انتهت الخميس 14 يوليو / تموز المدة التي أعلن عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني موسى الكوني، أنه سيتم استئناف تصدير النفط بعدها من مينائي السدرة وراس لانوف في منطقة الهلال النفطي، ولكن حسب المعطيات فإن هناك صراعاً سياسياً جديداً وعوائق خلف عدم استئناف التصدير خلال هذه المدة.

قبل 7 أيام

انتهت الخميس 14 يوليو / تموز المدة التي أعلن عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني موسى الكوني، أنه سيتم استئناف تصدير النفط بعدها من مينائي السدرة وراس لانوف في منطقة الهلال النفطي، ولكن حسب المعطيات فإن هناك صراعاً سياسياً جديداً وعوائق خلف عدم استئناف التصدير خلال هذه المدة.

قبل 7 أيام

صرّح الكوني الجمعة الماضية أن استئناف تصدير النفط من مينائي السدرة وراس لانوف (370 غرب بنغازي) سيكون قبل نهاية أسبوع، وهو تماماً ما أكده لـ”مراسلون” عندما قال إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بطرابلس شرع في إتمام إجراءات عودة التصدير.

لعل “الكوني” لم يكن يتوقع حجم الصعوبات التي ظهرت فجأة، والتي من شأنها إعاقة عودة استئناف تصدير مصدر الدخل الوحيد في ليبيا، وهذا ما كان واضحا من إفادة “حمد الكيزان” مسؤول مكتب التصريحات النفطية في منطقة الهلال النفطي التي تضم المينائين.

الكيزان قال لـ”مراسلون” إنه يجب أولا رفع القوة القاهرة عن هذه الموانئ، ومن ثم إعطاء الأوامر للشركات الموجودة في الهلال النفطي للبدء في إعادة تشغيل المنظومات النفطية وصيانة ما يحتاج الصيانة منها، وبعد ذلك يؤذن للمستفيدين من النفط الليبي القدوم للموانئ النفطية.

القوة القاهرة

‫”‬القوة القاهرة” هو مصطلح متعارف عليه في القانون والاقتصاد في بنود العقود، في حال إقرارها فإنها تعفي كلا من الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحروب أو الثورات أو إضراب العمال.

وفي الحالة النفطية الليبية فإن وضع الموانئ والحقول تحت القوة القاهرة يتم من خلال أعلى سلطة تنفيذية في البلاد والمتمثلة في رئاسة الحكومة، تليها ترتيباً المؤسسة الوطنية للنفط.

في مارس 2015 قامت الحكومة الليبية المؤقتة في البيضاء بوضع الموانئ والحقول النفطية في الهلال النفطي تحت القوة القاهرة، بسبب الاشتباكات التي شهدتها المنطقة بين جهاز حرس المنشآت النفطية وقوات الشروق التابعة للمؤتمر الوطني العام السابق في طرابلس، ولأن آمر الجهاز إبراهيم جضران كان يتبع الحكومة المؤقتة فقد قام بتنفيذ الأمر مباشرة.

في يوليو 2015 أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس رفع القوة القاهرة عن المينائين، ولكن جضران رفض تنفيذ ذلك معللاً بأنه لا يلتزم إلا بقرارات حكومته في البيضاء والمؤسسة النفطية المنبثقة عنها.

حالياً، ترى جميع الأجسام السياسية في ليبيا شرقاً وغرباً أنها المخولة برفع القوة القاهرة، أما شرعياً فإن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني هو المخول بذلك بسبب تعامله المباشر مع منظمة أوبك.

ترحيب وتهديد

لم يتمكن المجلس الرئاسي من رفع القوة القاهرة حتى الآن بسبب التهديدات الصريحة التي أطلقتها إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي التابعة للحكومة المؤقتة بالبيضاء، فقد صرّح ناجي المغربي رئيس المؤسسة لـ”مراسلون” أن أي جهة ستحاول رفع القوة القاهرة عن موانئ الهلال النفطي ستحملها إدارته المسؤولية القانونية، وأردف المغربي أن رفع القوة القاهرة من عدمه هو اختصاص أصيل للحكومة المؤقتة بالبيضاء، ولا ينبغي لأي جهة كانت التدخل في ذلك.

وقد أوضح المغربي ذلك في بيان وصل للمجلس الرئاسي، أثار استغراب الكوني والمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، حيث قال الكوني لـ”مراسلون” إنه قبل أسبوعين تم دمج المؤسستين النفطيتين في جسم واحد، بعد اتفاق موقع في أنقرة التركية بين المغربي ومصطفى صنع الله رئيس مؤسسة طرابلس، وبذلك يجب أن تكون القرارات موحدة تحت شرعية المجلس الرئاسي.

