عندما وقعت مصر على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، ارتأى الرئيس أنور السادات أن النشيد الوطني لمصر وقتها ”والله زمــان يـا سـلاحـي/ اشتـقـت لـك في كـفـاحي/ انطق وقـول أنـا صاحـي/ يــا حــرب والله زمــان “ لا يُلائم المرحلة. فأصدر أوامره للموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أن يعيد توزيع أغنية الفنان سيد درويش التي كتبها له الشيخ يونس القاضي من وحي خطب القائد الجماهيري مصطفى كامل ”بلادي بلادي بلادي/ لكِ حبي و فؤادي/ مصر يا أم البلاد/ أنت غايتى والمراد
وعلى كل العباد/ كم لنيلك من أيادي“ ليكون نشيد للبلاد.
***
لعب الغناء الوطني دوره في تشكيل الوعي الجمعي المصري، منذ كانت مصر مملكة لأسرة محمد علي وحتى يومنا هذا، وألهب الحماسة الوطنية خاصة مع شعب عاطفي وانفعالي كالشعب المصري، وأذكى أحاسيس الفخر والاعتزاز بالشخصية المصرية عند المصريين دون مبررات واقعية أو منطقية. ”المصريين أهمه/حيوية وعزم وهمه/ جيل بعد جيل متقدمين …المصريين ..المصريين“ مثلما تغني ياسمين الخيام.
الإقطاعي صاحب المزرعة
كثيرًا ما كان يحلم الخديو اسماعيل بأن يجعل من مصر قطعة باريسية كالتي رأها في رحلاته المتكررة إلى أوروبا. كان يشاهد ما يعجبه هنا وهناك في أوروبا التي كانت تتحول وقتها -في القرن التاسع عشر- من الإقطاع إلى النظام الرأسمالي من عمارة وصناعة ومظاهر أخرى فيرسل في طلب صانعها ليصنع مثيلتها في مصر.
كان يتصرف بأفق الإقطاعي الذي يحلم أن يحول مزرعته الكبيرة إلى مدينة كوزموبليتانية بارقة، لذا كان طبيعيًا أن يطلب من الموسيقار الإيطالي جوزيبي فيردي في عام ١٨٦٩ أن يؤلف له مقطوعة موسيقية لتكون سلامًا ملكيًا يُعزف في المراسم الرسمية الملكية وفيما بعد سيصاحبه نشيد ”مولانا يا صاحب الجلالة …يا من ضمنت لنا العدالة“، وذلك تمجيدًا لصاحب المزرعة.
وكان الغناء وطنيًا عندما يكون تعظيمًا للخديو أو السلطان أو الملك من الأسرة العلوية. فهم وصاحب الجلالة الوطن، فأرض الوطن ورعاياه إرثًا له ولأسرته. وقيل أن الخديو توفيق قال ”ورثت ملك هذه البلاد عن آبائى وأجدادى، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا“، لكن أحمد عرابي، أحد ضباط الجيش المصري آنذاك، رد عليه وهو واقف أمامه على صهوة جواده في قصر عابدين كما في الصورة المتخيلة في الذاكرة الشعبية وقال: ”لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا…ولن نستعبد بعد اليوم.“
كلنا جميعا للوطن ضحية
ثم أخذت تتنامى إبان الاحتلال البريطاني لمصر عام ١٨٨٢، حركة وطنية مصرية تطالب برحيل المستعمر الغربي وبالاستقلال التام، ومعها تبلورت صورة الوطن وأدراك الوعي الجمعي المصري أن مصر هي المصريين، وليس صاحب المزرعة. وترددت على الألسنة مقولات مصطفى كامل، مؤسس الحزب الوطني، وصاحب الخطب النارية الرنانة :”بلادى .. بلادى، لك حبى وفؤادى، لك حياتى ووجودى، لك دمى ونفسى، لك عقلى ولسانى، لك حبى وحياتى، فأنت أنت الحياة، ولا حياة إلا بك، يا مصر..“
وصار حب الوطن يعني التفاني وبذل النفس باعتبار أن ”الوطنية الحقة تقضى على صاحبها بأن يضحى حياته خدمة لوطنه لو دعت الحاجة لذلك“، تمامًا كما يقول مصطفى كامل، وكما يظهر في الهتافات التي ظلت في الذاكرة الشعبية المصرية: ”الاستقلال التام أو الموت الزؤام “ و ”نموت نموت وتحيا مصر “، في تلك اللحظة التاريخية وقف المطرب المصري سيد درويش يصدح بالغناء ”مصرنا وطننا سعدها أملنا .. كلنا جميعا للوطن ضحية“
لعبت ثورة ١٩١٩ دورها في لمعان نجم سيد درويش الذي بدأت آثار ألحانه تظهر على الموسيقى المصرية للمرة الأولى عندما أدخل الغناء البوليفوني في أوبريتاته الشهيرة، حيث وقف يستصرخ المصريين: ”قوم يا مصري…مصر دايمًا بتناديك…قوم لنصري نصري دين واجب عليك“.
