بعد الثورة أعلنت تونس يوما وطنيا لحرية الانترنت،إهداءً إلى روح شهيد الانترنت والحرية المدون  والناشط السياسي زهير اليحياوي، المعروف باسم “التونسي”.

لم يكن يوم 13مارس/ آذار من كل سنة يوما له معنى تحت حكم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، بل كان كغيره من الأيام التي تغتال فيها الحرية وتصادر فيها الكلمة الحرة وينتفي فيها حق المواطن التونسي في التعبير.

بل إن هذا التاريخ كان أسودا في صفوف عائلة زهير اليحياوي الذي عاش ويلات السجن وتوفي إثر نوبة قلبية سنة 2005 بعد إطلاق سراحه بفترة قصيرة.

بعد الثورة أعلنت تونس يوما وطنيا لحرية الانترنت،إهداءً إلى روح شهيد الانترنت والحرية المدون  والناشط السياسي زهير اليحياوي، المعروف باسم “التونسي”.

لم يكن يوم 13مارس/ آذار من كل سنة يوما له معنى تحت حكم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، بل كان كغيره من الأيام التي تغتال فيها الحرية وتصادر فيها الكلمة الحرة وينتفي فيها حق المواطن التونسي في التعبير.

بل إن هذا التاريخ كان أسودا في صفوف عائلة زهير اليحياوي الذي عاش ويلات السجن وتوفي إثر نوبة قلبية سنة 2005 بعد إطلاق سراحه بفترة قصيرة.

المدونة التي أرعبت النظام

في صائفة 2001، قرر زهير اليحياوي إطلاق موقع “تونيزين” وهو عبارة عن مجلة إلكترونية تنشر نصوصا ذات طابع اجتماعي وسياسي أغلبها باللغة العامية التونسية وأخرى بالفرنسية .

تميزت نصوص “التونسي” بطابعها الساخر والناقد نقدا شديدا للسلطة الحاكمة ٱنذاك. فقد كتب عن فساد النظام وعن قمعه للحريات، كما كتب عن انتهاك الدولة البوليسية لحقوق الإنسان.

وكثيرا ما كانت مقالات “تونيزين” تضع على ذمة قارئيها وثائق تفضح نظام بن علي وتسقط عنه ورقة التوت، وهو الذي يتبجح بديمقراطيته وبتعدديته خاصة أمام الرأي العام العالمي.

جرأة هذا الموقع ومعارضته الشرسة لحكم بن علي والتي غلبت عليها الفكاهة الساخرة من خلال رسوم الكاريكاتير التي كان يرسمها زهير اليحياوي نفسه، جعلت من “تونيزين” مدونة معروفة وطنيا وعالميا، خاصة في الاوساط التي تعنى بالشأن التونسي من معارضين في المنفى ومناضلي حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية دولية.

زهير اليحياوي، ذاك الشاب ذو الثلاث وثلاثين ربيعا، الحاصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد والعاطل عن العمل كٱلاف الشبان التونسيين، كان يقضي جل وقته في فضاء عمومي للانترنت في حيه الكائن بمحافظة بن عروس (جنوب العاصمة) ، أين يدخل موقعه يوميا لتحديثه ونشر ما يتوفر له من حقائق جديدة تربك مسوؤلي الدولة الفاسدين.

بداية النهاية

نجح “التونسي” في النجاة من براثن الشرطة المعلوماتية أو “حرس الانترنت” مرات عديدة بفضل ولوجه إلى موقعه الإلكتروني بطريقة تبقي هويته مجهولة، إلا أن استفتاء أطلقه على موقعه كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس. فقد طفح كيل الشرطة المعلوماتية التي ضربت بيد من حديد آنذاك حتى توصلت إلى الكشف عن هوية “التونسي” وتقصي أثره.  

يقول الاستفتاء الذي نشره رائد المقاومة السبيرانية على موقعه: “هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟”، كرد على استفتاء قام به بن علي من أجل الحصول على مباركة شعبية تمكنه من حكم تونس لولاية رابعة.

وإمعانا في تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها النظام، نشر المقاوم السبراني على موقعه رسالة مفتوحة وجهها قاضٍ إلى الرئيس بن علي. رسالة قال فيها القاضي انه يشعر بالخزي والعار لكونه قاضيا في بلد جائر القوانين لا يحترم  قضاءه، ولا ينصف مواطنيه.

ويذكر أن هذا القاضي المتمرد ليس إلا عم زهير اليحياوي، السيد مختار اليحياوي الذي طرد من عمله وحرم من راتبه وعرف أنواع كثيرة من المضايقات على إثر تلك الرسالة.

“التونسي” في حضرة الزنزانة

بعد تعقب لصاحب المدونة دام عدة أشهر، تمكنت الشرطة المعلوماتية من التعرف على  زهير اليحياوي وتمت مداهمة منزله واعتقاله من طرف أعوان الأمن المدني. كما تعرض للتعذيب قبل أن يحكم عليه  بسنتين سجنا بتهم  “نشر أنباء كاذبة هدفها الإيحاء بحدوث اعتداء” و”سرقة وسائل اتّصال واستعمالها بصورة احتيالية”.

لم يستطع الشاب زهير، ذاك الضمير الحي والقلب النابض بالحياة تحمل ظروف السجن المهينة، و بدأ إضرابا عن الطعام، أراد به تحسين ظروف سجنه. إضراب قاده بنفس رباطة الجأش التي قاوم بها بطش بن علي وهو خلف شاشة حاسوبه المليء بالحقائق.

ضغط دولي

انتبه الرأي العام العالمي إلى قضية زهير اليحياوي وتحركت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية من أجل الضغط على السلطة التونسية لفك سراحه. كما كرم زهير وهو في زنزانته من طرف منظمة “مراسلون بلا حدود” حيث أسندت إليه جائزة “الحرية عبر الفضاء السبراني”. وخرج “التونسي” من السجن في نوفمبر/ تشرين الثاني من سنة 2003، بعد ثلاثة إضرابات جوع، وعمليات تعذيب نخرت جسده وأفقدته بريق الحياة.

الحلم بالحرية يتواصل

كل من عرف زهير اليحياوي قبل دخوله السجن يجزم أن الزنزانة قتلت “التونسي” وتركت زهير جسدا، هجر الكتابة والتدوين.

غادر زهير اليحياوي الحياة عن عمر ناهز 37 عاما، ورحل عن بلاد ناضل من أجل ان تنعم بحرية التعبير، وترك وراءه شبابا بعضهم عايشه وبعضهم الآخر  قرأ عن “التونسي” وبسالته في الحرب ضد “الصنصرة” (الحجب) والقمع وفساد السلطة .

بعد سقوط نظام بن علي في كانون ثاني/ يناير 2011، أحيت عائلة زهير وأصدقاؤه ذكرى رحيله على أمل أن تحاسب اليد الغاشمة التي عذبت زهير ونكلت به. أما الرئيس التونسي المنصف المرزوقي فقد كرّم عائلته وأعلن عن يوم 13 ٱذار/مارس من كل سنة يوما وطنيا لحرية الانترنت.