في الوقت الذي كانت دعاء تناقش  زوجها بحثا عن مدرسة لابنهما حمزة،  مدرسة  جيدة  تناسبهما  ماديا، جاء صوت وزير التربية والتعليم من التلفاز، معلنا  ولادة  تجربة تعليمية جديدة  في مصر وهي المدارس اليابانية. مدارس بنظام  التعليم الياباني  وبأسعار رخيصة،  تصريح  غيّر من خطط دعاء وزوجها لتعليم ابنهما  “أول ما سمعت الوزير بيتكلم  عن التجربة دي، دخلت الإنترنت قرأت عنها، ولما عرفت انها قائمة على أنشطة لتنمية مهارات الطالب، وإن ابني هيتعلم  النظام  والالتزام والتعاون زي اللي بنسمع عنهم في اليابان، قررت أقدم له في المدرسة اليابانية فورا” تقول دعاء.

***

في مارس الماضي  شهد د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم في مصر توقيع برتوكول تعاون مشترك بين الوزارة  ومنظمة  (جايكا) اليابانية  للإصلاح قطاع التعليم في مصر، هذه التعاون جاء  من خلال مشروع (الشراكة المصرية اليابانية للتعليم) الذي دشنه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته لليابان في فبراير من العام الماضي.

يذكر أن منظمة جايكا اليابانية منظمة حكومية مستقلة، تختص بمساعدة النمو الاقتصادي والاجتماعي في الدول النامية، وهي المنظم الأساسي  للمدارس اليابانية في مصر، قال مصدربمنظمة جايكا رفض ذكر اسمه لمراسلون إن منظمة جايكا هي الداعمة الفنية للمشروع، وهي المختصة بجلب الخبراء اليابانيين إلى مصر لتدريب المعلمين، بالاضافة إلى سفر المعلمين المصريين للتدريب في اليابان ، كما ستشرف المنظمة  على تنفيذ أنشطة “التوكاتسو”  اليابانية، وتصميم المدارس من مساحات الفصول وعدد  الطلاب بها.

***

أحمد عبد الوهاب النجار أدمن صفحة “أولياء أمور المدارس اليابانية ” على موقع الفيس بوك ( تضم الصفحة أكثر من 100 الف مشترك للصفحة)  يري أن التجربة تستحق الدعم وأنها ستضيف للتعليم  في مصر، أحمد  قام بتسجيل ابنه في المدارس اليابانية  بعد سماعه  وبحثه  عنها  يقول أحمد لمراسلون ”  انا قدمت لابني لإني معجب بالتجربة دي ، وحاسس إنها هتقدم جديد لابني ، ومسألة اشتراطهم عدم زيادة الفصل عن 40 طفل، وتحقيق أنشطة  خاصة تنمي مهارة ابني، مطمني”

من شروط منظمة جايكا اليابانية في المدرسة، أن تكون مساحة الفصل  8 × 8 أمتار، و يضم كل فصل عدد لا يزيد عن 40 طالب، وكل طالب له مقعد بمفرده، والفصل له بابان، أحدهما للخروج والآخر للدخول، وألا تقل مساحة المدرسة عن 6 آلاف متر، مع زيادة المساحات الخضراء بها.

***

رشا أشرف  مدير مشروع المدارس اليايانية في وزارة التربية والتعليم صرحت  أن هذه المدارس تقوم علي أنشطة ” التوكاتسو” وهي أنشطة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجانب الاجتماعي والعاطفي مع الجانب الأكاديمي للطالب، بالإضافة إلى تنمية روح التعاون ومهارات التعامل مع الآخرين . وأكدت مدير مشروع المدارس اليابانية في تصريحات سابقة لها أنه تم إدخال 12 مدرسة  في القاهرة إلى نظام التعليم الياباني، وسلمت الوزارة  7 مدارس جديدة من ضمن 28 مدرسة جديدة تحت الإنشاء في عدد من المحافظات، علي أن تصل المدارس في العام المقبل إلى 112 مدرسة وبحلول عام 2019 سيصل عدد المدارس اليابانية إلى 212 مدرسة.

***

فوجئ أولياء الامور أن العام الدراسي بدأ 24 سبتمبر، ووزارة  التربية التعليم لم تفتح باب التسجيل في المدارس اليابانية إلا بعد مرور ثلاث أيام وأستمر التسجيل  لمدة أسبوع فقط، تأخر وتخبط الوزارة أقلق أولياء الامور، خاصة الذين سجلوا وسددوا المصاريف  في المدارس الخاصة وفي نفس الوقت قاموا بتسجيل ابنائهم في اليابانية، فمنهم من قرر استمرار ابناءه في الخاص وصرف النظر عن اليابانية قلقا من حالة التخبط هذه. ومنهم من أختار المدارس اليابانية.