يرد المغربي على ذلك أن قرار دمج المؤسستين كان مشروطا بنقل مجلس الإدارة إلي طرابلس، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن، ومع ذلك فإن المغربي قال إنه يرحب بزيادة صادرات النفط الليبي ولكن دون أن يُستغل ذلك سياسياً من أي طرف كان.

التصدير لصالح الرئاسي

تصريح الكوني حول استئناف تصدير النفط كان معتمداً بشكل كبير على سيطرة جهاز حرس المنشآت النفطية التابع للمجلس الرئاسي على تلك الموانئ الاستراتيجية، وذلك ما يؤكده تصريح إبراهيم جضران رئيس الجهاز المكلف الذي قال لـ”مراسلون” إن إعادة تصدير النفط ستكون لصالح المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

أما على أرض الواقع فإن عدداً من الحقول النفطية المهمة المغذية للموانئ  التي يحرسها جضران منذ عام 2012 هي ليست تحت سيطرته، وهذا الأمر هو عائق آخر أمام عودة التصدير، فمخزون النفط في خزانات تلك الموانئ لا يتجاوز 4 مليون برميل حسب ما أكده لنا الكيزان وناصر دلعاب مراقب ميناء راس لانوف النفطي.

دلعاب بيّن لـ”مراسلون” أنه ما لم يكن هناك إنتاج من الحقول الجنوبية فإن التصدير سيتوقف بسرعة، فخزانات الموانئ المذكورة تستقبل ما يقارب من 300 ألف برميل يوميا من حقول الجنوب الشرقي.

الحقول تحت سيطرتنا!!

الحقول التي تحدث عنها دلعاب يقع أهمها تحت سيطرة جهاز آخر يحمل نفس المسمى -حرس المنشآت النفطية- ولكنه يتبع القيادة العامة للجيش الليبي التي يرأسها الفريق خليفة حفتر قائد عملية الكرامة التابع لمجلس النواب الليبي في طبرق، وذلك حسب تأكيد “محمد الصادق” المتحدث باسم هذا الجهاز.

يقول الصادق إنهم يتحكمون في أهم الحقول النفطية المغذية لمينائي السدرة وراس لانوف، والتي تأتي في مقدمتها حقول “آمال والنافورة وبوالطفل وونتر شال” المنتجة لأكثر من 180 ألف برميل في اليوم، هذه الحقول التي تبعد قرابة 370 كيلومتر جنوب غرب بنغازي يقول الصادق إنها ستظل مقفلة ما لم تأتي أوامر من حفتر تقضي بفتحها، مردداً “الحقول تحت سيطرتنا”.

من جانبه يرد علي الحاسي المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت النفطية الذي يرأسه جضران أن جهازهم هو الذي يسيطر على معظم الحقول النفطية في حوض زلة النفطي (570 جنوب غرب بنغازي) مثل حقول “الواحة والغاني وزلطن”، هذه الحقول يقول عنها الصادق إنها تعرضت للخراب والدمار ولن تكون جاهزة للإنتاج حتى فترة طويلة.

الهلال النفطي

تُعتبر منطقة الهلال النفطي الحوض النفطي الأغنى في ليبيا، فمنها يخرج قرابة ثلثي إنتاج ليبيا من النفط، حيث سجلت أعلى مستويات إنتاجها من النفط عام 2012 بواقع 1‪.‬1 مليون برميل يوميا من أصل 1‪.‬6 كإنتاج كلي  لليبيا.

وضع موانئ ومعظم حقول تلك المنطقة تحت القوة القاهرة كان سبباً في خسارة اقتصادية كبيرة لليبيا ترتب عليها نقص السيولة المالية في البلاد، وتعذّر صرف الميزانيات للقطاعات الحكومية، إضافة إلى توقف دعم السلع التموينية الضرورية كدقيق المخابز.قُدرت الخسائر المادية التي لحقت بمرافق  تلك المنطقة جراء الاشتباكات المسلحة على مدى عام ونصف بأكثر 2 مليار دينار ليبي (1‪.‬55 مليار دولار أمريكي) حسب إفادة مراقب ميناء راس لانوف ناصر دلعاب.

ومع كل ما تقدم فإن الكوني يؤكد أن الرئاسي  يبذل كل الجهود للوصول إلى حلول قريبة، وأن المحادثات مستمرة مع كل الأطراف، مستبشراً ومتفائلا بعودة تصدير النفط، واصفاً أن ذلك سينتشل ليبيا من مستنقع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها منذ فترة.