قبل ستة أعوام وقع تفجير كان هو الأول من نوعه الذي تشهده مصر، حيث فجر مجهول كنيسة القديسين بالإسكندرية في عملية انتحارية راح ضحيتها 20 قتيلاً وأصيب نحو 100 آخرين في ليلة رأس السنة من عام 2011.
وقبل أيام وبالتحديد يوم الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016، تكرر المشهد بجرأة كبيرة بعدما اقتحم انتحاري الكنيسة البطرسية بالعباسية وفجر نفسه بحزام ناسف وخلف وراءه 26 قتيلاً و50 مصاباً.
قبل ستة أعوام وقع تفجير كان هو الأول من نوعه الذي تشهده مصر، حيث فجر مجهول كنيسة القديسين بالإسكندرية في عملية انتحارية راح ضحيتها 20 قتيلاً وأصيب نحو 100 آخرين في ليلة رأس السنة من عام 2011.
وقبل أيام وبالتحديد يوم الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016، تكرر المشهد بجرأة كبيرة بعدما اقتحم انتحاري الكنيسة البطرسية بالعباسية وفجر نفسه بحزام ناسف وخلف وراءه 26 قتيلاً و50 مصاباً.
جوزيف ملاك محامى “كنيسة القديسين” بالإسكندرية، وزميل المفوضية السامية لحقوق الأقليات بالأمم المتحدة بجنيف، يرى أن إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن أسماء المتورطين في تفجير الكنيسة البطرسية بعد 12 ساعة من التفجير، يجعله مطالباً بضبط الجناة الأصليين أيضاً فى حادث “القديسين” بعد معاناة استمرت 6 سنوات حتى الآن بدون أي بارقة أمل.
“ملاك” قال في حوار مع “مراسلون” إن هناك قصور أمني في منظومة حماية الكنائس في مصر، متوقعاً مزيد من التفجيرات خلال الفترة المقبلة، وفيما يلي نص الحوار:
مراسلون: للمرة الثانية تشهد الكنائس فى مصر تفجير قوي الأول كان في كنيسة القديسين عام 2011 والثاني حادث الكنيسة “البطرسية” قبل أيام.. كيف رأيت هذا الحادث؟
ملاك: تفجير الكنيسة البطرسية هو حادث بشع جداً هز مصر كلها، خاصة أنه جاء في توقيت صعب جداً، بسبب من تمر به البلاد سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية بالإضافة لارتفاع وتيرة العمليات الارهابية، وتكرار عمليات التفجير.
بعد عملية تفجير الكنيسة البطرسية والذي يراه البعض صورة مكررة من تفجير “القديسين”.. هل ستنهى الحديث عن مرتكبي تفجير “القديسين”؟
بالطبع لا.. فحادث “البطرسية” أعاد للأذهان ما حدث عام 2011 في كنيسة القديسين وذكرنا بأحداثها.. ونحن قلنا لم ولن ننسى الواقعة، وأكدنا مراراً أن من يراهن على أننا سننسى أحداث كنيسة القديسين فهذا رهان خاسر وبالفعل وضعنا أمامنا الصورتين.
سهولة وصول الانتحاري لداخل الكنيسة “البطرسية” وتنفيذ العملية.. كيف رأيك ذلك وما الهدف من وراء ذلك؟
أعتقد أن الهدف من وراء الحادث هو إثارة الرأى العام العالمى ضد مصر، فى هذا التوقيت العصيب، لتوصيل رسالة مفادها أن الأمن غير قادر على حماية الأقباط في مصر، وبالتالي يحدث تصدع للنسيج الوطني وإثارة النزاعات بين الأقباط والنظام من جانب وبين الأقباط والمسلمين شركاء الوطن لإحداث زعزعة وفتنة، ما يخلق حالة من الغضب تؤدي لثورة، يتعاطف معها الآلاف ويستغلها أصحاب المصالح والتيارات المحددة.
