حتى العام الذي قامت به الثورة  2011، والأعوام الثلاثة التي تلته كانت الغلبة والسيطرة في سوق المخدرات للحشيش والترامادول، ثم توالى ظهور أنواع جديدة، منها ما كان محدوداً فانتشر، ومنها ما يدخل السوق المصري للمرة الأولى، ومنها الأدوية التي كان لها استخدام وظهر لها استخدام آخر.

الفودو .. سحر الماريجوانا المقلدة

ظهر مخدر الفودو على استحياء بالقاهرة أولاً عن طريق بعض القادمين من الولايات المتحدة الأمريكية والعواصم الأوروبية، حيث أطلقوا عليه إسم “الفودو” المعروف للسحر الأسود الذي تمارسه بعض الجماعات الأفريقية البدائية، لأنه أول ما ورد إليهم جاء في أكياس بلاستيكية ملونة صغيرة مطبوع على وجهها كلمة “فودو” ولكنها لم تكن سوى علامة تجارية من عشرات العلامات التجارية التي صدرت بها الماريجوانا المُقلدة التي أنتجتها بعض البلدان لمحاولة تخفيف تعاطي الماريجوانا الحقيقية بين المراهقين، وذلك المنتج عبارة عن مادة كيميائية مُعدّلة وراثياً يتم رشها على نبات خامل، لتنتج تأثيراً شبيهاً بتأثير الماريجوانا الأصلية، إلا أنه أقل ضرراً ولا يستمر مفعوله إلا لدقائق معدودة، مع عدم تعرف الجهات الأمنية والدوائر الجمركية عليه في بداية الأمر. أدى ذلك لدخوله مصر بكميات كبيرة، أنواع ونكهات وأحجام وألوان مختلفة للأكياس الملونة، سعر الكيس المحتوي على أربعة جرامات ثلاثمائة جنيهاً مصرياً، وعند تناوله يؤدي إلى فقدان مؤقت للذاكرة وهلاوس سمعية وبصرية، ومع الإفراط الشديد لتناوله قد يؤدي للسكتة الدماغية والموت المفاجيء، و من الجدير بالذكر أنه قد تم إدراج الفودو بجداول المخدرات في بدايات 2015 .

الكيتامين.. هدية الحيوان للإنسان

هو المخدر الأساسي في العمليات الجراحية للحيوانات، كما يستخدم في التخدير للبشر في حالات العمليات البسيطة للأطفال، أو كمخدر أولى قبل إعطاء المخدر الأساسي، أجريت بعض التجارب على مشتقات الكيتامين كمضاد اكتئاب لكن لم تجزه المنظمات الدولية حتى الآن لآثاره الجانبية، وقد ظهر بشكل محدود بالقاهرة  في أوساط المدمنين 2014 للتعاطي عن طريق الحقن، وبهذه الطريقة ينتج أثراً سريعاً قد يمتد لمدة ساعة من الإنفصال عن الذات والمحيط، لكن مع رفع الجرعة قد تؤدي تلك الطريقة لحالات من التسمم الكيميائي والغرق والانتحار، لم ينتشر استخدام المنتج بتلك الطريقة، ليس لاعتبارات الخطورة، لكن لاعتبارات المكسب والخسارة، فقد لجأ التجار لرش الأمبول الواحد بعد تخفيفه على كمية كبيرة من النباتات الخاملة شبيهة الماريجوانا أو الفودو، لإنتاج الفودو المقلّد، المضروب، أو المحلي، أو الذي أصبح معروفاً بين أوساط الشباب بعد ذلك ب “الإستروكس”.

الاستروكس.. فخر الصناعة المحلّية

بعد محاولة تجار المخدرات الجدد، اللاعبون في ملعب الأعشاب الجديدة، مضاعفة المكسب بعد استخدام أمبولات الكيتامين بعد إضافة الأسيتون لمعادلة الطعم الكيميائي، ورشها على البردقوش أو النباتات الشبيهة بالماريجوانا المقلّدة، أصبح استخدام الكيتامين نفسه ليس شرطاً، بعد تضخيم القيود عليه بعد انتشار إدمانه، أصبحت مركبات أخرى كالهيوسين، والهيوسامين، والأتروبين، وهي كلها من مسببات الهلوسة تستخدم في الخلطة، لذا أصبح المنتج النهائي أقل سعراً، وبعدما كان المدمن يحتاج لمبلغ ثلاثمائة جنيهاً لشراء كيس صغير من المخدرات، أصبح يحتاج مائة وخمسين جنيهاً لشراء نفس الكمية، وبعدما كان الحصول على الكيس الأصلي المستورد للماريجوانا الصناعية أمراً صعب المنال، الآن يمكنك الحصول على كيس “ستروكس” أصغر حجماً من على نواصي شوارع فيصل والهرم بالجيزة  بمائة جنيه فقط لا غير، حفنة من الأعشاب في كيس بلاستيكي شفاف، تسبب بعض الدوخة المحببة للمتعاطي، والإحساس بالنشوة لكنها مع المدى الطويل تسبب ارتخاء العضلات،الإمساك المزمن، احتباس البول، فقدان الشهية، الإنخفاض الشديد بضغط الدم، وتوقف عضلة القلب والوفاة.

