الشوارع المحيطة بالبرلمان المصري ما تزال مغلقة بعد افتتاحه.

في الليلة التي سبقت الجلسلة الأولى لبرلمان 2016 كانت مجموعة من رجال الشرطة تتابع، على قدم وساق، أعمال انشائية تجري في مدخل الشارع الذي يضم مبنى المجلس.

الشوارع المحيطة بالبرلمان المصري ما تزال مغلقة بعد افتتاحه.

في الليلة التي سبقت الجلسلة الأولى لبرلمان 2016 كانت مجموعة من رجال الشرطة تتابع، على قدم وساق، أعمال انشائية تجري في مدخل الشارع الذي يضم مبنى المجلس.

أنشأت قوات الحماية المدنية بوابة حديدية بعرض الشارع، على قضيب بمحازاة جدار أسمنتى ضخم، يحاصر السلطة التشريعية المنتخبة حديثاً بعد غياب ثلاث سنوات للبرلمان. وبعد يومين من بدء جلساته، قرر أغلبية أعضاء المجلس، المهيمن عليه كتل حزبية تؤيد صراحة الرئيس السيسي، وقف البث المباشر للجلسات، على خلفية تعليقات ساخرة كتبها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، وصاحبها صور ومقاطع فيديو لسلوكيات النواب بالجلسات.

القرار الذي اتخذه الأعضاء بوقف البث المباشر وأعلنه رئيس المجلس، يخالف الدستور وفقاً للمادة «120» التي تنص على أن «جلسات مجلس النواب علنية»، باستثناء جواز انعقاده فى جلسة سرية، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو عشرين من أعضائه على الأقل، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضاؤه ما إذا كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجري في جلسة علنية أو سرية.

يرجع رئيس مجلس النواب الحالي، علي عبد العال، قرار المجلس بوقف البث المباشر للجلسات إلى الأزمات التي شهدتها الجلسة الإجرائية، والتي لن يستطيع أن يتحملها أمام التاريخ، على حد قوله خلال أول مؤتمر صحفي له بعد فوزه بمقعد رئيس المجلس.

انتخب عبد العال، بنهاية اليوم الأول، رئيساً للبرلمان، بعد حصوله على مباركة 441 نائب من أجمالى 585 نائب، وهو عضو في ائتلاف «دعم مصر» المؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي داخل البرلمان.

ويضم «دعم مصر» نحو 370 نائباً من الحزبيين والمستقلين، نسقه ضابط المخابرات السابق سامح سيف اليزل، الذي تبنى دعوة لمد فترة رئيس الجمهورية بالدستور.

وقبل أيام من بدء البرلمان شهد ائتلاف «دعم مصر» صراعاً على منصب رئيس المجلس، واعترف نائب من الائتلاف، وهو إعلامي يملك قناة خاصة، أن أجهزة الأمن الوطني والمخابرات العامة تدير الحياة السياسية في مصر، بتعليمات من لواء يدير مكتب رئيس الجمهورية.

الشئ نفسه رواه حازم عبد العظيم، منسق لجنة الشباب بحملة السيسي الرئاسية، في شهادة كتبها على صفحته الشخصية، على فيس بوك، قال فيها إن ائتلاف «دعم مصر» الفائز بأغلية البرلمان جرى التحضير له بجهاز المخابرات العامة لضمان ثلثي المقاعد.

الأحزاب المعارضة من جانبها ترى الأمر ذاته، حيث قال رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، محمد أبو الغار، في حوار مع صحيفة الوطن المصرية، إن البرلمان الحالي جرى تفصيله لحساب قوة بعينها، متهماً أجهزة الأمن بتحطيم القوائم المنافسة لقائمة «دعم مصر»، التي وصف نوابها بأنهم «معينون بطريقة شيك».

وأجريت انتخابات مجلس النواب وسط إقبال ضعيف، بلغت نسبة المشاركة فيها 28.3%، بعد منح رئيس الوزراء العاملين في الحكومة إجازة رسمية لتشجيعهم على التصويت، وسط مشاركة ضئيلة من جانب الشباب.

وسوف تكون المهمة الأولى للبرلمان خلال 15 يوماً، وفقا للمادة 156 من الدستور، إنجاز القوانين التي أصدرها الرئيس الحالي السيسي، والأسبق عدلي منصور، منذ 30 يونيو 2013.

