كيف يمكن الكتابة عن السعادة؟

لا تهتم الصحافة بالبحث عن أسباب السعادة إلا نادرا، ربما تعودنا أن نسجل الآلام، أن نكتب عن الكوارث. نحاول هنا تقديم أماكن البهجة و أن نسجل أوقاتها وآثارها على الناس، وعلاقة ذلك بالاقتصاد والأوضاع السياسية.

كيف يمكن الكتابة عن السعادة؟

لا تهتم الصحافة بالبحث عن أسباب السعادة إلا نادرا، ربما تعودنا أن نسجل الآلام، أن نكتب عن الكوارث. نحاول هنا تقديم أماكن البهجة و أن نسجل أوقاتها وآثارها على الناس، وعلاقة ذلك بالاقتصاد والأوضاع السياسية.

“بين بحرين” تحقيق شارك فيه الزملاء نشوى فاروق، غادة الدربالي، طارق عبد الجليل، وأحمد وائل ليرصدوا لحظات سعادة المصريين بين البحرَين المتوسط والأحمر، من أجل البحث عن آثار التغيير في مدن على الأطراف، تبعد كثيرا عن مراكز الاحتجاج واشتباكات المجال العام وملفاته الساخنة. المصيف يصلح مدخلًا لفهم حياة المصريين.

نتأمّل هنا حركة المصريين على شواطئ البحرين المتوسط والأحمر. نشاهد تحولات العريش، المحاصرة بالإرهاب وحالة التأهب الأمنية الدائمة. شُلتْ عاصمة شمال سيناء وصار أهلها سكان محظورين من التجول بشكل دائم. تتناقض أجواء المدينة الشمالية مع الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة المصرية سواء في شرم الشيخ أو الساحل الممتد بين طابا ونويبع على خليج العقبة، وعلى شواطيء البحر نفسه خارج سيناء في مرسى علم والغردقة.

نرصد هنا محاولات المصريين للوصول إلى لحظات من السعادة على الشواطيء الأكثر شهرة المطلة على المتوسط سواء في الإسكندرية أو مرسى مطروح. كما حاولنا رصد السعادة بعيدًا عن البحرَين وكيف تختلس لحظاتها كذلك.

السعادة في بيوت العريش

في رحلة إلى العريش، شمال شبة جزيرة سيناء، تذهب زميلتنا نشوى فاروق من أجل البحث عن سعادة سكان محافظة الدم والنار المطلة على البحر المتوسط. 

بعد المرور من كمين “بالوظة” تصبح داخل محافظة شمال سيناء. بعده بـ 130 كيلو مترًا ستجد واحدًا آخر، “كمين الميدان”، نقطة الدخول لمدينة العريش، والذي يشترك في تأمينه عناصر الجيش والشرطة.

يستوقف الأمن السيارات العابرة، ويطالبون المواطنين بإبراز هوياتهم الشخصية للتأكد من أنهم من أبناء محافظة شمال سيناء أو من المقيمين فيها بحسب محل الإقامة. إذا كانت الهوية التي يحملها الشخص الزائر مدون بها محافظة أخرى يتمّ منعه من الدخول، بسبب الأوضاع الأمنية.

يتمّ فحص الهويات عبر “الحاسب الآلي” للتأكد من حالة أصحابها الجنائية، ثم يقومون بفحص السيارات مع التفتيش الذاتي لمستقليها، وأن لم يسفر التفتيش عن شيء يقوموا بتركهم، لتجد أن مجمل الوقت، الذي انتظرته في تلك المسألة ربما يصل إلي ساعة أو ساعتين حسب التكدس والزحام.

علي مقربة من شاطيء حي “المساعيد” بمنطقة العريش، وفي إحدى الشاليهات الموجودة علي البحر، يجلس عمار فضلون، أمام منزله المُطل على رمال البحر، مرتديًا لجلباب أبيض. فضلون ذو بشرة سمراء، ووجه حزين، غابت عنه البسمة، ممسكًا في يده سيجارة يخرج فيها غضبه من الوضع، الذي وصلت إليه مدينته. يعمل موظفًا في الصحة وزوجته تعمل مدرسة ولديهما 5 أبناء.

