بالرغم من استيقاظ الجزائر يوميا على أخبار حجز القناطير المقنطرة من المخدرات خاصة في الجهة الغربية من البلاد المحاذية للمغرب مصدر الحشيش الذي يسوق في أوساط المدمنين، إلا أن هذا لم يمنع من انتشارها في أوساط الشباب وامتدادها حتى الى طلبة الجامعات وتلاميذ المدارس. و بالموازاة مع العمليات الواسعة التي تشنها أربعة أجهزة أمنية ممثلة في الجيش الوطني الشعبي، الدرك الوطني، الأمن الوطني والجمارك والتي تسفر سنويا على حجز عشرات الأطنان من المخدرات، ارتفعت أسعار هاته الأخيرة بشكل رهيب وصل إلى ثلاثة أضعاف على حد قول أحد المدمنين في تصريح لـ ” مراسلون“.

أصبح اليوم ثمن القطعة من الكيف المعالج التي كانت تباع بـ في وقت سابق 1000 دينار جزائري (7 أورو) والتي تكفي لصنع أربع سجائر 3000 دينار جزائري (21 أورو) مما يضطر ثلاثة أو أربعة مدمنين الى الاشتراك في جمع هذا المبلغ وتقاسم القطعة“، يقول هذا الشاب مضيفا في نفس الإطار أن “السوق تشهد ندرة حادة في هذه المادة مما يحتم علينا الحجز المسبق لدى الممون” وقال محدثنا الذي رفض الكشف عن هويته أن ” سبب ذلك تضييق الخناق على المهربين عبر كافة حدود البلاد خاصة الغربية و هوما يفسر ارتفاع الأسعار التي كانت في الماضي جد رخيصة و كان مبلغ 50 أو 100 دينار يفي بالغرض في حين أصبح اليوم غير ممكن ما دفع بعض المدمنين لاستهلاك الحبوب المهلوسة كبديل“. وعن هذه الحبوب أضاف هذا المدمن أن أشهر الأقراص الأكثر تداولا اليوم هي ما يعرف ب “Lyrica” و هو دواء مصنوع من مادة ” البريغابالين” هو مضاد للصرع يستخدم في علاج آلام الأعصاب، يسوقه المختبر الأمريكي “Pfizer” بهذا الاسم.

 

فعلا، فإذ يعرف استهلاك المخدرات بالجزائر رواجا كبيرا وسط الشباب الذي يلجأ لتعاطيها لأسباب مختلفة بالرغم من ارتفاع اسعارها، لم تحد الضربات الموجعة التي يتلقاها المهربون و تجار المخدرات من طرف مصالح الأمن من انتشارها. بل وعرفت السوق الجزائرية انتشارا رهيبا للمخدرات القوية كالكوكايين و الهيرويين التي يسميها المدمنون “الغبرة” وإن كانت حكرا على الأثرياء و يتراوح سعر الغرام الواحد منها اليوم ما بين 18000 و20000 دينار جزائري (130 و 140أورو) بعد أن كانت في ماض قريب تتداول مقابل 4000 أو 5000 دينار جزائري للغرام (30 و 35 أورو). كما لم يعد استهلاك المخدرات بشكل عام حكرا على فئة الشباب البطال بل امتد إلى الوسط الجامعي والمدرسي. و كشفت الهيئة الوطنية الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي “فورام” في هذا الإطار أن عدد مستهلكي المخدرات في الجزائر يقارب المليون (ما بين 800 إلى 900 ألف مستهلك ليس كلهم مدمنين). كما كشفت الإحصائيات التي قدمها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها التابع لوزارة العدل الجزائرية عن مدى استفحال ظاهرة استهلاك المخدرات مشيرا إلى أن  عدد قضايا التهريب المعالجة من طرف مصالح المكافحة خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2017، بلغ حوالي 20000 قضية، من بينها 5000 قضية متصلة بالتهريب والإتجار غير المشروع بالمخدرات و15000 قضية متعلقة بحيازة واستهلاك المخدرات إضافة الى  15 قضية متعلقة بزراعة القنب. أما عن الحصيلة المتعلقة بالكميات المحجوزة من المخدرات والمؤثرات العقلية  من قبل مصالح المكافحة الثلاث (الدرك الوطني، المديرية العامة للأمن الوطني والجمارك) و التي لا تعدو أن تكون سوى قطرة في بحر الكميات المستهلكة، تشير الإحصائيات إلى حجز 40 طن من راتنج القنب، حوالي الكلغ من  بذور القنب، أربع كيلوغرامات من الكوكايين  و حوالي 750000 قرص من مختلف أنواع المؤثرات العقلية مع اكتشاف وإتلاف 3500 نبتة قنب.