الصعيد ينتفض، هكذا يبدو المشهد في قرية العوامية، بمدينة الأقصر، أقصى جنوب الوادي. طوال الثلاث الأيام الأخيرة في الإسبوع الماضي، خرج المواطنون في مسيرات طافت شوارع المحافظة احتجاجاً على وفاة مواطن، يدعى طلعت شبيب، بقسم شرطة بندر الأقصر.

الصعيد ينتفض، هكذا يبدو المشهد في قرية العوامية، بمدينة الأقصر، أقصى جنوب الوادي. طوال الثلاث الأيام الأخيرة في الإسبوع الماضي، خرج المواطنون في مسيرات طافت شوارع المحافظة احتجاجاً على وفاة مواطن، يدعى طلعت شبيب، بقسم شرطة بندر الأقصر.

تعود القصة بحسب رواية، يوسف شبيب، ابن عم المتوفي، إلى مساء الثلاثاء الماضي، حين اعتقلت الشرطة طلعت شبيب، 47 سنة، أثناء تواجده بمقهى في منطقة العوامية، وفوجئت عائلته فيما بعد بنبأ نقله إلى مستشفى الأقصر الدولي جثة هامدة، يضيف شبيب ل«مراسلون»: «صدر تقرير المستشفى بأنه حضر جثة هامدة، ويقول التقرير المبدئي لمصلحة الطب الشرعي إنهم لاحظوا آثار كدمات على جثة طلعت، مازلنا في انتظار التقرير النهائي، وتحقيقات النيابة.

المحافظة التي لم تشهد أي تحركاً سياسياً بحجم الاحتجاجات الغاضبة التي شهدتها محافظات أخرى وقت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، فجأة، وبدون مقدمات، يندفع منها، وبانتظام شديد، يبدو منسقاً، آلاف المواطنين في شوارع المدينة مطالبين بتنفيذ خمسة مطالب كشرط أساسي لتحقيق مصالحة شعبية عادلة بين الشرطة والأهالي هناك.

تبدأ المطالب بالتحقيق في واقعة وفاة شبيب، وتقديم وزير الداخلية اعتذاراً على انتهاكات الشرطة مع تقديم وعوداً على عدم انتهاك آدمية المواطن الأقصري، وجبر الضرر لأهالي العوامية وأسرة القتيل.

الداخلية من جانبها لم تعتذر، فقد ردت على تظاهرات الأهالي باعتقال 24 شابًا، فجر الأربعاء، من أبناء منطقة العوامية، محل مسكن القتيل، لكن المحامي العام لنيابات الأقصر، أصدر قراراً بإخلاء سبيلهم في الساعات الأولى من صباح الخميس.

وقال المستشار في بيان صحفي إن طلعت شبيب لقى مصرعه داخل قسم شرطة الأقصر، وأشار إلى أن تقرير الطبيب الشرعي هو الذي سيثبت ما إذا كان المواطن توفي داخل قسم الشرطة بسبب تعذيب من عدمه، ووعد بمحاسبة المتسببين في ذلك حال ثبوت تورطهم في تعذيب المواطن، لكنه لم يشير إلى أي تصرف ستتخذه النيابه حال صدور التقرير النهائي لمصلحة الطب الشرعي بعدم تعرض شبيب للتعذيب.

كادت الأحداث تهدأ في الأقصر، لكنها اشتعلت على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث تداولت وسائل إعلامية محلية، مقتل مواطن يدعى، «عمرو أبوشنب»، بمركز شرطة شبين القناطر، بمحافظة القليوبية، جنوب الدلتا.

ولم تمضى 24 ساعة أخرى، حتى أصدر اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، قرار بوقف ضابط بقسم شرطة أول الإسماعيلية، يدعى محمد إبراهيم، بسبب قتل طبيب بيطرى، يدعى عفيفى حسنى.

تعود الواقعة إلى فيديو نشرته الصفحة الرسمية لنقابة الصيادلة بالإسماعيلية، وتداوله مستخدمو وسائل التواصل الإجتماعي، للضابط خلال اقتحامه صيدلية زوجة المتوفي، والاعتداء عليه وإصطحابة بالقوة خارج الصيدلية إلى ديوان القسم، ومن ثم وفاته داخل القسم، بحسب تقرير هيئة الإسعاف التي حضرت إلى القسم لنقله إلى المستشفى.

