لكونها تضم أعرق المساجد المبنية منذ القرن السابع للميلاد أشهرها جامع عقبة بن نافع وأعرق المدن العتيقة تستقطب مدينة القيروان آلاف الضيوف ضمن رحلات سياحية من بلدان عربية وإفريقية ليشهدوا أجواء دينية مميزة.

يتوزع اهتمام أهالي القيروان بشهر رمضان بين الجوانب الاقتصادية من ناحية الحرص على إعداد العدة لشهر رمضان بتخزين مواد غذائية من الحبوب والتوابل والبهارات التي يعتقد الأهالي أنها تزيد الطعام نكهة لتضاعف شهية الأكل. ويحتفظون بتقاليد تحضير الكسكسي وأكلات من حبوب الشعير (شربة) تقدم مفتحات عند الإفطار.

لكونها تضم أعرق المساجد المبنية منذ القرن السابع للميلاد أشهرها جامع عقبة بن نافع وأعرق المدن العتيقة تستقطب مدينة القيروان آلاف الضيوف ضمن رحلات سياحية من بلدان عربية وإفريقية ليشهدوا أجواء دينية مميزة.

يتوزع اهتمام أهالي القيروان بشهر رمضان بين الجوانب الاقتصادية من ناحية الحرص على إعداد العدة لشهر رمضان بتخزين مواد غذائية من الحبوب والتوابل والبهارات التي يعتقد الأهالي أنها تزيد الطعام نكهة لتضاعف شهية الأكل. ويحتفظون بتقاليد تحضير الكسكسي وأكلات من حبوب الشعير (شربة) تقدم مفتحات عند الإفطار.

كما تجهز العائلات الحلويات التقليدية والقهوة في المنزل وتكون مخلوطة بنكهات متنوعة من قشور البرتقال الذي تنتجه جهة القيروان لتكون جاهزة في رمضان منقوعة بقطرات ماء الورد الذي تنتجه الجهة بقدر كبير أو بماء الزهر الذي يجلبه تجار مدينة نابل الساحلية فتقوم العائلات بتقطيره وتخزينه ليكون جزءا من العلاج وعطرا ومنكها في صناعات الحلويات والعصائر.

وتحمل منه العروس جهازها ضمن طاقم الأواني النحاسية التقليدية المطروقة التي تحافظ العائلات القيروانية على صيانته وتنظيمه واقتنائه في مطلع شهر رمضان.

وفي شهر رمضان تتم صيانة البيوت ودهنها وتزيينها وتجديد أثاثها وفرش الزرابي القيروانية (سجاد) التي ذاع صيتها في العالم، لتستقبل الضيوف والزائرين مثلها مثل المساجد التي تلبس حلة جديدة قبيل رمضان لتستقبل روادها في أكبر المناسبات الدينية أهمية لدى المسلمين لما فيه طقوس مختلفة من العبادات. 

مساجد ساهرة

عند موعد الإفطار الذي يعلن عنه مدفع رمضان الذي تختص به القيروان من بين جهات قليلة في تونس تكتظ الشوارع ليلا بالناس وتنشط الأسواق وتفتح المحلات التجارية أبوابها وتصبح المدينة في حركة أشبه بحركة النهار فيخرج الساهرون يلتمسون نسمات الليل في الساحات العامة بعد يوم حار وشاق.

تتقاسم المقاهي والمساجد عدد الزوار وكلاهما يحفل بالرواد. من الناحية الحسابية يوجد في مدينة القيروان عدد متقارب بين المقاهي الشعبية والمساجد وتبلغ ذروة المقاهي إلى حد افتكاك رصيف المترجلين والتمدد وسط الطرقات أمام تسامح أو تغاضي من البلدية والمراقبة بهذه المناسبة الدينية التي تحث على التسامح. 

وتعطي المقاهي أهمية كبرى لروادها ليلا فهي تغلق أبوابها بالنهار احتراما للأعراف والقوانين في مدينة عمقها روحاني إسلامي.

أما المساجد فتتقاسم بدورها الأعداد الغفيرة للمصلين. وتجد النساء حظها في المساجد في رمضان على خلاف سائر الأشهر.

وبهذه المناسبة تسعى بعض المساجد بدورها إلى اغراء روادها فتتهيأ لاستقباله بحلة جديدة وتوفير عناصر أخرى إذ تستفيد بعض المساجد مثل جامع عقبة وجامع الانصاري (أقدم المساجد) ومقام أبي زمعة البلوي من الرمزية التاريخية والطابع العتيقة فيؤمها عدد أكبر من المصلين بحكم العادة. 

