كانت المسألة الليبية حاضرة بقوة في حملة دونالد ترامب الانتخابية ضد هيلاري كلينتون من خلال اتهامه لها بالمسؤولية عن مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم المتطرفين على القنصلية الأمريكية في بنغازي (11 سبتمبر 2012). فهي، حسب ترامب، تقاعست ضمن مسؤليتها في إدارة أوباما عن توفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين الأميركيين. وتجاهلت خطر المتطرفين في ليبيا بدلاً من الحث على اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاربتهم. ولذلك تتحمل المسؤولية عن الفوضى التى غرقت فيها البلد منذ خمس سنوات.

كانت المسألة الليبية حاضرة بقوة في حملة دونالد ترامب الانتخابية ضد هيلاري كلينتون من خلال اتهامه لها بالمسؤولية عن مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم المتطرفين على القنصلية الأمريكية في بنغازي (11 سبتمبر 2012). فهي، حسب ترامب، تقاعست ضمن مسؤليتها في إدارة أوباما عن توفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين الأميركيين. وتجاهلت خطر المتطرفين في ليبيا بدلاً من الحث على اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاربتهم. ولذلك تتحمل المسؤولية عن الفوضى التى غرقت فيها البلد منذ خمس سنوات.

وبعد فوز ترامب الصادم انطرحت الأسئلة في مضارب العرب حول تداعيات فوزه على السياسة الخارجية الأميركية بشأن التعامل مع قضايا الشرق الأوسط. فوز ترامب هو فوز مدوٍّ لليمين الأمريكي المتطرف بأصوات عوام البيض المتمحورين حول شعار “عظمة أمريكا البيضاء” والمتشبعين بكراهية من هو من غير لونهم أو عرقهم أو دينهم.

والسؤال السياسي المركزي: هل يمكن أن يشكل خطاب ترامب الشعبوي العنصري أثناء الحملة الانتخابية مرجعية إيديولوجية لتوجهاته السياسية بعيد جلوسه على عرش البيت الأبيض؟

الواقع أن الرئاسة في أمريكا مؤسسة امبراطورية تستوعب الرئيس ولا يستوعبها. وبالتالي فإن الكثير من أفكار ترامب الانتخابية سوف تُحجّم وفق المصالح العليا للأمة الأمريكية. ولا يعني هذا أنه لن تكون له بصمته الخاصة كرئيس على السياسة الخارجية التي من المرجح أن تكون في عهده أكثر تهوراً منها في عهد بوش الابن حيال قضايا العرب والمسلمين. فترامب لا يميز عملياً بين الجماعات الإسلامية الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي مثل جماعة الإخوان وأشباهها.

في ذلك ما يسر الدكتاتور بشار الأسد الممعن في تدمير سوريا والقضاء على ثورة أهلها بمعاونة روسيا وإيران باسم محاربة الإرهاب. كما يسر المشير السيسي فوز ترامب الذي كال المديح له بعد اجتماعهما في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد نقلت قناة فوكس الأمريكية وصف ترامب لاجتماعه مع السيسي بأنه “كان اجتماعاً مثمراً جداً. إنه رجل رائع (…) اجتمعنا لوقت طويل. كانت توجد كيمياء جيدة. أنت تعرف حين تكون لك كيمياء جيدة مع الناس. كان يوجد شعور جيد بيننا.” وأضاف أنه سيقوم بدعوة السيسى لزيارة البيت الأبيض إذا انتخب رئيساً لأمريكا.

على المقلب الآخر تخشى ترامب تلك الدول التي تدعم ما يُسمى بالإسلاميين المعتدلين مثل قطر التي تلعب منذ إدارة بوش الابن إلى إدارة أوباما دور الوكيل السياسي والمالي للإخوان وأشباههم. فمن الواضح أن سياسة الخارجية الأمريكية الجديدة، حسب رؤية ترامب المطروحة، سوف تتخلى عن مراعاة أحزاب الإسلام السياسي “المعتدل” التي كانت إدارة أوباما تراهن عليها بعد “الربيع العربي” لتولي السلطة تدليلاً على توافق الإسلام مع الديمقراطية والتحالف معها في محاربة جماعات “الإسلام المتطرف”. عكس ترامب الذي كما أشرنا آنفاً لا يميز عملياً بين الجماعات الإسلامية الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي التي تجاهر بأنها ديمقراطية. حتى أنه ليس بمستبعد أن يسن الكونغرس في عهده إجراءً قانونياً يعتبر جماعة الإخوان تنظيماً إرهابيا.

ومن هنا نأتي إلى المسألة الليبية المتأزمة والتي من المرجح أن تكون قضية هامشية جداً في اهتمام ترامب المهووس باستعادة عظمة أمريكا داخلياً أولاً. فهو على ما يبدو لن يعين مبعوثاً خاصاً لليبيا كما فعل أوباما. وسوف لن تتمسك إدارته بـ”اتفاق الصخيرات” على أنه الحل الوحيد للمسألة. وسوف يفتقد السراج العناية المرفهة التي كانت له عند جون كيري. وإذا ما حدث وعين ترامب، في مرحلة ما، مبعوثاً أمريكياً خاصاً بليبيا فلن تكون أجندته كمبعوث إدارة أوباما. بل ستكون أجندة جديدة مغايرة تستند على المواجهة الحربية من خلال توجيه ضربات عسكرية نوعية لمعاقل الجماعات الإرهابية بمسمى داعش أو غيرها من المسميات. وسوف يكون المشير حفتر حليفاً مُفضَّلاً فهو مدعوم من المشير السيسي الذي هو “رجل رائع” في نظر الرئيس ترامب وتجمعه معه “كيمياء جيدة”.