يتواتر منذ عام مضى نشر المراسلات التي رُفع عنها الحظر من البريد الإلكتروني الخاص بالسيدة هيلاري كلينتون أثناء توليها منصب وزارة الخارجية. ونجد في دفعة الرسائل المنشورة مؤخراً مراسلة سرية تتعلق بالشأن الليبي أثناء أحداث ثورة 17 فبراير. المراسلة مختومة بعلامة سريّ ومؤرخة بتاريخ الثاني من أبريل العام 2011.

موجهة من: مستشارها غير الرسمي سيدني بلومنتال Sidney Blumenthal. وهو مساعد سابق لزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون. موضوع الرسالة مُعنّون بـ: وكيل فرنسا وذهب القذافي.

يتواتر منذ عام مضى نشر المراسلات التي رُفع عنها الحظر من البريد الإلكتروني الخاص بالسيدة هيلاري كلينتون أثناء توليها منصب وزارة الخارجية. ونجد في دفعة الرسائل المنشورة مؤخراً مراسلة سرية تتعلق بالشأن الليبي أثناء أحداث ثورة 17 فبراير. المراسلة مختومة بعلامة سريّ ومؤرخة بتاريخ الثاني من أبريل العام 2011.

موجهة من: مستشارها غير الرسمي سيدني بلومنتال Sidney Blumenthal. وهو مساعد سابق لزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون. موضوع الرسالة مُعنّون بـ: وكيل فرنسا وذهب القذافي.

ينقل سيدني، في رسالته إلى هيلاري، عن مسؤول رفيع المستوى في المجلس الوطني الانتقالي الليبي، أن “الفصائل المسلحة قد توغّل نفوذها داخل المجلس. وأن هذا الأمر يعكس، جزئياً، ثمار جهود فرنسا بالأخص في إنشاء عملاء لها من الثوّار”.

ويعتبر “الجنرال عبد الفتاح يونس الشخصية البارزة بين أعوان الفرنسيين، حيث يُعتقد بأنهم قد دفعوا له مبلغاً مالياً مجهول الكم.” وحسب المصدر رفيع المستوى في المجلس الوطني الانتقالي، فإن الجنرال يونس أخبر أعضاء المجلس بأن الفرنسيين وعدوه بالسلاح والمدربين، لكنهم لم يفوا بما وعدوا به.

ويحلل سيدني الموقف الفرنسي قائلا: “من المفهوم أن لفرنسا مصالح اقتصادية على كفة الميزان. بالنسبة لمبعوث ساركوزي المناسبتي، المروّج لذاته، المفكر بيرنارد هينري ليفي، فهو يُنظر إليه بين أعضاء المجلس الذين تعاملوا معه كشخص شبه مفيد وشبه أضحوكة”.

ثم ينتقل إلى ما استخلصه من تقارير وصلته مؤخراً، وتتعلق بالموارد المالية الهائلة بحوزة القذافي.

يقول: ” في 2 أبريل، 2011، صرّحت بثقة تامة مصادر مقربة من مستشاري سيف الإسلام بأنه على الرغم من أن تجميد أرصدة ليبيا بالبنوك الأجنبية وضع معمر القذافي في موقف حرج، إلا أن إمكانيته في تسليح وصون قواته من الأفراد، تسيطر حكومة القذافي على 143 طن من الذهب، وما يقارب ذلك من الفضة. وفي أواخر مارس، 2011، تم نقل هذه المخزونات إلى سبها (في الجنوب الغربي للبلد، تجاه الحدود مع النيجر وتشاد)؛ حيث تم سحبها من خزائن مصرف ليبيا المركزي بطرابلس.”

يبدو أن سيدني غير ملّم بأن القذافي كان مهووساً منذ نهاية التسعينات باستثمار مئات الملايين في مشاريع بدول أفريقية دون النظر في جدواها الاقتصادية. فهي كانت بمثابة الدعاية السياسية لزعامته الأفريقية، حتى أنه منح رشا بعشرات الملايين لرؤساء أفارقة فاسدين كي يدعموا مشروعه للاتحاد الأفريقي.