كما تتفرد هذه المساجد باجتذاب حفاظ للقران الكريم ليكونوا أئمة في صلوات التراويح ويمتازون بعذوبة الصوت وجودة القراء. ويتم اختيارهم من بين المتفوقين في مسابقات حفظ القرآن التي تجرى في رمضان ويعلن عن نتائجها في حفل ديني بمناسبة ليلة السابع والعشرين من رمضان بجامع عقبة ويكون عادة بحضور شخصيات حكومية.

احتفالات عالمية

جامع عقبة بن نافع هو أكثر المساجد ارتيادا من قبل أهالي المدينة والزائرين الوافدين من جهات أخرى حيث يشهد زيارة مصلين من دول الخليج والمغرب العربي واندونيسيا مثل الشاب عمري من اندونيسيا الذي يأتي سنويا لقضاء أيام من رمضان في القيروان في ضيافة صديق له.

ويجذب جامع عقبة أفئدة الناس نظرا لقيمته الدينية ورمزيته الحضارية لكونه أقدم المساجد في تونس ولكونه محاط اهتمام المسؤولين في العناية وتنظيم الاحتفالات الدينية.

ويتسابق رواد المسجد في نشر مقاطع فيديو وصور من منسك الصلاة وبث مقاطع مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وترغب العائلات في التوجه هناك منذ المغرب حاملة طعامها وتواصل السهر بالجامع أو محيطه وتناول الإفطار والسحور هناك.

وهذه القيمة الدينية والحضارية لمدينة القيروان هي التي أغرت وزارة الشؤون الدينية لتنظيم أضخم تظاهرة دينية بعنوان القرآن رسالة سلام بمناسبة مرور 1450 سنة منذ نزول القران الكريم.

واحتضن جامع عقبة هذه التظاهرة التي حضرها آلاف الشبان والكهول والنساء من عديد المناطق وضيوف من دول عربية وخصوصا من فلسطين التي أعلن بحضور وزير أوقافها عن توأمة بين جامع عقبة والمسجد الإبراهيمي أحد مساجد المسجد الأقصى بفلسطين وهو مسجد بني قبل جامع عقبة وبعد المسجد الحرام في السعودية.

قيمة القيروان الموصوفة برابع الأماكن المقدسة في العالم لدى المسلمين تتجلى أكثر في الأيام العشر الأخيرة من رمضان حيث تنشط المساجد بشكل أكبر وتتنوع الأنشطة الاجتماعية والثقافية مثل مهرجان الإنشاد الصوفي ومهرجان ليالي المدينة.

كما تقام موائد الافطار الموجهة للفقراء تحت إشراف منظمات أهلية وبرعاية حكومية. وتصنف هذه الاجواء بالسياحة الدينية والثقافية.

حلويات العيد

قبل أيام من عيد الفطر تستعد العائلات القيروانية لإعداد الحلويات والمرطبات وتتفنن في إعداد حلويات البقلاوة التركية الأصل والمقروض وهو أكثر الحلويات أصالة وهو من عادات الجهة وأصبح يصنع بنكهات مختلفة إلى جانب عادات متصلة بالزواج والخطبة وعقد القران التي تنشط في آخر رمضان استعدادا للزواج.

وينال الأطفال حظهم الوافر من الاهتمام. ورغم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، فإن كسوة العيد للأطفال ركن أساسي في الاحتفاليات.

ويتم اقتناء ملابس جديدة ولعب قبيل العيد وتخبأ ليوم العيد لاستقبال الضيوف أو لزيارة الأقارب ونيل الهدايا ولزيارة المنتزهات ومدن الألعاب.

ولا ينسى ضيوف القيروان قبل عودتهم محملين إلى جانب نفحات الأجواء الروحية اقتناء كميات من الخبز القيرواني التقليدي وحلويات المقروض التي يشاع أنه لا أحد يصنعها بمثل إتقان حرفيي القيروان.

بعد رمضان تفقد تلك الأجواء الممتعة والحركية وتزول مع مرور الأيام ولا يبقى إلا ما دأب عليه أهل المدينة.

ومع قدوم موسم الاصطياف تغري الحرارة المرتفعة سكان القيروان بالتوجه إلى الشواطئ (على بعد 50 كلم) منتهزين فرصة العطلة المدرسية المطولة.

بينما تنشغل عائلات أخرى بالأعراس وحفلات ختان الاطفال وتعلو مصادح الاحتفالات بشكل مبالغ في الفرح والبهجة متحدين رتابة الوضع الاقتصادي والجدل السياسي كأنهم اعتادوا وضعا لا يرغبون في تغييره.