في عطلاتهم الأسبوعية يومي الجمعة أو الأحد يذهب أصحاب عربات الكارو إلى أطراف المدينة ليمارسوا هوايتهم ومصدر استمتاعهم بعد العاشرة مساءا. بالاقتراب قليلا من مكان الحدث تعلو الأصوات الصاخبة.. صرخات رجال وأقدام الخيول تقرع الإسفلت، وأبواق سيارات وموتوسيكلات، يبدو ما يحدث في البداية كسباق لعربات الكارو، لكن بعد قليل تعلم أن ما يحدث هو مجرد جري فقط، حدث غايته المتعة لا أكثر، فالعشرات وأحيانا المئات من العربجية أصحاب عربات الكارو يأتون في كل أسبوع إلى تلك الشوارع فقط “للجري”، لإطلاق العنان لأنفسهم ولأحصنتهم لأن تعدو بدون قيود أو حدود.
ولأن الخيول لن تكون قادرة على الجري في حر الشمس، يبدأ الجري مساءا، وموسم الجري يبدأ بمسيرة كبيرة يوم شم النسيم على ضفاف ترعة المحمودية بأعداد كبيرة من العربجية يأتون من الإسكندرية وخارجها وحتى من العاصمة أيضا لإعلان بداية هذا الموسم الذي ينقضي في أخر شهور الصيف، ففي الشتاء لن تقدر الخيول على الجري على أرض زلقة، وظروف الطقس الباردة، فالتوقيت سوءا فصل الصيف أو المساء، هو مراعاة من أصحاب الخيول لخيولها، وعلى هامش الحدث قد يعجب أحدهم بحصان ما فيعرض على صاحبه سعرًا، وقد يصل الأمر إلى مئات ألاف الجنيهات لحصان واحد من شده إعجابهم به، هكذا لا تخلو المتعة من بعض الفائدة.
لمعايشة أفضل استمع إلى صوت الجري:
- الحصان “غضنفر” يجري به صاحبه سامح شحاته (28 سنة) يعمل حدادا بمنطقة الفلكي ويقول “بنيجي نفك عن نفسنا وعن الحصان وننبسط”
- “عندما يقوم الحصان بالجري، يشعر هو وصاحبه بالحرية والاستمتاع” هكذا قال علاء محمد (22سنة) بائع خردة من منطقة الحضرة
- على الرغم من استمتاع صاحب العربة بممارسة هوايته في الجري بحصانه الا انهم يؤكدون ان ذلك النشاط هو امتاع للحصان ايضا فطوال الاسبوع يقوم بعمله بجر العربة وفي يوم الجري يطلق له العنان ليستمتع هو الآخر بحرية غير محدودة
- يجذب “الجري” مئات المتفرجين لمشاهدة ما يحدث، لل يهم امتلاك عربات أو خيول، لكن المشاهدة تعتبر أيضا مشاركة في المتعة
- خلال الجري ستجد بالضرورة من يذكرك بأسطورة الجري “ابو وش” الحصان الاسطورة الذي كان يمتع كل من يشاهده، والذي حضر في اغلب مناسبات الجري في مختلف محافظات مصر، وسيحدثك عن السعر الذي قدم مقابلا له وتعدى مئات الآلاف، و كيف كانت نهايته مأساوية باجراء عملية له مات على أثرها، وحزن عليه صاحبه ومكث في المستشفى شهرا كاملا حزنا عليه، وسيختم حديثه مؤكدا أنه حصان لن يتكرر
- عم هيكا (55سنة) بالرغم من أن عمله كمقاول عربات الكارو، إلا أنه يقتني حصانا وعربة للمشاركة بهم في الجري فهي هوايته، وكذلك هواية ابوه، فلا يمر جري إلا وتجد عم هيكا وحصانه في أرض الجري
- الزفة.. عندما يمر حصان يعجب المشاهدين، تصاحبه الموتوسيكلات وتصدر أبواقها أصواتا صاخبة احتفاءًا بالحصان، وأيضا لتشجيعه على الجري
أستمع إلى الحكاية..وتابع المشاهدة:
- “العربجي هو السواق اللي يقدر يتحكم في الحصان ويراعيه ويراعي صحته ويقدر يجيب منه سرعة أزيد من سرعته من غير حوادث باللجام بتاع الحصان مش اللي يزعق و يتعارك مع الناس” ياسر المنقذ (25سنة) بائع خضروات
- يحدث الجري في شوارع عامة، بها حركة مرور طبيعية للسيارات، مما يجعل الجري صعبا واكثر خطورة فلا يوجد مضمار خاص أو شوارع خاصة لنشاط كهذا
- في أجواء خطرة كتلك تحدث دائما حوادث بين العربات وبعضها وقد يخسر البعض العربة أو الحصان أو يتأذى الراكب شخصيا، لكن ذلك لا يهم، مقارنة بمتعة الإحساس بالحرية المصاحب للجري، وعندما تحدث الحادثة “كل واحد بيشيل شيلته”.. ذلك هو القانون.
- لاتؤثر الحوادث على متابعي أو المشاركين في الجري فسرعان ما يستأنفون النشاط بنفس القدر من الجنون والخطورة والاستمتاع.. لا شيء يؤثر على الجري
- لا يخلو الأمر من بعض التنافس، فعندما يجتمع حصانان على خط واحد يشتعل الحماس. الكل يريد أن يرى من سيكون أقوى وأسرع. بشكل ما يتنافس العربجية على ذلك لتأثيره قطعا على سعر الحصان، وإن كان ذلك السبب غير ذا قيمة مقابل المتعة.
- السرعة عامل مهم، فعلى قدر السرعة، تكون المتعة، والخطورة، والحرية أيضا، و إظهار إمكانات الحصان وقوته.
- يريح العربجي حصانه بعد الجري لكي يكون قادرا على المشاركة في جولات أخرى فالاستراحة مهمة للحصان بعد جري صعب وخطر
- الحصان “ماكس” في وقت راحته يعتني به صاحبه ويمسح العرق الذي ينصب من جسمه لكي لا يصاب ويكون قادر على جولة أخرى
- القلق والتوتر مصاحب دائما للجري فهو عمل تلاحقه الشرطة أحيانا، في حلقة من حلقات الصراع على احتلال المساحات العامة لممارسة أنشطة مثل الجري، وهو أمر لا تقبل به السلطات، وكثيرا ما تلقي القبض على أصحاب العربات أو المشاهدين لذا دائما ما يكونوا على استعداد للمغادرة “جريا” أيضا
- هاني السيد (43سنة) أحد المشاركين في الجري يقول: “الجري ده من أيام أبويا وجدي، و لو مش عايزنا هنا هنروح شارع تاني، وهيفضل يتعمل لأن الجري عمره ما هيقف “