كان القذافي يعتبر نفسه مؤسس الاتحاد الافريقي المعلن (اسمياً) في سرت العام 1999، ويتصرف كقائد تاريخي وروحي له. وكان عشرات الحكام الأفارقة الفاسدين يجارونه طمعاً في ثروة البترودولار. وهو لم يكن غبياً. كان يعرف أن المال سلطان. وفي سياق مواءمته بين المال والسلطان أغرته فكرة إطلاق عملة أفريقية موحدة بتسمية “الدينار الأفريقي الذهبي”.

وبحسب معلومات سيدني المستقاة من شخصيات مطّلعة كما يقول، فإن قيمة كميات الذهب والفضة تُقدَّر بأكثر من 7 مليارات دولار أمريكي.  وإن ضباط استخبارات فرنسيين كشفوا هذا المخطط في بداية أحداث ثورة 17 فبراير. وترى هذه الشخصيات المطّلعة أن النفط والذهب والنفوذ في أفريقيا كانت العوامل المؤثرة في قرار الرئيس نيكولا ساركوزي بشأن شن الغارات على ليبيا.

فـ”وفقاً لما جاء على لسان هؤلاء الأفراد، تعد النقاط التالية هي المحرك الرئيس لمخططات ساركوزي:

‌أ.       الرغبة في الحصول على نصيب أكبر من إنتاج ليبيا للنفط،

‌ب.  تعظيم النفوذ الفرنسي بشمال أفريقيا،

‌ج.    تحسين وضعه السياسي داخل فرنسا،

‌د.      إعطاء الجيش الفرنسي الفرصة لاستعادة مكانته بالعالم،

‌ه.       معالجة مخاوف مستشاريه بشأن مخططات القذافي طويلة الأمد لإزاحة فرنسا بصفتها القوة المهيمنة في أفريقيا الفرانكوفونية.”

بعد نشر هذه الرسالة ظهرت التحليلات المستندة إلى “نظرية المؤامرة” حيال  مبررات التدخل الفرنسي العسكري بالقوة الجوية مبكراً لضرب قوات القذافي بعد صدور القرار الأممي بيومين.

بلغة التحليل السياسي العقلاني، فإن دعم الرئيس ساركوزي للثورة الليبية اتخذ بعد أربعة أيام من انتفاضة الليبيين ضد النظام، مما يُبيّن تهافت ربط التدخل الفرنسي بقصة دينار القذافي الأفريقي الذهبي أو رغبته في الحصول على نصيب أكبر من إنتاج ليبيا للنفط، وهو انتاج قزمي (مليون ونصف برميل) مرتبط بآليات بورصة السوق العالمية.

أما عملة القذافي الأفريقية الذهبية فلم تكن سوى وهماً من أوهامه الكثيرة. فقيادة أفريقيا الفعلية بيد مثلث دول جنوب أفريقيا ونيجريا وإثيوبيا، والتي لم تكن لتجاري مهووساً كالقذافي في أمر قاري مصيري بوزن عملة أفريقية موحدة. ثم أي قيمة لذهب القذافي أمام ما تملكه جنوب أفريقيا خامس دولة عالمياً في إنتاج الذهب بواقع 170 طن سنوياً بينما ما تملكه ليبيا كمية ثابتة عند 143 طن.

غير ذلك صحيح ومنطقي أن ساركوزي كان يريد من وراء تدخله في ليبيا، إلى جانب “الثوار” عسكريا وسياسياً، تعظيم النفوذ الفرنسي بشمال أفريقيا، تحسين وضعه السياسي داخل فرنسا، إعطاء الجيش الفرنسي الفرصة لاستعادة مكانته بالعالم، معالجة مخاوف مستشاريه بشأن مخططات القذافي طويلة الأمد لإزاحة فرنسا بصفتها القوة المهيمنة في أفريقيا الفرانكفونية.