البهجة بالنسبة لحسن قطب هي  موقف سياسي، فما يربطه بالناس هو الحب المبني على دوره في إسعاد الناس “عن طريق الحاجة الوحيدة اللي بعملها حلو وهي إني أشغلهم مزيكا.. الموسيقى جزء من تكويني، هي المياه بالنسبة لي، فأنا عايش عشان ألعب موسيقى، وسأظل دي جي حتى أصبح عجوزا”.

حسن قطب هو واحد من أقدم الـ “ديجيهات” في مصر، عمره 55 عاما، من مواليد مصر الجديدة، ومن مواليد برج العذراء الذي يعتز بالانتماء له جدا، مثلما يعتز بتجاربه الحياتية المختلفة.

البهجة بالنسبة لحسن قطب هي  موقف سياسي، فما يربطه بالناس هو الحب المبني على دوره في إسعاد الناس “عن طريق الحاجة الوحيدة اللي بعملها حلو وهي إني أشغلهم مزيكا.. الموسيقى جزء من تكويني، هي المياه بالنسبة لي، فأنا عايش عشان ألعب موسيقى، وسأظل دي جي حتى أصبح عجوزا”.

حسن قطب هو واحد من أقدم الـ “ديجيهات” في مصر، عمره 55 عاما، من مواليد مصر الجديدة، ومن مواليد برج العذراء الذي يعتز بالانتماء له جدا، مثلما يعتز بتجاربه الحياتية المختلفة.

الموسيقى دائما لها هدف في رأي قطب، وهي هدف في حد ذاتها، وهي سبب وجود قطب حتى هذه اللحظة. يقول “الدي جي له دور في التثقيف، يسمع الناس موسيقى لم يسمعوها من قبل، قد أقدم رقصة ايضا لأول مرة، ولقد كافحت طوال حياتي لجعل الانطباع عن مهنة الدي جي أنها مهنة محترمة”. والانفتاح على الموسيقى يجعل الناس ناضجة وراقية، والاستماع إلى موسيقى من حول العالم هو بمثابة فتح شبابيك على كل مكان في العالم، يدخل روح جديدة ومختلفة للاشخاص.

***

يقول قطب عن نفسه أنه كان طالبا متفوقا، كان يحب القراءة، ويعتبر نفسه محظوظا بأنه كانت لدى والده مكتبة كبيرة، مارس قطب نشاطات كثيرة في المدرسة كتابية واذاعية وكانت المهنة الأولى التي عمل بها هي الرسم، يقول “كنت خطاطا أرسم كل الخطوط وأنا عمري 15 عام، في إجازات الدراسة، وكنت اتقاضى مالا على عملي”. كتب أيضا قصصا قصيرة وشعر وهو في الجامعة، كان لديه الطموح أن يصبح كاتبا مشهورا. درس التجارة والإعلام ولم يكملهما، لم يكمل أشياء أخرى كثيرة بدأ فيها بالفعل، ولكن الموسيقى هي الشئ الوحيد الذي أكمله، فالموسيقى بالنسبة له هي طريقته للنجاة، فكل شخص يخدم ويوصل للآخر، وحين يجعل الناس سعداء  هذا هو أكثر شئ يشعره بالرضا.

 يحكي قطب عن أن كل ما فعله في حياته كان صدفة، لم يخطط لشئ. يقول قطب “بدأت في العمل بهذا المجال عام 83، كنت لا أزال طالبا في الجامعة، وكان لي صديق يعمل  ( Disc Jockey أو كما يقال شائعا DJ )  في ديسكوا أحد الفنادق، فأخذ اجازة وأنا عملت مكانه لمدة سنة،  كان الأمر هواية، بدأت في فندق 3 نجوم، قررت أنني سأصبح افضل دي جي في مصر، وخلال سنوات نفذت ذلك، حتى طلبوني للعمل في واحد من أكبر الفنادق في مصر، في ذلك الوقت كان أغلب العاملين في المجال أجانب.. المصريون كانوا قليلين جدا”.

***

يحتاج عمل قطب الى تحضير، قد يحتاج الآن إلى أربع أو ست ساعات، ولكن أغنية واحدة قد تستغرق يوما كاملا، قديما حين كانوا يعتمدون على شرائط الكاسيت في بداية عمله كان الأمر أصعب. يقول “لكي أحصل على موسيقى من حول العالم كنت اصادق المضيفات، الذين كانوا يحضرون لي شرائط الكاسيت من البلاد التي يزورونها”. قطب متخصص في “النوستالجيك ميوزيك”، موسيقى السبعينات والتمانينات، هو يلعب كل أنواع الموسيقى ولكنه يفضل  هذه الفترة من تاريخ  الموسيقى.