ثم تحايّل بالغناء لترديد اسم سعد زغلول رغم الأوامر البريطانية بعدم ذكر اسمه في الهتافات والأغاني، حيث كان مجرد التلفظ باسم ”سعد زغلول“ تهمة تكفي للزج بصاحبها في السجن، ولحن من كلمات الشاعر بديع خيري ”يا بلح زغلول يا حليوة يا بلح/ يا بلح زغلول يا زرع بلدي/ عليك يا وعدي يا بخت سعدي/ زغلول يا بلح يا بلح زغلول.. “ وصار الغناء وطنيًا عندما يكون في امتداح الشعب وبطله الشعبي.
ونجح سيد درويش نجم الأغنية ومطرب الجيل في ذلك الوقت أن يجعل من الموسيقى والغناء وسيلة للتعبير السياسي ولانتقاد الوضع الاجتماعي والاقتصادي مثلما غنى عند ارتفاع أسعار الجاز (الكيروسين) ”استعجبـــــوا يافنديه اللتر الجــــــــاز بروبيه/ مابقاله اليوم شنه ورنه واللي بيبيعه له كلمة/ ياما ناموا كتير ناس في الضلمه/ وصبح أغلى م الكولونيه “
ومع صدور تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، وإعلان مصر مملكة مستقلة ذات سيادة، صارت الحاجة ملحة إلى نشيد وطني جديد يعبر عن الكيان الوليدة، وبالفعل وقع الاختيار على نشيد وطني وضع كلماته الأديب مصطفى صادق الرافعي ولحنه صفر عليّ وقام بتوزيعه يحيى الليثي واستمر نشيدًا وطنيًا من ١٩٢٣ إلى ١٩٣٥، يقول: ”اسلمى يا مصر إننى الفدا/ ذى يدى إن مدت الدنيا يدا/ أبدا لن تستكينى أبدا/ إننى أرجو مع اليوم غدا/ ومعى قلبى وعزمى للجهاد/ ولقلبى أنت بعد الدين دين/ لك يا مصر السلامة/ وسلاما يا بلادى/ إن رمى الدهر سهامه/أتقيها بفؤادى/ واسلمى فى كل حين “
وصار حب الوطن ديانة، وتغنت الأغاني الوطنية بذلك ”ولقلبى أنت بعد الدين دين“، ونفس ذات المعنى غناه سيد درويش، ”لولا اعتقادنا … بوجود إلهنا .. كنا عبادنا .. النيل عبادة“، كانت ما تزال رياح ثورة ١٩١٩ تأجج الروح الوطنية وتلهب الغناء الوطني بكل معاني الحماسة.
ولما رحل سيد درويش، الذي كان قد أُطلق عليه ”فنان الشعب“، وفشلت الثورة في تحقيق هدفها، وهو رحيل الإنجليز، خمدت جذوة الأغنية الوطنية لما يزيد عن ١٣ عامًا، ساد خلالها الغناء العاطفي. لكن مع انتفاضة الحركة الطلابية في عام ١٩٣٥، المطالبة بالاستقلال صدحت حنجرة المطرب الصاعد وقتها محمد عبد الوهاب بأغنيته الوطنية الأولى ”حب الوطن فرض علي … أفديه بروحي وعينيه“، بنفس نزعة الفداء وبذل النفس محبة للوطن التي كانت تتردد في غناء سيد درويش.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-١٩٤٥) إنحسر مد الأغنية الوطنية ثانية إلى أن وقعت النكبة عام ١٩٤٨ فتأججت من جديد المشاعر الوطنية فنيًا، وغنى عبد الوهاب من كلمات الشاعر علي محمود طه: ”أخي جاوز الظالمون المدى… فحقَّ الجهادُ وحقَّ الفدى“.