ذكرت أن الحادث هدفه اثارة الرأى العام العالمى ضد مصر.. كيف ذلك ومصر شهدت أكثر من عمل تفجيرى مؤخراً ومن المسؤول عن ذلك؟
سواء كان المنفذ خلية إرهابية أو فكر متطرف، وبغض النظر عن المسؤول عن تنفيذ العملية، أعتقد أن هناك أنظمة مسؤولة عن هذا الحادث، وليس أفراد.. أنظمة كاملة تمول العمليات الإرهابية لزعزعة صورة مصر بهدف توصيل رسالة سيئة، وهناك بعض التقارير التى تم إرسالها أو تم الاعلان عنها خلال الفترة الماضية من بعض المنظمات العالمية، قالت أن النظام غير قادر على حماية الاقباط “الأقليات” ووفقاً للعُرف و القوانين الدولية ومنها القوانين الخاصة بحقوق الانسان فى الأمم المتحدة، فإن الأقباط تعتبر من الأقليات العددية الأصلية إلا أننا كمتشاركين فى الأرض لا نحب اطلاق هذا اللفظ في مصر على الأقباط.
بالعودة لتفجير الكنيسة البطرسية نجده تم تنفيذه بنفس طريقة تفجير القديسين.. هل هناك ربط بين الواقعتين؟
بالفعل عمت حالة غضب قبطى كبير وذلك لوجود شعور دفين لدى الأقباط أن “ضحاياهم” ليسلو قتلى ولا قصاص لقاتليهم، وذلك وفقاً لموروث قديم بعدم التوصل للجناة، خاصة وأن هناك قضايا خاصة بالأقباط مازالت عالقة حتى الآن لا جناة لها مثل قضية القديسين وأحداث نجع حمادي.
وأعتقد أن تعامل النظام السابق مع حادث القديسين وعدم تقديم الجناة للقضاء حتى الآن كان سبباً في تكراره بنفس الطريقة والأسلوب، ويثبت أن هناك جرأة من قبل الإرهابيين فالحادث الأول لم يتم ردعه أو التعامل معه بكفاءة ولو كان هناك ردع لما تجرأ أحد على ارتكابه مرة أخرى.
بعكس كنيسة القديسين التي لا تزال لا يوجد بها جناة أو تحريات بادر الرئيس السيسي للإعلان عن مرتكب تفجيرات “البطرسية” عقب وقوعها بساعات.. كيف ترى ذلك؟
العمليتان مماثلتان وأعتقد أن ما حدث فى تفجير كنيسة البطرسية بإعلان الرئيس عن المنفذين خلال 12 ساعة، أفشل الرسالة التي كان من المفترض أن يرسلها المنفذين، رغم ارتفاع أعداد الضحايا، ولكن علينا ألا نستبق الأحداث فمازال أمامنا مراحل تحقيق، وإن كان هذا لا ينكر وجود جهد كبير مبذول للتوصل للجناة.
لكن هناك من يشكك في صحة المعلومات المعلنة من قبل النظام.. كيف تعاملت مع ذلك؟
عملية التشكيك أمر وارد.. والتشكيك نوعين هناك مجموعة يصعب عليها تصديق سرعة تتبع الجناة ويشعرون باستغراب أن الجهات الأمنية استطاعت تحديد الجناة بهذه السرعة والكيفية لأول مرة خاصة بعد تداول روايات لدى وسائل الإعلام حول كيفية وآلية وقوع الحادث وخرجت روايات عديدة من بينها أن سيدة وضعت القنبلة، ورواية أخرى أن شخص وضع القنبلة وفجر نفسه، والنوع الثانى هم هواة تأليب الرأى العام، مثال والدة الإرهابي المنتحر أو من خلال قيام البعض مثل محامية المنتحر، شككت فى معلومات عن الجانى، وكلها روايات يتم ضحدها بطريقة الأدلة الجنائية.
