تأهل غزالة العقوري للمشاركة في أولمبياد البرازيل في أيلول/سبتمبر القادم لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم يفرحها، لأنها لن تستطيع السفر في غياب الدعم الذي جُمّد في انتظار حكومة واحدة في ليبيا.
تصف غزالة (43 عاماً) من مدينة بنغازي شعورها الحزين لـ”مراسلون” والإحباط يلفها من كل جانب، فعدم تمكنها من الذهاب للبرازيل ليس الخيبة الأولى لها، حيث خسرت هي ورفاقها تمثيل ليبيا في أكثر من بطولة بسبب انعدام الدعم المادي واللوجستي.
تأهل غزالة العقوري للمشاركة في أولمبياد البرازيل في أيلول/سبتمبر القادم لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم يفرحها، لأنها لن تستطيع السفر في غياب الدعم الذي جُمّد في انتظار حكومة واحدة في ليبيا.
تصف غزالة (43 عاماً) من مدينة بنغازي شعورها الحزين لـ”مراسلون” والإحباط يلفها من كل جانب، فعدم تمكنها من الذهاب للبرازيل ليس الخيبة الأولى لها، حيث خسرت هي ورفاقها تمثيل ليبيا في أكثر من بطولة بسبب انعدام الدعم المادي واللوجستي.
فقبل أولمبياد البرازيل لم تتمكن غزالة من المشاركة في بطولة ماليزيا وبطولة “فزاع” بدبي مطلع العام الجاري، رغم حضور المنتخب معسكر تدريب أقيم في بنغازي أيام الحرب.
تضيف البطلة الجالسة على كرسي عجلات قديم أنها كانت تحلم بالفوز في أولمبياد البرازيل متفائلةً بمستقبل لم تتضح معالمه بعد بالنسبة لها، “لكن مهما يظل الدعم عائقاً، لن يحدّ من طموحي الذي لا يمكن أن ينطفئ” بحسب شعارها.
فرصة أخيرة
غزالة المتحصلة على ذهبية ألعاب القوى في بطولة المغرب العربي 1996 ليس لديها نادٍ على أرض الواقع تتدرب فيه، فهي تشارك باسم نادٍ مكتوب على الورق فقط.
نادي المنارة الذي تشارك باسمه غزالة هو واحد من خمسة أندية ليبية لذوي الاحتياجات الخاصة، أربعة منها لم يتم إنشاؤها بسبب عدم تخصيص ميزانيات لها حسب عبد السلام شليبك مدير الإعلام المجتمعي باللجنة الأولمبية الليبية.
شليبك قال لـ”مراسلون” إن النادي الوحيد الموجود على الأرض مقام في العاصمة طرابلس “وحتى النادي الموجود في طرابلس يفتقر لمعظم مقومات النادي الرياضي المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة” حسب قوله.
إلى ذلك يضيف عز الدين بلعيد رئيس اللجنة الفنّية العليا لألعاب القوى أن عدد الرياضيين الليبيين من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في كل الألعاب يبلغ قرابة 500 رياضي، وقد حُرم الكثير منهم من المشاركة في البطولات التي يجب أن تدعمها الدولة الليبية.
يقول بلعيد إنه “من المخجل أن يرى المسؤولون الليبيون أبطالهم من هذه الفئة وهم يدعمون أنفسهم بأنفسهم”، وهذا ما حدث فعلاً عندما تحملوا مصاريف مشاركتهم في بطولة الشارقة في آذار/مارس هذا العام حسب كلامه، مشيراً إلى أن أمام منتخب ليبيا فرصة أخيرة في شهر أيار/مايو الجاري لإنهاء التسجيل في أولمبياد البرازيل في حال صرفت الميزانية المخصصة، “ولكن على هذه البيّنة لن تتحقق المشاركة في الأولمبياد” يختم بلعيد كلامه.
نكسة أخرى
لعل التخبط الإداري والتنظيم العشوائي وحالة التشظي السياسي في ليبيا كانت كلها أسباباً في عدم منح التأشيرة للرياضيين الليبيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في بطولة فزاع الدولية بدبي، الأمر الذي سبب نكسة أخرى للمنتخب الذي كان مستعداً للمشاركة بقوة بحسب خالد الرقيبي رئيس اللجنة البارأولمبية.
الرقيبي يشعر بالأسف الشديد لأن “حلم الرياضيّين يتحطّم أمامهم ولا نستطيع فعل شيء لهم”، فبعضهم قد يكون عمره لا يسمح له بالمشاركة العام القادم، وهذا قد سبب بالفعل إحباطاً لدى هذه الشريحة دون إحساس من المسؤولين هنا وهناك.
كلام الرقيبي يؤكده مصعب غرس الله (26 عاماً) أحد لاعبي المنتخب الذين اكتووا بنار الحرمان من المشاركة في دبي، حيث قال لـ”مراسلون” إنهم منذ عودتهم من بطولة الكونغو منتصف العام الماضي وهم يتمرنون استعداداً لبطولة العالم في دبي، ولكنّ اعتذار اللجنة المنظمة عن منحهم التأشيرة أثّر عليهم نفسيّا بشكل كبير، “فلماذا يحدث معنا كل هذا؟” يتساءل غرس الله.
