“مراسلون” يحاور الدكتور نادر كويري وكيل وزارة الصحة في مدينة بنغازي الكبرى التابع للحكومة المؤقتة، حول نقص الأدوية وآلية توفيرها بالمستشفيات.
س- لماذا عجز جهاز الإمداد الطبي عن تغطية حاجة المستشفيات من الأدوية؟
“مراسلون” يحاور الدكتور نادر كويري وكيل وزارة الصحة في مدينة بنغازي الكبرى التابع للحكومة المؤقتة، حول نقص الأدوية وآلية توفيرها بالمستشفيات.
س- لماذا عجز جهاز الإمداد الطبي عن تغطية حاجة المستشفيات من الأدوية؟
ج- بسبب الأزمات المالية والوضع السياسي الحالي للدولة وكون المركز الرئيسي للجهاز موجود في طرابلس، ولم تسيل له الأموال التي تغطي الاحتياجات المطلوبة، بالتالي حصل نقص في تغطية تكاليف الأدوية مما أثر على احتياجات المنطقة الشرقية، فضلاً عن الصعوبات اللوجستية التي تتعلق بعمليات نقل الأدوية والتي خلقها الوضع نفسه.
وكون المواطن يتعامل مع المرافق الطبية التابعة لوزارة الصحة فبطبيعة الحال سيضع اللائمة على وزارة الصحة في حين أن المسؤول عن توفير الأدوية كما ذكرت هو جهاز مستقل وهو جهاز الإمداد الطبي ذو الميزانية والإدارة المستقلة عن وزارة الصحة.
س- هل بقولك هذا تُخلي مسؤولية وزارة الصحة عن توفير الأدوية للمستشفيات والوحدات الصحية؟
ج- لا… لانخلي المسؤولية عن الوزارة بشكل تام لان الدور الفني مناط بنا، ولكن ما أقصده أن توفير الدواء يجب أن يكون عن طريق جهاز الإمداد من خلال توفير ميزانية لهذا الجهاز، وفي ظل عدم توفر هذه الميزانية وخاصة بعد أن تم إنشاء جهاز الإمداد الطبي في وزارة الصحة بالبيضاء ولم ترصد له ميزانية أصبحنا مكبلين، مازلنا نتعاون مع الآلية السابقة … وننتظر وصول الدواء ونعتمد على العطاءات السابقة مع جهاز الإمداد الطبي المركزي بطرابلس.
س- وماهي الحلول التي قمتم بها كوزارة لحل مشكلة نقص الأدوية؟
ج- لا أخفي على أحد بأن الوضع الإداري والمالي يجعل من الوزارة على المحك في توفير الدواء، وقد حاولنا في الفترة السابقة أن نساهم في تخفيف المعاناة بتخصيص مبلغ عشرة ملايين دينار لمستشفيات مدينة بنغازي، وتم تسليمها بصكوك للمستشفيات لتوفير الاحتياجات، ولمركز بنغازي الطبي وحده تم تخصيص مبلغ 2 ونصف مليون دينار منذ حوالي خمسة أشهر.
س- وهل يغطي هذا المبلغ احتياجات مركز بنغازي الطبي الذي يقدم خدماته لعدد كبير من المواطنين من داخل بنغازي وخارجها؟
ج- في الواقع هذا المبلغ لايكفي لتشغيل مركز بنغازي الطبي لأكثر من شهر واحد، هناك بعض الاحتياجات المتمثلة في جراحة القلب وتركيب الدعامات، الأورام، والنساء والولادة كلها ذات تكاليف باهظة، خاصة بعد ارتفاع أسعار العملة الصعبة.
أصبحت لدينا مشكلة في التعامل حتى مع السوق المحلي نتيجة الارتفاع الكبير جداً في الأسعار المرتبطة بالسوق العالمي.
كذلك قامت وزارة الصحة بتخصيص مبالغ خاصة بالمستشفيات التي بها قسم للأورام ومنها مستشفى الأطفال، حيث تم تخصيص مبلغ مليون دينار لشراء أدوية للأورام في شهر يناير الماضي تم تسليمه بصك من وزارة الصحة مباشرة إلى مستشفى الأطفال، مع اشتراط التقيد بالقائمة الأساسية لمنظمة الصحة العالمية والتي تحوي الأصناف التي يشترط أن يتوفر الحد الأدنى منها لأي دولة في علاج الأورام.
وأكدنا على الإدارة ضرورة صرف هذا المبلغ لقسم الأورام فقط عن طريق المتخصصين.
