الليل في حي العطارين مختلف، أحيانا تنبعث رائحة كأنها قادمة من زمن ماض، لتأخذك إلى واقع مغاير عن حاضر المدينة. تسمع أصوات دكاكين تغلق أبوابها في مساء هاديء بعيدا عن ضجيج حياتنا العصرية،فأغلب تلك الدكاكين مازالت تحتفظ بأيادي حرفيين تحاول ماكينات المصانع الحديثة تجاوزهم ، لكنهم ما زالوا يقاومون للحفاظ على وجودهم.
ويأخذك ايقاع الحي، وحركة ناسه سواء في الليل أو في النهار،مع سحر المعمار الذي جاء مصمموه من مختلف أنحاء العالم، ودفء المكان إلي حالة من تلاحم الفن مع الماضي والتاريخ وحيوات البشر العابرين في الشارع، والذي عبروا ذات مرة وصنع كلا منهم جزءا صغيرا في حي العطارين.
- في احد ورش العطارين
يقع حي العطارين في وسط مدينة الإسكندرية، اشتهر الحي قديما بدكاكين العطارة والتوابل والتي كانت سببا في تسميته بهذا الاسم، وكان أحد أشهر أسواق العطارة في العالم في القرون الوسطى، وظل مركزا تجاريا هاما في قلب المدينة، وسكنت به العديد من الجنسيات التي عاشت في الأسكندرية منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى خمسينات القرن الماضي
- حسن في ورشته للزنكوغراف وفن كتابة اللافتات على صفائح النحاس
- في أول مدسة للبنين والبنات في الإسكندرية التي أقامها الأمريكيين الإنجيليين لخدمة أهل العطارين كخدمة من الكنيسة الإنجيلية ومنذ فترة تحولت إلى بيوت يسكنها أهل العطارين
في الخمسينات ومع سياسة التأميم الناصرية، و تهجير اليهود والجنسيات المختلفة من مصر، أختفت محلات العطارة بالتدريج، وحلت مكانها محلات الأثاث القديم والأنتيكات، بدأ النشاط مع هجرة الأجانب من المدينة وبيعهم لأثاث بيوتهم، ومع الوقت أصبح الحي سوقا معروفة لهواة جمع التحف، والأثاث القديم.
- عامل في أحد ورش الأثاث الكثيرة التي تملئ الحي وتصدر تلك المنتجات الى الخارج لجودة صناعتها
- يعمل عم حسني في شراء وبيع التحف والانتيكات بمحله الصغير بالعطارين منذ أكثر من خمسين عاما
العطارين واحد من أقدم أحياء الاسكندرية، ومن أجملها. فهو يحمل معمار يعكس عصور المدينة وتاريخها، وحرف وأنواع من الفنون تحفظ شخصية بعينها للمدينة. وتبقى الكنيسة الإنجيلية وجامع العطارين العتيق كأنهما جوهرتي المكان القديمتين.
- الكنيسة الإنجيلية في العطارين هي أقدم كنيسة إنجيلية في الدلتا بنيت عام 1898م وتمتاز بأن لها طابع معماري مختلف عن الكنائس الموجودة بمصر، وهي إحدى ثلاث كنائس في العالم بنوا بنفس الطراز النصف دائري لساحة الصلاة
- مسجد العطارين أو مسجد الجيوشي نسبة إلى أمير الجيوش بدر الدين الجمالي الذي أعاد بنائه في 477ه
- مسجد الجيوشي من الداخل
كمصور.. يجدد حي العطارين سؤال الصورة وتعريفها، فالتاريخ والذاكرة، وحكايات الناس، والقصص الكبيرة والصغيرة، تطالب بحقها في الظهور، العطارين بالنسبة لي هو الصورة التي تعكس ذاكرة الإسكندرية.
- عم محمد -70 عام- كان يعمل جزارا، وعاش بالعطارين طول حياته، لا يقرأ لا يكتب بالعربية، لكنه يقرأ رويات عن الحرب العالمية الثانية بالانجليزية وذلك بفضل أحد سكان الحي القدامى الذي علمه القراءة والكتابة بالانجليزية
- محمد صالح -25 سنة- طالب يسكن في حي العطارين في بيت أبيه وجده صاحب معرض أثاث وهو مرتبط بتلك المنطقة فعمله وعمل اجداده في تلك المنطقة ويملكون ورشة ومنزل ومعرض ولا يتخيل محمد أن يترك السكن في المنطقة لارتباطه العملي والوجداني بها