محمد منير والد طفلين قرر عدم سحب اوارق ابناءه من الخاصة،  وصرف النظر عن التجربة اليابانية في تعليم اولاده .. “صعب عليا أخسر 16 ألف جنية مصاريف الفصل الدراسي الأول  لولادي  في المدرسة الخاصة ، لأن المدرسة الخاصة رفضت ترجعلي فلوسي لما طلبتهم بيها في حالة خروج ولادي منها ودخولهم اليابانية، فقررت يكملوا في الخاص،  وبصراحة تخبط وزارة التعليم خوفني ، حسيت تجربة الياباني ممكن تبقى فرقعة علي الفاضي  فخفت” قال محمد.

أما مروي ابراهيم قررت خروج ابنها من المدرسة الخاصة رغم  تسديدها للمصاريف عندما علمت  قبوله في المدرسة اليابانية ” مش مهم 10 آلاف جنيه اللي خسرتهم في الخاص، أنا عجباني التجربة اليابانية وعايز ابني يتعلم فيها ” تقول مروي

***

لم يتوقف ارتباك  وضبابية  الوزارة في مواعيد فتح وغلق التسجيل في المدارس اليابانية ، إلا أن الضبابية  طالت الجزء الخاص بمصاريف هذه المدارس، فرغم  استقبال أولياء الامور  في مصر  خبر تجربة المدرسة اليابانية بترحاب شديد، خصوصا بعد تصريحات المسئولة عن إدارة المدارس اليابانية في الوزارة  في أبريل الماضي عندما قالت  أن مصاريف المدارس اليابانية سيطبق عليها قانون مصروفات المدارس التجريبية الحكومية،  والتي من المقرر أن تتراوح بين 2000 إلى 3000 جنيه سنويا، إلا أن صدم  أوليا الامور بعد تسجيل  ابنائهم في  المدارس اليابانية  أن  مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء نشر  تقرير حدد فيه مصاريف  انشطة (التوكاتسو) فقط  في المدارس اليابانية  من 2000 الي 4000 جنيه بالإضافة إلى التزام الطلبة بسداد  مصروفات الكتب الأجنبية، وكتب المستوي الرفيع، مضاف لها 10 % مصاريف نقل وتلف وسداد مصاريف النقل بالاتوبيس مضاف لها 10 % مصاريف ادارية.

منار أحمد  أم لطفلين أحدهما في المستوي الأول رياض أطفال، والثاني في الصف الأول الابتدائي ، بعدما سجلت ابنائها  في المدارس اليابانية  اعتقادا منها أنها أرخص من المدارس الخاصة والتجريبية فوجئت بأرتفاع أسعارها” هو احنا هربانين من أسعار المدارس الخاصة، وقلة جودة  المدارس التجريبي عشان نروح لتجربة لسه جديدة مش مضمونة ونلاقيها غالية كمان !!” قالت منار غاضبة .

داليا خلف ابنها في الصف الثالث الابتدائي تري أن المدارس اليابانية فخ لإيقاع أولياء الأمور، تقول لمراسلون:  “الوزارة جرت رجلنا، في الأول أوهمونا إنها  مدارس جيدة ورخيصة، وبعد ما قدمنا لولادنا، والعام الدراسي بدأ، يعني استحالة تراجعنا عن التقديم، قررت الوزارة أنها تفاجئنا بالأسعار الغالية دي، يعني يه ادفع رسوم النشاط لابني 4000 ده غير مصاريف الكتب والزي المدرسي؟ ده التكلفة في الأخر هتوصل تقريبا ل عشر الاف جنيه يعني زي المدارس الخاص!”

***

حالة الغضب التي انتابت أولياء الأمور أدت إلى سحب البعض منهم أوراق ابنائهم وارجاعهم إلى المدارس التجريبية، منهم آية محمود -والدة لطفلين- تقدمت لتسجيل ابناءها في المدارس اليابانية، وعندما وجدت المصروفات قد تزيد عن العشرة آلاف جنيه، أعادت أوراق ابنائها إلى المدرسة التجريبية  القديمة.. “الموضوع دخل فوق ال 10 آلاف جنيه وده فوق طاقتي المادية، بس يعني بعد ما أكون عامله حسابي على مبلغ آلاقي الوزارة أعلنت عن المبلغ العالي ده”.. قالت آية.

***

وعن تدريس اللغة اليابانية في المدارس أكدت مدير ادارة المدارس اليابانية انه لن يتم دراسة اللغة اليابانية، وأن  معلمين مصريين سيتم تدريبهم لتعليم الطلاب في هذه المدارس. يذكر أن وزارة التربية والتعليم اختارت في يونيو من العام الماضي 20 معلما مصريا للتدريب خمسة عشر يوما في اليابان  .

صفاء حامد بدر إحدي هؤلاء المعلمات  أكدت أن التدريب في اليابان كان على طريقة تنفيذ أنشطة (التوكاتسو) اليابانية على أرض الواقع، بالإضافة إلى جولات ميدانية لهم في الادارات التعليمية، والوزارة، وكليات التربية، وبعض  المدارس في اليابان.  تقول صفاء: “تدربنا أكثر من عام ما بين القاهرة واليابان، حتي نكون على استعداد لتدريب المعلمين المصريين الذين سيتم قبولهم في العمل بهذه المدارس”.

 

 

 

 

صورة أرشيفية من مدرسة مصر الحرة بالمنوفية

تصوير لبنى طارق