ستة أشهر مضت على اختطاف أبناء رياض الشرشاري الثلاثة من أمام مدرستهم بمدينة صرمان غربي طرابلس، على يد ميليشيا مسلحة افتكتهم من بين يدي أمهم وسائق السيارة الذي تعرض لطلق ناري في قدميه وهو يحاول الدفاع عن الأطفال.

لا شيء يؤكد قرب عودة الأطفال، فبحسب والدهم الذي التقاه “مراسلون” كان آخر اتصال تلقاه من الخاطفين منذ خمسة أشهر تقريباً، ولم تتح له حتى فرصة التفاوض معهم حول مطالبهم وكيفية تلبيتها “أصبحت أتمنى أن يتصلوا بي ثانية” يقول الوالد المكلوم.

ستة أشهر مضت على اختطاف أبناء رياض الشرشاري الثلاثة من أمام مدرستهم بمدينة صرمان غربي طرابلس، على يد ميليشيا مسلحة افتكتهم من بين يدي أمهم وسائق السيارة الذي تعرض لطلق ناري في قدميه وهو يحاول الدفاع عن الأطفال.

لا شيء يؤكد قرب عودة الأطفال، فبحسب والدهم الذي التقاه “مراسلون” كان آخر اتصال تلقاه من الخاطفين منذ خمسة أشهر تقريباً، ولم تتح له حتى فرصة التفاوض معهم حول مطالبهم وكيفية تلبيتها “أصبحت أتمنى أن يتصلوا بي ثانية” يقول الوالد المكلوم.

قصة الخطف

يسرد رياض الشرشاري قصة خطف أبنائه الثلاثة ذهب 10 سنوات، وعبد الحميد 8 سنوات، ومحمد 6 سنوات قائلاً “كان الأولاد يرافقون والدتهم كالمعتاد إلى المدرسة ويوصلهم سائق العائلة، حين باغتهم مسلحون أمام باب المدرسة يطلقون الرصاص صوب السائق ومحرك سيارته، فيما حاصرتهم سيارتان وكأن الهجوم من ميلشيا عسكرية محترفة وليست عصابة”.

حادثة الخطف وقعت في الساعة الثامنة صباحاً يوم الثاني من ديسمبر العام الماضي، ورغم كون الشارع مليئاً بالناس في ذلك الوقت أمام المدرسة إلا أن أحداً لم يستطع التدخل لوقف ما حدث.

تلقى رجل الأعمال الليبي بعد ذلك أربع مكالمات هاتفية من خاطفي أبنائه، طالبوا فيها حسب قوله بفدية مالية قدرها 20 مليون دينار ليبي، “رغم كبر المبلغ المطلوب إلا إنني حاولت التفاوض معهم وحاولت ترك الخط مفتوحاً أكبر وقت ممكن” يقول الوالد.

لكن الخاطفين توقفوا عن الاتصال بوالد الأطفال عندما تم القبض على اثنين منهم في بداية عام 2016 ضمن مجموعة أخرى ممن يمتهنون الخطف والابتزاز، وقد اعترف المقبوض عليهما بجريمة الخطف وأقرا بأسماء كل المتورطين معهما في هذه الجريمة، ومنذ ذلك الحين يؤكد الوالد بأن هوية الخاطفين باتت معلومة لدى كافة الجهات الأمنية، إلا أن أحداً لم يتمكن من القبض عليهم بسبب “تسترهم خلف الغطاء الاجتماعي لقبيلتهم التي تأبى أن تسلمهم للعدالة” يقول الشرشاري.

تم قتلهم

رغم بشاعة الجريمة إلا أن أبناء الشرشاري قد يكونون أوفر حظاً من الطفل إيهاب المعداني (9 سنوات)، والذي نكلت به العصابة التي اختطفته ورمت جثته مقتولاً على ناصية الطريق في الثامن من شهر مايو الحالي بعد أن عجز والده عن دفع الفدية المطلوبة لتحريره، وحسب ما علم “مراسلون” فإن شقيقه اختطف أيضاً مؤخراً لكن العائلة تتكتم على الخبر.

المعداني هو الضحية الثانية بعد الطفل عبد الإله دغنوش (8 سنوات) الذي قتل لنفس السبب في مارس من هذا العام حسب ما نشر المتحدث باسم مجلس أعيان وحكماء ليبيا الطاهر البدوي على حسابه في موقع فيسبوك، وحسب منشور الشيخ فإن والد إيهاب “أصيب بهستيريا ولم يستطع التحدث معي”.

البدوي عبر لـ”مراسلون” عن عجزهم كأعيان يمثلون مناطقهم اجتماعياً عن تقديم أية حلول لظاهرة اختطاف وقتل الأطفال التي أصبحت تزداد في مناطق غرب ليبيا، إلا أنه يؤكد تواصلهم الدائم مع الجهات الأمنية وعمداء البلديات بهذا الخصوص، وتبقى المشكلة في نظره مرهونة بتفعيل المؤسسات الأمنية والقضائية من شرطة وقضاء والمحاكم، كي يتمكن المواطن من أن يعيش حياة كريمة يكفلها القانون.

بعضهم خرجوا

قائمة الأطفال المقتولين تطول لتضم آخرين أيضاً، ولكن هناك بعض الأطفال تم إطلاق سراحهم بطريقة أو بأخرى مثل الطفل صهيب الباروني (10 سنوات) في جنزور بعد اختطاف دام خمسة عشر يوماً طالب فيها خاطفوه بفدية قدرها 400 ألف دينار ليبي، والطفل عبد المهيمن الصويعي (13 سنة) من منطقة ورشفانة غربي طرابلس الذي حررته كتيبة فرسان جنزور من قبضة مختطفيه بعد أسبوعين على اختطافه، وجميع هذه الحوادث وقعت بين فبراير ومايو من هذا العام.

