لم يكن الشاب بلال الباسطي (19 عاما) يدري أن الموت سيترصده وسط العاصمة بالقرب من وزارة الداخلية بعد شجار مع سائق سيارة أجرة (تاكسي) تبين أنه لم يكن سوى عون أمن رئاسي يعمل بطريقة غير قانونية.

انطلقت الحادثة بعدما استوقف بلال رفقة صديقه سيارة أجرة صفراء للعودة إلى حي الخضراء الشعبي القريب من وسط العاصمة لكن السائق رفض أن يقلهما متذرعا بالتوجه إلى مكان آخر قبل أن تمتطيا معه فتاتين.

لم يكن الشاب بلال الباسطي (19 عاما) يدري أن الموت سيترصده وسط العاصمة بالقرب من وزارة الداخلية بعد شجار مع سائق سيارة أجرة (تاكسي) تبين أنه لم يكن سوى عون أمن رئاسي يعمل بطريقة غير قانونية.

انطلقت الحادثة بعدما استوقف بلال رفقة صديقه سيارة أجرة صفراء للعودة إلى حي الخضراء الشعبي القريب من وسط العاصمة لكن السائق رفض أن يقلهما متذرعا بالتوجه إلى مكان آخر قبل أن تمتطيا معه فتاتين.

اغتاظ بلال من هذا السلوك وتناوش بالكلام مع السائق لكن سرعان ما تصاعد الشجار ليخرج السائق آلة حادة ويطعن طعنة أولى رأس بلال ثم طعنة ثانية أصابته في قلبه ليسقط قتيلا غارقا في دمائه في وسط العاصمة.

فر السائق مذعورا لكن بفضل رقم سيارته تمكنت الشرطة سريعا من إلقاء القبض عليه لتتبين أنه كان عون أمن يشتغل في مؤسسة الأمن الرئاسي لكنه يستغل وقت فراغه في سياقة سيارة الأجرة التي يملكها والده.

رحل بلال تاركا في قلوب أفراد عائلته وأصدقائه في الحي الذي يقطن فيه حزنا كبيرا لن يمحوه الزمن بسرعة. وفيما بقيت الأم مريضة يتنقل والده المصدوم في أغلب أوقاته بين المحكمة والمحامي ليأخذ حق ابنه.

ظاهرة قديمة

حادثة مقتل الشاب بلال تركت وراءها جدلا واسعا لدى الراي العام بشأن ظاهرة منتشرة تتعلق بعمل أعوان الأمن في مهن ثانية في فترة راحتهم بطريقة غير قانونية ولاسيما كسائقي سيارات متمتعين بعلاقاتهم كأمن.

وهذا الوضع ليس جديدا بل هو قديم ظهر قبل الثورة لعدة أسباب من بينها تحسين الدخل المادي إضافة إلى توظيف العديد من رجال الأمن كسائقي تاكسي وضلوعهم بمهام استخباراتية زمن حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ولسوء الحظ لم يتغير الوضع بعد الثورة بما أن تحسين أجور الأمنيين في عدة مناسبات قابله ارتفاع ملحوظ في مستوى المعيشة الأمر الذي ساهم في تواصل هذه الظاهرة رغم العقوبات المشددة التي تسلط على كل مخالف.

لكن غياب الجدية اللازمة في تطبيق القوانين وعدم وجود رقابة صارمة وكذلك التراخي في إصلاح المنظومة الأمنية المهترئة منذ عقود طويلة دفع عددا كبيرا الأمنيين للعمل كسائقي سيارات أجرة بعد دوامهم.

حول هذا يقول رئيس نقابة سيارات الأجرة فوزي الخبوشي لمراسلون إن حادثة مقتل الشاب بلال جاءت لتكشف عن وجود خلل كبير يعاني منه أصحاب المهنة وهو دخول أشخاص لا يمتون للقطاع بصلة على الخط.

“حوالي 50 بالمائة من سائقي سيارات الأجرة في العاصمة هم دخلاء على المهنة. ورغم الإجراءات الصارمة إلا هذه الظاهرة مازالت متفشية بعد الثورة” يقول فوزي مستنكرا التجاوزات التي أخلت بهذه المهنة.

شكوك قائمة

الاستنكار لم يقتصر على أهل المهنة أو المواطنين العاديين فحسب وإنما شمل نقابة الأمن الرئاسي التي عبرت في بيان لها عن شجبها لحادثة مقتل بلال على يد عون أمن رئاسي لكنها قالت إن تلك الجريمة لم تكن مقصودة.

ومع أن القضاء لن يقول كلمته بسرعة فإن الشك بدأ يعتري عائلة الضحية بلال من عدم تنزيل أقصى عقوبة على القاتل حيث يقول إسلام شقيق بلال لمراسلون “لن يهدأ لنا بال قبل أن ينال القاتل الجزاء الذي يستحق”.

“سقط شقيقي قتيلا على يد رجل أمن ولو كان السائق مواطنا عاديا لحصلت تطورات سريعة تدين القاتل لكن أن يكون القاتل من الأمن فهذا يجعلنا نخشى طمس الحقيقة” يضيف إسلام بصوت خافت غارق في الوجع.

وتخشى عائلة بلال من أن يقع تحضير ملف طبي من قبل لسان دفاع عون الأمن المورط في القضية لتحويله من قاتل إلى مريض فاقد لمداركه العقلية بهدف تجنيبه عقوبة سجنية طويلة بتعلة أنه ليس إنسانا سويا.

قبل أسابيع كان بلال يستعد لإتمام حفل زفافه بفتاة فرنسية دخلت الإسلام على يديه لكن الأوراق تبعثرت في حياته التي كانت مليئة بعنفوان شبابه لتبقى قضيته شاهدة على ظاهرة الفوضى والتجاوزات في مجال سيارات الأجرة.