س- “مراسلون” علم من مدير مكتب الإعلام بمستشفى الأطفال أن الادوية لم تصل بعد تسيير ميلون دينار من قبل الوزير إلى إدارة المستشفى لماذا؟
ج- السبب هو أن العطاء المطروح من قبل مستشفى الأطفال تقدمت له شركتان فقط، لأن الشركات الكبرى عادة تتعامل بعطاءات كبيرة مع الدولة، كون هذه الأدوية تصنع وفق الطلب أو ماهو متوفر منها عند الطلب، وحسب العطاء هذه الأدوية يشترط أن يكون منشؤها أوروبي وعرض الشركة قُدّم على هذا الأساس، والذي حدث أن ما تم توريده وجدنا به حوالي ثمانية أصناف ذات منشأ هندي وهو مخالف للعرض الذي قدم للشركة، ولهذه المخالفة تم إيقاف الشحنة ولم تمرر إلى القسم رغم أن مخزن المستشفى استلم الشحنة.
س- ولكن الشحنة وصلت إلى المخازن بالفعل، لماذا لا يتم استخدامها؟
ج- نعم وصلت حوالي 80% من الأدوية و20% لم تصل لأسباب لوجستية، ولم يتم تمريرها للقسم كونها هندية المنشأ وليست أوروبية بحسب الاتفاق، وبعد عقد اجتماع للجنة العلمية تم رفض الموضوع جملة وتفصيلاً دون الدخول في الأسباب.
س- ولكن أيضاً توجد حالات خطيرة لعدد من الأطفال في المستشفى قد يفارقون الحياة، ما السبيل لإنقاذ هؤلاء المرضى؟
ج- اقترحت على اللجنة بأننا في ظرف استثنائي ونحن نتطلع أن تكون الأدوية كلها ذات منشأ أوروبي ولكن لابد من إيجاد حل، الشركة ارتكبت خرقاً قانونياً ويجب أن يتخذ إجراء قانوني في هذا الخرق إما أن يتم إرجاع الأدوية، أو يتم معاقبة الشركة قانونياً.
ولكن إذا كانت هذه الأصناف تنطبق عليها الاشتراطات الأساسية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الدواء والغذاء الأمريكية FDA” ويتم مراجعتها من قسم الصيدلة والأخصائيين عندها يمرر للأطباء مع معاقبة الشركة وإلا يتم إرجاعها، المشكلة أنه حتى لو أردنا التعاقد مع شركة أخرى لتصنيع دواء جديد لن يكون الوقت في صالح الأطفال المرضى.
س- تنتشر أنباء عن قيام بعض العاملين بالمستشفيات ببيع الدواء إلى الصيدليات الخاصة لاسيما الأدوية التخصصية، ما صحة هذه الأنباء؟
ج- لا أحد يستطيع أن يُنكر بأن الفساد موجود في كل مكان، وفي كل العالم تُبذل جهود للحد منه ومنعه.. وللتوضيح: الآلية المتبعة لصرف الدواء في ليبيا تجعل من الصعب جداً أن يتم تهريبه من المستشفيات إلى صيدليات خاصة، وبالذات الأدوية التخصصية، فمثلاً الأدوية المخدرة يتم تسليمها واستلامها بطريقة الاستبدال بالأنبوب الفارغ، ولا يمكن صرف الدواء لمريض دون توقيع الطبيب، ولا يحفظ الدواء إلا في المخازن، وهناك جرد سنوي وفقاً لنظام المستشفى في عملية تسلسلية فكل مستشفى من المفترض أن لديه لجنة تفتيش ومتابعة، وأيضاً إدارة التفتيش والمتابعة في وزراة الصحة تقوم بدورها في هذه العملية.
س- معنى ذلك أنك تنفى أن يكون هناك تهريب للأدوية خارج المستشفيات؟
ج- أنا لا أستبعد ولا أنفي، ولكن إن ثبت وجود حالة تهريب أدوية وتوافرت عليها أدلة بالإمكان إجراء تحقيق شفاف بمنأى عن إدارة المستشفى، لأن قسم التفتيش والمتابعة لا يتبع إدارة المستشفى، وحتى إن حدث تهريب فأعتقد لعلبة أو اثنين أما بكميات كبيرة فمن الصعب جداً حدوثه.
في الفترة الأخيرة صارت طفرة في بعض الصيدليات التي توفرت فيها أدوية خاصة بالأورام عن طريق القطاع الخاص بنظام الاستيراد من السوق الخارجي، ولذا يفترض أن تُقام حملات من الحرس البلدي لمعرفة إذا كانت هذه الأدوية تتوفر فيها الاشتراطات الفنية المطلوبة أو لا، بالإضافة للاشتراطات من ناحية طرق دخولها عبر القنوات الرسمية.