عائلات الأطفال المخطوفين أو الذين تم تحريرهم يتحفظون كثيراً في الحديث إلى الصحافة، إما خوفاً على أبنائهم من تكرار الخطف أو سعياً لنسيان تلك الحوادث المؤلمة، كما حدث في حالة الطفلة بيلسان محمد عامر التي تبلغ من العمر عامين فقط، والتي اختطفت في مدينة الزاوية غربي طرابلس، وترفض أسرتها الإدلاء بأي معلومات عن الحادثة ولا يعرف مصير الطفلة حتى اللحظة.

لهذا السبب فإن معظم المعلومات التي ترشح عما يلاقيه الأطفال من تعذيب داخل معتقلات خاطفيهم إما تنبئ به الآثار التي يحملونها على أجسادهم، أو يرويها شهود عيان صادف وأن كانوا محتجزين معهم في ذات الأماكن.

شاهد تعذيب

مثل ذلك الطفل ركان النعاس نفيص البالغ من العمر خمس سنوات، والذي اختطفوه من حضن أمه بعد أن تلقت ضربة بالبندقية على وجهها أدت لكسر أنفها نهاية أبريل الماضي، ورغم أنه اليوم حر إثر دفع أهله فدية تقدر بسبعين ألف دينار ليبي سددوها على أقساط، إلا أن أيامه في الاعتقال كانت صعبة جداً.

هذا ما رواه لـ”مراسلون” عبد الوهاب خليفة الحجاجي 34 عاماً والذي كان مخطوفاً بدوره لمدة عشرة أيام انتهت بمداهمة كتيبة فرسان جنزور للاستراحة التي كانوا يحتجزونه فيها مع آخرين بينهم الطفل ركان النعاس بمنطقة قرقوزة غربي طرابلس.

يقول الحجاجي “تعرض ركان لأسوأ أنواع الضرب والتعذيب”. “كان وجهه منتفخاً ويصرخ طوال الوقت، وكانوا يطعمونه بالقوة ويسكبون عليه الثلج لإخفاء آثار الضرب، ركان كان يدخل غرفتي التي احتجز بها ويناديني خالي وعرفت انه ابن جيراننا المختفي منذ عدة أيام وأسرته يجاهدون لجمع فدية تحريره” حسب الحجاجي.

يقول الحجاجي إن أهل الطفل دفعوا فديته وغادر فعلاً، إلا أنهم لم يكونوا على علم بما تعرض له بالداخل “لقد سمعت تفاصيل يخجل اللسان عن ذكرها حدثت للطفل”.

يمولون داعش

مدير مكتب التحقيقات لدى النائب العام الصديق الصور شخص لـ”مراسلون” الوضع بأنه مواجهة مع عصابات تمتهن الخطف والابتزاز والحرابة وقطع الطرق يمكن تصنيفها على أنها جريمة منظمة لها طرقها وأساليبها وأهدافها.

ويقسم الصور هذه العصابات إلى نوعين: عصابات تخطف لأجل الانتفاع الشخصي بالمال وهذه تقوم بالخطف ومن ثم ابتزاز عائلة المختطف بطلب الفدية ولا يستهدفون فئة معينة، فيما يسعى النوع الآخر لتمويل تنظيم الدولة الإسلامية، وهؤلاء يخطفون لأجل المساومة إما بأشخاص أو بمبالغ ضخمة، وغالباً يستهدفون الأجانب أو ذوي رؤوس الأموال الكبيرة والعائلات ميسورة الحال.

ورغم رفض الصور الكشف عن إحصائيات بعدد المختطفين من الأطفال إلا أنه أكد لـ”مراسلون” بأن الأعداد في تزايد مستمر، ما يستوجب وقفة جدية للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة.

وفيما يتعلق بقضية خطف أبناء الشرشاري يقول الصور بأن العصابة أصبحت معروفة للنيابة وتم القبض على عدد من أفرادها، وصدرت بحق الباقي أوامر قبض من قبل فرع جهاز البحث الجنائي بالزاوية، ومديرية أمن صرمان.

إلا أنه كان يحذر دائماً من السلبيات التي تترتب على المتطلبات العاجلة لقضايا الرأي العام، موضحاً أن السياسة الإجرائية تحمي حقوق المتهم، ولأن المشكلة حسب قوله ليست في القضاء بل في أدوات التنفيذ مثل مديريات الأمن ومراكز الشرطة، نبه إلى أنهم لا يتعاملون مع التشكيلات غير النظامية التي تدعي التواصل مع النيابة العامة لأخذ أذونات بالاعتقال أو الحجز أو المداهمة.

العام الماضي كان الأسوأ في منطقة غرب ليبيا من حيث انتشار عصابات الخطف والابتزاز، فقد سجلت مديرية أمن جنزور (غرب طرابلس) وحدها 10 حالات قتل، و56 حالة خطف، و70 حالة سطو مسلح على السيارات، في المدة من أبريل حتى أواخر يوليو 2015، أي في ثلاثة أشهر فقط منتصف العام، بينما الظاهرة ازدادت حدة في نهاية العام الماضي والأشهر الماضية من العام الحالي.

وإذ أصبحت هذه القضية تشغل الرأي العام نظم أهالي المختطفين وقفة احتجاجية السبت طالبوا من خلالها الجهات الأمنية والحكومات المتعاقبة بالنظر إلى أمرهم وردع المجرمين الذين باتوا معروفين، ويتسترون خلف أسلحتهم التي يشترونها من جيوب أهالي المحتجزين لديهم.