كانت حياتهم أفضل كثيرًا قبل ثورة 25 يناير، بعد خروج الجماعات الإرهابية تحوّلت الحياة إلى جحيم، دم، ونار، حسبما يقول.

ماضي المدينة السعيد

كانت العريش مقصدًا سياحيًا، حيث كان فضلون يذهب مع أسرته إلى حديقة الحيوان ومتحف “سوزان مبارك” الكائنَين بحي ضاحية السلام، وقد تمّ إغلاقهما منذ 5 سنوات بسبب استهدافهما من الإرهابيين لقربهما من مديرية الأمن.

يقول فضلون:” كنّا نختلس لحظات السعادة والبهجة من الحياة، لكنها ماتت وأعدمت بسبب الإرهاب والصراع الدائر بين الجماعات الإرهابية و الشرطة والجيش. تمّ إغلاق الحياة في وجوهنا”. بينما ترى زوجته هداية قدري أن البحر أصبح حزينًا. تعيش قدري أمامه منذ أكثر من 50 عامًا، لكنها تشعر الآن أن لونه الأزرق أصبح ملطخًا بدم الأبرياء خاصة بعد واقعة مقتل الشاب محمد راشد.

قتل الشاب المُنتمي لقبيلة الفواخرية وشقيقته مع خالته. قام الإرهابيون بزرع عبوة ناسفة أمام منزلهم على طريق البحر قاصدين استهداف مدرعة شرطة. انفجرت العبوة بعد مرور المدرعة ولم تصبها، لكنها أصابت منزل راشد.

سببت الحادثة حزنًا كبيرًا لهداية ودفعها ذلك للخوف من ملاقاة القدر نفسه، حيث تقول:” لا أعلم مصيري أنا و أسرتي ربما القتل أو التفجير”، ثم تتسائل إلي متي سيستمر هذا الوضع المؤلم في سيناء!؟

لا تخرج هداية قدري من منزلها إلا لشراء مستلزماتها والذهاب للعمل بسبب كثرة الكمائن الأمنية والتفتيش بشكل مبالغ فيه.

لحظات السعادة المُختلسة في صيف العريش تكون داخل المنازل، حيث تقول هداية :” نحاول تهيئة جو من البهجة والسعادة والروح الجميلة داخل المنزل بشراء المكسرات، اللب، والسوداني. نشاهد الأفلام و نجلس في بلكونة الشاليه الخاص بنّا المطلة علي البحر ونسمع الأغاني القديمة وأغاني التراث البدوي، لنتمكن من الاستمرار في الحياة”.

يحكي عمار فضلون لـ(مراسلون) :” كان المصطافين قادمين من كل المحافظات. تجد الخيالة، الجمال، وبائعي التسالي، وكل ما يخطر في ذهنك، أما الآن اختفت تلك المظاهر والبحر أصبح خاويًا لا يتردد عليه أحد، بل هاجره أهله خوفًا من القذائف”. 

رحلة طواف سيناء

إذا تحركنا من العريش إلى جنوب سيناء وفي رحلتنا للبحث عن السعادة بالقرب من البحر الأحمر، نتابع زميلنا أحمد وائل وهو يتخيل رحلة معاناة شريف أحمد، الذي يدير نزلًا صغيرًا يطل على خليج العقبة.

شريف بالأساس أحد أبناء محافظة شمال سيناء، لكنه يعمل جنوبها. الحركة من قريته، المسماة رابعة (تقع على بعد 30 كيلومترًا من بئر العبد)، إلى مكان عمله تتطلب أن يتحرك من ساحل البحر المتوسط حتى أقصي نقطة من ساحل البحر الأحمر، أو يكاد يطوف شبه الجزيرة المصرية كاملًا.  

تتمّ حركة شريف في ظل إجراءات أمنية مشددة حيث تقع نقاط التفتيش طول طريقه بكثافة. كل مرة تتحوّل العودة إلى قريته إلى مشقة كبيرة تستغرق أربع ساعات، رغم أن المسافة تقدر بحوالي 330 كيلومتر وسط توقع دائم للخطر.    