سرعة ضبط الجناة.. هل ترى أنها رسالة أعادت ثقة المواطنين فى الجهاز الأمني؟
بالطبع.. ولكن مازلنا فى مرحلة التحقيق المبدئى ولا يمكن أن أعول على هذه المعلومات وحدها. ولا ننسى ما حدث فى قضية القديسين حيث اعتقد الجميع في البداية أن التفجير تم بسيارة مفخخة، وبعدها تبين أن شخص انتحاري فجر نفسه، كما حدث في الكنيسة البطرسية، حتى حضرت النيابة وأعلن الرئيس الأسبق آنذاك حسنى مبارك أن مرتكب الواقعة جيش الاسلام الفلسطيني، وتم ضبط 19 مشتبه فيهم ولكن بعد فترة ومن بينهم سيد بلال، وكان مفترض عرضهم على النيابة يوم 29 يناير 2011، إلا أن أحداث جمعة الغضب أجلت عرضهم على النيابة، وبعدها تم اخلاء سبيلهم ولم تعد هناك تحريات أو قضية على عكس أحداث الكنيسة البطرسية التى وصلت الأجهزة للجناة بعد 12 ساعة من التفجير، بعدما أصدرت القيادة السياسية تكليفات مباشرة لضبط الجناة.
تحدثت عن الردع لمواجهة الإرهابيين وعدم تكرار مثل هذه التفجيرات.. ماذا تعني؟
المقصود بالردع مثال ما حدث مع “دواعش ليبيا” بعد إعدام 22 قبطياً، والرد السريع من جانب مصر، بعدها لم يجرؤ التنظيم على تكرار أو ارتكاب الواقعة مجدداً، ولو تم ردع مرتكبى حادث القديسين لفكر الارهابيين 1000 مرة قبل ارتكاب واقعة أخرى، وفي حادث “البطرسية” حينما يخرج الرئيس ويتكلم عن ضبط الجناة فإنه يؤكد أن الجهات تعاملت بدقة وبسرعة متناهية وبشكل رادع مع الجناة.
هذا يعني أنك توجه اللوم للأجهزة الأمنية بالتقصير فى التعامل مع قضية “القديسين” مقارنة بـ”البطرسية”؟
بالطبع هناك قصور ومشاكل وأزمات، ففي تفجيرات القديسين الأمن لم يتعامل بجدية، خاصة أن جهاز المخابرات العامة برئاسة اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات السابق حذر من وجود تفجيرات ستحدث فى بعض الكنائس بالاسكندرية بعد حادث كنيسة “سيدة النجاة” بالعراق، والتى تمت بنفس الطريقة وتم إرسال المعلومات للأجهزة المعنية ووزارة الداخلية، التي لم تهتم باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الكنائس، ونتج عن ذلك حادثة كنيسة القديسين.
ست سنوات وقضية القديسين بدون جاني.. فما هو مصير القضية؟
أنا لا أتحدث عن مصير ولكن اتحدث عن اجراءات متوقفة، وبالفعل رفعنا دعوى قضائية “جنائية” ضد الدولة هي الأولى من نوعها أمام القضاء الاداري، خاصة أن الدعاوى الجنائية تحركها النيابة العامة، وذلك لإلزام الداخلية بتقديم تحرياتها في أحداث القديسين، حتى يتم البدء في تداول القضية، وبصفتي محامي ليس لي دور سوى مباشرة التحقيقات والاطلاع عليها وعندى أمل فى الوصول للجناة الأصليين.
برأيك هل وصل حجم الغضب القبطي بعد تفجير “البطرسية” للمطالبة برحيل النظام أو القيام بثورة على غرار ما حدث في 25 يناير في أعقاب تفجير القديسين؟
لم أر ذلك لكن بالطبع هناك حالة غضب عارمة انتابت الأقباط قبل أن يعلن الرئيس السيسي في الجنازة عن اسم المتهم الرئيسي، والقبض على عدد من المتهمين والبحث عن الباقين بعد تحديد هويتهم، الأمر الذي قلل من حجم الغضب، ولا اعتقد أن الشارع وصل إلى حد الغضب الذى يدعوه للقيام بثورة.