البريجابالين .. البديل المُسالم للترامادول

لم يظهر الاستخدام المفرط لكبسولات ال”بريجابالين” بمصر إلا بالعام الأخير 2017، حيث ظل معروفاً قبلها ومستخدماً في استخداماته الأساسية كمعالج لالتهابات الأعصاب الطرفية لمرضى السكر والمفاصل، ومساعد للعلاج في حالات القلق العام، قبل أن تصل عدة حالات نهايات العام الماضي لمصحات الإدمان من بعض الدول العربية كالإمارات العربية المتحدة، ترغب في العلاج من إدمان ” الليركا “، والليركا هو الإسم التجاري الذي تطلقه شركة الأدوية العالمية “فايزر” على خط إنتاجها من الكبسولات المحتوية على المادة الفعّالة “بريجابالين”، ومن مدمنين إلى مدمنين تسري نيران الرغبة في تجربة النوع الجديد، خاصة لسهولة الحصول عليه من الصيدليات، ورخص ثمنه مقارنة بالترامادول مثلاً الذي وصل سعر الشريط منه لمائتين وخمسين جنيهاً، حيث يبلغ سعر شريط الليركا وهو أغلى الأنواع المحتوية على المادة الفعالة مائة وثمانين جنيهاً بينما يصل سعر نفس الحرعة لنفس المادة الفعالة مع اختلاف الشركة المنتجة فقط إلى خمسة وعشرين جنيهاً مصرياً فقط لا غير.
يحصل المدمن على إحساس النشوة عند تناوله كمية كبيرة، تصل إلى شريط كامل، لكنه مع كمية أقل يحصل على امتيازات أخرى كتسكين آلام الظهر والمفاصل ومع أقل الكميات يحصل على نفس الميزة التي كان الترامادول يحققها، علاج سرعة القذف، لكن التعود على هذا العقار سريع جداً، وبعد عدة أيام يجد المتعاطي نفسه بحاجة لجرعة أكبر، كما أن الآثار الجانبية لطول مدة التعاطي غاية في الخطورة، لأن النواقل العصبية المفقودة في هذه الحالة تؤدي لحالات من فقد الإتزان المؤدي إلى الشلل بأنواعه .

الكبتاجون .. القوة الخارقة في قرص صغير للغاية  

لم تعد شركات الأدوية تنتج أقراص الكبتاجون لأنه منشط ممنوع دولياً نظراً لآثاره الجانبية البالغة، لكن تنتجه بعض المعامل الدوائية غير المُرخصة. ويعتبر الكبتاجون واحداً من الأمفيتامينات، أخطر منشطات الجهاز العصبي المركزي وأكثرها تدميراً له عند استخدامها على المدى الطويل، وهو عبارة عن أقراص صغيرة مشقوقة من النصف على أحد الوجهين وتحمل على الوجه الآخر منحنيان متقابلان، ويشعر الكبتاجون متعاطيه بعد دقائق قليلة من التعاطي بالطاقة المهولة والقوة المفرطة، وعدم الحاجة نهائياً للطعام والشراب والنوم، لم يكن الكبتاجون معروفاً بمصر حتى دخلها عن طريق بعض الدول العربية المنتشر تداوله بها كالسعودية والأردن، وهو من العقاقير التي يكثر الطلب عليها أيام الامتحانات ليساعد على السهر والتحصيل، كما يرتبط الكبتاجون ارتباطاً وثيقاً بالجنس حيث يساعد على القيام بآداء جنسي طويل، لكنه مع طول الاستخدام يؤدي للإصابة بأمراض مزمنة بالجهاز التناسلي.
كان قرص الكبتاجون في بداية وجوده بالأسواق المصرية يكلف خمسين جنيهاً ومع زيادة انتشاره وصل سعره إلى خمسة عشر جنيهاً فقط للقرص، ومن الآثار الجانبية الشائعة لتناول أقراص الكبتاجون، فقدان الشهية والوزن، فرط الخمول الذي يلي فرط الحركة، التوتر والأرق والهذيان والسلوك الانتحاري، الفوبيا وارتعاش اليدين والشبق الجنسي الحاد.

