مراسلون يحاور الدكتور إبراهيم البابا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ورئيس لجنة الحكم المحلي بالهيئة، لتوضيح بعض النصوص في هذا الباب.

س- كيف تقيم من منظورك الخاص مسودة الدستور التي قمتم بصياغتها؟

مراسلون يحاور الدكتور إبراهيم البابا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ورئيس لجنة الحكم المحلي بالهيئة، لتوضيح بعض النصوص في هذا الباب.

س- كيف تقيم من منظورك الخاص مسودة الدستور التي قمتم بصياغتها؟

ج- أعتبر هذا المشروع متقدماً جداً مقارنة بدستور عام 1951، ومتقدماً حتى على التجربتين التونسية والمصرية، فقد حاولنا أن يكون متوازناً من كافة الجهات وأخذ كل المعايير في الاعتبار، سواءً من الناحية الجهوية والمعيار السكاني والجغرافي في الكثير من القضايا والتعدد والتنوع في مكونات المجتمع.

هذا المشروع متميز ببعض الأشياء عن الدساتير الكلاسيكية التقليدية، من ناحية اقتراح بعض الأبواب مثل تخصيص أبواب للجيش والشرطة، في الدساتير الكلاسيكية لا تخصص لها أبواب ولكن تذكر كمواد فقط.  

وباب الحكم المحلي راعينا فيه مبدأً عاماً وهو أن يقوم على اللامركزية الموسعة في ظل وحدة الدولة، وكلجنة أخذنا تجارب قريبة ومشابهة وهي التجربة التونسية والمغربية للاستفادة منها.

س- هل بتقديم هذا المشروع إلى البرلمان يصبح صورة نهائية غير قابلة للتعديل؟

ج- نعم هو خرج الآن من الهيئة ولن يعود إلا بعد الاستفتاء من قبل الشعب الليبي بنعم أو بلا، وإذا كان الاستفتاء بلا يعود للهيئة لتعديله والنظر فيه من جديد.

س- هل حددت الهيئة آلية الاستفتاء والمُدة المحددة لذلك؟

ج- في الحقيقة التعديل الدستوري لم يذكر لمن يُسلم الدستور ولا آلية الاستفتاء عليه، ولكن نحن سلمناه للبرلمان كجهة تشريعية لإعداد قانون استفتاء واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.

س- في المادة 156 تحدثتم عن استقلالية الحكم المحلي وذكرتم أنها ستكون وفق التدبير الحُر، ماذا تقصدون؟

ج- التدبير الحُر نقصد به عدم الوصاية وهو نظام لامركزي في كل شيء، وهذا النظام أقرب للنظام الإنجليزي، وفيه البلدية تكون مستقلة من ناحية الاختصاصات والتمويل وتخضع للرقابة وللقضاء فقط، ولا يوجد عليها أي وصي وإن كان أعلى منها.

س- ماذا عن الاختصاصات كيف تم تصنيفها ووفق أي معايير؟

ج- وحدات الحكم المحلي سواء بلديات أو محافظات لها ثلاث أنواع من الاختصاصات وهي (ذاتية، مشتركة، منقولة) بينها وبين الدولة، الدستور يضع الإطار العام والقانون هو من يُنظم الاختصاصات للمُشتركة والمنقولة والفصل فيها يكون الأصل فيه للبلدية وليس الدولة.

س- في المادة 59 ذكرتم بأن “الوحدات في إطار الميزانية المُصادق عليها لها حرية التصرف في مواردها حسب قواعد الحوكمة الرشيدة”، وهذه المادة وصفها البعض بالفضفاضة قانوناً ويمكن أن تُستغل لأنها لم تذكر تصنيف الموارد، ما رأيك؟

ج- لقد تركنا للقانون حصر الموارد وتحديد تبعيتها، لأن الدستور لا يمكنه الخوض في تفاصيل قد توقعنا في مشاكل، وهذا النص موجود في الدستور التونسي ما يضمن صلاحيته وعدم ضعفه، والميزة أن هذه القوانين في الحالة الليبية ستمر على غرفتين (المجلس الاستشاري ومجلس النواب) وتخضع لمزيد من الرقابة.

س- ماذا تقصدون بالحوكمة الرشيدة؟

ج- هي أن تخضع إدارة الدولة للرقابة والمحاسبة والمساءلة، ويمثل الجهات الرقابية في ليبيا ديوان المحاسبة وجهاز الرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد، ومن ثم تكون الحوكمة رشيدة.