في مديح الثورة والأخ الكبير
ثم جاءت اللحظة التي نجح فيها الضباط الأحرار فيما فشل فيه عرابي، وأزاحوا الملك فاروق، الإقطاعي صاحب المزرعة -حفيد الخديوي إسماعيل- في ذلك الوقت، عن الحكم في ٢٣ يوليو ١٩٥٢. وبعدها بأيام أفرج مجلس قيادة الثورة عن أغنية لمحمد عبد الوهاب من شعر كامل الشناوي، كانت قد سجلت قبل الثورة بعام لكن السلطات الملكية منعتها، لتكون نشيدًا للثورة والحرية. وانطلق صوت عبد الوهاب في محطات الإذاعة ”كنت في صمتك مرغم/ كنت في صبرك مكره/ فتكلم و تألم وتعلم كيف تكره “
ثم غنى محمد قنديل ”ع الدوار عالدوار راديو بلدنا فيه اخبار ع الدوار ع الدوار….في الاخبار قلبك يتهنى كنا في نار وبقينا ف جنه واللى ظلمنا بقى فى النار ع الدوار ع الدوار“، وسطع نجم المطرب الشاب عبد الحليم حافظ، الذي قال له الزعيم جمال عبد الناصر ”أنت ابن الثورة“ فأُطلق عليه ”مطرب الثورة“، وذلك لكثرة ما غنى للثورة وقائدها. كانت أولى أغانيه الوطنية، أغنية ”العهد الجديد“: ”و شباب النيل للنيل فداء/ يبذل الروح له بذل السخاء/ وشعار العهد من نور الأمل/ اتحاد ونظام وعمل. “ وتوالت الأغنيات.
وحين أراد عبد الناصر أن يستميل إليه القيادات اليسارية المختلفة معه ويضم شيوعيو مصر إلى الاتحاد الاشتراكي، وقف عبد الحليم يغني ”قربوا من فكره وأحلامه يا اللي عليكم كل كلامه/ ناصر ناصر ناصر/ فى الصورة طالقكم قدامه قلتم إيه/ ناصر ناصر/ قيادات شعبية قلتم إيه؟/ قلنا يا زعيمنا قلوبنا أهي.. أيامنا أهي.. ليالينا أهي“ وأصبح الغناء وطنيًا طالما أنه في مديح الثورة والأخ الكبير جمال عبد الناصر.
***
ثم نشبت حرب ١٩٥٦ أو ما يعرف بـ ”العدوان الثلاثي“ لإنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر، فغنت سيدة الغناء العربي أم كلثوم من كلمات الشاعر صلاح جاهين وألحان كمال الطويل ”والله زمــان يـا سـلاحـي“ بكل ثقة وعزم يليق بالمصريين الذين لا يهابون الحروب والجاهزين للتضحية. وغنت فايدة كامل بنفس ذات العزم والثقة من شعر كمال عبد الحليم وألحان علي إسماعيل: ”دعْ سمائي فسمائي مُحرِقَة/ دعْ قناتي فقناتي مُغْرِقَة/ وأحذرِ الأرضَ فأرضي صاعقة “
وفي فترة الوحدة بين مصر وسوريا ١٩٥٨-١٩٦١، صارت نكهة الغناء الوطني قومية عربية. وهاهي المطربة اللبنانية صباح تغني من ألحان الفنان اللبناني فريد الأطرش، ومن كلمات الشاعر المصري مرسي جميل عزيز: ”من الموسكي لسوق الحميدية أنا عـارفة السكة لوحدية/ كلها افراح و ليـالي ملاح وحبايب مصر يا سورية/ بأمان و سلام وبشوق وغرام ح نغنـي نشيد الحرية“. ومن فرط الحماسة يغني محمد قنديل على نحو مبالغ فيه من كلمات بيرم التونسي، وألحان عبد العظيم عبد الحق ”وحدة ما يغلبها غلاب تباركها وحدة احباب/ توصلنا من الباب للباب و لا حايل ما بين الاتنين/ و لا مانع ما بين الاتنين و لا حاجز ما بين الاتنين/ انا واقف فوق الاهرام و قدامى بساتين الشام“.
