يتفاجأ زوار قرية تلمين بمحافظة قبلي (جنوب البلاد) فور تجاوز الجدار الخارجي لجامع عقبة ابن نافع المشيد بحجر قديم يروي مراحل من التاريخ الإسلامي في تونس، بوجود أعمدة وحجارة تحتوي نقوشا ومنحوتات كانت قبل أكثر من ألفي سنة جزءا من كنيسة مسيحية.
هذه الآثار المتمثلة في بعض الأعمدة والصخور والمنحوتات الرومانية التي تحمل بصمة الحضارة المسيحية نقلها بعض أهالي قرية تلمين داخل المسجد خوفا عليها من السرقة بعد إقدام جنود فرنسيين إبان الاستعمار الفرنسي على هدم الكنيسة بحثا عن كنوز رومانية تحت ذلك المبنى.
يتفاجأ زوار قرية تلمين بمحافظة قبلي (جنوب البلاد) فور تجاوز الجدار الخارجي لجامع عقبة ابن نافع المشيد بحجر قديم يروي مراحل من التاريخ الإسلامي في تونس، بوجود أعمدة وحجارة تحتوي نقوشا ومنحوتات كانت قبل أكثر من ألفي سنة جزءا من كنيسة مسيحية.
هذه الآثار المتمثلة في بعض الأعمدة والصخور والمنحوتات الرومانية التي تحمل بصمة الحضارة المسيحية نقلها بعض أهالي قرية تلمين داخل المسجد خوفا عليها من السرقة بعد إقدام جنود فرنسيين إبان الاستعمار الفرنسي على هدم الكنيسة بحثا عن كنوز رومانية تحت ذلك المبنى.
محاولات نهب
يقول إمام مسجد قرية تلمين شاكر الحضيري لمراسلون إن الكنيسة المسيحية “تعرضت في فترة الاستعمار الفرنسي إلى عملية تخريب من قبل بعض الجنود الذين كانوا يعتقدون بأنها كانت تحتوي على كنوز قبل أن يتدخل بعض أهالي القرية لحماية القطع التاريخية من النهب”.
ورغم أن الكنيسة كانت منفصلة عن المسجد قام أهالي المنطقة بنقل ما تبقى من آثار الكنيسة إلى المسجد للمحافظة على جزء من تاريخ بلدتهم الذي كان شاهدا على اعتناق الرومانيين الدين المسيحي، حسب الإمام شاكر الحضيري الذي أكد أن حماية آثار الكنيسة هدفها حماية بيوت الله.
ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور سامي الشايب لمراسلون أن الرومانيين كانت لديهم كنيسة في قرية تلمين بمحافظة قبلي قبل دخول الإسلام إلى تونس، قائلا “فور ظهور الدين المسيحي تم بناء كنيسة للعبادة في قرية تلمين وكانوا رجال الدين في ذلك العصر القديم من أبناء القرية”.
ويقول إن الحجارة والأعمدة المكدسة داخل المسجد الذي أقيم في سنة 49 هجري تعود إلى إحدى أبرز الكنائس في العهد الروماني التي تم إنشاؤها بسبب المكانة التي كانت تتمتع بها تلك المنطقة من قبل الرومان، آملا كغيره من المختصين في التاريخ والآثار في أن تتحول المنطقة إلى معلم تاريخي يتضمن شواهد وآثار تحكي التاريخ الغابر للبلاد.
من جهة أخرى يشيد رئيس جمعية حماية التراث بتلمين عبد الرزاق الدغمان بجهود بعض أهالي قرية تلمين في الحفاظ على الآثار المسيحية داخل مسجد القرية من النهب رغم انتقادات بعض أهالي القرية الذين يرون أن وضع آثار مسيحية داخل المسجد “ينتهك حرمة المسجد”.
إهمال حكومي
لكن رغم تأكيده على أن منظمته تعمل إلى جانب جزء من المصلين على التصدي لأي محاولة عبث بتلك الآثار فإنه يتساءل بحيرة عن سبب عدم إقدام وزارة الثقافة التونسية والمنظمات الدولية على وضع خطة تنقذ هذه الآثار من الاندثار كوضعها في متحف يخصص التاريخ الروماني والكنائس.
ويقول مستغربا لمراسلون “المعهد التونسي للآثار رفض طلبا تقدمنا به للكشف عن آثار جديدة ومراقبة ما تبقى من الآثار القديمة من السرقة خاصة أن النصوص التاريخية تكشف عن تعاقب حضارات وأديان بمنطقتنا”.
ويفيد بعض أهالي قرية تلمين بأن الآثار المسيحية في منطقتهم لم تسلم من السرقة حتى منذ وقت قريب، مشيرين إلى أن عصابات قدموا قبل سنوات من اندلاع الثورة التونسية إلى القرية وتعمدوا اقتلاع بعض الأعمدة وأجزاء من جدران الكنيسة التي بقيت منتشرة حول المكان “دون أن تتصدى لهم السلطات المحلية”.
مقاطعة المسجد
بيد أن أهالي قرية تلمين ليسوا كلهم على قلب رجل واحد فالبعض منهم يرفضون إلى اليوم إقامة الصلاة داخل المسجد الذي يحتوي على منحوتات وآثار مسيحية معتبرين أنها تقوم بتدنيس قدسية المكان، وفق رأيهم.
ويستغرب الإمام شاكر الحضيري مقاطعة بعض الأهالي للمسجد الذي يحمي آثار الكنيسة والتوجه إلى مسجد آخر وقع بنائه في مكان قريب، قائلا “الإسلام لا يمنع الصلاة داخل أي مكان طالما لا يحتوي على محرمات، لكنه يمنع أداء هذه الفريضة داخل مسجد أنشأ خصيصا لحث المصلين على هجر مسجد آخر”.
ويضيف “هؤلاء يتصرفون دون دراية بتفاصيل تاريخ المنطقة، فأجدادنا بنوا المساجد بجوار الكنائس في قديم الزمان دون أن يتجرؤوا على هدمها”.