في جلسة عرفية كشف أحد رجال الأعمال ونائب في البرلمان الحالي بالدقهلية محاولة ابتزاز عدد من الصحفيين في محافظة القليوبية له، وبحضور قاضٍ وضباط شرطة وصحفي كبير وعواقل المدينة أذاع تسجيل محاولة الابتزاز والحصول على إعلانات للجريدة منه.

في جلسة عرفية كشف أحد رجال الأعمال ونائب في البرلمان الحالي بالدقهلية محاولة ابتزاز عدد من الصحفيين في محافظة القليوبية له، وبحضور قاضٍ وضباط شرطة وصحفي كبير وعواقل المدينة أذاع تسجيل محاولة الابتزاز والحصول على إعلانات للجريدة منه.

كانت الجريدة المحلية التي تصدر أسبوعيًا ويعمل بها الصحفيون المتهمون بالابتزاز قد شنت حملة صحفية في 2012 استمرت 5 أسابيع لكشف فساد رجل الأعمال الذي كان عضوًا في الحزب الوطني المنحل عقب ثورة 25 يناير. وبعد 3 أسابيع طلبوا منه إعلانات ودعمًا ماليًا للجريدة مقابل وقف الحملة وتبييض اسمه مرة أخرى من خلال تحقيقات ومقالات وحوار، لكنه رفض ولجأ إلى جلسة عرفية لإنهاء الأزمة بعد أن سجل مكالمة هاتفية بينه وبين مدير تحرير الجريدة وأذاعها في الجلسة، لكشفهم وتأكيدًا على أن هدفهم الابتزاز وليس محاربة الفساد.

الغريب أن رجل الأعمال، الذي يمتلك مؤسسة تعليمية وكان عضوًا في مجلس الشعب أكثر من 5 دورات نيابية، اعترف في الجلسة العرفية ضمنيًا أنه فاسد أو مستفيد من الفساد، لكن لا يوجد دليل واحد يدينه وبالتالي لا يمكن أن يتهمه أحد، يمكنك أن تسمع آلاف الحكايات عن الصحف المحلية سيئة السمعة والتي لا تلجأ فقط إلى المادة الصحفية الصفراء لتضمن توزيعاً مرتفعاً، لكنها تتبع أساليب الابتزاز الرخيص مع رجال الأعمال الصغار ومرشحي الانتخابات، أي انتخابات حتى لو كانت نقابة شركة، كما أنها أحيانًا تحصل من المواطنين على أموال لنشر شكواهم في الجريدة، كل هذا بالإضافة إلى توظيف محررين بدون أجر.

وبسبب ضعف أجور المراسلين في الصحف والمواقع الإلكترونية التي تصدر من القاهرة، بالإضافة إلى أزمات أخرى يصبح مناخ العمل في الصحف المحلية سيئة السمعة مزدهرًا مقابل تضييق أمني وقانوني للصحف الأخرى، ومن بين مئات الصحف التي تصدر في جميع المحافظات ستجد انتشار الصحف سيئة السمعة أكثر من الصحف التي تبغي وجه الحقيقة ولها دور تنويري.

طرق الابتزاز

بلا داع مهني تقريبًا.. تشن صحيفة محلية حملة صحفية ضد مسؤول أو رجل أعمال أو مرشح في انتخابات نيابية أو محلية، أو حتى انتخابات الغرفة التجارية وتتهمه بالفساد أو الفجور، وتلجأ تلك الصحف إلى اختلاق قصص صحفية أونقل أقوال مرسلة عن الاتهامات من مواطنين أو خصوم للضحية بهدف التشهير به بلا رد منه أو عرض موضوعي ومهني للاتهامات في المادة الصحفية المنشورة، وتكتمل الحملة بتكثيف التوزيع في المناطق القريبة من منزل الضحية ومقر عمله أو مسقط رأسه ليظن أن الجريدة تنتشر فيستجيب للابتزاز، فيجد الصحيفة وصلت لسائق سيارته أو حارس العقار الذي يسكن فيه أو معلم ابنته في المدرسة، وتستمر الحملة بمعدل أكبر ليتم تجهيز الضحية لقبول الابتزاز حسب الحالة.

في مدينة الزقازيق شنت منذ عدة شهور جريدة محلية تصدر بترخيص أجنبي، حملة صحفية على رجل أعمال وأحد الشخصيات العامة القريبة من النظام الحاكم واتهمته بالفساد بالحصول على آلاف الأفدنة من أراضٍي الاستصلاح الزراعي من الدولة. وبدلاً من زراعتها، تم تقسيمها وبيعها كأرض للبناء. كما اتهمته بسوء الخلق في مجتمع محافظ، ما أدى إلى تشويه سمعته.

