تحاول سلحفاة البحر التخلص من وحل مادة “الفسفوجيبس” من أجل العودة إلى مياه بحر خليج محافظة قابس الواقعة جنوب تونس والمعروفة بشدة التلوث.
تحرك السلحفاة زعانفها الأمامية وذيلها ببطء دون جدوى فقد أنهكها تعب محاولات الرجوع إلى بيئتها في البحر قبل أن تغلق فمها الشبيه بمنقار الصقور للأبد.
على بضعة أمتار منها يقف الناشط البيئي المقعد على كرسيه المتحرك نادر شكيوة حائرا وهو يتأمل السلحفاة بعينين يائستين وذابلتين، عجزها عن بلوغ المياه بسبب تسممها من التلوث.
تحاول سلحفاة البحر التخلص من وحل مادة “الفسفوجيبس” من أجل العودة إلى مياه بحر خليج محافظة قابس الواقعة جنوب تونس والمعروفة بشدة التلوث.
تحرك السلحفاة زعانفها الأمامية وذيلها ببطء دون جدوى فقد أنهكها تعب محاولات الرجوع إلى بيئتها في البحر قبل أن تغلق فمها الشبيه بمنقار الصقور للأبد.
على بضعة أمتار منها يقف الناشط البيئي المقعد على كرسيه المتحرك نادر شكيوة حائرا وهو يتأمل السلحفاة بعينين يائستين وذابلتين، عجزها عن بلوغ المياه بسبب تسممها من التلوث.
مقبرة بيئية
يقول متحسرا “للأسف لن تنجح هذه السلحفاة في مغادرة شاطئنا الملوث بفضلات المصانع الكيميائية، أثار الفسفوجيس تغطي جسدها. إنها تلفظ أنفاسها الأخيرة”.
غير بعيد عن تلك السلحفاة تظهر بقايا جثث عدد من هياكل السلاحف الميتة ممددة على رمال الشاطئ وبعض منها تحلل بمرور الزمن وتفوح منها رائحة الموت.
يقول الناشط البيئي نادر شكيوة لمراسلون إن مياه بحر خليج محافظة قابس أصبح بمثابة مقبرة بيئية دفنت بشواطئها الملوثة العشرات من السلاحف الجميلة.
ويعود سبب نفوق السلاحف الكبيرة القادمة من مسافات بعيدة من عمق البحر إلى التصاق مادة “الفسفوجيبس” بهياكلها ما يتسبب في تعرضها للتسمم.
ويلفظ المجمع الكيميائي بخليج قابس الذي يحول مادة الفسفات لعدة منتجات يوميا آلاف الأطنان من مادة “الفسفوجيبس” في البحر ما جعله شديد التلوث.
وتظهر بشاعة تلوث مياه بحر خليج محافظة قابس في نفوق تلك السلاحف الجميلة ونفوق أطنان الأسماك في قاع البحر الذي أصبح بمثابة المقبرة.
جرائم التلوث
ويرفض بحارة الجهة والنشطاء البيئيون إزالة جثث السلاحف من على الشواطئ لتكون شاهدا على “جرائم” المجمع الكيميائي في مدينتهم، وفق قولهم.
يقول الناشط نادر شكيوة الذي يترأس جمعية محلية لحماية البيئة والمحيط إن الهدف من نشاط الجمعية كان إنقاذ الحيوانات البحرية التي يلفظها البحر.
لكن نشطاء الجمعية سرعان ما تخلوا عن هذه الأحلام النبيلة بالنظر إلى قلة إمكاناتهم مقابل استمرار إلقاء كميات كبيرة من المواد السامة في عرض البحر.
يكاد يقتصر عمل هؤلاء النشطاء على قيامهم بجولات منظمة أسبوعيا لرصد ضحايا التلوث البحري على غرار السلاحف وكذلك بعض أنواع الطيور.
ويقول نادر شكيوة الذي يترأس جمعية صيانة واحة شط سيدي عبد السلام إن هذا نشاط الجمعية يهدف لتوثيق “جرائم” المصنع الكيمائي وانتقاد الحكومة التي لا تهتم بما تتعرض له حيوانات البحر من تسمم، وفق قوله.
قبل نحو ثلاثين عاما كان نادر يأتي مع أصدقائه الصغار إلى نفس الشاطئ للهو مع السلاحف العملاقة ومداعبتها.
يقول متذكرا “خلال تلك الفترة كنا نختبئ وراء مراكب الصيد الراسية على الشاطئ لمشاهدة السلاحف أثناء نبش الرمال لحفر جحور تضع فيها بيضها”.
ومازال هذا النوع من السلاحف المهدد بالانقراض يأتي إلى شاطئ خليج قابس لوضع بيضه قبل الرحيل إلى أعماق البحار. لكن مصيره أصبح مهددا بالموت المحتم.
نفوق الأسماك
ويتحدث بحارة الجهة الذين أصبح رزقهم مهددا جراء نفوق الأسماء بسبب التلوث الكيمائي باستياء عن ارتفاع نسبة التلوث بمياه خليج قابس الذي كان قبل عقود رمزا للنقاء.
ورصد بحارة الجهة أكثر من مرة نفوق كميات مهولة لأنواع مختلفة الأسماك بسبب تلوث البحر جراء إلقاء النفايات السامة به.
ويتذكر الشاذلي بحار بالجهة أنه شاهد مئات الأسماك متناثرة على شاطئ قرية غنوش القريبة جدا من مصانع المجمع الكيميائي بقابس.
وقال لمراسلون إن الأسماك كانت ملطخة بمواد سامة، مؤكدا أن أرزاق الصيادين أصبحت مهددة جراء نفوق الأسماك وتسممها بمواد كيميائية.
ويضيف بأن مستهلكي الأسماك أصبحوا يعزفون عن شراء الأسماء في جهة قابس بسبب علمهم بارتفاع نسبة التلوث في هذا البحر.