****

هو لا يملك مكتب، بل يفضل مقابلة الاشخاص بشكل اكثر حميمية، يتحدثون عن الموسيقى ويستمعون إليها، وسيتعلم بعد هذه السنوات أن يتعرف على محدثه مما يسمعه من الموسيقى. القصة الحميمة بينه وبين الناس هي الأهم، قد يحيي فرح مجانا لعدم وجود ميزانية له، وقد يحيي عيد ميلاد أو عقد قران في بيت، وأفضل ما في الأمر حين تعزمه الأسرة على الغذاء، أو يحضر له العريس هدية بسيطة بعد الفرح شكرا له، هذا هو معيار علاقته بالناس.

الأمر في هذه المهنة يتعلق بالكاريزما،  بالنسبة لقطب الدي الجي الماهر يجب أن يعلم “يلعب إيه؟ إمتى؟ لمين؟ إزاي؟” يفسر هذا بأن الدي جي يجب أن يعرف جيدا الموسيقى وانواعها، فهي مهنة تعبر عن روح وشخصية، وعليه أن يختار الموسيقى وفقا لمستوى الأشخاص الثقافي، أو ردود فعلهم خلال الحفل، فانطباع قطب عن الزوار عند دخولهم قد يجعله يغير الموسيقى، ثم يأتي أخيرا التكنيك، والميكس، وكيف سيستخدم الآلات، ولكن اختيار ترتيب الأغاني أهم من الميكس، قد تكون البلاي ليست جيدة ولا يرقص الناس، وقد تكون سيئة والناس ترقص ايضا، فالرقص بالنسبة لقطب ليس معيار.

“الموضوع كله في أن تختار أي موسيقى تلعب في أي وقت، وأن يلعب بطريقة يحبها الناس وأن يكون ترتيب الاغاني متناسبا”، ورغم أن الناس قد لا يحبون ما يلعبه من أغاني ولكنهم يحبون ما يفعله، فهو يلعب أغاني عربية وشعبية ولكنه يلعب اغاني لا يلعبها الباقون، يسميها “اغاني شيك”. فالاغاني تختلف من حفل زفاف، أو عرض أزياء، أو حفل شركة، أو سفارة، أواحتفال يضم جنسيات مختلفة.

***

سافر قطب للعمل في الخارج في 1993، قبل سفره كان قد وصل للعمل في فنادق الخمس نجوم في القاهرة وفي سيناء، حينها لم يكن هناك ديسكوهات إلا في الفنادق، وقليل من النوادي في الزمالك كان روادها من أشهر الفنانين والكتاب ونجوم المجتمع، وحين عاد من السفر بعد حوالي العامين من العمل في الخارج أعاد الكرة مجددا، عمل كمدير ال food and beverage  في قرية سياحية وعمل في الإدارة بشركة لمعدات الديسكو ، ثم أسس شركته الخاصة، وبعدها أدار ديسكو كان مهجورا لعدة سنوات، وتحت إدارته أصبح المكان مشهورا.

ترك حسن مهنة الدي جي بسبب غيرة زوجته لعدة سنوات، ولكنه لم يستطع البقاء بعيدا عن مهنته لفترة طويلة، فعاد اليها مع عمله في الادارة، والان هو يعمل في ادارة النوادي الليلية بجانب عمله كدي جي.

****

يقول قطب أن “الأمر كله إنني احب ما افعله، ونجحت في الاستمرار في هذه المهنة، خاصة وأن نظرة المجتمع للدي جي  ك”منفلت” يشرب ويرقص، رغم أن هذا لا يحدث طوال الوقت، ولا يفعله أي دي جي بالضرورة، ولكنها نظرة مازالت موجودة حتى الآن”.

قطب قد يغني ويرقص ويتحدث في الميكروفون للجمهور، وقد لا يفعل أيا من ذلك، فهو يعلم الوقت المناسب للقيام بالأمور،  يقول “كنت اجتهد دائما، وأتعلم كل الاتجاهات الجديدة في الموسيقى، والأمر الآن أسهل كثيرا بوجود الإنترنت، لم يكن هناك أسطوانات في مصر، من كان يحضرها هم أصحاب الفنادق او المضيفات، الاغنية كانت تكلف 40 جنيه في الثمانينات”. قد يستقيظ  قطب صباحا ليشاهد حفلة موسيقية، لديه أكثر من 300 حفلة، وألآف السيديهات والشرائط، يقول “حين كنت اسافر للخارج كنت اقضي بالساعات في محال الموسيقى لشراء الموسيقى، كنت ادفع كل أموالي  للموسيقى والكتب.. والملابس أيضا لأبدو انيقا”.