في جنوب سيناء يدير شريف مكانًا للباحثين عن السعادة على شاطيء محصور بين جبل وبحر على الطريق بين مدينتي طابا ونوبيع.

صارت هذه الشواطيء مقصدًا للشباب، لبعدها النسبي عن المصايف التقليدية، وإطلالته على مياه خليج العقبة الصافية. يمتد داخل البحر لسان وعلى جانبيه يتكوّن الشاطئان، بدلًا من تسميته رأس لشاطئين تمّ اعتماد اسمًا آخر ألا وهو رأس شيطان.

مع الوقت بدأ التحرّك بعيدًا عن هذا الرأس، قبله وبعده، ناحية طابا وناحية نويبع كذلك، وتراصت المعسكرات على الشواطيء الصخرية بالأساس.

من سعف النخيل تؤسس أكواخ صغيرة، يسميها البدو خُوشًا، يعاد بناؤها كل عام تقريبا بعد سيول الشتاء القادمة من العريش شمالًا.

في بعض الأحيان تنقطع الطرق المؤدية إلى المكان بسبب قوة مياه السيل، فقد شهد الموسم الماضي انهيار طبقة الأسفلت بالطريق الواصل بين دهب ورأس شيطان، خاصة الوصلة بين الجبال والمعروفة بشق الثعبان. 

يتجوّل على هذا الساحل الباحثون عن شكل آخر للسعادة بين الجبل والبحر. علاقة خاصة يوفرها المكان للباحثين عن الراحة.

نزلاء المعسكرات  ليسوا نزلاءً بفندق. يعاملوا بشكل مختلف حيث يحلون ضيوفًا على نظام فرضه  البدو من قبائل الترابين والحويطات والأحيوات وغيرها من قبائل وسط وجنوب سيناء.

التواجد هنا أقل كلفة من المكوث في فنادق مطلة على البحر الأحمر، في شرم الشيخ أو دهب أو طابا أو بالقرب من محمية رأس محمد.

يخضع النزيل لعرف البدو، وليس القانون، مما يسمح له بهامش من الحرية قليل ما يتوفر داخل مصر.

لا يهتم المُضيِّف، سواء  أصحاب المعسكر أو العاملين فيه، بما يحمله المُضيَّف أو تصرفاته في المكان. هم يريدون أن يوفروا له السعادة فقط.

كما يخضع زوار هذا الساحل لتفتيش مكثف، خاصة أثناء مرورهم عبر نفق الشهيد أحمد حمدي، الذي يمر من أسفل قناة السويس، وتتزايد نقاط التقتيش مع كل مسافة تقطع داخل سيناء، لقرب المكان من الحدود الدولية مع ميناء إيلات.

الشقاء من أجل سعادة الضيوف

نتجه غربًا لنتابع رحلة زميلتنا غادة الدربالي للبحث عن السعادة بين أهل محافظة مطروح.

رغم أن المحافظة تحتضن شواطيء جميلة مثل عجيبة، الأبيض، وكليوباترا على امتداد سواحلها غربًا بطول 450 كيلومترًا على البحر المتوسط إلا أن أهلها لا يذهبون إلى البحر إلا في أوقات قليلة بعد موسم السياحة الداخلية.

يشعر الطيب عبدالجواد، 63 سنة، بالسعادة عندما يجني محصولات أرضه الواقعة على بعد 40 كيلومترًا غرب مطروح، حيث يعمل بائعًا للمنتجات البيئية الصحراوية المشهورة بالمدينة مثل التين، التمر، وزيت الزيتون.

يعرض الطيب هذه المنتجات الطازج منها والمجفف ليجني صيفًا المال اللازم للانفاق على احتياجات أسرته المكونة من 8 أفراد بقية العام.

يقول “الطيب”:” عندما كنتُ شابًا يافعًا كنتُ أحب الذهاب إلى البحر أنا ورفاقي،  لكن مع مسئولية الأسرة أصبح الأمر قاصرًا على رحلات أسرية في نهاية الصيف إلى شواطىء بعيدة عن قلب المدينة الصاخبة لنضمن جوًا من الخصوصية لأولادنا ونسائنا بما تمليه عاداتنا وتقاليدنا”.