كل شيء متوقف
حال هؤلاء الرياضيين لا يتساوى طبعاً مع حال أبطال كرة القدم الذين تهتم بهم وزارة الشباب والرياضة أكثر من غيرهم حسب رئيس اللجنة البارأولمبية.
الرقيبي أكد لـ”مراسلون” أن قرار صرف الميزانية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة قد تم توقيعه من ديوان المحاسبة، ولكنهم حسب كلامه “فوجئوا” عندما قامت وزارة الشباب والرياضة بصرف مستحقات مالية لبعض أندية كرة القدم ولم تقم بالمثل مع اللجنة البارأولمبية.
الرقيبي والرياضيون الذين يشرف عليهم ينتظرون مع باقي الليبيين الحكومة الجديدة التي لم تُمنح الثقة بعد من البرلمان الليبي، “فكلّ شيء متوقّف الآن”، في إشارة منه إلى قرار المجلس الرئاسي بتجميد كافّة حسابات الوزارات الذي وُجّه إلى المصرف المركزي.
ولكن حتى قبل توقيف تلك الحسابات التي كانت تتعامل بها الحكومة المؤقتة في شرق البلاد لم تكن فئة الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة تتلقى أي دعم، هذا ما أفاد به مصطفى الدينالي مسؤول مكتب الرياضة في بنغازي “نحن لم نتلقّ الدعم منذ سنوات” حسب قوله.
وقد علم “مراسلون” بأن فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني وعد بتقديم الدعم المالي عاجلاً للمشاركة في الألعاب الأولمبية القادمة في البرازيل، وذلك في اجتماع ضمه بجمال الزروق رئيس اللجنة الأولمبية الليبية الأسبوع الماضي.
الدّعم المعنوي
ليس غياب الدعم المادي هو العائق الوحيد أمام أولئك الأبطال، ففي المجتمع الذي يغيب دوره كداعمٍ ومشجّع تتعرّض غزالة وصديقتها سحر الغنيمي (35 عاما) من طرابلس للانتقادات التي تكون غالباً لاذعة ومفادها أن الرياضة ليست للنساء لا سيما المعاقات، ورغم تحقيقهن للنجاحات وحصد الألقاب إلا أن الدعم المعنوي ما يزال “غائباً تماماً” تقول سحر، التي تدعو المجتمع لأن يفّكر معها ولا يفكر فيها، منطلقة من شعارها “فكّر معي ولا تفكّر بي”.
كل هذه العوائق حسب المعد البدني للمنتخب عمر شبيك تؤثر نفسياً على الرياضيين، وكطاقم تدريبي يدركون أن الجانب النفسي أهم شيء للرياضي، وهو الذي يجعله إما في أفضل مستوياته أو عكس ذلك، فإن توفر الدعم المادي والمعنوي حينها يستطيع الرياضيون أن يتغلبوا على جميع المشاكل، وفي المقابل فإن غياب الدعم بأنواعه يدخلهم في جو نفسي غير جيد، وبالتالي يتسبب في عزوفهم حتى عن الرياضة.
هذا الدعم المرجو من المجتمع تساهم في غيابه وسائل الإعلام حسب مدير الإعلام المجتمعي باللجنة الأولمبية، لأنها تهمل “تسليط الضوء على حقوقهم ومشاركتهم في البرامج أسوة بغيرهم، وهذا مردوده سلبيّ ولا يُشجع على انخراطهم في المجتمع فضلاً عن المطالبة بحقوقهم” يقول شليبك.
مناشدة للخيّرين
فرصٌ كثيرة خسرها المنتخب الليبي كانت ستسهم بشكل كبير في تطوير الرياضيين بدنياً ونفسياً حسب ما أفاد به عبد الرحيم الزوي مدرب المنتخب، فقد صرح لـ”مراسلون” أنهم خسروا اتفاقيات مع مؤسسات ألمانية رياضية كمؤسسة “بيكنباور” الداعمة لذوي الاحتياجات الخاصة بسبب عدم تمكنهم من دفع رسوم الاشتراك التي كانت رمزية جداً، ومع ذلك فإن الدولة الليبية لم توافق على دفعها.
الزوي يرى أن الطريقة الوحيدة لدعم منتخبه هي توجيه مناشدة للناس الخيّرين ورجال الأعمال، “فهيئة الرياضة تأخرتْ كثيراً في صرف مستحقّات اللجنة البارأولمبية ولا نريد تفويت المزيد على أبطالنا”.
غزالة وسحر تعدان الليبيين من خلال “مراسلون” بأنهما ستحصدان الألقاب في لعبة رفعات القوة في البرازيل فقط لو وصلتا إلى هناك، وكانت غزالة واثقة جداً وهي تقول ذلك، مختتمة حديثها بأنها ستهدي ذهبيتها لوالدها ومدربها الراحل عبد السميع مخلوف ولمجتمعها علّه يعي أن ذوي الاحتياجات الخاصة قادرون على تحقيق النجاح.