تتردد مسؤولة الشركة في التعليق حول المسألة، ثم تنكر أي معرفة لها بالموضوع.

في محاولة أخرى ترفض موظفة أخرى بالأهرام للمشروبات، أقدم الشركات المُصنعِة للخمور المصرية، أن تُدلي بتصريح حول قرار إحالة هذه الشركة للنيابة العامة الصادر مؤخرًا بشأن إعلان ساخر عن واحد من مشروباتها، لكن المشروب الخالي من الكحول متهم بالمساس بتقاليد المجتمع!

تتردد مسؤولة الشركة في التعليق حول المسألة، ثم تنكر أي معرفة لها بالموضوع.

في محاولة أخرى ترفض موظفة أخرى بالأهرام للمشروبات، أقدم الشركات المُصنعِة للخمور المصرية، أن تُدلي بتصريح حول قرار إحالة هذه الشركة للنيابة العامة الصادر مؤخرًا بشأن إعلان ساخر عن واحد من مشروباتها، لكن المشروب الخالي من الكحول متهم بالمساس بتقاليد المجتمع!

دعت إعلان شراب الشعير “بيريل birell” على موقع فيسبوك محبي المشروب للاحتفال لعدم تجنيدهم بالجيش المصري فترة تترواح من سنة إلى ثلاث سنوات. نشر الإعلان على موقع فيسبوك وكان يجسد شابًا يحمل شهادة الإعفاء من خدمة التجنيد في الجيش المصري.

تسبب هذا الإعلان في جدل كبير بمجرد نشره، حيث دوّن العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مقاطعة “بيريل”، بينما تحدث في المقابل عبّر عدد آخر من المُستخدِمين عن تجسيد الإعلان عما شعروا به عند حصولهم على هذه الشهادة، لكن جهاز حماية المستهلك وجده يمس قانون الجهاز، حقوق المستهلك، وتقاليد المجتمع كذلك!

كان المشروب، الذي دخل الأسواق المصرية في العام 1989، يعتمد على كونه مشروبًا غازيًا يختلف طعمه عن بقية المشروبات الغازية لأنه من الشعير، وقد وجد طريقه كمنتج للرجال فقط..هكذا واظبت الشركة في حملاتها الإعلانية على تقديم محتوىً للرجال المصريين حول مفهوم الرجولة، بمعناها التقليدي. كانت إعلانات بيريل تعلق حول ألوان الملابس المسموحة لشاربيها، ورفضها لأساليب أخرى في اختيار أزياء أكثر تلوّنا. كما سبق أن روجت بشكل تمييزي لصالح الرجال عبر مقارنات بين الذكور والإناث. يبدو ذلك واضحًا في شعار المنتج الأشهر “استرجل”، لكن حينما تلامست حملات الترويج الذكورية مع مسألة مثل دخول الجيش كان الارتباك كبيرًا، رغم التراجع الفوري عن هذا الاتجاه في الحملة.  

“شهادة الموقف من التجنيد” تعد محورية في حياة المواطن الذكر المصري منذ أن يبلغ 16 عامًا وحتى سن الثلاثين، حيث يكون مطالبًا بتسليم نفسه لمكاتب التجنيد التابعة للقوات المسلحة خلال هذه المرحلة العمرية، والمسماة  في الأوراق الرسمية بـ” سن التجنيد”. لا يسمح في هذه الفترة له بالسفر خارج البلاد أو مزاولة مهنة إلا إذا كان حاملًا لشهادة إعفاء صادرة عن وزارة الدفاع. تتنوع هذه الشهادات بين شهادة تثبت إتمام الخدمة العسكرية، أو تؤجلها بشكل مؤقت، أو تعفي صاحبها نهائيا من التجنيد، ولكل منها سبب مثل كون الشاب المُعفَى مؤقتا العائل الوحيد لأسرته أو لأمه الأرملة، أو أن يكون الولد الوحيد لوالده الذي وصل إلى سن المعاش (60 عامًا)، بينما يكون المُعفَى نهائيًا لأنه غير لائق طبيًا، أو يكون أخًا أو ابنًا لشهيد في عملية حربية أو لكونه يحمل جنسية أخرى إلى جانب المصرية.

رفضًا لـ”حلم الشباب”

يرصد جهاز حماية المستهلك، في خطاب الإحالة، ما جاء بالإعلان، حيث  يجسد شابًا يمسك بورقة يفترض أنها شهادة المعاملة العسكرية الخاصة بوزارة الدفاع، وقد ظُللت بما يفيد حصول صاحبها على الإعفاء من هذه الخدمة. كما تضمن وصفًا وجده الجهاز خطيرًا أن عدم دخول الجيش يعد حلمًا لكل شاب، وهو الأمر الذي استند إليه البلاغ ضد الشركة وإعلانها كذلك.

تمّ استدعاء الشركة إلى مقر الجهاز، المسؤول عن مراقبة المنتجات وحماية حقوق المستهلك. توقف الإعلان وحذفته الشركة. كما تقدمت الأهرام للمشروبات بإعتذار رسمي نشر على فيسبوك بتاريخ 19 أكتوبر/ تشرين أول، وعاودت نشره عدة مرات، وأذاعته وسائل إعلام أخرى. كان الهدف من الإعتذار التأكيد على أن سياستها لا تخلط بين حملاتها الإعلانية وأي مؤسسة من مؤسسات الدولة.

كما أكدت الشركة على إجراء تحقيق حول هذه المسألة، وقررت إتخاذ إجراءات جذرية، ولم يخل ذلك من إعادة التأكيد على “دعمها الكامل للدولة ومؤسساتها”.

رغم كل ما سبق قام الجهاز بإحالة الشركة للنيابة العامة، في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، لتكون رسالة واضحة لكل الشركات بأنه لا تهاون مطلقًا مع أي شركة أو كيان يتعمد مخالفة القانون، حسبما يؤكد رئيس الجهاز اللواء عاطف يعقوب.

كما جاء في خطاب الإحالة أن هذا الإعلان المحذوف كان يحتوي على “استمالات اقناعية غير أخلاقية مبتذلة في الترويج لمنتجاتها بالتحريض على مخالفة القانون وعدم احترام القيم الإخلاقية”. يستند قرار الإحالة على قانون الجهاز الخاص بحماية حق المستهلك  “في الكرامة الشخصية واحترام القيم الدينية والعادات والتقاليد المجتمعية”.  لم تحدد الشركة موقفها، حيث قرررت عدم التعليق حول المسألة في إنتظار قرار النائب العام حول هذه المسألة. بينما تستمر التعليقات على تدوينات الإعتذار على صفحة فيسبوك الرسمية للمشروب الخالي من الكحول.

يكشف تأمّل هذه التعليقات عن استمرار الجدل المحيط بمحتوى الإعلان بين مَن يدافع عنه ولا يجد سببا للإعتذار عنه أو تعليقات ساخرة من التراجع المفاجئ من جانب الشركة صاحبة الخطاب الذكوري المتشدد بعد قرار الإحالة أو متابعة الهجوم على الشركة لأنها لا تروّج للتجنيد.. هكذا يستمر الجدل بينما تخمد الدعاية لمشروب الرجال في إنتظار قرار النيابة.