سر الخروج من مطروح

يفضل أهل مطروح الذهاب إلى الشواطىء فى أول الصيف أو آخره. تكون هذه فرصة للاستمتاع برحلات خلوية أو “الزرده”، باللهجة البدوية، حيث يتجهون إلى شواطيء مثل “أبو لهو”، “رأس الحكمة”، و”باغوش”. تتسم هذه المناطق بالهدوء ونقاء مياه البحر.

لا يعرف رحلات “الزرده” إلا السكان الأصليين، حيث تبنى خيام الرحلات ويتم إعداد الطعام على نار الحطب بالطريقة البدوية التقليدية ويقوم الرجال بعملية الطهو بينما تعطي النساء فرصة للراحة من الواجبات المنزلية ورعاية الأطفال فى هذا اليوم، وتكتفين بالمساعدة الخفيفة لأزواجهن.

بينما يظل الأطفال يسبحون فى البحر من بداية اليوم حتى آخره ولا يخرجون إلا لتناول الطعام فقط كما يمارس الشباب هواية الصيد وفى نهاية اليوم يعودون إلى منازلهم.

كم تدفع من أجل البهجة في الإسكندرية؟

إذا توجهنا شرقًا على ساحل المتوسط سنصل إلى الإسكندرية، عاصمة مصر قديمًا، ومدينتها الأبرز المطلة على البحر.

لم يعد المصيف الشهير يقدم البهجة إلا بثمن غال.

يتوافد علي محافظة الاسكندرية نحو مليوني مصطاف في الموسم الصيفي ليشتروا لأنفسهم بعضًا من البهجة والسعادة. ترصد زميلتنا نشوى فاروق الأثمان المدفوعة مقابل الفرحة بالقرب من شاطيء إسكندرية.

في الصيف الماضي أغلقت الفنادق الرسمية أبوابها أمام الزائرين بسبب أنها مكتملة العدد، بينما كان الملاذ الآخر لهم شقق الايجار والتي ارتفعت أسعارها بسبب الاقبال الكبير عليها، الأمر الذي جعل مهمة البحث عن شقة مهمة شاقة.

علي كورنيش الثغر تنتشر لافتات كثيرة  خاصة بوسيط أو سمسار، والذي يوفر للمصطافين شققًا.

يعرض السمسار على زبونه قضاء إجازته في حي العجمي ، مناطق البيطاش، الهانوفيل، و6 أكتوبر النخيل. تشتهر هذه المناطق، الكائنة في غرب الإسكندرية، بالإيجار اليومي وتعتبر أسعارها قليلة نسبيًا، حيث لا تزيد عن 500 جنيهًا (حوالي 50 يورو) بحسب قربها من شاطيء البحر.

ثمن ليلة بالقرب من البحر

كما يعرض السمسار على زبونه اختيارًا آخر مثل أن يستأجر شقة في مناطق المنتزه أو المعمورة، بشرق المدينة، وتبدأ أسعارها من 800 جنيهًا (حوالي 80 يورو) وحتى 1000 جنيهًا (حوالي 100 يورو) في اليوم الواحد.

بينما يختلف الأمر في شارع خالد بن الوليد، المعروف باسم “الملجأ” بسبب الاقبال الكبير عليه من المصطافين، ولأن كل الأسعار متوفرة به، حيث يتراوح سعر الشقة من 400 جنيهًا في اليوم حتى 600 جنيهًا لأنها تطل علي البحر.

يتقاضى السمسار في النهاية أجرًا عن ذلك، ليختار الزائر المكان المناسب لميزانيته.

على شاطيء البوريفاج يجلس المصطافون علي الكراسي فوق الرمال يختلسون لحظات من البهجة والسعادة، يستمعون إلى كلمات عبد الحليم حافظ، المُغناة على الشاطيء نفسه في العام 1969. لكن “دقوا الشماسي” تعاد الآن على الشاطيء نفسه من توزيع “الدي جي”.

رواد الشاطيء دفعوا 35 جنيهًا (سعر التذكرة حوالي 3.5 يورو) لدخوله، بينما لا تكتمل طقوس سعادتهم إلا بمرور بائع حلوى “الفريسكا” ليقف أمامهم ويفتح صندوقه الزجاجي الصغير ليتذوقوا الأنواع المختلفة من البسكويت المحشو بالعسل والسوداني والسمسم. 

