في ظل صعوبة الوضع الأمني والمعيشي بليبيا، والتضييق المتزايد على حرية الحركة ونقص أماكن الترفيه وبشكل خاص على النساء، شكّلت صالات الرياضة المنتشرة في طرابلس والتي تتبع أساليب عصرية في ممارسة أنواع مختلفة من الرياضات بديلاً مناسباً لتفريغ شحنات الطاقة السلبية.
في ظل صعوبة الوضع الأمني والمعيشي بليبيا، والتضييق المتزايد على حرية الحركة ونقص أماكن الترفيه وبشكل خاص على النساء، شكّلت صالات الرياضة المنتشرة في طرابلس والتي تتبع أساليب عصرية في ممارسة أنواع مختلفة من الرياضات بديلاً مناسباً لتفريغ شحنات الطاقة السلبية.
فلم تعد ممارسة الرياضة تأخذ الطابع التقليدي القديم، الذي تستصعبه معظم النساء وينفرن منه، حيث دخلت تقنيات جديدة منها مثلاً رياضة الزومبا التي تلاقي استحساناً وإقبالاً كبيرين من الطرابلسيات، لأنها أثبتت فاعليتها في حرق أكبر نسبة من الدهون إلى جانب متعة ممارستها.
رياضة ممتعة
الزومبا هي رياضة لاتينية ظهرت منتصف التسعينيات، ابتكرها البيرتو بيريز، وتقوم على ممارسة الرياضة على أنغام الموسيقى غالباً اللاتينية والأميركية، بحيث تصمم رقصات تتناسب مع الموسيقى المستخدمة.
تقول الكابتن آمال وهي صاحبة نادٍ رياضي افتتحته في طرابلس منذ ثلاث سنوات، أن الرياضات عموماً “لم تكن تلقى إقبالاً في البداية، فما بالك بالزومبا؟”، لكنها مؤخراً لاحظت تغير الأمور فقد “تزايد الإقبال على ممارسة الرياضة وعندما تأتي الزبونة للنادي في موعد محدد يتحول الموعد لشيء ثابتٍ عندها”.
ولفتت إلى أن نساءً كثيراتٍ يعانين من مشكلة الروتين في بعض الرياضات، وما إنْ يبدأن بإحداها حتى يُصَبن بالملل، وهنا تكمن قوة الزومبا لأنها “تختلف عن سواها من الرياضات وتجعلك تُدمنين عليها، وكأنّها صمّمت لتناسب عقل ومتطلّبات كلّ امرأة”.
ويصل عدد الصالات الرياضية النسائية في طرابلس حسب تقدير الكابتن آمال حوالي 15 صالة رياضية نصفها يعتمد الزومبا كرياضة أساسية فيها.
جعلتني جميلة
تقول دعاء وهي موظفة كان وزنها 114 كيلوغراماً وكانت تعتقد أن إنقاص وزنها أمر مستحيل “الزومبا جعلتني أحب نفسي وأرى نفسي جميلة وأنا أمارسها، وصرت أمارسها كل يوم لأنسى كل شيء خصوصاً أن مرتادات نادي التدريب محترمات ولا أحد يضايقني”.
وهي حتى إن لم تكن تريد ممارسة الرياضة فإنها تأتي “لتغيير الجو في النادي الذي يحتوي على ساونا ومقهى وأجهزة لياقة بدنية إلى جانب صالة التمارين السويدية والزومبا، “الزومبا خلقت ألفة بيني وبين المجموعة في النادي”.
تتفق معها في ذلك نجوى وهي متزوجة وتعمل مهندسة، ورغم ضغط العمل لا تفوّت وقت الزومبا، “فهي رياضة لنفسك تمارسينها بحركاتك أأنت، إنها متعة لا أشعر معها بانقضاء الوقت”، وكون النادي عبارة عن صالة مغلقة ومؤمنة “فلست مضطرة لمواجهة الأوضاع الأمنية الصعبة في الشارع”.
وهي تأتي للنادي من مكان بعيد لكي تريح نفسها وتتخلص من الضغط النفسي، حيث تلتقي مع زميلات تختلف معهن كثيراً “ولكن عندما نمارس الزومبا ننسى خلافاتنا السياسية ونجتمع جميعاً لنتمرن ونرقص بخطوات واحدة معاً رغم كل شيء” تقول نجوى.
