يواجه أستاذ القانون الدستوري ورئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في تونس أول تحد له ولهيئته التي طالتها انتقادات مند البداية حول استقلالية بعض أعضائها، وتلاحقها اليوم انتقادات أشدّ بسبب تعثر عملية تسجيل الناخبين. في هذا الحوار يتحدث شفيق صرصار عن أهم الصعوبات التي  تواجه هيئته، ويقول أنها لا تتحمل أي مسؤولية في حال عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات.

يواجه أستاذ القانون الدستوري ورئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في تونس أول تحد له ولهيئته التي طالتها انتقادات مند البداية حول استقلالية بعض أعضائها، وتلاحقها اليوم انتقادات أشدّ بسبب تعثر عملية تسجيل الناخبين. في هذا الحوار يتحدث شفيق صرصار عن أهم الصعوبات التي  تواجه هيئته، ويقول أنها لا تتحمل أي مسؤولية في حال عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات.

مراسلون: انطلقت العملية الانتخابية بالشروع في تسجيل الناخبين، فما هو تقييمكم للبداية التي يصفها البعض بـالمتعثرة؟

شفيق صرصار: أهم الصعوبات التي واجهناها في عمليات التسجيل تتعلق بدوائر الخارج وتتمثل أساسا في ضبط موعد انطلاق تسجيل الناخبين وتوعية الجالية التونسية في الخارج بمختلف الطرق بضرورة التسجيل. أما في تونس فالإشكال الرئيس يتمثل في التأخير في الحملة الإعلانية للتشجيع على تسجيل الناخبين. هذه الحملة تزامنت مع شهر رمضان، وهو ما أثر في نسق البداية. وهنا وجب أن نشير إلى أن كل انطلاقة عادة ما ترافقها صعوبات.

لكن عملية التسجيل لم تنطلق أصلا في بعض المناطق الداخلية؟  

عملية التسجيل في بعض المناطق تأخرت نتيجة اعتراضات على تركيبة بعض الهيئات الفرعية للهيئة المستقلة للانتخابات. فقد تم توجيه اتهامات لعدد من أعضاء الهيئات الفرعية “بعدم الحياد” و”غياب النزاهة”. ولأننا وعدنا بأن لا نتردد في أخذ القرارات اللازمة متى ثبت صحة الاتهامات، فقد أخذنا بعض الوقت للتدقيق وتغيير عدد من المنسقيين الجهويين وعدد من أعضاء الهيئات الفرعية المطعون فيها.

كما أن تعويض الشغور الحاصل بسبب بعض الاستقالات أخر في انطلاق عملية تسجيل الناخبين. ولا ننسى أن تأخير تحديد موعد الانتخابات تسبب بدوره في تأخير ضبط الرزنامة الانتخابية على أسس سليمة وهذا ساهم في التأخير بدوره في انطلاق عمليات التسجيل.

هل ساهم تعطل التوافقات السياسية بشأن الفصل بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية في التأخير الحاصل؟

لم يكن تعطل التوافقات السياسية فقط سببا لتأخر انطلاق التسجيل في القوائم الانتخابية، فجزء من التأخير يعود للصعوبات التي واجهناها في عملية تشكيل هيئة انتخابات دائمة، حيث واجهنا صعوبات في تشكيل المقرات والإدارة وتوفير العنصر البشري الذي أردنا ان يكون اختياره عبر المناظرات لضمان الكفاءة والنزاهة.

هل هناك صعوبات أخرى قد تواجهونها في الاعداد للعملية الانتخابية؟

التحدي الاساسي يتمثل في  كيفية إنجاح حملة التسجيل  وضمان اقبال المواطن التونسي الذي لم يسجل سابقا. والتحدي الثاني هو كيف نواجه ضيق الوقت باعتبار أننا سننظم ثلاثة أيام اقتراع قبل انتهاء سنة 2014 (يوم للانتخابات التشريعية ويوم للدورة الاولى للرئاسية ويوم للدورة الثانية)، أما التحدي الثالث فهو بناء الثقة، ففي مثل هذه الأوقات تكثر الإشاعات بغرض إرباك العملية الانتخابية.