وبغض النظر عن صحة الاتهامات وجد الرجل سائق سيارته الخاصة يقدم له الجريدة، كما وجدت زوجته صفحات من الجريدة في مقر عملها، وبالقرب من منزله وجد عشرات النسخ للجريدة – التي توزع أعداداً محدودة في الأوقات العادية – في كشك الجرائد. وشك رجل الأعمال أن الحملة مدعومة من خصومه في شبكة مصالح أخرى للتخلص منه فاستجاب للابتزاز، وفي العدد الذي يليه نشرت الجريدة على الصفحة الأولى اعتذاراً لرجل الأعمال وحواراً معه على صفحتين لتبييض سمعته مع إعلان احتل الصفحة الأخيرة للعدد.

تصدر أغلب هذه الصحف بترخيص أجنبي أو بدون ترخيص، ولهذا يجب أن تحصل على دعم وحماية من الجهات المحلية وبخاصة الأمنية لمنع المصادرة، التي غالباً ما تكون لها مصلحة في انتقاد شخصيات بعينها وتشويه سمعتها.

وفي الانتخابات تزدهر عدة مهن منها الدعاية والإعلان والطباعة وتنسيق المؤتمرات وأيضاً الصحافة سيئة السمعة، التي لا تكتفي بدعم مرشح بطريقة واضحة فقط ولكنها تستخدم أساليب قذرة لتشويه خصوم المرشح الذي تدعمه ليس على أساس الانتماء السياسي أو البرنامج الانتخابي، ولكن تدعمه لأسباب مالية وأيضاً للحصول على نصيب من نفوذ المرشح الفائز، ولهذا تصدر أغلب الصحف الأسبوعية يومياً قبيل الانتخابات وتوزع مجاناً أحياناً، ويزيد عدد مطبوعات الجريدة لضمان الوصول إلى الناخبين، وهناك بعض الصحف لا يراها الجمهور إلا قبل الانتخابات لدعم المرشحين في أية انتخابات وتصبح أقرب للمنشورات منها لجريدة تقدم مادة صحفية تخاطب وعي الجماهير.

سخرة المحررين

المحصلة النهائية أن الصحف المحلية سيئة السمعة بكل الطرق الملتوية تستطيع أن تحصل على الدعم المادي اللازم للاستمرار والنفوذ من المسؤولين لمنع مصادرتها. وتحافظ عليها شبكات الفساد مثلما تحافظ على أي بلطجي وتدعمه حتى يأتي وقت الحاجة إليه. مما يجعل كل من يحلم بالعمل في الصحافة يظن أن هذه هي الطريقة للعمل في المهنة.

كما لا يختبر الجمهور الفرق بين العمل الصحفي والابتزاز والقرب من السلطة بتجربة صحفية حقيقية تكشف الصحف سيئة السمعة، وبخلاف مجلس تحرير الجريدة لا يحصل المحررون على أجورهم أو يعملون مقابل السماح لهم بالنشر في الجريدة التي تتحول حسب مؤسسيها إلى المعيار المهني للصحافة والمدافع عن حقوق المواطنين ومحاسبة المسؤولين، كما توهم إدارة التحرير المحررين الجدد بقدرتها على تحويلهم إلى إعلاميين عظماء من خلال العمل معهم.

في المنصورة استغل رئيس تحرير جريدة إعلامية حلم فتاة عمرها 18 عاماً بأن تصبح إعلامية ومذيعة وأقنعها أنه قادر على تحقيق حلمها وحصل منها على أموال مقابل ذلك، وانتهى الأمر بالزواج منها بعد تدخل الأهل. نفس رئيس التحرير يحصل من المحررين على أموال وعمل لمدة سنتين بدون أجر مقابل كارنيه نقابة العاملين في الطباعة والنشر تحت مسمى صحفي، وجريدته تنشر أسبوعياً حوارات مع الجان والعفاريت وقدرة الدجالين على شفاء المرضى، كما يستغلون المحررين في جلب الإعلانات من رجال الأعمال وحتى من أصحاب المحلات الصغيرة والمقاهي.

وعلى العموم يتمتع مالكو تلك الصحف بحماية أمنية كاملة مقابل أدوار توجيه المواطنين نحو صناديق الاقتراع في الانتخابات، كما تمنع التجارب الصحفية الحقيقية من ممارسة المهنة.