عدم تحويل مستحقات الممرض “شوتكو” المالية من العملة الصعبة العامين الماضيين، سيضطره لمغادرة ليبيا إذا ما استمر هذا الوضع، كما فعل زملاؤه من العناصر الطبية المساعدة بمركز مصراتة الطبي.

80 ٪ غادروا

يقول الممرض الأوكراني “رومن شوتكو” 45 عاماً – وهو يجيد التحدث بالعربية – إنه بدأ العمل بالمستشفى في أبريل عام 2002م، ويؤكد أن السبب الوحيد الذي أرغم رفاقه “الممرضين الأجانب” على ترك العمل بالمستشفى، هو عدم إجراء تحويلات مالية لهم.

ومع مغادرة قرابة 80 % من العناصر الطبية المساعدة الأجنبية لا يملك مساعد مدير مستشفى مصراتة المركزي محمد جمعة اعبيد إلا إبداء أسفه لتأخر مصرف ليبيا المركزي في مخاطبة فروع المصارف التجارية بمصراتة، بإجراء تحويلات مالية.

ويضيف اعبيد أن العناصر الطبية المساعدة الأجنبية تهتم بالحوالات المالية أكثر من أية أمور أخرى، وأن مرتباتها الحالية بسعر الدولار في السوق الموازي لا تتعدى 100-200$، حيث وصل سعر الصرف في السوق الموازي إلى 8.3 دينار ليبي، بينما يساوي 1.35 ديناراً ليبياً بسعر الصرف في البنوك الليبية، “صرف المرتبات داخلياً لا يشجع الأجانب على البقاء في ليبيا، لأن تلك العناصر اضطرت للغربة للعيش هي وأسرها”.

حلول غير جذرية

“مغادرة هذه العناصر الأجنبية سببت ربكة كبيرة داخل المستشفى الذي كان يعتمد على 250 عنصراً طبياً مساعداً من جنسيات هندية وفلبينية وسودانية وأوكرانية وبنغلاديشية، بالإضافة إلى 300 آخرين من الليبيين” يقول بشير صالح أبوبريدعة المدير السابق لإدارة التمريض بالمستشفى لـ”مراسلون”.

ويتابع أبوبريدعة أن المستشفى تعاقد مع مسعفين ليبيين ممن تلقوا دورات تدريبية امتدت ما بين 3-6 أشهر، ولكنها “حلول غير جذرية لسد العجز” حسب قوله.

وفي حين يتفق أبوبريدعة مع العناصر الطبية المساعدة لمغادرتها بسبب توقف التحويلات المالية من العملة الصعبة؛ يطالب المصرف المركزي باعتباره سلطة عليا في الالتزام بوعوده لضمان تقديم خدمات صحية ذات مستوى جيد للمرضى المترددين على المراكز الصحية العامة في ليبيا.

عاجزون عن الحل

حسب كلام مدير الشؤون الإدارية والمالية بوزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني فوزي صالح اونيس فإن الوزارة عقدت جلسات خلال المدة الماضية مع مصرف ليبيا المركزي، وتم التوصل لاتفاق بأن يكون من حق العنصر الطبي أو الطبي المساعد الأجنبي إجراء حوالات مالية، “وقد تم اعتماد ذلك بالفعل مؤخراً” حسب كلامه.

ونوه اونيس إلى أن مشكلة عدم إجراء حوالات مالية للعناصر الطبية والطبية المساعدة الأجنبية تواجهها كافة المراكز الصحية في ليبيا، وهذا ما دفع أعداداً كبيرة منهم للاستقالة وترك العمل في ليبيا، ولكن الوزارة حسب اونيس ليست جزءاً من المشكلة “إنها عملية مصرفية بحتة، ونحن قمنا بما هو مطلوب دون أي تقصير أو تأخر”.

ويتفق معه في إلقاء اللوم على المصرف المركزي مسؤول العمليات الخارجية بالمصرف التجاري الوطني مصراتة محمود الهادي الطويل، والذي يستغرب تأخر مصرف ليبيا المركزي في إتمام التحويلات المالية للأطقم الطبية الأجنبية، “نحن في المصرف التجاري قمنا بإتمام كافة الإجراءات المتمثلة في تعبئة طلبات الحوالات المالية وإرسالها للمركزي”.

وأوضح الطويل لـ”مراسلون” أن مصرف ليبيا المركزي هو من يمنح رموزاً خاصة بالتحويلات المالية للعمالة الأجنبية تسمى “CBL”، مضيفاً أن لكل عنصر طبي مساعد أجنبي رمزاً خاصاً به، يُمنح له عند إتمام الاجراء وجاهزية الحوالة المالية بسعر الدولار في المصرف المركزي.

حاول “مراسلون” التواصل مع عدة مصادر مسؤولة في مصرف ليبيا المركزي، ورغم المحاولات الحثيثة للحصول على أية معلومة إلا أن جميعها باءت بالفشل، ومع استمرار هذا الصمت المصرفي من المركزي تستمر مغادرة العناصر الطبية المساعدة الأجنبية التي لم يتبقّ منها أحد سوى شوتكو وبضعةٌ آخرون.