الواقع وكلام الأغاني
ومع النمو الاقتصادي وانتعاش أحوال القطاع العام في مطلع الستينيات، تضخمت الأماني وغني عبد الحليم من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل ”حريــــة ، واشتراكيـــة ، ووحــدة ، مكتــوب حروفهـــا بمليــــون ورده ، علـى صـــدر بلـــده عربيـــــة ،
معــرفـــش مـن أى الأقطــــــار ، صنـــاعة كبـــرى ، ملاعـب خضـرا ، تمـاثيـل رخـام ، ع الترعــة ، وأوبـرا ، فــى كــل قريـــــة عربيـــــة ،
دى مـاهيــش أمـانـى ، وكـلام أغانـى ، ده بـر تانــى ، قصــادنـا ، قــريـب ، يـا معـداويـة“
***
ثم يغني عبد الحليم بحماسة ابن الثورة في عيدها العاشر أغنيته الوطنية ”مطالب شعب“: ”هندسها جمال وحنبنيها وهنطلع فوق السما بيها/ حبيبتنا بلدنا اللى كنوزها رجعت لأصحابها وأهاليها/ بلد الأحرار كلها ثوار ولا كلمة لغير شعبها فيها“ ثم يبلغ حليم الذروة في أغنيته ”صورة“ التي كتبها صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل ”صورة صورة صورة كلنا كدا عايزين صورة/ صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة“
ثم جاءت النكسة التي مازالت مرتبطة في الوعي الجمعي للمصريين بأغنية ”عدى النهار “. وعلى خلاف السائد بدأت الأغنية الوطنية بصوت خافت غابت عنه المشاعر المتدفقة وحماسة الوطني الجسور و اعتمد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي على الرمزية لنقل الإحساس. ”عدّى النهار../ و المغربية جايّة/ تتخفّى ورا ضهر الشجر..و عشان نتوه في السكة..شالِت من ليالينا القمر!..و بلدنا ع الترعة.. بتغسل شعرها/ جانا نهار مقدرش يدفع مهرها..“ ويتكسر الصوت أكثر فأكثر لكن الحس الوطني الوثاب يصرخ في آخر الأغنية ”أبداً..بلدنا للنهار “
كانت النكسة صدمة نفسية جماعية أصابت المصريين بعد هذا الكم من الحقن الوطني الذي كلنت تحقنه الإذاعات في آذان المواطنين، وتكشفت حقيقة الأمر، فنحن نبالغ في تقدير إمكانياتنا، وتفجرت الأغنية الوطنية بالجرأة والمرارة والسخرية على يد الثنائي الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم، ”الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا/ يا محلا رجعه ظباطنا/ من خط النار/ يا أهل مصر المحميه بالحراميه/ الفول كتير والطعميه والبر عمار“
غير أن الحس الوطني ليس عقلانيًا. يواصل عبد الحليم حافظ من ألحان بليغ حمدي ”سكت الكلام والبندقية اتكلمت/ والنار وطلقات البارود/ شدت على ايدين الجنود و اتبسمت/ إحنا جنودك يا بلدنا وحبنا/ ماشين على طول الطريق اللى رسمناه كلنا/ جتلك وأنا ضامم جراح الأمس/ حالف لرجعلك عيون الشمس“، غناء وطني يثير المشاعر يليق بمطرب عاطفي.
