وطبعاً الأخطاء الدستورية تبدأ بالظهور وتلاحظ من خلال الممارسة، وهناك آلية معينة للتعديل بموافقة المجلسين واستفتاء عام على أي تعديل.

س- ما هو الموعد النهائي لإعلان الدستور؟

ج- قريباً جداً، قبل نهاية شهر مارس الجاري إن شاء الله، وأتمنى من جميع الليبيات و الليبيين أن يقولوا نعم للدستور لأنه يحقق طموح كل الليبيين الذين يتوقون لمرحلة إستقرار حقيقية.