ألا تعتبر أن الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية كان خطأ مرده الحسابات الانتخابية للأحزاب التي لم تراع الاعتبارات التقنية؟

الفصل بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعدم فسح المجال بينهما ولد صعوبة في تنظيمها. وهذه الصعوبات أعلمنا بها الفاعلين السياسيين قبل أن يحسموا أمرهم.

الهاجس السياسي الذي ربما دفع نحو الفصل يكمن في قيمة الانتخابات بالنسبة لعدد من الأحزاب التي تنظر إلى هذا الموعد على انّه مصيري  لها، ولذلك فهي غلبت الحسابات السياسية على الضرورات التقنية.

وهل قامت حكومة مهدي جمعة بتقديم الدعم اللازم لتذليل هذه الصعوبات؟

هناك تعاون بيننا وبين السلطة التنفيذية في عديد المستويات، منها تسهيل كل ما يتعلق بتسبقة دفعات مالية من الميزانية لتسهيل عملنا. كما سمحت الحكومة للهيئة بإلحاق عدد من الموظفين من الإدارة التونسية من ذوي الخبرة لحل إشكال الانتدابات. وعلى مستوى الجهات قدمت السلطات الجهوية والمحلية التسهيلات اللازمة، وبالنسبة لمختلف الوزارات فقد وقع تسهل تبادل المعطيات والإعداد اللوجستي للعملية الانتخابية.

بالحديث عن المعطيات كم يبلغ عدد من يحق لهم التصويت وما هي النسبة التي تطمحون إلى تحقيقها في التسجيل؟

بالنسبة للجسم الانتخابي ليس لدينا إلى حد الآن عدد محدد. نحن ننتظر نتائج الإحصاء السكاني، الذي أقيم في شهر مايو/ أيار الماضي، لنعلم. ومبدئيا هناك عدد تقريبي يتمثل في وجود حوالي 8 ملايين ناخب نصفهم فقط مسجلون،  وقد قمنا بتحين تسجيلهم ونأمل أن نضيف مليونين آخرين لنصل إلى 6 ملايين مسجل في الانتخابات رغم إدراكنا مدى صعوبة الأمر، فمن لم يسجّل في الانتخابات إثر الثورة صعب أن يتقنع اليوم بالتسجيل.

الحديث عن الصعوبات لم يحل دون ان توجه إليكم انتقادات أهمها إهدار الوقت الذي قد يعود سلبا على الانتخابات؟

كانت الهيئة وستظلّ محل انتقادات متواصلة وهي انتقادات ليست لعيب في عملها، فالأحزاب السياسية اليوم أو في أي وقت آخر ستوجه انتقاداتها للهيئة وتحملها مسؤولية أي شيء قد يقع.

في السابق نحن دفعنا باتجاه تحديد الرزنامة وطالبنا بالإسراع في وضعها لكن حدث ما حدث، وها نحن اليوم ننتقد بسبب التأخير الذي نتج عن عدم الاتفاق في جملة من المحددات في المسار الانتخابي، كما ان البعض يغفل لدى انتقاده لنا أننا أتينا لبناء مؤسسة دائمة من لاشيء.

يتحدّث البعض عن ان نسق عملكم سيكون له تأثير في نسبة المشاركة في الانتخابات؟

منذ البداية حاول البعض تحميل الهيئة مسؤولية عديد المشاكل، وهذا سيتواصل مع عزوف الناخب رغم إدراك الجميع أن سبب العزوف الأساسي هو حيرة الناخب في المشهد السياسي. وإن اتخذ التونسي قرارا بعدم المشاركة في الانتخابات فإن هيئة الانتخابات لا تتحمل مسؤوليته، بل لأنه لا يعرف لأي جهة سيصوت أو انه غير راض عن أداء الاحزاب السياسية وليس لعدم ثقته في هيئة الانتخابات أو عدم رضاه على أعمالها. هل ان ضيق الوقت  قد يؤثر على جودة عملكم وبالتالي على مصداقية الانتخابات؟

نحن نعلم أن ضغط الوقت سيولد صعوبات تتضاعف معها التحديات التي تواجهها الهيئة لذلك فنحن سنعمل كل ما بوسعنا لضمان عدم المس بجودة الانتخابات.