***
وقامت حرب أكتوبر وتبدلت الهزيمة إلى نصر وحلقت الأغاني الوطنية في أثير الإذاعة ”بسم الله… الله أكبر بسم الله بسم الله/ بسم الله… أذن وكبر بسم الله بسم الله/نصرة لبلدنا بسم الله بسم الله/ بإدين ولدنا بسم الله بسم الله/ وأدان على المدنه بسم الله بسم الله/ بيحيي جهادنا بسم الله بسم الله/ الله أكبر أذّن وكّبر/ وقول يا رب النصرة تكبر “
وغنت المطربة الجزائرية وردة أغنية “حلوة بلادي” التي كتبها عبد الرحيم منصور ولحنها بليغ حمدي:”حلوة بلادى السمرة/ بـــــلادي الــــحـــــــــرة بلادي/ وأنا على الربابة بــغـــنـي/ م املــــكـــــــش غــــير إنـي اغــنـي وأقــــــول/تعــيــشـــي يا مـــــصـر “.
وعاد العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ يشدو بصوته ليمدح صاحب قرار الحرب القائد أنور السادات ”عاش اللي قال الكلمة بحكمة وفي الوقت المناسب/ عاش اللي قال لازم نرجع أرضنا من كل غاصب“، ودخلت كلمة ”سيناء“ قاموس الوطنية، وصار الغناء وطنيًا طالما كان في سيناء، تمامًا مثلما يغني عبد الحليم ”وصباح الخير يا سينا رسيتي فى مراسينا/ تعالي فى حضننا الدافي ضمينا وبوسينا يا سينا“.
الجمود وعودة الروح
بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، أصاب الأغنيات الوطنية الجمود، وصار الغناء وطنيًا في عهد مبارك (1981-2011) عندما يكون في سيناء واسترجاعها كاملة، وللتأكيد على اختياره رئيسًا كما في أغنية ”اخترناه” وامتداحًا لدوره كطيار في حرب أكتوبر كما في أغنية ”أول طلعة جوية فتحت باب الحرية“.. واختصرت مصر في كونها الحبيبة الساكنة في القلب، كما في أغنية محمد ثروت وهاني شاكر ”إن كان على القلب مفيش غيرك“، وصولًا إلى أن صارت تُعرف بطبق الكشري وكوب الشاي باعتبارهما معلمًا من معالم مصر كما في أغنية ”فيها حاجة حلوة“.
وصارت الوطنية مرهونة بالشرب من ماء النيل، وتبدل الحس الوطني حتى أصابه الدلال و”الدلع“ كما نستشعر في صوت المطربة اللبنانية نانسي عجرم وهي تغني ”لو سألتك انت مصري تقولى ايه؟؟ تقولى مصري ابن مصري و ابن مصر الله عليه “، ودخلت الأغنية الوطنية مرحلة الدعاية كما في أغنية مصر قريبة ”مصر قريبة وقوام يدوب جواها الغريب/ ما بالك وانت القريب أخويا وصاحب مكان“
***
ومع قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، عادت الروح للأغاني الوطنية القديمة وترددت في ميدان التحرير أغنية شادية ”يا حبيبتي يامصر“ وأغنية عبد الحليم ”صورة صورة“، واتسقت كلماتها ”هنقرب من بعض كمان هنقرب من بعض كمان واللي هيبعد من الميدان/ واللي هيبعد من الميدان/عمره ما هيبان فى الصورة “ مع المشهد الراهن، وكذلك أغنية الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ”الجدع جدع/ و الجبان جبان/ بينا يا جدع/ ننزل الميدان“.
كما ظهرت أصوات جديدة تغني للميدان وللثورة. كأغنية عايدة الأيوبي وكايروكي ”يا الميدان“ وأغاني رامي عصام ”ارحل“ و”طاطي راسك“ و ”الجحش والحمار “ و”أبو دبورة وشورت وكاب“ و ”يا مجلس ابن حرام“ و”ركبوا الميدان “، و ”صوت الحرية“ لكاريوكي و”يابلادي “ لرامي جمال ، ”أنا اللي هتفت سلمية“ عصام إمام، و”ارفع راسك“ حمزة نمرة.
***
ومع ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، عاد الصوت القديم الذي أشاد بجمال عبد الناصر مع قيام ثورة ضباط الجيش الأحرار، ليُسمع من جديد لكنه هذه المرة أكثر تنغيمًا وطربًا وتهليلًا للبطل الجديد القادم كــ”بشرة خير“.
تصوير: صبري خالد