زوجي يشجعني
وتضيف “حتى زوجي يلاحظ الاختلاف في اليوم الذي لا أذهب للنادي ويحضني على الذهاب لأنني أكون أفضل بعدها”، وحسب كلامها بعد الثورة أصبح هناك انفتاح أكثر وتقبل للصيحات العالمية ومنها الزومبا، خاصة أن كثيراً من الليبيين الذين كانوا يعيشون في الخارج نشروا هذه الثقافة بعد عودتهم للاستقرار بليبيا.
عن ذلك تقول الكابتن آمال أن الشابات من مواليد التمانينيات والتسعينيات تقبلوا الأمر فوراً بحكم اطلاعهم عليها في الانترنت، أما الأكبر سناً فكانت لهم تحفظاتهم في البداية، لكن عندما جربوها اندمجوا فيها وأحبوها.
وهو ما تتفق معه الكابتن حنان – مدربة زومبا أيضاً – التي ذكرت أن الزبائن في البداية رفضوا ممارسة الزومبا، ولكن بعد تجربتها أعجبتهم وانتشرت، وحسب ملاحظتها زاد الإقبال على النوادي الرياضية بعد الثورة بسبب تزايد الضغط النفسي، وكانت الرياضة والزومبا حلاً للكثيرين للتخلص من هذا الضغط.
تحسن المزاج
“الزومبا رياضة غير عنيفة ولذلك فهي مفيدة للقلب” هكذا بدأ الدكتور محمد الهمالي اختصاصي الصحة العامة حديثه مع “مراسلون” عن الموضوع، مضيفاً ان خسارة الوزن تعتبر إحدى أهم ميزات رياضة الزومبا، حيث الشخص الطبيعي يحرق ما يعادل 600 إلى ألف كالوري في الدرس الواحد. وهي تسرع عملية الأيض ما يحرق كمية أكبر من السعرات الحرارية، كما تنشط الدورة الدموية وتشد عضلات البطن المرتخية والأرداف.
وهي طريقة مثلى للتخلص من التوتر، إذ تزيد نسبة هرمون الأندروفين المسؤول عن السعادة، ما يحسن المزاج، ومن يحب الموسيقى سيشعر بالسعادة والمرح أثناء أداء التمارين.
وحسب فاطمة – إحدى المتدربات – فإن الزومبا هي “أقرب ماتكون للرقص اللاتيني كالسالسا والسامبا، ومن خلال الممارسة المستمرة أحسست بفرق كبير في شكل الجسم، بطني شُدّت أكثر مما كانت حين أمارس تمارين المعدة، والان صرت لا أمارس إلا هذه الرياضة لأنها ممتعة ومفيدة معاً”.
لا يُجِدن الرقص
وتؤدى هذه الرياضة حسب الكابتن حنان بحركات منسقة موحدة تنفذها مجموعة من المتدربات في نفس الوقت صحبة الموسيقى لمدة ساعة كاملة للوجبة الواحدة.
وتوضح أنه “حتى من لا تعرف الرقص مارست الزومبا وتعلمتها لجمالها وخفتها وسهولتها، وقد أداها بعضهن على أنغام الموسيقى الشعبية الليبية، فالمهم هو تنسيق الحركات والاندماج فيها في حركة موحدة”.
يمارس الزومبا اليوم نحو 10 ملايين شخص في أكثر من 110 دول. ومع مرور الوقت تطورت رياضة الزومبا وأصبح هناك زومبا للأطفال وتدعى (زومبا توميك)، وأخرى للكبار (زومبا جولد) ورياضة تمارس في الماء (أكوا زومبا)، ونوع آخر يستخدم العصي، التي تستخدم كأثقال خفيفة ويسمى (زومبا توننج).
وختاماً تقول مروة – طبيبة أطفال – “أنا لم أكن أعاني من السمنة، لكن حركتي ثقيلة، وعملي يتعلق بحديثي الولادة، أحتاج لتفريغ الطاقة السلبية من ضغط العمل، والزومبا فيها خفة حركة وسرعة، والموسيقى عالية ومميزة وفيها تنوع، وهي بلا قيود، والمتعة الحقيقيّة تكمن في ممارسة رياضة لا تشعرين فيها بالملل، تأخذ بجسدكِ وروحكِ معاً إلى مكان آخر وتجعلك مقبلة على الحياة”.