كريستال ميث.. طريقك السريع للهاوية

الميثامفيتامين يعتبر أحد مشتقات الأمفيتامين السابق ذكره كمكون أساسي لحبوب الكبتاجون، الفارق بينهما هو الصيغة النهائية والتي يترتب عليها بالطبع أسلوب التعاطي، فإن كان الكبتاجون أقراص صغيرة تؤخذ عن طريق الفم، ف “الشبو” أو “الكريستال ميث” هي كريستالات صغيرة إما تطحن ويتم استنشاقها، تُذاب في ماء مقًطّر و تُحقَن بالوريد، أو عن طريق “المدواخ الزجاجي” وهو عبارة عن غرفة إحتراق ملحقة بأنبوب، تشعل النار أسفل غرفة الاحتراق ويتم سحب الدخان المحمل بالميثامقيتامين من نهاية الأنبوب الزجاجي، وهي أخطر طرق التعاطي .
الشبو أيضاً قادم إلى مصر عن طريق الدول العربية وخاصة الكويت، حيث يكثر تداوله هناك قادماً مع العمالة الواردة من دول جنوب شرق آسيا المشتهرة بتصنيعه، وهو غالي الثمن مقارنة بباقي أنواع المخدرات، ويبلغ سعر الجرام الواحد منه خمسمائة جنيهاً مصرياً، ومن أشهر آثاره الجانبية: التفلّب المزاجي الحاد، و الميل إلى العنف، والارتفاع المفاجيء لضغظ الدم والذي يؤدي بدوره للوفاة، حسب معهد فيريل الألماني للدراسات، والذي يعتبر الكريستال ميث حسب آخر إحصائياته، أخطر أنواع المخدرات في العالم .. على الإطلاق.

الأوكسيتوسين .. هورمون الحب والثقة والسعادة

أوكسيتوسين كلمة لاتينية تتكون من مقطعين وتعني الولادة السريعة، ذلك أن واحدة من مهام ذلك الهورمون أنه يقوم بقبض عنق الرحم فيسهل دفع الطفل للخارج وتتم عملية الولادة ، وعند تعثر تلك الولادة يلجأ الأطباء لحقن الأم بالهورمون لتسهيل الأمر، إلا أن ذلك الهورمون أيضاً يساعد في إدرار لبن الأم من صدرها لفم الرضيع  ويفرز بداخل جسد الرضيع مع لمسات الأم الأولى له فيشعره بالآمان والثقة، كما تعمل الكمية التي تُفرَز في الدم من هذا الهورمون أثناء العملية الجنسية على دخول الجسم في حالة من الإرتياح والإسترخاء والنعاس بعد هزة الجماع، كما يقلل الأوكسيتوسين من المخاوف الأجتماعية، يرفع معدلات التفاؤل، ويزيد الإحساس بالثقة حسب الموسوعة العالمية للعقاقير الطبية، وبعد معرفة بعض العاملين بالحقل الطبي وخارجه بما يمكن أن يمنحه ذلك الهورمون والسعادة لجأ البعض منهم لتجربة تلك الحقن التي تستخدم أثناء عمليات الولادة.
وبالرغم من الآثار الطيبة للهورمون في المرات الأولى لتعاطيه، وهو التأثير الذي شبهه البعض لتناول كوب أو اثنين من النبيذ الممتاز، إلا أنه مع زيادة عدد مرات التعاطي بدأت تظهر الآثار غير المحببة للهورمون، كزيادة المشاعر العدوانية على سبيل المثال لا الحصر، حيث يرفع الهورمون المُفرز في جسد الأم استعدادها لحماية أطفالها الصغار من الأذى، كما يجعل ذلك الهورمون من المرء سريع الغضب وسهل الاستثارة وقد يتطور الأمر للإصابة بالأمراض النفسية والعقلية.

الفلاكا .. الزومبي يغزو المدينة 

منذ شهور والحكايات تتواتر عن دخول مخدر الفلاكا لمصر حتى أذاعت إحدى القنوات تقريراً يعرض مهاجمة مواطن إفريقي تحت تأثير المخدر لطفل في منطقة القاهرة الجديدة ، مما يعد بمثابة أول إعلان رسمي عن تواجد المخدر بمصر، وهذا المخدر رخيص السعر ويأتي من الصين، وهو على حسب المعهد الأمريكي لدراسة المخدرات كبسولات تحوي مادة بيضاء كريهة الرائحة يمكن أن تُبلع أو تُستنشق أو تحقن أو يتم تناولها عن طريق السجائر الإليكترونية، ويتسبب بعد تعاطيه في حالة من السعادة المفرطة تتخللها نوبات من العدائية والنزوع إلى العنف، لدرجة الهجوم على الأخر وعضه بشراسة مما أدى لتشبيه متعاطيه بالزومبي، يفقد المتعاطي إدراكه مع رفع معدل الجرعات، كما يفقد احساسه بالألم، يتحوّل لآلة تدميرية لنفسه وللآخرين، قد يخلع ملابسه كاملاً، أو يلقي بنفسه من النافذة أو تحت عجلات سيارة مسرعة.
على المدى الطويل ، يؤدي تناول مخدر الفلاكا لتدمير الكليتين، أو للإرتفاع الكبير المفاجيء بدرجة حرارة الجسم ، مما يؤدي للوفاة.
تصوير: سيد داود واراب