***

رغم أنه يلعب كل أنواع الموسيقى إلا أنه يفضل أنواعا معينة مثل موسيقى الميتال والجاز، وقام باحياء أفراح كاملة بموسيقى الجاز وموسيقى الروك و الميتال، كان يحضر لها اسبوعا كاملا . يقول “حين أعمل أفكر في الأغاني القادمة طوال الوقت، يجب أن أكون انعكاس لمزاج الحاضرين، لا أتشتت أثناء العمل، ويجب ان أكون لطيفا مع الناس، ويجب أن اكون ملتزما، فأنا أمثل أصحاب الإيفنت ويجب أن أكون صورة جيدة لهم”.

 قام قطب بلعب الموسيقى في ألآف المناسبات والافراح،  مناسبات من 20 شخص، وحتى 900 شخص، حفلات زفاف لأشخاص من كل الطبقات، فالمهم بالنسبة له أن يكون موجودا في المكان الصحيح، وأن يلعب موسيقى “لناس بتفهم، أو أخليهم  يفهموا، الأهم هو رضا الأشخاص من كل الطبقات والأعمار”. زبائن قطب هم من العسكريين، والاعلاميين، ورجال الاعمال، والأشخاص العاديون، هذا بالاضافه أنه وفق قوله: ” لعب في كل الأماكن في مصر”.

***

قطب الذي يعتبر نفسه “ترزي موسيقي” لا يكرر قوائم الموسيقى الخاصة به، فهو يذهب في كل مناسبة كأنه يعمل لأول مرة. هناك أشخاص يطلبون تيمة معينة من الموسيقى، وهو  يختار الموسيقى المناسبة، يجعلها كالقصة لها بداية ومنتصف ونهاية. وبالنسة له الموسيقى التي تلعب صباحا غير الموسيقى التي تلعب مساء، وموسيقى الأماكن المفتوحة غير الأماكن المغلقة غير الأماكن على البحر. في حفلات عروض الأزياء على سبيل المثال يضع  قطب لكل مجموعة أزياء موسيقى مختلفة ملائمة لها.

****

يستمع قطب الى موسيقى من حول العالم، ولأنه يود تغيير شكل موسيقى الافراح، لأنها عادة كلها متشابهة في رأيه، يلعب موسيقى من دول مختلفة مثل الموسيقى الروسي واليوناني والتركي، وموسيقى من كازاخستان والارجنتين، وفلكلور ايطالي وفرنسي واوكراني.

يقول ” أسهل شئ أقوم به أن أجعل كل الناس ترقص، وبدون أغاني شعبي، قد ألعبها نادرا دون تشويه الفرح، لكن موسيقى الرقص لا تجتذبني، أنا ألعبها فقط كي اجعل الناس تنبسط”. هو يشعر بالحرية أكثر في اختيار ما يحبه من موسيقى في الأوقات التي لا يرقص بها الناس. يقول قطب “حين ألعب موسيقى أشعر أني ملك العالم، وقد أذهب للنوم وأنا مرهق جدا، ولكنني سأشعر أني قد حققت كل أحلامي طالما جعلت الناس سعداء”.

يحكي قطب عن أحد الافراح التي انتهى منها وهو سعيد جدا، كان يلعب موسيقى الروك وفقا لطلب العروسين، وطوال أول جلسة موسيقى كما أسماها،  لم يرقص أحد على “الدانس فلور”، الكل يأتي يخبره أنه مبسوط، ولكنهم يرقصون بعيدا، هنا شعر قطب بالضيق، ولكنه في الجلسة الثانية أجبر المعازيم  جميعا على التجمع حوله والرقص، وشعر بالفعل بالسعادة لسعادتهم.

***

لكن الموسيقى لم يعد لها تأثير في سعادة الأشخاص مثلما كانت قديما في رأي قطب، تأثير الموسيقى أصبح مؤقت، قديما كان للموسيقى روتين، كانت روتين وطريقة حياة، لكن الآن علاقة الأشخاص بالموسيقى تغيرت كثيرا، فرغم أن الشباب الآن لديه ثقافة جيدة بالموسيقى حسبما يرى قطب، إلا انه قديما كان معتادا  لرجل أن يأخذ زوجته الى “ديسكو” ليرقصا، كان الناس يفهمون أكثر في الانبساط، الأن هذه أماكن محرمة، والناس عموما لم تعد تعرف كيف تشعر بالسعادة.  حدث هذا في رأي قطب على مدار العشرين سنة الماضية حتى الآن، فالانبساط اصبح مصطنع، وهذا يراه مؤخرا في الأفراح ومناسبات اخرى.

رغم كل ذلك، ولأن قطب يحب ما يفعله ويسعد به، وهو ما يراه سر نجاحه، تنتقل هذه السعادة للناس في المناسبة التي يلعب بها موسيقى، فيشعرون هم أيضا بالسعادة، ويقولون له ذلك بعد انتهاء الحفل، ففي رأيه الناس لديها استعداد للسعادة لو وجدت الشخص المناسب لاسعادها. وتبقى الموسيقى رغم كل شئ مهرب من الاحباط وضغوط الحياة.