وأستبعد نهائياً حدوث ثورة جديدة في مصر، لأن الناس خلاص تعبت وأي شخص يعتقد أن الأزمات الاقتصادية ستتسبب في القيام بثورة فهو خاطئ، خاصة أن السيسي له مؤيديه، وأعدادهم كبيرة جداً.
تفجير كنيستين خلال 6 سنوات وإحراق 28 كنيسة وعشرات المحاولات للاعتداء على أماكن العبادة.. هل يشير ذلك لوجود قصور أمني؟
ما أراه أن منظومة حماية الكنائس بها قصور، ولو لم يكن بها قصور لما وقعت حادثة “البطرسية”، وربما تكون آليات التعامل غير صحيحة وتعاني من أزمات ومشاكل أو تحتاج لتعديلات، وهو ما نردده كل عام، ولابد من وجود آلية جديدة للتعامل الأمنى فى حماية الكنائس خاصة فى الأعياد.
ونحن مقبلون على احتفالات أعياد الميلاد.. هل تتوقع مزيد من التفجيرات مثل “البطرسية” و”القديسين”؟
نعم أتوقع حدوث أزمة وتفجيرات على المدى القريب أو البعيد، ولذلك أطالب بآلية تأمين منظمة على أعلى مستوى لحماية الكنائس، بعدما أصبحت الهدف للتفجيرات الإرهابية.
أنت زميل للمفوضية السامية للأمم المتحدة.. فهل مصر دولة معدومة الأمن؟
لا هذا ليس صحيح.. ولكن هناك محاولات من تيارات معينة ومنظمات مهمتها ضرب الاستقرار في مصر بتقارير مغلوطة وغير صحيحة تسيء لمصر، ولكن هذا ليس معناه أن مصر بمعزل عن تلك المحاولات، ولكن صمود مصر بشعبها في مواجهة هذه المحاولات خير دليل على التصدي لهذه المؤامرات، ما دفع مجلس الأمن والأمم المتحدة لإصدار بيانات تدعم مصر ضد الارهاب.
بعد اندلاع ثورة يناير بادر الألاف من الأقباط لإعلان رغبتهم في الهجرة للخارج بدعوى الاضطهاد.. هل لا تزال الفكرة موجودة؟
الأوضاع السياسية تنمى الهجرة لدى الشباب صغير السن الذى لم يتعايش مع أي شيء، ولم يشاهد المعاناة التي كنا نعانيها من قبل وكلما زادت المعاناة زاد تمسكك بالبلد لكن الجيل الحالي “يستسهل” الأمر فيفكر في الهجرة، أما لفظ اضطهاد فهو لفظ مطاطي وواسع يستخدم من جانب بعض التيارات والأشخاص لصالح حسابات معينة، ولكن هناك نوع من أنواع التمييز ظهر بوضوح فى عهد أنظمة سابقة لكن أعتقد أنه بدأ يتراجع حالياً.
في النهاية.. لاتزال قضية القديسين بدون جناة أو تحريات.. ماذا لديك لتقديمه؟
إن سعي النظام لمعرفة الجناة فى تفجيرات الكنيسة البطرسية يجعلنا نطالب الرئيس بفتح ملف القضايا القبطية العالقة، وعلى رأسها ملف كنيسة القديسين، والنظر لحجم المعاناة التي عانيناها خلال 6 سنوات مضت، ونطالبه بتطبيق القانون، وإلزام الداخلية بتقديم المتهمين الرئيسيين للمحكمة كما فعلت في حادث كنيسة البطرسية، بعدما تمكنت من ضبط الجناة خلال 12 ساعة.