بعد مبارك دخل الصعايدة شرم

رغم قرب مدينة مرسى علم المطلة على البحر الأحمر من الصعيد إلا أن أهله يفضلون التوجه نحو الغردقة أو شرم الشيخ، وهو ما يؤكده زميلنا طارق عبد الجليل.

يفضل حسين أبو حشيش، مدير العلاقات العامة بأحد الهيئات الحكومية، الذهاب مع أسرته إلى مدينة شرم الشيخ، بعد زوال النظام السابق، والذي كان يضع سياجًا أمنيًا حول المدينة.

تعتبر مدينة الغردقة، والممتدة لحوالي 36 كيلومترًا على ساحل البحر الأحمر، الملاذ الوحيد لمحمد ثروت الموظف بديوان عام محافظة أسيوط في الصيف حيث يقضي فيها 4 أيام سنويًا يعتبرهم التغيير الحقيقي له ولأسرته خلال العام.

يقول ثروت: “هناك نجد المتعة، حيث ألعاب الأطفال، المشاية، “الاكوا بارك” (ملاهي الألعاب المائية) والبحر الأحمر الذي غير وجهتنا التي طالما كانت للإسكندرية”.

شاطيء مختلف

نوع أخير من المصايف يبتكره أطفال القرى في صعيد مصر بالخروج إلى الترع الكبيرة هربًا من حر الصيف في محافظات أسيوط، سوهاج، والمنيا.

يقيم هؤلاء الأطفال خيامًا بسيطة من البلاستيك بالقرب من ترعة الإبراهيمية أو المناطق الضحلة من نهر النيل. يرتدون السراويل الداخلية للنزول إلى المياه هربًا من حرارة جو قد تصل إلى 45 درجة مئوية.

تمر الترعة بقرية المندرة قبلي شمال مدينة أسيوط، وتعد الملاذ الوحيد لأهلها من حرّ الصيف.

لا يذهب عادل حسين، 18 سنة، إلا لترعة الإبراهيمية ليتمتع بها كمصيف، حيث لا يجد حرجًا من الذهاب مرتديا سروالًا ضيقًا يغطي جسده من الأسفل. يرتدي صِديري على صدره عقب صلاة العصر في معظم أيام الصيف ويصطحب معه عددًا من أقاربه وأصدقائه في رحلة يومية.

تكون في أياديهم عوامات كانت في الأساس الإطارات الداخلية للسيارات لتساعدهم على الطفو فوق المياه حيث يروحون ذهابًا وإيابًا بين الجهتين بترعة الابراهيمية التي يصل عرضها إلى حوالي 90 مترًا وتمتد من أسيوط حتى محافظة الجيزة بطول يتعدى الـ300 كيلومترًا.

يصبح المنظر أكثر اتساعًا في شهر رمضان، حيث يسارع شباب القرى إلى مصايفهم الخاصة كل أمام قريته مُتخذين من مجرى الترعة منتجعاتهم الخاصة بهم أحيانا تثار المشكلات مع الأهالي نظرًا لعبور الفتيات من أمام المرسى قادمين من مدارسهن أو أعمالهن ليجدن الشباب شبه عرايا فيحتج أقاربهن، وتحدث مشاجرات مع الشباب سرعان ما تنتهي.

يمارس بعض الشباب لعبة الكرة المائية  بتكوين فريقَين ووضع علامتين طافيتين أسفلهما حجرَين مربوطين فيهما كمرمى للكرة في كل جانب بشكل طولي ويتسابقون للفوز في مباراة تستمر لمدة نصف ساعة ليتبادل اللعبة فريق آخر مع الفائز.

لا يعكر صفو هذا المصيف سوى حوادث الغرق الموسمية التي تحدث في هذه المصايف الخاصة ويطلق عليها أهالي قرى الصعيد اسم “الفدو السنوي”، حيث تختار الترعة شابًا أو اثنين كل عام في ذات المكان ليغرقا، وهي الضريبة التي يدفعها المصطافين هنا لقاء التمتع بماء الترعة سنويًا.