وأصدر النائب العام، قرارًا بإنتداب الطبيب الشرعى لتشريح جثة الطبيب البيطرى، لبيان سبب الوفاة.

وأصدر اتحاد المهن الطبية بالإسماعيلية بياناً، يحمّل الضابط محمد إبراهيم مسؤولية قتل الطبيب، وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتدخل للحد من تجاوزات الشرطة.

وقال الإتحاد إن الكاميرا الخاصة بالصيدلية أظهرت الضابط وهو يقتحم الصيدلية دون أذن نيابة أو تفتيش صيدلى، وفق اللوائح، وأعتدى بالضرب على الطبيب الذى لفظ انفاسه بديوان القسم بعد اصطحابة بالقوة وفق التقرير الطبى الصادر من الإسعاف.

وعلى هامش وقائع التعذيب، وفي واقعة غريبة بمدينة أكتوبر، أصدرت نيابة أول أكتوبر، قراراً، بحبس ضابط شرطة بهيئة الطرق والمنافذ، بمحافظة الجيزة، 4 أيام على ذمة التحقيق، بتهمة حيازة «هيروين» أراد أن ينسبها إلى سائق ميكروباص.

التحقيقات التي أجرتها النيابة، برئاسة المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، أفادت بأن السائق، حسن جمعة، كان يسير بسيارته «الميكروباص» لنقل عدداً من الأطفال إلى المدرسة في مدينة أكتوبر، وأثناء سيره، ولسبب لم تحدده نتائج التحقيقات، قطع الطريق على سيارة ملاكي دون لوحات معدنية، تبينّ فيما بعد أن قائدها هو الضابط المتهم، فتوقف الضابط أمام الميكروباص ونزل من السيارة، واعتدى على السائق بالضرب، وطالبه بالاعتذار عن قطع الطريق عليه، مهدداً إياه بإمكانية دس تذكرة «هيروين» ثم توجه به إلى ديوان عام قسم شرطة أكتوبر أول لتحرير محضر.

لكن مواطنون كانوا حاضرين الواقعة، ووثقوها عبر مقطع فيديو توجهوا إلى النيابة وأرفقوا الفيديوهات بشهادتهم، وحين فتشت قوة من القسم الضابط المتهم بقرار من النيابة عُثر على تذكرة الهيروين.

ونشر الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، سابقاً، تغريدة على حسابه الرسمي بموقع تويتر، رداً على وقائع التعذيب داخل أقسام الشرطة، يقول فيها: «فى كل مجتمع لديه قدر من الانسانية، وطبقا لاتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب: لايجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت كمبرر للتعذيب».

تأتي التجاوزات الشرطية ضد المواطنين امتداداً لعمليات سياسية تقوم بها الوزارة تنوعت بين الاختفاء القسري والتصفية السياسية تحت غطاء القضاء على الإهاب، كانت «مراسلون» قد نشرت تحقيقاً مطولاً عنها، وهي الأحداث التي بدأت تتكاثر طوال العام الحالي بعد مجيئ اللواء مجدي عبد الغفار، وزيراً للداخلية، منتدباً من قطاع الأمن الوطني.

الأحداث تطرح أسئلة وتفسيرات حول أولويات الوزارة، وأسلوب القضاء على الإرهاب، فوقائع التعذيب الأخيرة التي وقعت خلال الأسبوع الماضي، مدت بتجاوزاتها ستاراً يغطي على تعاطف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع حادث وقع صباح السبت، استشهد فيه 4 شرطيين بعد إطلاق النار على كمين المنوات بطريق سقارة جنوب الجيزة، عن طريق مجهولَين يستقلان دراجة بخارية، سرقوا السلاح، وفروا هاربين.

فالوقائع الأربعة كانت محور كتابات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وقد حملت كالعادة حملات سخرية، بينها أن وزارة الداخلية تحشد المواطنين للنزول في ذكرى ثوة الخامس والعشرين من يناير، حيث قامت الثورة وقتها، بالتزامن مع اليوم الذي تشهد فيه مصر العيد القومي للشرطة.