وستكون تلك المهمة بمثابة كشف الستار عن الدور الحقيقي المنتظر من البرلمان، إذ أن الـ15 يوماً المخصصة لمناقشة ذلك الكم غير المسبوق من القوانين تعد فترة زمنية قصيرة جداً.

وتنص المادة 156 من الدستور المصري الذي صدر في يناير عام 2014 على عرض القوانين التي صدرت في غيبة البرلمان على المجلس، ومناقشتها، والموافقة عليها، خلال 15 يوماً من بدء انعقاده.

وتضم حزمة القوانين التى يلزم الدستور المجلس التشريعي بمراجعتها 340 قرار بقانون صدروا في الثلاث سنوات التي غاب فيها البرلمان.

ووصل إجمالي القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس السيسي وحده منذ توليه سدة الحكم في يونيو عام 2014 نحو 289 قراراً بقانون، منهم 15 قراراً لم تنشر فى الجريدة الرسمية، حتى الآن.

ودعت منظمات للمجتمع المدني، من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، البرلمان إلى النظر بعناية في التشريعات، التي صدرت قبل انعقاده، واصفة إياها بأنها تفتقر للحدود الدنيا من احترام حريات الأفراد وحقوقهم، وتتناقض مع مواد الدستور.

وقدمت المنظمات توصيات محددة في ملفات تسعة رأت أنها الأولى لأجندة البرلمان، وعلى رأسها إلغاء قانون الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية وتنقيتها من المواد التي تتضمن توسعًا في تجريم الحريات الأساسية كحرية التعبير أو الحق في التجمع السلمي، وغيرها من التحفظات التي سبق وأشارت المنظمات لها أثناء صدور تلك القوانين.

وانعكس ذلك على عزوف الأحزاب المعارضة عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية خاصة بعد مقتل شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، برصاص الشرطة، خلال مسيرة نظمها الحزب في الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير اعتبرتها الدولة “خرق لقانون التظاهر”.

وأوصت المنظمات بمراجعة البيئة التشريعية المقيدة لجملة الحقوق المدنية والسياسية المحصنّة دستوريًا، وبخاصة قانون التظاهر وقانون الأحزاب السياسية والقوانين المنظمة لعمل الجامعات، وتعديلها على النحو الذي يفتح المجال أمام مشاركة التيارات السلمية. فقبل أيام من انعقاد البرلمان أصدرت اللجنة المشرفة على الانتخابات قراراً بحل اتحاد طلاب جمعات مصر، وأرجعت اللجنة السبب لأخطاء إجرائية وقعت أثناء انتخاب اتحاد طلاب جامعة الزقازيق.

ودعت المنظمات البرلمان لتعزيز استقلالية الجهاز القضائي من خلال تعديل قانون الإجراءات الجنائية وقانون السلطة القضائية بما يضمن تحقيق الاستقلال المالي والإداري للقضاء، عن طريق إلغاء وصاية وزارة العدل – كجزء من السلطة التنفيذية، في كل ما يتعلق بـالندب، والنقل، والترقيات، والمعاشات والتفتيش على القضاة، وتحويل تلك الاختصاصات لمجلس القضاء الأعلى.

كذلك دعت المنظمات البرلمان إلى رفض التعديلات التي أُدخلت مؤخرًا على قوانين الضرائب على الدخل، والتي رأت أنها تتعارض مع مبدأ العدالة الضريبية تمهيدًا لتعديلها في المستقبل، ورفض قانون الاستثمار الأخير الذي توسع في منح امتيازات إضافية للمستثمرين ورفض القرارات بقوانين التي تؤدي عمليًا لتحصين العقود المبرمة من قبل الدولة من الطعن القضائي عليها، أو تلك التي منحت الحق لرئيس الجمهورية في عزل رؤساء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية، بما يمثل إخلالًا واضحًا بمعايير الشفافية المتعارف عليها دوليًا.

وأوصت المنظمات البرلمان بالتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وإعلان التزام مصر بالمواد 21 و22 من الاتفاقية التي تكفل للمواطنين المصريين – وكذا لأي دولة طرف في الاتفاقية، التقدم بشكاوى للجنة مناهضة التعذيب حيال خرق الحكومة المصرية لالتزامها بموجب هذه الاتفاقية.

وأخيراً، التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري.