يشهد الكثير من زملائها لها بالكفاءة فبعد أن عملت كمختصة في التغذية بمستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى بالعاصمة، تعمل الآن الجنرال رجاء الشابي كمكونة في مدرسة بوشوشة الأمنية في اختصاص التكوين العدلي والقانوني.
“تونسية حرة”.. هكذا تفضل دوما أن تلقب نفسها.. سافرت كلماتها عبر العالم فكتبت شعرا جميلا عن نزار القباني وترجمت قصائد عديدة للشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد.
يشهد الكثير من زملائها لها بالكفاءة فبعد أن عملت كمختصة في التغذية بمستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى بالعاصمة، تعمل الآن الجنرال رجاء الشابي كمكونة في مدرسة بوشوشة الأمنية في اختصاص التكوين العدلي والقانوني.
“تونسية حرة”.. هكذا تفضل دوما أن تلقب نفسها.. سافرت كلماتها عبر العالم فكتبت شعرا جميلا عن نزار القباني وترجمت قصائد عديدة للشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد.
رجاء الشابي من النساء القلائل اللاتي نلن رتبة جنرال (أعلى رتبة في سلك الأمن في تونس) بعد أن كانت في خطة محافظ عام صنف 2، وهي ترقية حرمت منها سنوات طويلة.
جرح دفين
عندما تبادلها الحديث تشعر أنك أمام امرأة قوية وجريئة، لكنها واجهت بسبب ذلك ربما مشكلات في عملها من بينها تعرضها لتحرش جنسي من قبل مسروليها ناهيك عن حرمانها من الترقيات.
تقول لـ”مراسلون” إن المرأة الأمنية في تونس “ما تزال مهمشة ولم تنل حظها كبقية زملاءها الرجال لأن العقلية الذكورية لازالت تعتبر أن مراكز القيادة لابد أن تكون بيد الرجل”.
تستذكر رجاء بشيء من الاستياء كيف وقع حرمانها من الترقيات رغم أقدميتها ومثابرتها بالعمل وحصولها على شهائد جامعية متنوعة دون أن تشفع لها في التقدم في السلم الوظيفي.
درست هذه المرأة علوم الحياة والأرض في فرنسا، ثم تحصلت على إجازة في علوم التغذية من الجامعة التونسية لكنها كانت مغرمة منذ الطفولة بالشعر، الذي مكنّها من تحقيق توزان نفسي خاصة وأن عملها يتطلب قدرا كبيرا من الالتزام.
منذ كانت رجاء تحلم بالتخصص في الجراحة لكن حادثة في طفولتها كادت تتسبب في بتر أصابعها، ما دفعتها إلى تغيير أهدافها وتلتحق بالعمل في المجال الأمني.
بعد مناظرة نجحت في تخطيها بسهولة لتحل في المرتبة الأولى على كامل دفعتها بما في ذلك التدريب على السلاح نجحت في الالتحاق بسلك الأمني لكن طريقها كان محفوفا بالأشواك.
ورغم ما أحست به من ظلم في عملها وجدت رجاء في كتابة القصائد متنفسا مكنها من تجاوز آلام المظالم التي تعرضت لها، مع أنها لم تتوانى في الدفاع عن نفسها متى تتطلب الأمر ذلك.
تروي رجاء بصوت مجروح حادثة قلما باحت بسرها فقد كانت ضحية تحرش جنسي قبل الثورة من قبل مدير أمن سابق حاول استغلال نفوذه ومساومتها بالترقيات. لكنها تصدت له إلى أن أحيل على التقاعد الوجوبي بعد الثورة التونسية.
استماتت رجاء في الدفاع عن شخصها وكيانها ما ساهم في إظهار الحقيقة التي نادرا ما تظهر في مثل هذه القضايا، فقلة من النساء في تونس يصرحن بمثل هذه الحقائق.
تقول رجاء لـ”مراسلون” إن بعض المسؤولين قبل الثورة التونسية لم يغفروا لها تعففها فقد كانوا يسعون في كل مرة إلى حرمانها من حقوقها ومن الترقيات الوظيفية.
ترقية متأخرة
أصبحت هذه المرأة الأمنية أحسن حالا بعد ثورة الكرامة بعدما تم ترقيتها قبل أشهر في العيد الستين لقوات الأمن بعد سنوات عديدة من الحرمان في التدرج الوظيفي.
ورغم أن ذلك يعوض لها جزءا من نكران الجميل والممارسات المتعسفة التي طالتها إلا أن ترقيتها الأخيرة لن تقدم لها الكثير لأن بضعة أشهر قليلة تفصلها عن التقاعد.
وبسبب تصريحاتها الثائرة ضد تهميش المرأة الأمنية واجهت رجاء انتقادات من قيادات أمنية وتعرضت حتى للعقوبات ولم تتلق سوى تهنئة يتيمة من أمنية حصلت على ترقية مثلها.
تقول رجاء إنها حرمت من بيع كتبها ضمن التعاونية الأمنية بتعليمات من مدير عام، رغم تخصيص ميزانية هامة لاقتناء المؤلفات والكتب.
أكثر ما يؤلمها بعد مضي مسيرة طويلة وزاخرة بالتجارب والنجاحات المهنية هو “تواصل حالة التهميش للأمنيات وعدم الاعتراف بكفآتهن ونجاحاتهن في وزارة الداخلية”.
ورغم أنها تسعى للتمديد في فترة تعاقدها من وزارة الداخلية بسنة إضافية ليستفيد طلبتها من خبرتها بقي مطلبها في رفوف الإدارة، متسائلة “هل يعلم وزير الداخلية بما يحدث خلف المكاتب المغلقة؟”.
ومع ذلك تأمل الشابي أن ترفع عنها المظلمة قبل أن تحال على التقاعد وتتمنى أن ينظر في ملفها وفي أسباب حرمانها من أبسط حقوقها.
شاعرة ومترجمة
ساهمت الكتابة والشعر في إنصافها ولو جزئيا فبعد عدة أعوام قضتها تعمل في صمت، تجاوزت شهرتها مؤخرا تونس وسافرت قصائدها إلى عديد العواصم العربية والمهرجانات العالمية.
شاركت مؤخرا في فعاليات المعرض الدولي للكتاب بجنيف ورافقت الرباعي الراعي للحوار الحاصل على جائزة نوبل للسلام في العام 2015.
ربطتها علاقة روحية بعديد الشعراء كنزار القباني الذي تعتبره ملهمها وشاعرها الذي تعشق كلماته كما ترجمت قصائد للراحل محمد الصغير محمد الصغير أولاد احمد، في ترجمة اختلفت عن باقي الترجمات حتى أثنى عليها أولاد أحمد كثيرا.
تلامس كلماتها البسيطة الوجدان، كتبت عن الشهيد، وعن الوطن، وعن الحرية، باللهجة التونسية والعربية الفصحى. وبرعت الشابي، في الترجمة، فترجمت قصائد إلى العربية تضمنت أغان لـ”جاك برال”، و”أيديت بياف” و”شارل آزنافور”… كما ترجمت أغاني من العربية إلى الفرنسية لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعدة مشاهير وأصدرت عدة كتب على نفقتها الخاصة وباللغة الفرنسية.
وبعيدا عن كسوة الجنرال فإن الأمنية والشاعرة رجاء، هي أيضا أم ثلاثة أولاد (بنتين وولد) اثنان منهما في التعليم العالي، وإحدى البنات اجتازت مؤخرا امتحان الباكالوريا.