س- المجلس الاستشاري مكون من محافظي البلديات فقط كما جاء في المادة 164، ألن تكون له حتى لجان مساعدة؟

ج- نعم هو سيتكون فقط من المحافظين لأننا إذا أضفنا البلديات سيكون العدد كبيراً جداً، ونحن نريد أن نعطيه طابعاً يتناسب مع مهمته كاستشاري، ربما يكون مستقبلاً تكوين اللجان ممكناً ويترك ذلك للقانون.

س- لماذا حددتم مقر المجلس الاستشاري في مدينة سبها؟

ج- الاتفاق السياسي حدد أن يكون مقره في سبها، ونحن رأينا ذلك مناسباً ففي الدستور التونسي وهو النموذج الذي استفدنا منه مقر المجلس الاستشاري كان خارج العاصمة.

س- هل هذا يعني أن الدستور راعى ما نص عليه الاتفاق السياسي الذي يفترض أن ينظم مرحلة انتقالية؟

ج- لا ليس تنفيذاً ولكن استئناساً.

س- الدستور هو الضمان لدولة قانون وحال أفضل، ولكن في رأيك ما الحكمة من أخذ تجارب دول مجاورة حالها لا يختلف كثيراً عن حال ليبيا؟

ج – هذه تجارب حديثة في الدول المجاورة ولا يمكن الحكم عليها، ونحن استفدنا منهم في باب الحكم المحلي فقط كما استفدنا من تجارب أخرى عالمية، التجربة المغربية والتونسية اتجهت بشكل واضح إلى اللامركزية الموسعة، وتقريباً نحن أخدنا نسخة مطابقة لهذه التجارب. 

س- لكن تونس تشتكي من الإقصاء والمركزية، حتى بعد تطبيق الدستور؟

ج- النص التونسي جيد جداً ولكن المشكلة في التطبيق، ونحن استفدنا من النص أما التطبيق سيكون مرهوناً بالمرحلة القادمة، وكذلك فإن الخصوصية الليبية موجودة في مشروع الدستور.

س- هل تعتقد أن النصوص الموضوعة في باب الحكم المحلي تعد حلاً جذرياً لمشكلة المركزية وستختفي بعدها الأصوات المنادية بالفيدرالية أو الانفصال؟

ج- إذا طبقت هذه النصوص أعتقد أن الوضع سيكون جيداً، ولكن أنا شخصياً مع التفصيل أكثر في باب الحكم المحلي، فهذا الباب يخص كل الليبيين لأنهم جميعا عانوا من مركزية المدينة، وأعتقد أننا إذا وفقنا في اختيار نواب المستقبل فإننا سنسير في اتجاه جيد.

س- وما المانع من التفصيل خاصة أن من بين الانتقادات والملاحظات على باب الحكم المحلي أنه انتهج الاقتضاب والاختصار لدرجة إمكانية الخطأ في التفسير؟

ج- انا مع التفصيل كما قلت، وكلامك صحيح لكن الآراء اختلفت وتوافقت على الاختصار، أنا كنت مع ذكر المستوى الأول للدولة وذكر الأقاليم بأسمائها، أنا كعضو سجلت تحفظي هذا ووثقته وإذ عاد إلينا هذا المشروع، فأنا مع الذهاب إلى التفصيل في باب الحكم المحلي بالأخص، العملية الآن تعتمد على التقنين كيف تتبع القوانين التي تفسر هذه النصوص.

س- كيف حسمتم هذا الاختلاف بالأغلبية او التوافق؟

ج- حسمناه بالتوافق وأنا من اشد المُنادين على التوافق، وخلقنا الضمانة وهي الغرفة الثانية (المجلس الاستشاري) والتي ستكون مُمثلة عن الأقاليم الثلاث وأجلنا الصراع في هذه النصوص وتركنها للقوانين تسنها.

س- بعض المواد حسمتموها بالتوافق وتحفظتم عليه في مواد أخرى مثل مادة اللغة والهوية مثلاً، لماذا يا دكتور؟

ج- بالعكس نحن مع التوافق وعقدنا اجتماعات مكثفة لنتوافق معهم ولكن للأسف لم نصل معهم الى رأي نتفق عليه جميعاً، وفي نظري هناك تطور كبير وواضح في المسودات فهناك بعض الأعضاء كانوا رافضين حتى ذكر المكونات الليبية وفي مشروع الدستور الحالي تم ذكرهم لأكثر من مرة.